1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المراهقة والشباب :

الشباب والمسؤولية

المؤلف:  حسين أحمد الخشن

المصدر:  مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم

الجزء والصفحة:  ص34ــ38

24-4-2022

2398

كيف يفهم جيل الشباب المسؤولية؟ وكيف يمارسونها؟ وما هي حدود المسؤولية وأهم مجالاتها؟

1ـ كيف نفهم المسؤولية؟

المسؤولية هي التعبير الأرقى عن إنسانية الإنسان، فأنت لا يمكن أن تعيش إنسانيتك الحقة خارج نطاق المسؤولية والالتزام. والمسؤولية هي التي تميزنا عن سائر المخلوقات التي تحركها غريزتها، وتفعل ما تمليه عليها هذه الغريزة، ومن هنا ففي منطق الإسلام لا يحق لك أن تقول: (لا يخصني ولا شأن لي)، أو أن تقول: (نفسي نفسي والنجاة من النار) كما جاء في المثل الشعبي. ثم إن المسؤولية ليست امتيازاً أو سلطة تدفعك للتكبر والاستعلاء على الآخرين، وإنما هي أمانة والتزام.

2ـ ما هي مجالات المسؤولية وحدودها؟

ومسؤولية الإنسان عموماً والشباب خصوصاً لها مجالات عدة:

أولاً: أن يكون مسؤولاً عن نفسه فينمّيها بالعلم والمعرفة وبكل ما يُثري العقل ويُغني الروح، ومسؤولية الإنسان عن نفسه تعني أيضاً مسؤوليته عن جوارحه من البصر والسمع والفؤاد، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].

ثانياً: وأن يكون مسؤولاً عن أسرته وأهل بيته وأطفاله، بأن يرعاهم ويقدم لهم الغذاء الروحي كما يقدم لهم الغذاء المادي، وأن يجنبهم شقاء الآخرة كما يجنبهم عناء الدنيا، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

ثالثاً: وأن يكون مسؤولاً عن طاقاته، علمه، فكره، ماله، وجاهه، وغيرها من الطاقات، بحيث لا يبددها ولا يضيعها، فهذه نِعَمٌ وسوف يُسأل عنها يوم الحساب، قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:٨]. والشباب هو من أهم الطاقات التي علينا أن نعرف كيف نوظفها ونستثمرها.

رابعاً: وأن يكون مسؤولاً عن كلمته، فيعرف متى وكيف يطلقها، فالكلمة قد تدمر وقد تعمر، قد تبني وقد تخرب، والكلمة في وثاقك ما لم تنطق بها، فإذا تفوهت بها صرت في وثاقها، قال الامام علي (عليه السلام): "الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك(1)، فرت كلمة سلبت نعمة وجلبت نقمة "(2).

خامساً: وأن يكون مسؤولاً عن أمته وعن مجتمعه، وعن قضايا الإنسان عامة، فالمسلم لا بد أن يتحسس هموم الناس وآلامهم ومعاناتهم، وحل المسؤولية هذا يوليه الإسلام أهمية خاصة ويهتم كثيراً بتنميته، لأنه أساس كل خير وهو الذي يطور المجتمع ويدفع الإنسان نحو التغيير، فيبادر إلى إصلاح ما يراه فاسداً، وإتمام ما يراه ناقصاً، ونصيحة من يحتاج إلى النصيحة، ومن هنا ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على هذا الحسن، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم"(3).

ولأن حسن المسؤولية يحتاج إلى تعميق في النفس ليغدو ملكة راسخة كان من الأهمية بمكان التوجه إلى الله تعالى في حالة الدعاء والطلب إليه بأن يعيننا على القيام بمسؤولياتنا الاجتماعية، ومن هنا فقد لاحظنا أن الأدعية الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) تربي وتنمي حس المسؤولية لدى الإنسان المسلم، وتحثه على الشعور بالآخرين.

وتعال أيها الشاب المسلم، واقرأ معي هذا الدعاء المروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله والذي كان يقرأ به عقيب كل فريضة في شهر رمضان، لتلاحظ وتكتشف هذا الحضور المكثف في فقرات الدعاء لهموم الناس، وآلامهم وقضاياهم والتي يراد تعميقها في النفس من خلال جو الدعاء، يقول الدعاء: "اللهم أدخل على أهل القبور السرور، اللهم أعن كل فقير، اللهم أشبع كل جائع، اللهم اكس كل عريان، اللهم اقض دين كل مدين، اللهم فرج عن كل مكروب، اللهم رد كل غريب، اللهم فك كل أسير، اللهم أصلح كل فاسد من أمور المسلمين، اللهم اشف كل مريض، اللهم شد فقرنا بغناك، اللهم غير سوء حالنا بحسن حالك، اللهم اقض عنا الدين وأغننا من الفقر إنك على كل شيء قدير"(4).

