الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مميزات مرحلة الشباب / قوة الأحاسيس العاطفية
المؤلف: حسين أحمد الخشن
المصدر: مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم
الجزء والصفحة: ص18ــ19
21-3-2022
2293
لا يخفى أن الإنسان يمر في رحلة الحياة الدنيا بمراحل عمرية مختلفة، تبدأ بسن الطفولة وتنتهي بسن الشيخوخة والهرم، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير} [الروم:٥٤]. وقال عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5]. ومن المعلوم أن لكل مرحلة عمرية خصائصها ومزاياها التي تختلف عن مزايا المراحل الأخرى وخصائصها. فللطفولة براءتها وطهرها وعفويتها، وللشباب حماسه ونشاطه وحيويته، وللكهولة هيبتها ووقارها(1).
ويهمنا أن نتوقف قليلاً عند أهم مزايا مرحلة الشباب، هذه المزايا التي قد تشترك في بعضها سائر المراحل العمرية، لكننا نجدها بارزة وحاضرة في مرحلة الشباب أكثر من غيرها. والوقوف على هذه المزايا في غاية الأهمية، فهي تستدعي مسؤوليات تتناسب معها، ومن الضروري التعويل عليها في كل عمل تغييري إصلاحي، إذ من المفترض أن يكون الشباب هم رواد عملية التغيير والنهوض، كما أن من الضروري أخذها بعين الاعتبار في عملية إرشاد الشباب وتوجيههم وتهذيبهم وتنمية قدراتهم وتطوير ملكاتهم، ويحقق طموحاتهم، ويخدم قضاياهم وقضايا المجتمع عموماً.
ـ قوة الأحاسيس العاطفية
الميزة التي يمكن رصدها لدى الشباب هي قوة الأحاسيس العاطفية، فالإحساس بالجمال والكمال حاضر لدى الشباب أكثر من غيره، وعاطفة الحب ـ أيضاً ـ هي من أكثر العواطف الإنسانية حضوراً لديهم، والحب هو المنطلق لكل خير وإبداع وتغيير، وقوة نبض العاطفة وحضورها لدى الشباب هو علامة خير ودليل عافية، بيد أن هذه الميزة ـ كسابقتها ـ قد يتم استغلالها بطريقة مسيئة ومدمرة، لأن الإنسان إذا تحرك بموجب عواطفه دون أن تكون العاطفة منضوية تحت قيادة العقل وإمرته فسوف يوقع نفسه في مشاكل جمة، إفراطاً أو تفريطاً. فإن من تقوده عواطفه لا عقله، أو لا يوازن بين عقله وعاطفته ستصدر عنه تصرفات انفعالية ومواقف ارتجالية غير مدروسة، وسيكون أكثر عرضةً للاستغفال والابتزاز والتلاعب بمشاعره وتوجيهها في اتجاه مذهبي عصبي ضيق، ما قد يدفعه إلى ما هو أخطر من ذلك فيقع في فخ التطرف الديني.
وإن المتأمل في واقع الحركات الإسلامية المتشددة والتي تتخذ العنف سبيلها للتغيير، سيجد أن لدى أفرادها ـ وهم من الشباب غالباً ـ اختلالاً واضحاً في علاقة العقل بالعاطفة، حيث يتقدم الخطاب الذي يعمل على الإثارة العاطفية على حساب الخطاب الذي يوازن بين العقل والعاطفة، ولهذا فإن أفراد هذه الجماعات تحركهم الخطابات الحماسية المثيرة للعواطف، أكثر مما يحركهم الخطاب العاقل الحكيم الذي ينطلق عن فقه في الدين وفهم في الشريعة وبصيرة في شؤون الحياة، ولعل السمة الغالبة على الشخصية المتطرفة المتشددة هي ضعف العقل والتفكير، كما صرح بذلك النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) فيما رُوي عنه في نبوءة صادقة تصف حال جماعة تأتي آخر الزمان، يقول: "يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم"(2).
وقصارى القول: إن غلبة العاطفة على الإنسان ستقوده إلى التعجل في اتخاذ المواقف والتسرع في إطلاق الأحكام. والعجلة ندامة وسبب مباشر للعطب، وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): "العجول مخطئ وإن مَلك، والمتأني مصيب وإن هلك"(3). ألسنا نرى الكثير من الشباب المتحرك والثائر يتعجل قطف الثمار قبل أوانها؟ ويحرق المراحل قبل اكتمال شروطها، وتكون الخيبة هي النتيجة الطبيعية لذلك، وتُصاب الحركة بنكسة كبيرة!
_____________________________________
(1) يقول بعض الشعراء وهو يحدثنا عن مزايا وخصائص المراحل التي يمر بها الانسان:
ابن عشر من السنين غلام رفعت عن نظيره الأقلام
وابن عشرين للصبا والتصابي ليس يثنيه عن هواه ملام
والثلاثون قوة للشباب وهيام ولوعة وغرام
فإذا زيد بعد ذلك عشراً فكمال وقوة وتمام
وابن خمسين مر عنه صباه فيراه كأنه أحلام
وابن ستين صيرته الليالي هدفا للمنون وهي سهام
وابن سبعين عاش ما قد كفاه واعترته وساوس وسقام
فإذا زيد بعد ذلك عشرا بلغ الغاية التي لا ترام
وابن تسعين لا تسلني عنه فابن تسعين ما عليه كلام
فإذا زيد بعد ذلك عشرا فهو حي كميت والسلام
وهذه الابيات تنسبت الى الشاعر الفقيه عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن ابي الفوارس المعري البكري المشهور بابن الوردي، من شعراء القرن الثامن الهجري، ولد في المعرة غرب مدينة حلب بالشام (سوريا) زمن المماليك سنة 689هـ، توفي بالطاعون سنة 749هـ.
(2) صحيح البخاري ج 4 ص 179. بيان: «حدثاء الأسنان»، أي صغار السن، و(سفهاء الأحلام) أي ضعاف العقول، "يقولون من خير قول البرية"، أي يقولون كلاماً حسناً وطيباً، "لا يجاوز إيمانهم حناجرهم"، أي إنهم يقولون الحق بألسنتهم ولا يلتزمونه في حياتهم وسلوكهم.
(3) انظر : عيون الحكم والمواعظ ۲۹.