x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

البكاء على خراب العمران

المؤلف:  أحمد بن محمد المقري التلمساني

المصدر:  نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب

الجزء والصفحة:  مج1، ص:500-504

28-4-2022

2047

البكاء على خراب العمران

وقد وقفت على كلام لصاحب المناهج في هذا المعنى فأحببت ذكره ملخصا، وهو: ونلحق بذكر المنازل التي راق منظرها، وفاق مخبرها، وارتفع بناؤها، واتسع فناؤها، طرفا من الكلام على ما عفاه الدهر من رسومها، ومحاه من محاسن صور كانت أرواحا لجسومها. وصف أعرابي محلة قوم ارتحلوا عنها فقال نثرا: ارتحلت عنها ربات الخدور، وأقامت بها أثافي القدور، ولقد كان أهلها يعفون آثار الرياح فعفت الرياح آثارهم، وذهبت بأبدانهم وأبقت أخبارهم، والعهد قريب، واللقاء بعيد.

وقال عمر بن أبي ربيعة فأحسن (1) :

يا دار أمسى دارسا رسمها ... وحشا قفارا ما بها آهل

قد جرت الريح بها ذيلها ... واستن في أطلالها الوابل ومن كلام الفتح بن خاقان، في قلائد العقيان، يذكر آل عباد من فصل أكثر فيه التفجع، وأطال به التوجع (2) : والغصون (3) تختال في أدواحها، والأزاهر يحيي ميت الصبابة شذا أرواحها (4) ، وأطيار الرياض (5) قد أشرفت عليهم (6) كثكالى ينحن على خرابها، وانقراض أطرابها، والوهي بمشيدها لاعب، وعلى كل جدار منها غراب ناعب، وقد محت الحوادث ضياءها، وقلصت ظلالها وأفياءها، ولطالما أشرقت بالخلائف وابتهجت، وفاحت من

(500)

شذاهم وأرجت (7) ، أيام نزلوا خلالها، وتفيأوا ظلالها، وعمروا حدائقها وجناتها، ونبهوا الآمال من سناتها، وراعوا الليوث في آجامها، وأخجلوا الغيوث عند انسجامها، فأصبحت ولها بالتداعي (8) تلفع واعتجار، ولم يبق من آثارها إلا نؤي وأحجاء، قد هوت قبابها، وهرم شبابها، وقد يلين الحديد، ويبلى على طيه الجديد.

وقال أبو صخر القرطبي يذكر ذلك من أبيات ينعاهم بها:

ديار عليها من بشاشة أهلها ... بقايا تسر النفس أنسا ومنظرا

ربوع كساها المزن من خلع الحيا ... برودا وحلاها من النور جوهرا

تسرك طورا ثم تشجيك تارة ... فترتاح تأنيسا وتشجى تذكرا ومن كلام أبي الحسن القاشاني يصف نادي رئيس خلا من ازدحام الملا، وعوضه الزمان من تواصل أحبابه هجرا وقلى: " قد كان منزله مألف الأضياف، ومأنس الأشراف، ومنتجع الركب، ومقصد الوفد، فاستبدل بالأنس وحشة، وبالضياء ظلمة، واعتاض من تزاحم المواكب، تلاطم النوادب، ومن ضجيج النداء والصهيل، عجيج البكاء والعويل.

ومن رسالة لابن الأثير الجزري يصف دمنة دار (9) لعبت بها أيدي الزمن، وفرقت بين المسكن والسكن: كانت مقاصير جنة، فأصبحت وهي ملاعب جنة، وعميت أخبار قطنها، وآثار أوطانها، حتى شابهت إحداهما في الخفاء، والأخرى في العفاء، وكنت أظن أنها لا تسقى بعدهم بغمام، ولا يرفع عنها جلباب ظلام، غير أن السحاب بكاهم فأجرى بها هوامع دموعه، والليل شق عليهم جيوبه فظهر الصباح من خلال صدوعه " .

 (501)

وقد لمح في تعض كلامه قول الشريف (10) من أبيات يصف فيها ما كان في الحيرة من منازل النعمان بن المنذر (11) :

ما زلت أطرق المنازل باللوى ... حتى نزلت منازل النعمان

بالحيرة البيضاء حيث تقابلت ... شم العماد عريضة الأعطان

شهدت بفضل الرافعين قبابها ... ويبين بالبنيان فضل الباني

ما ينفع الماضين أن بقيت لهم ... خطط معمرة بعمر فاني يقول فيها:

ولقد رأيت بدير هند منزلا ... ألما من الضراء والحدثان

يغضي كمستمع الهوان تغيبت ... أنصاره وخلا من الأعوان

بالي المعالم أطرقت شرفاته ... إطراق منجذب القرينة عاني

أمقاصر الغزلان غيرك البلى ... حتى غدوت مرابض الغزلان

وملاعب الإنس الجميع طوى الردى ... منهم فصرت ملاعب الجنان ومنها:

مسكية النفحات تحسب تربها ... برد الخليع معطر الأردان

وكأنما نسي التجار لطيمة ... جرت الرياح بها على القيعان (12)

ماء كجيب الدرع يصقله الصبا ... ويفي بدوحته (13) النسيم الواني

زفر الزمان عليهم فتفرقوا ... وجلوا عن الأوطار والأوطان

 (502)

وقال أبو إسحاق الصابي، وتوارد مع الشريف الرضي في بالمعنى والقافية، يصف قصر روح بالبصرة (14) :

