x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
الآيات والروايات التي تدلّ على حسن التكاليف وكونها معلّلة ...
المؤلف: محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار)
المصدر: البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
الجزء والصفحة: ص399-406/ج2
6-08-2015
983
قال الله تعالى : {مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وقال الله تعالى : {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } [الأنبياء: 16] وقال تعالى : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ } [الدخان: 38] {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ص: 27]
وقال
تعالى : {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ
نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الجاثية: 22].
وعن
مولانا الحسين بن عليّ عليه السلام أنّه قال : « أيّها الناس! إنّ الله ـ جلّ ذكره
ـ ما خلق العباد إلاّ ليعرفوه ، فإذا عرفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن
عبادة ما سواه » فقيل له: ما معرفة الله عزّ وجلّ؟ فقال : « معرفة أهل كلّ زمان
إمامهم الذي يجب عليهم إطاعته » (1).
يعني أنّ
معرفة الله لا تتمّ إلاّ بمعرفة إمام الزمان ، أو لا تنفع إلاّ بها ، ولا تحصل
إلاّ بها ؛ لأنّه السبيل إلى الله تعالى.
وعن
الصادق عليه السلام أنّه قال : « إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ لم يخلق خلقه عبثا ولم
يتركهم سدى ، بل خلقهم لإظهار قدرته ، وليكلّفهم طاعته ، فيستوجبوا بذلك رضوانه ،
وما خلقهم ليجلب منهم منفعة ، ولا ليدفع بهم مضرّة ، بل خلقهم لنفعهم ويوصلهم إلى
نعيم الأبد » (2).
وعن
الصادق عليه السلام أنّه قال : « لم يجعل شيئا إلاّ لشيء » (3).
وفي
الحديث القدسيّ : « كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق لكي أعرف » (4).
وفي «
البحار » في باب التوحيد عن المفضّل عن مولانا الصادق عليه السلام قال عليه السلام:
« نبتدئ يا مفضّل بذكر خلق الإنسان ، فاعتبر به فأوّل ذلك ما يدبّر به الجنين في
الرحم وهو محجوب في ظلمات ثلاث : البطن وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة حيث لا حيلة
عنده في طلب غذاء ، ولا دفع أذى ، ولا استجلاب منفعة ، ولا دفع مضرّة ؛ فإنّه يجري
إليه من دم الحيض ما يغذوه كما يغذو الماء النبات فلا يزال ذلك غذاءه حتّى إذا كمل
خلقه واستحكم بدنه وقوي أديمه على مباشرة الهواء ، وبصره على ملاقاة الضياء ، هاج
الطلق بأمّه فأزعجه أشدّ إزعاج وأعنفه حتّى يولد ، وإذا ولد صرف ذلك الدم ـ الذي
كان يغذوه من دم أمّه ـ إلى ثدييها ، فانقلب الطعم واللون إلى ضرب آخر من الغذاء
وهو أشدّ موافقة للمولود من الدم ، فيوافيه في وقت حاجته إليه ، فحين يولد قد
تلمّظ وحرّك شفتيه طلبا للرضاع ، فهو يجد ثديي أمّه كالإدواتين المعلّقتين لحاجته
، فلا يزال يغتذي باللبن ما دام رطب البدن ، رقيق الأمعاء ، ليّن الأعضاء حتّى إذا
تحرّك واحتاج إلى غذاء فيه صلابة ليشتدّ ويقوي بدنه ، طلعت له الطواحن من الأسنان
والأضراس ليمضغ به الطعام فيلين عليه ويسهل له إساغته ، فلا يزال كذلك حتّى يدرك ،
فإذا أدرك وكان ذكرا طلع الشعر في وجهه ، فكان ذلك علامة الذكر وعزّ الرجل الذي
يخرج به من حدّ الصبا وشبه النساء ، وإن كانت أنثى يبقى وجهها نقيّا من الشعر
لتبقى لها البهجة والنضارة التي تحرّك الرجال ؛ لما فيه من دوام النسل وبقائه »
إلى أن قال المفضّل : يا مولاي فقد رأيت من يبقى على حالته ولا ينبت الشعر في وجهه
وإن بلغ حال الكبر؟ فقال عليه السلام :
« ذلك بما
قدّمت أيديهم ، وأنّ الله ليس بظلاّم للعبيد ـ إلى أن قال ـ : ولو كان المولود
يولد فهما عاقلا ، لأنكر العالم عند ولادته ، ولبقي حيرانا ، تائه العقل إذا رأى
ما لم يعرف ، وورد عليه ما لم ير مثله من اختلاف صور العالم من البهائم والطير إلى
غير ذلك ممّا يشاهده ساعة بعد ساعة ، ويوما بعد يوم.
