x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : مقالات قرآنية :

دلالة السياق في تفسير الطباطبائي

المؤلف:  الشيخ عارف هنديجاني فرد

المصدر:  علوم القرآن عند العلامة آية الله السّيّد محمد حسين الطّباطبائيّ (قده) «دراسة مقارنة»

الجزء والصفحة:  ص 129 - 138 .

10-11-2020

6697

قال الزمخشري في أساس البلاغة : « . . . ومن المجاز : ساق الله إليه خيراً ، وساق إليها المهر ، وساقت الريح السحاب ، وفلان في ساقة العسكر ، في آخره ، وهو جمع سائق كقادة في قائد ، ويقال : تساوقت الإبل : تتابعت ، وهو يسوق الكلام أحسن سياق . . . وقامت الحرب على ساقها ، وكشف الأمر عن ساقه . . .» (1) .

وجاء في لسان العرب في شرح مادة (سوق) «ساق الإبل وغيرها يسوقها سوقاً وسوّق وسياقاً . . . وقال الله تعالى : ﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾ (2) ، والسياق : نزع الروح . . .» (3) . وقال في المعجم الوسيط : «ساق الله خيراً ونحوه : بعثه وأرسله . . .» (4) .

أما في الإصطلاح ، فمعنى السياق ، هو بناء كامل من فقراتٍ مترابطةٍ في علاقته بأي جزء من أجزائه ، أو تلك الأجزاء التي تسبق أو تتلو مباشرة فقرة ، أو كلمة معينة ، وهو ما يسمى بالقرينة الحالية ، إذ إنه قد يعبر عن القرينة الحالية بالسياق (5) ، نحو قول المتنبي :

فيوماً بخيلٍ تطردُ الروم عنهُمُ ويوماً بجودٍ تطرد الفقر والجَدْبا (6)

فتطرد الثانية مجاز لغوي ، والقرينة حالية ، لأن الفقر لا يطرد .

وطالما أن البحث هنا في السياق في تفسير الطباطبائي ، فيكون المحدد هو الإستفادة من سياق الآيات القرآنية ، بحيث يظهر ذلك الارتباط الحاصل بين الألفاظ ، أو العبارات ، أو الجمل الناتج بسبب الإقتران الواقع بينهما . . . والسياق له عدة أقسام : فربما يكون السياق ، سياق كلمات ، أو سياق جمل ، أو سياق آيات ، وهذا ما سنحاول التعرف إليه في تفسير الطباطبائي نظراً لتميزه في إظهار الحقائق والمعارف القرآنية من خلاله ، فنقول : لقد أثر السياق في تفسير الميزان إلى حدّ أنه اعتمد في مناقشته لكثير من الأقوال على سياق الآيات ، وقد لازمته الفكرة السياقية في تفسيره ، فكانت سمة مميزة له ، وهذا يتضح من طريقة تعامل الطباطبائي مع النصوص والروايات التي حفل بها في تفسيره ، حيث تراه يحدّد معاني الآيات ، وأين نزلت في مكة ، أو في المدينة من خلال السياق ، ويمكن ملاحظة ذلك في بحوثه الروائية . فالطباطبائي ، كمفسر ، لم يبتعد عن ظروف الآية الزمنية وعلاقتها بما بعدها من الآيات ، وهذا ما سيتضح لنا من خلال بعض النماذج ، سواء في الآيات ، أم في الروايات .

 

 أ - السياق في الآيات

 

قال الله تعالى : ﴿ قُل لَّوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [يونس : 16] ، قوله : أدراكم به أي أعلمكم به ، والعمر بضمتين أو بالفتح فالسكون ، هو البقاء . وإذا استعمل في القسم كقولهم لعمري ولعمرك تعين الفتح ، وهذه الآية ، كما يرى الطباطبائي ، تتضمن رد الشق الأول من سؤالهم ، وهو قولهم : «اِئت بقرآن غير هذا» ، ومعناها على ما يساعد عليه السياق ، أن الأمر فيه إلى مشيئة الله لا إلى مشيّتي ، فإنما أنا رسول الله ، ولو شاء أن ينزل قرآناً غير هذا ولم يشأ هذا القرآن ما تلوته عليكم ، ولا أدراكم به ، فإني مكثت فيكم عمراً من قبل نزول القرآن وعشت بينكم وخالطتكم وخالطتموني ، فوجدتموني لا خبر عندي من وحي القرآن ، ولو كان ذلك إلي وبيدي لبادرت إليه قبل ذلك . . . فليس إلي من الأمر شيء ، وإنما الأمر في ذلك إلى مشيئة الله ، وقد تعلقت مشيّته بهذا القرآن لا غيره أفلا تعقلون ؟