أحبب إلي بقصر روح منزلا ... شهدت بنيته بفضل الباني

سور علا وتمنعت شرفاته ... فكأن إحداهن هضب أبان

وكأنما يشكو إلى زواره ... بين الخليط وفرقة الجيران

وكأنما يبدي لهم من نفسه ... إطراق محزون الحشا حران ولأحمد بن فرج الإلبيري من الأبيات:

سالت بها فما ردت جوابا ... عليك، وكيف تخبرك الطلول؟

ومن سفه سؤالك رسم دار ... مضى لعفائه زمن طويل

فإن تك أصبحت قفرا خلاء ... لعينك في مغانيها همول

فقدما قد نعمت قرير عين ... بها وبربعها الرشأ الكحيل وقال أبو عبد الله بن الحناط (15) الأندلسي الأعمى:

لو كنت تعلم ما بالقلب من نار ... لم توقد النار بالهندي والغار

يا دار علوة قد هيجت لي شجنا ... وزدتني حرقا، حييت من دار

كم بت فيك على اللذات معتكفا ... والليل مدرع ثوبا من القار

كأنه راهب في المسح ملتحف ... شد المجد له وسطا بزنار

يدير فيه كؤوس الراح ذو حور ... يدير من طرفه (16) ألحظ سحار ولا مزيد في التفجع على الديار والتوجع للدمن والآثار، على قول البحتري من قصيدة يرثي بها المتوكل (17) :

 (503)

محل على القاطول أخلق داثره ... وعادت صروف الدهر جيشا تغاوره (18)

كأن الصبا توفي نذورا إذا انبرت ... تراوحه أذيالها وتباكره

ورب زمان ناعم ثم عهده ... ترق حواشيه ويونق ناضره

تغير حسن الجعفري وأنسه ... وقوض بادي الجعفري وحاضره (19)

تحمل عنه ساكنوه فجاءة ... فعادت سواء دوره ومقابره

إذا نحن زرناه أجد لنا الأسى ... وقد كان قبل اليوم يبهج زائره

ولم أنس وحش القصر إذ ريع سربه ... وإذ ذعرت أطلاؤه وجآذره

وإذ صيح فيه بالرحيل فهتكت ... على عجل أستاره وستائره

وأوحشه (20) حتى كأن لم يكن (21) به ... أنيس ولم تحسن لعين مناظره

كأن لم تبت (22) في الخلافة طلقة ... بشاشتها والملك يشرق زاهره

ولم تجمع الدنيا إليه بهاءها ... وبهجتها والعيش غض مكاسره

فأين الحجاب الصعب حيث تمنعت ... بهيبتها أبوابه ومقاصره

وأين عميد الناس في كل نوبة ... تنوب وناهي الدهر فيهم وآمره وعلى قول أبي إسحاق بن خفاجة الأندلسي (23) :

ومرتبع حططت الرحل فيه ... بحيث الظل والماء القراح

تخرم حسن منظره مليك ... تخرم ملكه القدر المتاح

فجرية ماء جدوله بكاء ... عليه، وشدو طائره نواح وهذا النوع من البكاء على الدمن، والتأسف على ما فعلت بها أيدي الزمن،

 (504)

كثير جدا، لا يعرف الباحث عنه له حدا، وذلك لشدة ولوع النفوس بذكر أحبابها، وحنينها إلى أماكنها التي هي مواطن أطرابها، ولهذا اقتصرنا على هذه النبذة القليلة، وجعلناها نغبة (24) يشفي المشوق بها غليله، وقد كره بعض العقلاء التأسف على الديار لعلمهم أنه لا يجدي، ولا يدفع عادية الدهر الخؤون ولا يعدي، ونهوا عنه لما فيه من تجديد المصاب، المجرع لصاحبه الصاب والأوصاب.

قال أبو عمر بن عبد البر:

عفت المنازل غير أرسم دمنة ... حييتها من دمنة ورسوم

كم ذا الوقوف ولم تقف في منسك ... كم ذا الطواف ولم تطف بحريم

فكل الديار إلى الجنائب والصبا ... ودع القفار إلى الصدى والبوم انتهى كلامه رحمه الله تعالى بأكثر لفظه مع بعض اختصار.

 

__________

(1) ديوان عمر: 301.

(2) قلائد العقيان: 10.

(3) ق ك ج ط: والقصور.

(4) القلائد: وتتثنى في أكف أرواحها.

(5) القلائد: وآثار الديار.

(6) قد أشرفت عليهم: زيادة من القلائد.

(7) ك: وتأرجت.

(8) بالتداعي: زيادة من القلائد.

(9) دار: سقطت من ك.

(10) يعني الشريف الرضي.

(11) ديوان الشريف 2: 468.

(12) ق ك والديوان: العقيان.

(13) الديوان: ونقا يدرجه.

(14) أبيات الصابي في اليتيمة 2: 269.

(15) في الأصول: ابن الخياط.

(16) ك: من لحظه.

(17) ديوان البحتري: 1045 (القصيدة رقم: 413).

(18) القاطول: نهر كان في موضع سامرا قبل عمرانها؛ وفي ق ك ج ط: تغادره.

(19) الجعفري: قصر للمتوكل.

(20) الديوان: ووحشه.

(21) ق ط ج: لم يقم.

(22) ق ك: تبن.

(23) ديوان ابن خفاجة: 137، يقولها في صفة مصنع جميل خلع سلطانه.

(24) ك: نبعة؛ هامش ج: بلغة.

 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+