واعتبر
ذلك بأنّ من سبي من بلد إلى بلد ـ وهو عاقل ـ يكون كالواله الحيران ، فلا يسرع في
تعلّم الكلام وقبول الأدب كما يسرع الذي يسبى صغيرا غير عاقل.
ثمّ لو
ولد عاقلا ، كان يجد غضاضة إذا رأى نفسه محمولا مرضعا معصّبا بالخرق مسجّى في
المهد ؛ لأنّه لا يستغني عنه هذا كلّه لرقّة بدنه ورطوبته حين يولد ، ثمّ كان لا
يوجد له من الحلاوة والوقع من القلوب ما يوجد للطفل ـ إلى أن قال ـ : لذهب موضع
حلاوة تربية الأولاد ، وما قدر أن يكون للوالدين في الاشتغال بالولد من المصلحة ،
وما يوجب التربية للآباء على الأبناء من المكلّفات بالبرّ والعطف عليهم عند حاجتهم
إلى ذلك منهم ، ثمّ كان الأولاد لا يألفون آباءهم ولا يألف الآباء أبناءهم ؛ لأنّ
الأولاد كانوا يستغنون عن تربية الآباء وحياطتهم (5) ، فيتفرّقون عنهم حين يولدون
، فلا يعرف الرجل أباه وأمّه ، ولا يمتنع من نكاح أمّه وأخته وذوات المحارم منه
إذا كان لا يعرفهنّ ، وأقلّ ما في ذلك من القباحة ـ بل هو أشنع وأعظم وأفظع وأقبح
وأبشع لو خرج المولود من بطن أمّه وهو يعقل ـ أن يرى منها ما لا يحلّ له ولا يحسن
به أن يراه ، أفلا ترى كيف أقيم كلّ شيء من الخلقة على غاية الصواب ، وخلا من
الخطأ دقيقه وجليله؟
اعرف يا
مفضّل! ما للأطفال في البكاء من المنفعة ، واعلم : أنّ في أدمعة الأطفال رطوبة إن
بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره ، فالبكاء
يسيل تلك الرطوبة من رءوسهم ، فيعقبهم ذلك الصحّة في أبدانهم ، والسلامة في
أبصارهم ، أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك؟ فهما
دائبان ليسكتانه ويتوخّيان في الأمور مرضاته ؛ لئلاّ يبكي وهما لا يعلمان أنّ
البكاء أصلح له وأجمل عاقبة ، فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا
يعرفها القائلون بالإهمال ، ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء أنّه لا منفعة فيه
من أجل أنّهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه ؛ فإنّ كلّ ما لا يعرفه المنكرون
يعلمه العارفون وكثيرا ممّا يقصر عنه علم المخلوقين محيط به علم الخالق جلّ قدسه،
وعلت كلمته.
فأمّا ما
يسيل من أفواه الأطفال من الريق ففي ذلك خروج الرطوبة ، التي لو بقيت في أبدانهم ،
لأحدثت عليهم الأمور العظيمة كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حدّ البله
والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الأمراض المتلفة كالفالج واللقوة وما أشبههما ،
فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم ؛ لما لهم في ذلك من الصحّة في
كبرهم فتفضّل على خلقه بما جهلوه ، ونظر لهم بما لم يعرفوه ، ولو عرفوا نعمه عليهم
، لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيته ، فسبحانه ما أجلّ نعمته ، وأسبغها على
المستحقّين وغيرهم من خلقه ، وتعالى عمّا يقول المبطلون علوّا كبيرا.