وفي تفسير قوله تعالى : ﴿ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم : 39] فظاهر السياق أن قوله ﴿ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ ﴾ بيان لقوله : ﴿ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ﴾ ، ففيه إشارة إلى أن الحسرة إنما تأتيهم من ناحية قضاء الأمر ، والقضاء إنما يوجب الحسرة إذا كانت بحيث يفوت به عن المقضي عليه ما فيه قرة عينه وأمنية نفسه ، الذي كان يقدر حصوله لنفسه ، ولا يرى طيباً للعيش من دونه لتعلق قلبه به ، ومعلوم أن الإنسان لا يرضى لفوت ما هذا شأنه ، وإن احتمل في سبيل حفظه أي مكروه ، إلاّ أن تصرفه عنه الغفلة ، فيفرّط في جنبه ، ولذلك عقب الكلام بقوله : ﴿ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ ، يقول الطباطبائي : «وفيما قدمناه كفاية عن تفاريق الوجوه التي أوردوها في تفسير الآية والله الهادي . . .» (7) .

كما استعان الطباطبائي بالسياق لتعين معاني بعض الألفاظ الواردة في قوله تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [يونس : 37] . فهذا نفي لشأنية الإفتراء عن القرآن كما قيل وهو أبلغ من نفي فعليته ، والمعنى ليس من شأن هذا القرآن ولا في صلاحيته أن يكون افتراء من دون الله يفتريه على الله تعالى ، فهناك فرق بين أن تقول : ما كان زيد ليقوم ، وأن تقول : لم يقم أو ما قام زيد ، إذ الأول يدل على أن القيام لم يكن من شأن زيد ولا استعد له استعداداً ، والثاني ينفي القيام عنه فحسب ، وفي القرآن مثله كثير ، كقوله تعالى : ﴿ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ﴾ [يونس : 74] وقوله : ﴿ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾ [الشورى : 53] ، وقوله تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾ [العنكبوت : 40] ، فالسياق يرشد إلى الشأنية وليس إلى الفعلية وهذا قلما التفت إليه أحد من المفسرين ، ما يجعل للطباطبائي الفرادة في استفادة المعنى الحقيقي للآية من خلال السياق ، سواء من خلال الارتباط الحاصل بين الألفاظ ، أو العبارات ، أو الجمل . . . ومن جملة ما استفاده الطباطبائي بالسياق أيضاً ما ذهب إليه في قوله تعالى : ﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء : 17] . وللمفسرين رأيان في هذه الآية :

الرأي الأول ، قال : إن معنى اللهو في هذه الآية ، هو المرأة والولد وهي إشارة إلى نفي عقائد المسيحيين ، الذين يعتقدون أن لله تعالى زوجة وولداً . أما الرأي الثاني ، فذهب إلى أن معنى اللهو هو التسلي ، أو الأهداف غير المعقولة ، وعلى هذا يكون معنى الآية أن هدف الخالق ليس التسلي ، وقد تمسك أصحاب الرأي الثاني بالسياق لرد الرأي الأول ، لأن ارتباط الآيات أعلاه سينقطع بالآيات السابقة ، فضلاً عن أن كلمة (اللهو) إذا جاءت بعد كلمة (اللعب) فتعني التسلي وليس المرأة والولد (8) ، وقد استفاد الطباطبائي من هذه الطريقة في تفسير القرآن بالقرآن ، واستدل بمفهوم السياق في كثير من الموارد في تفسير الميزان (9) .

ومما يمكن أن نعرض له ونناقش في سياقه ، هو ما لم يستو لنا وجه تفسيره عند الطباطبائي في قوله تعالى : ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [سورة فاطر : 28] ، حيث نرى أن الآية تتحدث في سياق واحد عن العلماء الذين حصرهم الطباطبائي بالعلماء بالله تعالى ، وهم الذين يعرفون الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله معرفة تامة . . . والمراد بالخشية حينئذ حق الخشية ، ويتبعها خشوع في باطنهم ، يقول الطباطبائي : «هذا ما يستدعيه السياق في معنى الآية» (10) . وهكذا ، فإن المفسّر يصر على أن السياق لا يفيد أكثر من هذا المعنى ، الذي يحصر العلماء بمن خشي الله في صيامه وقيامه ومعرفة صفاته وأسمائه ، رغم أن الآية ، كما سبق من القول في مبحث مناهج المفسرين ومنهج الطباطبائي ، تتحدث عن العلماء بشكل مطلق ، الذين يعرفون حقيقة الخلق ، ويكتشفون أسراره ، سواء في مجال التشريع ، أم في مجال التكوين ، فلماذا حصر الطباطبائي معنى الآية بمن يعرف الله بأسمائه وصفاته ، ويحسم الرأي في كون السياق يستدعي ذلك ، في حين أن جل العلماء يذهبون إلى القول بأن العلماء هم مطلق العلماء وليس من يعرف حق الصيام والقيام فقط ، وقد قلنا في ما سبق أنه يمكن إعادة النظر فيما ذهب إليه الطباطبائي على اعتبار أن صدر الآية يؤلف مع عجزها نسقاً جدلياً . . . ولا نرى أن سياق الآية المباركة يحصر العلماء بعلماء الشريعة ، لأن كل عالم حقيقة يخشى الله تعالى ، سواء أكان عمله في دائرة التكوين ، أم في دائرة التشريع ، فالكل يقوم باكتشاف أسرار الله في خلقه ، فعالم النبات في النبات ، وعالم الفيزياء في الطبيعة ، وعالم التشريع في القرآن ، ولعل السيد الطباطبائي لم يرد أن يخرج من دائرة السياق باستلهام معانٍ من خارج الدلالة القرآنية الظاهرة . كما يمكن القول أيضاً ، أن هناك الكثير من السياقات التي يمكن إعادة النظر فيها ، لأن الإنسان يتفاعل مع نص مطلق وهادف إلى تبيان الحقيقة ، ويمكن للإنسان أن يحيط بأسرار هذا الكتاب الكريم ، وإلا فما يكون معنى وفائدة ، أنه كتاب لكل ناس في كل زمان ، وأنه في كل زمان جديد كما روي عن الرضا (عليه السلام) ، حيث يمكن أن يكون مفاد السياق مطلق العلماء ، وليس مجرد علماء القيام والصيام وسائر التكاليف والمعارف الدينية . ولا شك في أن الطباطبائي كان متواضعاً في تفسيره ، فلم يخلط بين ما يراه دلالة سياقية ، يراها مناسبة ، وبين ما قد يصحّ أو لا يصحّ تفسير القرآن به من روايات أو آيات ، فاكتفى بدلالة السياق على النحو الذي يُظهّر رأيه وفاقاً لدلالات من آيات وروايات أخرى ، وهو يشير إلى هذا منعاً لأي التباس ، بحيث يُظنّ أن الطباطبائي يريد أن يفرض رأيه على كتاب الله تعالى ، مما قد يؤدي سهواً إلى الانضواء تحت عنوان (مدرسة الرأي) (11) . . . فالطباطبائي عالم في المعقول والمنقول ويخشى الله تعالى حق خشيته ، وقد بلغ من التقوى درجة قلما بلغها إنسان عايشه وتفاعل معه علماً وعملاً . ولهذا ، نجده دائماً يحرص على أن لا يخلط بين تفسير الآيات وما يراه بشأنها من بحوث اجتماعية ، وفلسفية ، وروائية .

كما نلاحظ أيضاً أن الطباطبائي (قده) لم يرد أن يجهد طالب الحقائق القرآنية بعروض السياقات التي تفنن فيها علماء اللغة والبلاغة والصرف ، وغير ذلك مما اصطلح عليه العلماء قديماً وحديثاً بأنماط السياق المختلفة كما اعتاد بعض المفسرين ، كالسياق النحوي واللغوي والصوتي والعرفي والمعجمي والقصصي ، أو ما اصطلح عليه بالسياق الخارجي من سياق في المقام والحال ، أو السياق الاجتماعي والتاريخي ، وسياق الموقف إلى غير ذلك مما يمكن أن يطلب من مظانه . فلم يرد الطباطبائي أن يُغرق تفسيره في هذه السياقات المتعددة والمختلفة فيما بينها ليجعل من تفسيره كتاباً وموسوعة في التفسير ، كما فعل أسلافه من المفسرين ، وإنما أراد أن يُفسر القرآن بالقرآن على النحو الذي يستطيع معه أن يبين المعاني والحقائق والمعارف القرآنية ، التي يجب أن يهتدي إليها الإنسان في طريقه إلى الله تعالى ، وكل ما احتاجته هذه الطريقة ، وهذا الهدف المقدس استعان به الطباطبائي ليكون تفسيره منسجماً مع هدفه (12) ، ولهذا ، هو اعتمد السياق واستفاد منه بما يسمح له بيان المراد من الآيات القرآنية ، سواء في مجال اللغة أو في مجال الاجتماع ، أو في مجال القصص ، فكل علم المفسّر انصب على استكشاف الكنوز والمعارف القرآنية ، وقد وفق أيما توفيق في ذلك نظراً للبراعة والمعرفة التي تميز بها في الاستفادة من السياق ، سواء في مجال الكلمات أو العبارات ، أو الجمل ، وهذا لا يعني ، كما سلف القول ، أن الطباطبائي لم يترك شيئاً إلا قدّمه في تفسيره ، فهذا مما لا يقدر عليه إلاّ مَن اصطفاه الله تعالى لتلقي كتابه ، ويسّره بلسانه ليبشر به المتقين وينذر به قوماً لُدّاً .

 

 ب - السياق في الروايات

 

لقد استعان الطباطبائي أيضاً بالسياق في قبول الروايات ورفضها ، وقد ظهر هذا الأسلوب عنده في روايات أسباب النزول ، فهو اعتمد في قبول أكثر الروايات على ما يلائم السياق كما ظهر في تعليقه على ما جاء في تفسير البرهان عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال : فينا والله أهل بدر نزلت هذه الآية : ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ﴾ [الحجر : 47] ، يقول الطباطبائي : « إن وقوع الجملة في سياق هذه الآيات وهي مكية يأبى نزولها يوم بدر ، أو في أهل بدر (13) ، وكما نلاحظ أن الجملة جاءت في قوله تعالى : ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ ، وهي أيضاً في سياق آيات أهل الجنة ، وهي مكية ، ولا يساعد السياق على أن تكون نازلة بأحد (14) . . .

ومن نماذج استعانة المفسر بالسياق لقبول أو رد الروايات ، هو إضرابه عن بعض ما روي في أسباب النزول في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ [الاحزاب : 1] .

يقول الطباطبائي : «إنه في سياق النهي ، وقد جمع فيه بين الكافرين والمنافقين ، كشف عن أن الكافرين كانوا يسألونه أمراً لا يرتضيه الله تعالى وكان المنافقون يؤيدونهم في مسألتهم ويلحّون . . . وبهذا يتأيد ما ورد في أسباب النزول أن عدداً من صناديد قريش بعد وقعة أحد دخلوا المدينة بأمان من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وسألوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتركهم وآلهتهم فيتركوه وإلهه فنزلت الآيات ولم يجبهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذلك وفي البحث الروائي ، يرى الطباطبائي ، أن الآيات نزلت في أبي سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل ، وأبي الأعور السلمي قدموا المدينة بأمان من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونزلوا على عبد الله بن أبي بعد غزوة أحد فنزلت الآية ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ﴾ ، من أهل مكة أبا سفيان وأبا الأعور ، وعكرمة ، والمنافقين ابن أبي وابن سعيد وطعمة ، يقول الطباطبائي : وروي إجمال القصة في الدر المنثور عن جرير عن ابن عباس ، وروي أسباب أُخر لنزول الآيات ، لكنها أجنبية غير ملائمة لسياق الآيات فأضربنا عنها» (15) .

كما استخدم الطباطبائي سياق الآيات أيضاً في الترجيح بين الآراء ، فمثلاً تراه يقدم ما ورد في روح المعاني في خصوص طلب موسى (عليه السلام) الرسالة لأخيه هارون في قوله : ﴿ فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ ﴾ (16) أي أرسل ملك الوحي إلى هارون ليكون معيناً لي على تبليغ الرسالة ، حيث يقال لمن نزلت به نائبة ، أو أشكل عليه أمراً أرسل إلى فلان ، أي استمد منه واتخذه عوناً . فالجملة أعني قوله فأرسل إلى هارون ، متفرعة على قوله تعالى : ﴿ إِنِّي أَخَافُ ﴾ وذكر خوف التكذيب مع ما معه من ضيق الصدر وعدم الإنطلاق في اللسان توطئة وتقدمة لذكرها ، وسؤال موهبة الرسالة لهارون ، فهو رأي موسى (عليه السلام) ، اعتل بما اعتل به وسأل الرسالة لأخيه ليكون شريكاً له في أمره ، معيناً له في التبليغ ، لا فراراً من تحمل أعباء الرسالة واستعفاءً منها ، قال في روح المعاني : ومن الدليل على أن المعنى على ذلك لا أنه تعلل وقوع «فأرسل» بين الأوائل وبين الرابعة ، أعني قوله تعالى : ﴿ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ ﴾ فأذن بتعلقه بها ولو كان تعللاً لأخر ، وهو حسن وأوضح منه قوله تعالى في سورة القصص في القصة : ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ ﴾ [القصص : 34] .

هذه نماذج مختصرة وواضحة لما قدمه الطباطبائي في باب معنى السياق ودلالاته ، سواء في الآيات ، أم في الروايات ، أم في القراءات ، وهذا ما سنقدم نموذجاً عنه فيما يأتي ، لكن قبل ذلك لا بد من التركيز على مبدأ وحقيقة أن الطباطبائي جعل من السياق أساساً ومرتكزاً للتمييز بين المكي والمدني ، إذ هو يرى أن العلم بمكية السورة ومدنيتها ، ثم ترتيب نزولها له أثر هام في البحوث المتعلقة بالدعوة النبوية وسيرها الروحي والمدني والسياسي في زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وتحليل سيرته الشريفة . والروايات ـ كما نرى ـ لا تصلح أن تنهض حجة معتمداً عليها في إثبات شيء من ذلك على أن فيما بينها من التعارض ما يسقطها عن الاعتبار .

إن الطريق المتعين لهذا الغرض ، برأي المفسّر ، هو التدبر في سياق الآيات ، والاستمرار بما يتحصل من القرائن والإمارات الداخلية والخارجية (17) .

وإذا كان الطباطبائي قد قدم نماذج فيما يتعلق بسياق الآيات والروايات ، فإنه كذلك يقدّم انموذجاً في ما يتصل بالقراءات ، فهو يفضّل بعضها على بعض على أساس السياق ، ففي تفسير قوله تعالى : ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة : 214] .

فالمفسر في قراءته لهذه الآية يذكر أن قوله تعالى : ﴿ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ﴾ قرىء بنصب يقول ، والجملة على هذا في محل الغاية لما سبقها ، وقرىء برفع يقول والجملة على هذا لحكاية الحال الماضية ، والمعنيان وإن كانا جميعاً صحيحين ، لكن الثاني أنسب للسياق ، فإن كون الجملة غاية يعلل بها قوله : ﴿ وَزُلْزِلُواْ ﴾ ، لا يناسب السياق كل المناسبة (18) .

