الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الكذب مَصدر لأنواع الذنوب
المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: الحياة في ظل الأخلاق
الجزء والصفحة: ص49ــ52
15-5-2022
1970
ورد في أحاديث كثيرة: أن الصدق يولد طهارة العمل، والكذب مفتاح لكثير من الذنوب.
وقد يصعب على البعض فهم هذه الحقيقة التي تُفصح عن أثر الصدق والكذب في سائر أعمال الإنسان. لذا ينبغي توضيحها بصورة أكثر تفصيلاً. فنبدأ بذكر قسم من أحاديث أهل البيت عليهم السلام الواردة في هذا المجال أولاً ثم نقوم بشرحها:
قال علي عليه السلام: «الصدق يهدي إلى البر، والبر يدعو إلى الجنة،(1).
وقال الصادق عليه السلام: «إذا صدق العبد قال الله صدق وبر، وإذا كذب قال الله كذب وفجر»(2).
وقال الإمام الحسن العسكري عليه السلام: «جُعِلَت الخبائث كلها في بيت وجُعِلَ مفتاحها الكذب»(3).
ولنبحث الآن أثر الصدق والكذب في أعمال الإنسان:
1- الكذب منبع النفاق؛ لأن الصدق معناه تطابق القلب مع اللسان والكذب عدمه، ومن هنا يبدأ الاختلاف بين ظاهر الإنسان وباطنه، وينجر الكاذب إلى النفاق الكامل تدريجياً {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77].
2- الكذب أداة لكثير من الذنوب: فالمتلونون والمزيفون واللصوص والخونة والمطففون والمحتكرون والمحتالون وناقضو العهود، تضيق بهم السُبل عند ترك الكذب ويواجهون طريقاً مسدوداً.
3- من الطبيعي أن يلجأ إلى الكذب كل من الحسود لحسده، والمتكبر لتفاخره والمتملق للوصل إلى هدفه والطامعين وأصحاب الدنيا لنيل مقصودهم.
فالحاسد يكذب ليصغر المحسود في أعين الآخرين، والمتكبر يكذب ليعظم نفسه في أعين الناس، وبالكذب يتوسل المتملقون بألفِ نوع من المتلق، وأصحاب الدنيا يكذبون لإرضاء روح الطمع الموجودة فيهم، ويسلكون من أجل. ذلك كل سبيل.
4ـ الصادق يحترز عن كثير من الذنوب؛ لأنه يعتقد بلزوم الصدق في الأمور التي قد يُسأل عنها، ولو صدق لافتضح، فالأفضل اجتناب مثل هذه الأعمال تماماً، والالتزام بهذه الفضيلة يقيه الكثير من الذنوب.
5- كثير من الكذب يصير بنفسه سبباً لكذب أو ذنوب أخرى، فكثيراً ما يستعين الكاذبون بعشرات العبارات الكاذبة لتبرير معاصيهم أو للحد من افتضاح أكاذيبهم.
ويتضح مما ذكرناه أن الإنسان إذا ما التزم بالصدق فسيكون ملزماً بترك الكثير من الذنوب لأن كل واحد منها يتغذى على الكذب بشكل من الأشكال، ولا حياة له بدونه. فالكذب مفتاح الرذائل وسبيل الوصول إليها.
* الكذب ضد الايمان:
يستفاد من أحاديث كثيرة أن الكذب يتعارض مع الإيمان وهو علامة لانعدامه.
وكل هذا مستلهم من القرآن الكريم، إذ قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105].
وإليك قسماً من الأخبار:
1- سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم، قيل: ويكون بخيلاً؟ قال: نعم، قيل: ويكون كذاباً؟ قال: لا(4).
2- قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: «لا يجدُ العبد طعم الإيمان حتى يترك الكذبَ هزلَه وجده»(5).
3- وعنه عليه السلام: «جانبوا الكذب فإنه مجانب للإيمان(6).
ولا يستبعد أن يُراد من هذا، إضافة إلى اسوداد القلب الذي يسببه الكذب. إن الكاذبين، بدافع القياس على أنفسهم لا يصدقون الأنبياء بسهولة، ولأنهم يكذبون في أصغر المسائل، لا يستطيعون التصديق بدعوة الأنبياء في مثل هذه المسائل المهمة، ويمكن أن يكونوا في صف أهل الإيمان، لكننا لو اطلعنا على أعماق قلوبهم لوجدناها غير خالية من الشك والترديد وهذا هو شأن الكذابين دائماً .
والعكس صحيح أيضاً فالصادقون يصدقون بسرعة، لأنهم أهل صدق.
وللكذابين سوءُ ظن خاص بالجميع وبكل شيء، ويحسبون أن كل شيء مزيف أو مشكوك في الأقل، فكيف يستطيع أمثال هؤلاء أن يكون لهم إيمان راسخ ومنزه عن الشك بكل ما جاء به الأنبياء عليهم السلام؟ لذا نقرأ في التاريخ أن المنافقين والمنحرفين والكذابين كانوا غالباً ما يتهمون الأنبياء بالكذب.
وموضوع القياس على النفس هو إحدى الحالات النفسية للإنسان التي تستطيع أن تكون مفتاح حل لكثير من المشاكل، وقد لاحظ بكثرة أن الجناة واللصوص والخونة يوقظون الآخرين بحركاتهم اللاطبيعية؛ لأنهم يعرفون أنفسهم ويعتقدون بأن الآخرين يعرفونهم أيضاً، فيحاولون الاستتار فيلفتون أنظار الآخرين بحركاتهم المشكوكة هذه.
_______________________________
(1) مشكاة الأنوار- ص ١٥٧.
(2) مشكاة الأنوار- ص ١٥٦ .
(3) جامع السعادات ج٢، ص ٣٢٣.
(4) جامع السعادات، ج2 ، ص322.
(5) المصدر السابق.
(6) مشكاة الأنوار ص156.