انظر الآن
يا مفضّل! كيف جعلت آلات الجماع في الذكر والأنثى جميعا على ما يشاكل ذلك ، فجعل
للذكر آلة ناشزة تمتدّ حتّى تصل النطفة إلى الرحم إذ كان محتاجا إلى أن يقذف ماءه
في غيره ، وخلق للأنثى وعاء قعر ليشتمل على الماءين جميعا ويحتمل الولد ويتّسع له
ويصونه حتّى يستحكم ، أليس ذلك من تدبير حكيم لطيف ، سبحانه وتعالى عمّا يشركون؟
فكّر يا
مفضّل! في أعضاء البدن أجمع ، وتدبير كلّ منها لمآرب ، فاليدان للعلاج ، والرجلان
للسعي ، والعينان للاهتداء ، والفم للاغتذاء ، والمعدة للهضم ، والكبد للتخليص ،
والمنافذ لتنفيذ الفضول ، والأوعية لحملها ، والفرج لإقامة النسل ، وكذلك جميع
الأعضاء إذا تأمّلتها وأعملت فكرك فيها ونظرك ، وجدت كلّ شيء منها قد قدّر لشيء
على صواب وحكمة ».
قال
المفضّل : فقلت : يا مولاي! إنّ قوما يزعمون أنّ هذا من فعل الطبيعة ، فقال : «
سلهم عن هذه الطبيعة : أيّ شيء؟ له علم وقدرة على مثل هذه الأفعال أم ليست كذلك؟
فإن أوجبوا لها العلم والقدرة فما يمنعهم من إثبات الخالق؟ فإنّ هذا صفته (6) ،
وإن زعموا أنّها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمد وكان في أفعالها ما قد تراه من
الصواب والحكمة ، علم أنّ هذا الفعل للخالق الحكيم ، وأنّ الذي سمّوه طبيعة هو
سنّة في خلقه جارية على ما أجراها عليه.
فكّر يا
مفضّل! في وصول الغذاء إلى البدن وما فيه من التدبير ؛ فإنّ الطعام يصير إلى
المعدة فتطبخه وتبعث بصفوه إلى الكبد في عروق دقاق واشجة بينها قد جعلت كالمصفى
للغذاء لكيلا يصل إلى الكبد منه شيء فينكأها ، وذلك أنّ الكبد رقيقة لا تحتمل
العنف ، ثمّ إنّ الكبد تقبله ، فيستحيل بلطف التدبير دما ، وينفذ إلى البدن كلّه
في مجار مهيّأة لذلك بمنزلة المجاري التي تهيّأ للماء حتّى يطرد في الأرض كلّها ،
وينفذ ما يخرج منه إلى مفائض قد أعدّت لذلك ، فما كان منه من جنس المرّة الصفراء
جرى إلى المرارة ، وما كان من جنس السوداء جرى إلى الطحال، وما كان من البلّة
والرطوبة جرى إلى المثانة.
فتأمّل
حكمة التدبير في تركيب البدن ، ووضع هذه الأعضاء منه مواضعها ، وإعداد هذه الأوعية
فيه لتحمل تلك الفضول لئلاّ تنتشر في البدن فتسقمه وتنهكه ، فتبارك من أحسن
التقدير وأحكم التدبير ، فوصف نشوء الأبدان ونموّها في الرحم من غير يد تنالها ويدبّرها
إلى الكمال» ـ إلى أن قال ـ :
« يا
مفضّل! انظر إلى ما خصّ به الإنسان في خلقه تشريفا وتفضيلا على البهائم ؛ فإنّه
خلق ينتصب قائما ، ويستوي جالسا ليستقبل الأشياء بيديه وجوارحه ويمكنه العلاج
والعمل بهما ، فلو كان مكبوبا على وجهه كذات الأربع ، لما استطاع أن يعمل شيئا من
الأعمال.