وتعال معي إلى هذا البرنامج اليومي الذي أعده لنا الإمام زين العابدين (عليه السلام) من خلال بعض فقرات دعائه عند الصباح والمساء، لتجد هذا الإصرار على تنمية الحسن الاجتماعي لدى الإنسان كي لا يكون أنانياً يفكر بنفسه وعائلته فقط، يقول (عليه السلام): "اللهم صل على محمد وآله، ووفقنا في يومنا هذا وليلتنا هذه وفي جميع أيامنا لاستعمال الخير، وهجران الشر، وشكر النعم، واتباع السنن ومجانبة البدع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحياطة الإسلام، وانتقاص الباطل وإذلاله، ونصرة الحق وإعزازه، وإرشاد الضال، ومعاونة الضعيف، وإدراك اللهيف"(5).

۳- كيف نمارس المسؤولية؟

وما يريده لنا الله تعالى ـ شيباً وشباناً ـ هو أن نمارس المسؤولية في خط طاعته، والسعي إلى نيل رضوانه، فنشعر برقابته في كل ما نُقدِمُ عليه، ونتحسّس حضوره تعالى في كل ما نفعله أو نفكر يفعله، وبكلمة أخرى: إن المطلوب منا أن نمارس المسؤولية من موقع من هو مستخلف من قبل الله تعالى في هذه الأرض، والخليفة مستأمن فيما استخلف عليه وعهد به إليه، فلا ينحرف عن خط الخلافة طرفة عين أبدأ في كل ما أولاه الله من نعم، وسخره له من مقدرات وزوده به من طاقات، وإلا كان خائناً في حفظ الأمانة مفرطاً في حمل المسؤولية. إن الخلافة تحتم علينا أن نتخلق بأخلاق من استخلفنا، وهو الله سبحانه وتعالى، وأن لا نستغل ما أولانا من نعم في سبيل عصيانه والتمرد عليه، يقول الامام علي (عليه السلام) فيما روي عنه: "أقل ما يلزمكم لله أن لا تستعينوا بنِعَمه على معاصيه"(6). والشباب هو من أجل النعم التي حبانا الله بها، وعلينا أن نؤدي واجب شكرها لله تعالى، بأن لا تبددها أو نستنزفها فيما يبعدنا عنه عز وجل.

ـ الموظف وحسن المسؤولية

وعندما تكون في موقع المسؤولية العامة، فعليك أن تحسب حساباً لكل خطواتك وأقوالك وأفعالك، وعليك أن تعلم أن مواقع المسؤولية العامة ليست ملكاً لك ولا دكاناً أو مزرعة لأقاربك وأتباعك، إنها ملك الأمة، واي تقصير أو تعد في حفظها هو خيانة للأمة، لقد كان علي (عليه السلام) يوصي عماله برعاية المال العام في صغائر الأمور فضلاً عن عظمائها، يقول (عليه السلام): "أدقوا أقلامكم، وقاربوا بين سطوركم، واحذفوا عني فضولكم، واقصدوا قصد المعاني، وإياكم والإكثار، فإن أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار" (7).

انظروا وتأملوا أيها الشباب في هذه الوصايا التي تربي في الموظف حس المسؤولية عما هو مسؤول عنه، بحيث إن عليه أن يلتفت إلى كمية الحبر التي يكتب بها رسائله، وأن يكتب ما هو ضروري، بعيداً عن الإنشائيات الفارغة والكلمات المسجعة، كل ذلك كي لا يسرف في استخدام المال العام! سلام الله عليك يا أمير المؤمنين وميزان العدل، والله لو جئتنا ورأيت واقع الموظفين والمسؤولين عن المال العام والحق الشرعي، وكيف يبذرون يميناً وشمالاً ويوزعون المال على الأصهار والأقارب دون وازع من ضمير أو رادع من قانون أو أخلاق، لشعرت بالغربة ولأعلنتها حرباً شعواء على هؤلاء، وفضحت زيفهم ولو كانوا يهتفون باسمك.

___________________________

(1) الورق: الفضة المسكوكة، قال تعالى على لسان أهل الكهف: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [ الكهف 19].

(2) نهج البلاغة ج 1 ص 91.

(3) الكافي ج 2 ص 163.

(4) المصباح للكفعمي ص716.

(5) الصحيفة السجادية، دعاء عند الصباح والمساء.

(6) نهج البلاغة ج 4 ص 78.

(7) الخصال للصدوق ص 310. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي