x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النبي الأعظم محمد بن عبد الله

أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)

آبائه

زوجاته واولاده

الولادة والنشأة

حاله قبل البعثة

حاله بعد البعثة

حاله بعد الهجرة

شهادة النبي وآخر الأيام

التراث النبوي الشريف

معجزاته

قضايا عامة

الإمام علي بن أبي طالب

الولادة والنشأة

مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)

حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله

حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)

حياته في عهد الخلفاء الثلاثة

بيعته و ماجرى في حكمه

أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته

شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة

التراث العلوي الشريف

قضايا عامة

السيدة فاطمة الزهراء

الولادة والنشأة

مناقبها

شهادتها والأيام الأخيرة

التراث الفاطمي الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي المجتبى

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)

التراث الحسني الشريف

صلح الامام الحسن (عليه السّلام)

أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته

شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة

قضايا عامة

الإمام الحسين بن علي الشهيد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)

الأحداث ما قبل عاشوراء

استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء

الأحداث ما بعد عاشوراء

التراث الحسينيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن الحسين السجّاد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)

شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)

التراث السجّاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الباقر

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)

شهادة الامام الباقر (عليه السلام)

التراث الباقريّ الشريف

قضايا عامة

الإمام جعفر بن محمد الصادق

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)

شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

التراث الصادقيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام موسى بن جعفر الكاظم

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)

شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)

التراث الكاظميّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن موسى الرّضا

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)

موقفه السياسي وولاية العهد

شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة

التراث الرضوي الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الجواد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

التراث الجواديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن محمد الهادي

الولادة والنشأة

مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

التراث الهاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي العسكري

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

التراث العسكري الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن الحسن المهدي

الولادة والنشأة

خصائصه ومناقبه

الغيبة الصغرى

السفراء الاربعة

الغيبة الكبرى

علامات الظهور

تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى

مشاهدة الإمام المهدي (ع)

الدولة المهدوية

قضايا عامة

الدائرة الاصطفائية الثانية

أبو الفضل العباس بن علي بن أبي طالب

اسم العباس ونسبه وكناه والقابه

ولادته ونشاته

اخوة العباس و اولاده و احفاده

انطباعات عن شخصية العباس

العناصر النفسية لشخصية العباس

العباس في كنف امير المؤمنين

الاوضاع التي واكبها

كراماته

دوره الكبير في النهضة الحسينية

أم البنين

ولادة ام البنين ونسبها

زواج ام البنين بأمير المؤمنين

رفقة ام البنين لأمير ألمؤمنين

ام البنين وثورة عاشوراء

كرامات ام البنين و التوسل بها

وفاة ام البنين

السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب

اسم السيدة زينب وكناها والقابها

ولادة السيدة زينب ونشأتها ونسبها

زوج السيدة زينب وأولادها

زينب في معركة كربلاء

في الكوفة

في الشام

في كربلاء

فضائل السيدة زينب وعناصرها النفسية

احداث عاصرتها السيدة زينب

كرامات السيدة زينب

وفاة السيدة زينب ومدفنها

ابو طالب

سيرة الرسول وآله : النبي الأعظم محمد بن عبد الله : معجزاته :

البعثة النبوية المباركة وإرهاصاتها

المؤلف:  المجمع  العالمي لاهل البيت عليهم السلام

المصدر:  اعلام الهداية

الجزء والصفحة:  ج1، 77-86

26-3-2022

1639

تمثل نصوص القرآن الكريم أقدم النصوص التأريخية التي تتمتع بالصحة والدقة والمعاصرة لأحداث عصر الرسالة الاسلامية ، والمنهج العلمي يفرض علينا أن لا نتجاوز نصوص القرآن الكريم فيما يخص عصر النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) الذي نزلت فيه الآيات حين بعثته واستمرت بالنزول حتى وفاته .

وإذا عرفنا أن الروايات التأريخية المتمثلة في كتب الحديث والسيرة قد تأخّر تدوينها عن عصر وقوع الحوادث أوّلا ، كما أنّها قريبة من الدس وتطرق التزوير إليها ثانيا ؛ كان من الطبيعي والمنطقي أن نعرضها على محكمات الكتاب والسنة والعقل لنأخذ ما يوافقها ونرفض ما يخالفها .

وينبغي أن لا يغيب عنا أن النبوة سفارة ربّانية ومهمة إلهية تتعيّن من قبله سبحانه وتعالى لغرض رفد البشرية بالهداية اللازمة لها على مدى الحياة . وأن اللّه إنما يصطفي من عباده من يتمتّع بخصائص فذة تجعله قادرا على أداء المهامّ الكبرى المرادة منه وتحقيقها بالنحو اللائق .

اذن لا بدّ أن يكون المرسل من قبله تعالى مستوعبا للرسالة وأهدافها وقادرا على أداء الدور المطلوب منه على مستوى التلقيّ والتبليغ والتبيين والتطبيق والدفاع والصيانة وكل هذه المستويات من المسؤولية تتطلب العلم والبصيرة ( والمعرفة ) وسلامة النفس وصلاح الضمير والصبر والاستقامة والشجاعة والحلم والإنابة والعبوديّة للّه والخشية منه والاخلاص له والعصمة ( والتسديد الرباني ) على طول الخط . ولم يكن خاتم المرسلين بدعا من الرسل بل هو أكملهم وأعظمهم فهو أجمع لصفات كمالهم واللّه أعلم حيث يجعل رسالته .

ومن أبده القضايا ومن مقتضيات طبائع الأشياء أن يكون المرشّح لمهمّة ربانيّة كبرى على استعداد تام لتقبّلها وتنفيذها قبل أن يتولّى تلك المهمة أو يرشّح لأدائها . إذن لا بد للنبي الخاتم أن يكون قد أحرز كل متطلّبات حمل هذه المسؤولية الإلهية وتوفّر على كل الخصائص اللازمة لتحقيق هذه المهمة الربانية قبل البعثة المباركة . وهذا هو الّذي تؤيده نصوص القرآن الكريم .

1 - قال تعالى : {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الشورى: 3]

2 - وقال أيضا : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: 109].

3 - وقال أيضا : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]

4 - وقال أيضا : {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73]

اذن مصدر الوحي هو اللّه العزيز الحكيم . والمرسلون رجال يوحي إليهم اللّه سبحانه معالم توحيده وعبادته ويجعلهم أئمة يهدون بأمره كما يوحي إليهم تفاصيل الشريعة من فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وهم القدوة لغيرهم في العبادة والتجسيد الحي للاسلام الحقيقي للّه سبحانه .

وفيما يخص خاتم النبيين يقول سبحانه وتعالى :

1 - {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ...} [الشورى: 7].

2 - {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ...  فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ } [الشورى: 13 - 15]ُ

3 - {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: 17]

4 - {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [الشورى: 24]

 5 - {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]

إنّ الذين عاصروا الرسول الكريم قبل بعثته وحتى وفاته لم يقدّموا لنا تصويرا صحيحا وواضحا عن الرسول قبل بعثته بل وحين البعثة . ولعلّ أقدم النصوص وأتقنها هو ما جاء عن ربيب الرسول وابن عمه ووصيّه الذي لم يفارقه قبل بعثته وعاشره طيلة حياته ، إلى جانب أمانته في النقل ودقته في تصوير هذه الشخصية الفذة . فقد قال عن الفترة التي سبقت البعثة النبوية وهو يتحدّث عن الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) :

« ولقد قرن اللّه به ( صلّى اللّه عليه واله ) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم . ليله ونهاره . ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر امّه .

يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما . وقد كان يجاور كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري »[1].

ويتوافق هذا النص مع قوله تعالى : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. فقد نزل هذا النص في بداية البعثة . والخلق ملكة نفسية متجذرة في النفس لا تستحدث خلال أيام ، فوصفه بعظمة خلقه يكشف عن سبق اتصافه بهذه الصفة قبل البعثة المباركة .

وتتضح بجلاء بعض معالم شخصيته ( صلّى اللّه عليه واله ) قبل البعثة من خلال نص حفيده الإمام الصادق ( عليه السّلام ) : ان اللّه عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه فلمّا أكمل له الأدب قال :

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ثم فوّض اليه أمر الدين والامّة ليسوس عباده[2] .

على أنّ الخلق العظيم جامع لتمام المكارم التي فسّرها النص الوارد عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) حيث يقول : « إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق » . فكيف يراد له تتميم مكارم الأخلاق وهو لم يتصف بها بعد ؟ ! اذن لا بدّ من القول بأنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) كان قبل البعثة قد أحرز جميع المكارم ليكون وصفه بالخلق العظيم وصفا صحيحا ومنطقيا .

فالرسول قبل بعثته كان مثال الشخصية المتّزنة المتعادلة والواعية المتكاملة والجامعة لمكارم الأخلاق ومعالي الصفات وحميد الأفعال .

والنصوص القرآنية التي تشير إلى ظاهرة الوحي الرسالي وكيفية تلقي الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) له تصرّح بشكل لا يقبل الترديد بما كان عليه الرسول من الطمأنينة والثبات والاستجابة التامة لأوامر اللّه تعالى ونواهيه التي كان يتلقّاها قلبه الكريم .

لاحظ ما سقناه إليك من نصوص سورة الشورى ، واقرأ أيضا ما جاء في غيرها مثل قوله تعالى :

1 - {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) } [النجم: 1 - 11]

2 - {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} [الأنعام: 57].

3 - {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف: 110].

4 - {قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ} [الأنبياء: 45].

5 - {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الأنبياء: 108].

6 - {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].

7 - {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} [سبأ: 50]

 8 - {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]

وإذا عرفت ما جاء في هذه النصوص القرآنية المباركة تستطيع أن تولّي وجهك شطر المصادر الحديثية والتأريخية لتقف على محكماتها ومتشابهاتها .

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أنّها قالت : « أول ما بدئ به رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح . ثم حبّب اليه الخلاء . وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه . . . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء .

وليس في بداية هذا النص ما يدعو للاستغراب سوى أن عائشة لم تكن حين بدء الوحي ، والنص لا يفصح أنّها عمّن استقت هذه المعلومات ؟ وهي لم تروه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) مباشرة . ولكن في ذيل النص ما هو مدعاة للاستغراب طبعا .

قالت : « ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وهو ابن عم خديجة أخي أبيها ، وكان امرءا قد تنصّر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي فكتب بالعربيّة من الإنجيل - ما شاء اللّه أن يكتب - وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة : أي ابن عم اسمع من ابن أخيك ، فقال ورقة : ابن أخي ! ما ترى ؟ فأخبره رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ما رأى . فقال ورقة : هذا الناموس الذي انزل على موسى ( عليه السّلام ) ، يا ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيّا حين يخرجك قومك ، فقال رسول اللّه : « أو مخرجيّ هم ؟ فقال ورقة : نعم . لم يأت رجل قط بما جئت به إلّا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة أن توفي »[3].

إن ورقة الذي لم يسلم بعد هو عارف بما سيجري على النبي فضلا عن علمه بنبوته ! بينما صاحب الدعوة والرسالة نفسه لم يتضح له الامر بعد ! وكأنّ ورقة هو الذي يفيض عليه الطمأنينة ! والقرآن قد صرّح بأنّ النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) على بيّنة من ربّه ، كما عرفت ذلك في أكثر من آية تنصّ على أن الرسل هم مصدر الهداية للناس وهم أصحاب البيّنات وليس العكس هو الصحيح ، بينما يشير هذا الحديث إلى أن ورقة هو الذي عرف رسالة النبي قبله فبعث فيه الطمأنينة .

وهذا هو الذي فتح الطريق لأهل الكتاب للغمز في رسالة النبي محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) إذ قالوا بأن نبيّكم - بموجب نصوصكم هذه - لم يطمئن إلى أنه رسول من اللّه إلّا بعد تطمين ورقة المسيحي له ، وقد تجرأ البعض حتى ادعى أن محمدا ( صلّى اللّه عليه واله ) قسيس من القساوسة الذين ربّاهم ورقة استنادا إلى هذا النص الذي نقلته كتب الحديث وتداوله المؤرخون ! وهذه ثغرة حصلت من الابتعاد عن محكمات العقل والكتاب والسنة جميعا .

وهل يصدّق بهذا عاقل عرف المنطق القرآني وتعرّف على شخصية الأنبياء في القرآن الكريم ؟ وكيف يمكن له أن يؤمن بمضمون هذا النص على أنه حقيقة ؛ لمجرد زعم انتسابه إلى عائشة زوجة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ؟ !

وثمة نصّ آخر في تاريخ الطبري هو أكثر فظاعة من هذا وأدعى للريب في محتواه حيث يذكر أن النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) كان نائما وجاءه الملك وعلّمه مطلع سورة العلق . . يقول النص بعد ذلك : « وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتابا . قال : ولم يكن من خلق اللّه أحد أبغض إليّ من شاعر أو مجنون ، كنت لا أطيق أن أنظر اليهما ، قال : قلت : إن الأبعد - يعنى نفسه - لشاعر أو مجنون ! لا تحدّث بها عني قريش أبدا ! لأعمدنّ إلى حالق من الجبل فلأطرحنّ نفسي منه فلأقتلنّها فلأستريحن . قال : فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد أنت رسول اللّه وأنا جبريل »[4].

إن اضطراب النبي وخوفه يبلغ به النهاية حتى يريد الانتحار بينما يريد اللّه اختياره للنبوة وهداية الناس ودعوتهم إلى الحق ، فهل يتناسب ما في الرواية مع هذا الأفق الذي هو من الوضوح بمكان ؟ !

وهكذا نستطيع أن نعرض نصوص التاريخ على محكمات العقل والكتاب والسنّة لنخرج بنتائج واضحة تاركين ما لا يصمد أمام النقد العلمي البنّاء .

وبعد ملاحظة النصوص الصريحة من الكتاب العزيز إذا لا حظنا ما ورد في بعض مصادر الحديث والسيرة مما يرتبط باللقاء الأول للرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) مع الوحي الإلهي وما رافقه من غرائب تأباها النصوص القرآنية ، جاز لنا أن نطمئن إلى تسرّب الإسرائيليات إليها .

ويحسن بنا أن نقارن بين هذا النص الروائي وبين نص آخر ورد في بحار الأنوار للعلّامة المجلسي ( رضوان اللّه تعالى عليه ) فيما يخصّ ارهاصات الوحي الرسالي وما تبعه من نتائج لوحظت على نفس الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وشخصيته وسلوكه .

فعن الإمام علي بن محمد الهادي ( عليهما السّلام ) : أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) لمّا ترك التجارة إلى الشام وتصدّق بكل ما رزقه اللّه تعالى من تلك التجارات كان يغدو كل يوم إلى حراء يصعده وينظر من قلله إلى آثار رحمة اللّه ، وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته وينظر إلى أكناف السماء وأقطار الأرض والبحار والمفاوز والفيافي ، فيعتبر بتلك الآثار ، ويتذكّر بتلك الآيات ، ويعبد اللّه حقّ عبادته .

فلمّا استكمل أربعين سنة ونظر اللّه عزّ وجلّ إلى قلبه فوجده أفضل القلوب وأجلّها وأطوعها وأخشعها وأخضعها أذن لأبواب السماء ففتحت ومحمّد ينظر إليها ، وأذن للملائكة فنزلوا ومحمّد ينظر إليهم ، وأمر بالرحمة فأنزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغرّته ، ونظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوّق بالنور طاووس الملائكة هبط إليه وأخذ بضبعه[5] وهزّه وقال :

يا محمد اقرأ ، قال : وما اقرأ ؟ قال يا محمّد {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5]

ثمّ أوحى إليه ما أوحى إليه ربّه عزّ وجلّ ثمّ صعد إلى العلو .

ونزل محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) من الجبل وقد غشيه من تعظيم جلال اللّه وورد عليه من كبير شأنه ما ركبه الحمّى والنافض . . . وقد اشتدّ عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره ونسبتهم إيّاه إلى الجنون ، وإنّه يعتريه شياطين ، وكان من أوّل أمره أعقل خلق اللّه ، وأكرم براياه ، وأبغض الأشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم ، فأراد اللّه عزّ وجلّ أن يشرح صدره ؛ ويشجّع قلبه ، فأنطق اللّه الجبال والصخور والمدر ، وكلّما وصل إلى شيء منها ناداه :

السلام عليك يا محمّد ، السلام عليك يا وليّ اللّه ، السلام عليك يا رسول اللّه أبشر ، فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد فضّلك وجمّلك وزيّنك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأوّلين والآخرين ، لا يحزنك أن تقول قريش إنّك مجنون ، وعن الدين مفتون ، فإنّ الفاضل من فضّله ربّ العالمين ، والكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين ، فلا يضيقنّ صدرك من تكذيب قريش وعتاة العرب لك ، فسوف يبلغك ربّك أقصى منتهى الكرامات ، ويرفعك إلى أرفع الدرجات ، وسوف ينعّم ويفرّح أولياءك بوصيّك عليّ بن أبي طالب ، وسوف يبثّ علومك في العباد والبلاد بمفتاحك وباب مدينة حكمتك : علي بن أبي طالب ، وسوف يقر عينك ببنتك فاطمة ، وسوف يخرج منها ومن عليّ : الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، وسوف ينشر في البلاد دينك وسوف يعظّم أجور المحبّين لك ولأخيك ، وسوف يضع في يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ ، فيكون تحته كلّ نبيّ وصدّيق وشهيد ، يكون قائدهم أجمعين إلى جنّات النعيم[6].

وحين نقارن بين هذا النص الروائي وما سبقه مما رواه الطبري نلاحظ البون الشاسع والفرق الكبير بين الصورتين عن بداية البعثة وشخصية الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) . فبينما كانت تصوّره الرواية الأولى : شاكّا ومضطربا - اضطرابا ناشئا عن الجهل بحقيقة ما يجري له ! - تصوّره الرواية الأخيرة : عالما مطمئنا متفائلا بمستقبل رسالته منذ بداية الطريق. وهذه الصورة هي التي تنسجم مع محكمات الكتاب والسنّة والتاريخ .

______________________ 

[1]  نهج البلاغة ، الخطبة القاصعة : 292 .

[2]  الكافي : 1 / 66 / الحديث 4 .

[3]  مسند أحمد ، الحديث رقم : 24681 .

[4] تاريخ الطبري : 2 / 201 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم . ط دار سويدان . بيروت .

[5] الضبع : وسط العضد وفي المصدر : بضبعيه . وهزه : حركه

[6] بحار الأنوار : 18 / 207 - 208 .