انظر الآن
يا مفضّل! إلى هذه الحواسّ ـ التي خصّ بها الإنسان في خلقه ، وشرّف بها على غيره ـ
كيف جعلت العينان في الرأس كالمصابيح فوق المنارة ليتمكّن من مطالعة الأشياء ، ولم
تجعل في الأعضاء التي تحتهنّ كاليدين والرجلين ، فتعرضها الآفات ، وتصيبها من
مباشرة العمل والحركة ما يعلّلها ويؤثّر فيها وينقص منها ، ولا في الأعضاء التي هي
وسط البدن كالبطن والظهر ، فيعسر تقلّبها واطلاعها نحو الأشياء ، فلمّا لم يكن لها
في شيء من هذه الأعضاء موضع ، كان الرأس أسنى المواضع للحواسّ وهو بمنزلة الصومعة
لها ، فجعل الحواسّ خمسا تلقى خمسا لكي لا يفوتها شيء من المحسوسات ، فخلق البصر
ليدرك الألوان ، فلو كانت الألوان ولم يكن بصر يدركها ، لم يكن فيها منفعة ، وخلق
السمع ليدرك الأصوات ، فلو كانت الأصوات ولم يكن سمع يدركها ، لم يكن فيها أرب ،
وكذلك سائر الحواسّ.
ثمّ هذا
يرجع متكافئا ، فلو كان بصر ولم يكن ألوان ، لما كان للبصر معنى ، ولو كان سمع ولم
يكن أصوات ، لم يكن للسمع موضع ، فانظر كيف قدّر بعضها يلقى بعضا ، فجعل لكلّ
حاسّة محسوسا يعمل فيه ، ولكلّ محسوس حاسّة تدركه ، ومع هذا فقد جعلت أشياء
متوسّطة بين الحواسّ والمحسوسات لا تتمّ الحواسّ إلاّ بها كمثل الضياء والهواء ؛
فإنّه لو لم يكن ضياء يظهر اللون للبصر لم يكن البصر يدرك اللون ، ولو لم يكن هواء
يؤدّي الصوت إلى السمع لم يكن السمع يدرك الصوت ، فهل يخفى على من صحّ نظره وأعمل
فكره أنّ مثل هذا الذي وصفت ـ من تهيئة الحواسّ والمحسوسات بعضها يلقى بعضا وتهيئة
أشياء أخرتتم بها الحواسّ ـ لا يكون إلاّ بعمد وتقدير من لطيف خبير ».
فذكر ما ينال فاقد البصر من الخلل ، وكذا فاقد
السمع حتّى عدّه كالغائب وهو شاهد ، وكالميّت وهو حيّ ، فقال : « فأمّا من عدم
العقل ، فإنّه يلحق بمنزلة البهائم ، بل يجهل كثيرا ممّا يهتدي إليه البهائم.
فساق
الكلام إلى أن قال المفضّل : فلم صار بعض الناس يفقد شيئا من هذه الجوارح ، فيناله
في ذلك مثل ما وصفته يا مولاي؟
قال عليه
السلام : ذلك للتأديب والموعظة لمن يحلّ ذلك به ولغيره بسببه كما قد يؤدّب الملوك
الناس للتكميل والموعظة ، فلا ينكر ذلك عليهم ، بل يحمد من رأيهم ، ويصوّب من
تدبيرهم ، ثمّ إنّ للذين ينزل بهم هذه البلايا من الثواب بعد الموت ـ إن شكروا
وأنابوا ـ ما يستصغرون معه ما ينالهم منها ، حتّى أنّهم لو خيّروا بعد الموت ،
لاختاروا أن يردّوا إلى البلايا ليزدادوا من الثواب.
فكّر يا
مفضل! في الأعضاء التي خلقت أفرادا وأزواجا ، وما في ذلك من الحكمة والتقدير ،
والصواب في التدبير ، فالرأس ممّا خلق فردا ولم يكن للإنسان صلاح في أن يكون أكثر
من واحد ، ألا ترى أنّه لو أضيف إلى رأس الإنسان رأس آخر ، لكان ثقلا عليه من غير
حاجة إليه؛ لأنّ الحواسّ التي يحتاج إليها مجتمعة في رأس واحد.