لقد اهتم الطباطبائي بالسياق وجعل منه أساساً ومرتكزاً للفهم ، لكون المنهج الذي اعتمده في تفسير القرآن بالقرآن يحتم هذا الاهتمام بالسياق لأجل أن يتمكن من فهم المراد من الآيات أولاً ، ولتمحيص الروايات ثانياً ، ولمعرفة القراءات ثالثاً ، وقد قدم نماذج عن كيفية استعانته بالسياق لهذه الغاية . ولعل الدافع إلى ذلك ، هو أن الطباطبائي يرى في القرآن تبياناً لكل شيء ، ولا بد أن يكون الأصل هو المعنى المستفاد من الآية ، ومن ثم الاستفادة بالآية في إثبات حجة ما ثبت في الرواية ، والإستعانة بالرواية لتأكيد ما ثبت في الآية ، وهذا كله يحتاج إلى وعي كامل بالسياق ، سواء في الآية ، أم في الرواية ، وذلك لما يشكله السياق من قوة خفية تقف وراء المعنى ، بل هو مصنع الدلالات ، مَثلُه مثل الجاذبية في الطبيعة مع أنها غير منظورة ، إلاّ انها تقف وراء معظم الظواهر الفيزيائية فيها . . .!

_______________________________

  1.  الزمخشري ، جار الله أبو القاسم محمد بن محمد ، أساس البلاغة ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط1 ، 2001 ، ص375 .
  2. ابن منظور ، لسان العرب ، إعداد يوسف خياط ، نديم مرعشلي ، دار لسان العرب ، بيروت (د .ت) ج2 ، ص242 .
  3. المعجم الوسيط ، قام باخراجه إبراهيم مصطفى ، وأحمد حسن الزيات ، وحامد عبد القادر ، ومحمد علي النجار ، مطبعة مصر : 1960 ، ص210 .
  4. معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، د . مجدي وهبة وكامل المهندس ، مكتبة لبنان ، بيروت ، 1984 ، ص288 .
  5. ناصيف اليازجي ، العرف الطيب في ديوان أبي الطيب ، بيروت .(د ـ ت) ، ج2 ، ص337 .
  6. انظر : ابن عاشور ، محمد الطاهر ، تفسير القرآن ، التحرير والتنوير ، ط الدار التونسية ، تونس ، 1984 ، ج11 ، ص193 .
  7. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج14 ، ص50 .
  8. انظر : مكارم الشيرازي ، ناصر ، تفسير الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ط1 ، 2007 ، ج13 ، ص370 ـ 371 .
  9. يقول الطباطبائي : «وحجة الآيتين ـ كما ترى ـ تعتمد على معنى اللعب واللهو ، واللعب هو الفعل المنتظم الذي له غاية خيالية غير واقعية كملاعب الصبيان . . . وإذا كان اللعب بما تنجذب النفس إليه يصرفها عن الأعمال الواقعية ، فهو من مصاديق اللهو هذا . را : الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج14 ، ص260 .
  10. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، 17 ، ص43 .
  11. السبحاني ، جعفر ، الشمولية عند الطباطبائي ، م .س ، ص50 .
  12. لاحظ مثلاً كيف أن الطباطبائي ينشد الفائدة من تفسيره ، فهو لا يتعصب لموقف أو رأي حتى ولو كان لأهل مدرسته ، فتجده يورد لعلماء الشيعة نصوصاً ويفندها سياقياً ، فيقول فيما رواه تفسير القمي في قوله تعالى : ﴿ إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴾ ، حدثني أبي عن أبي عمير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : تخضع رقابهم يعني بني أمية وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الأمر ، يقول الطباطبائي : وهذا المعنى رواه الكليني في روضة الكافي والصدوق في كمال الدين والمفيد في الارشاد ، والشيخ الطوسي في الغيبة ، والظاهر أنه من قبيل الجري دون التفسير لعدم مساعدة سياق الآية عليه . را : الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج15 ، ص253 .
  13. الطباطبائي ، الميزان ، مأخوذ بتصرف ، م ، ص ، ج12 ، ص176 .
  14. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج12 ، ص176 .
  15. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج16 ، ص287 .
  16. قال تعالى : ﴿ وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ ﴾ سورة الشعراء ، الآيات : 10 ـ 14 .
  17. الطباطبائي ، القرآن في الإسلام ، م .س ، ص120 .
  18. الطباطبائي ، الميزان ، م .س ، ج2 ، ص162 .