ثمّ كان
الإنسان ينقسم قسمين لو كان له رأسان ، فإن تكلّم من أحدهما ، كان الآخر معطّلا لا
أرب فيه ولا حاجة إليه ، وإن تكلّم منهما جميعا بكلام واحد ، كان أحدهما فضلا لا
يحتاج إليه ، وإن تكلّم بأحدهما بغير الذي تكلّم به من الآخر ، لم يدر السامع بأيّ
ذلك يأخذ.
واليدان
ممّا خلق أزواجا ولم يكن للإنسان خير في أن يكون له يد واحدة ؛ لأنّ ذلك كان يخلّ
به فيما يحتاج إلى معالجته من الأشياء ، ألا ترى أنّ النجّار والبنّاء لو شلّت
إحدى يديه لا يستطيع أن يعالج صناعته ، وإن تكلّف ذلك لم يحكمه ولم يبلغ منه ما
يبلغه إذا كانت له يدان تتعاونان على العمل.
أطل الفكر
يا مفضّل في الصوت والكلام وتهيئة الآلة في الإنسان ، فالحنجرة كالأنبوبة لخروج
الصوت ، واللسان والشفتان والأسنان لصياغة الحروف والنغم ، ألا ترى أنّ من سقطت أسنانه
لم يقم السين ، ومن سقطت شفته لم يصحّح الفاء ، ومن ثقل لسانه لم يفصح الراء ،
وأشبه شيء بذلك المزمار الأعظم ، فالحنجرة تشبه قصبة المزمار ، والرئة تشبه الزقّ
الذي ينفخ فيه ليدخل الريح ، والعضلات ـ التي تقبض على الرئة ليخرج الصوت ـ
كالأصابع التي تختلف في فم المزمار ، فتصوغ صفيره ألحانا غير أنّه وإن كان مخرج
الصوت يشبه المزمار بالدلالة والتعريف فإنّ المزمار في الحقيقة هو المشبّه بمخرج
الصوت.
قد أنبأتك
بما في الأعضاء من الغناء في صنعة الكلام وإقامة الحروف ، وفيها ـ مع الذي ذكرت لك
ـ مآرب أخرى.
فالحنجرة
ليسلك فيها هذا النسيم إلى الرئة فتروّح عن الفؤاد بالنفس الدائم المتتابع الذي لو
احتبس شيئا يسيرا ، لهلك الإنسان.
وباللسان
تذاق الطعوم ، فيميّز بينها ، ويعرف كلّ واحد منها : حلوها من مرّها ، وحامضها من
مزّها ، ومالحها من عذبها ، وطيّبها من خبيثها ، وفيه مع ذلك معونة على إساغة
الطعام والشراب.
والأسنان
تمضغ الطعام حتّى يلين ويسهل إساغته وهي مع ذلك كالسند للشفتين تمسكهما وتدعمهما
من داخل الفم ؛ واعتبر ذلك أنّك ترى من سقطت أسنانه مسترخي الشفة ومضطربها.
وبالشفتين
يترشّف الشراب حتّى يكون الذي يصل إلى الجوف منه بقصد وقدر لا يثجّ ثجّا ، فيغصّ
به الشارب ، أو ينكأ في الجوف ، ثمّ هما بعد ذلك كالباب المطبق على الفم يفتحهما
الإنسان إذا شاء ، ويطبقهما إذا شاء ففيما وصفنا من هذا بيان أنّ كلّ واحد من هذه
الأعضاء ينصرف وينقسم إلى وجوه من المنافع » (7).
_________________
(1) « علل الشرائع » 1 : 9 ، الباب 9 ، ح 1.
(2) نفس المصدر ، ح 2.
(3) في
المصدر : « لم يجعل شيء ... ».
(4) « التجلّيات
الإلهيّة » : 100 ؛ « فصوص الحكم » : 203 ؛ « جامع الأسرار » : 102؛ « مصباح الأنس
» : 164 ؛ « الأسفار الأربعة » 2 : 285.
(5) أي
حفظهم وتعهّدهم.
(6) كذا
، وفي « بحار الأنوار » : « هذه صنعته ».
(7)
« بحار الأنوار » 3 : 62 ـ 72.