تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
تفسير الاية (1-5) من سورة الفلق
المؤلف: إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
المصدر: تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة: .....
12-8-2020
4674
قال تعالى : {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق : 1 - 5] .
{قل أعوذ برب الفلق} هذا أمر من الله سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد جميع أمته ومعناه قل يا محمد اعتصم وامتنع برب الصبح وخالقه ومدبره ومطلعه متى شاء على ما يرى من الصلاح فيه {من شر ما خلق} من الجن والإنس وسائر الحيوانات وإنما سمي الصبح فلقا لانفلاق عموده بالضياء عن الظلام كما قيل له فجر لانفجاره بذهاب ظلامه وهذا قول ابن عباس وجابر والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وقيل الفلق المواليد لأنهم ينفلقون بالخروج من أصلاب الآباء وأرحام الأمهات كما ينفلق الحب من النبات وقيل الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم من شدة حره عن السدي ورواه أبوحمزة الثمالي وعلي بن إبراهيم في تفسيريهما وقوله {ما خلق} عام في جميع ما خلقه الله تعالى ممن يجوز أم يحصل منه الشر وتقديره من شر الأشياء التي خلقها الله تعالى مثل السباع والهوام والشياطين وغيرها .
{ومن شر غاسق إذا وقب} أي ومن شر الليل إذا دخل بظلامه عن ابن عباس والحسن ومجاهد وعلى هذا فيكون المراد من شر ما يحدث في الليل من الشر والمكروه كما يقال أعوذ من شر هذه البلدة وإنما اختص الليل بالذكر لأن الغالب أن الفساق يقدمون على الفساد بالليل وكذلك الهوام والسباع تؤذي فيه أكثر وأصل الفسق الجريان بالضرر وقيل إن معنى الغاسق كل هاجم بضرره كائنا ما كان {ومن شر النفاثات في العقد} معناه ومن شر النساء الساحرات اللاتي ينفثن في العقد عن الحسن وقتادة وإنما أمر بالتعوذ من شر السحرة لإيهامهم أنهم يمرضون ويصحون ويفعلون شيئا من النفع والضرر والخير والشر وعامة الناس يصدقونهم فيعظم بذلك الضرر في الدين ولأنهم يوهمون أنهم يخدمون الجن ويعلمون الغيب وذلك فساد في الدين ظاهر فلأجل هذا الضرر أمر بالتعوذ من شرهم وقال أبو مسلم النفاثات النساء اللاتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم إلى آرائهن لأن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد فعبر عن حلها بالنفث فإن العادة جرت أن من حل عقد نفث فيه .
{ومن شر حاسد إذا حسد} فإنه يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود فأمر بالتعوذ من شره وقيل إنه أراد من شر نفس الحاسد ومن شر عينه فإنه ربما أصاب بهما فعاب وضر وقد جاء في الحديث أن العين حق وقد مضى الكلام فيه (2) وروي أن العضباء ناقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم تكن تسبق فجاء أعرابي على قعود (3) له فسابق بها فسبقها فشق ذلك على الصحابة فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) حق على الله عز وجل ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه وروى أنس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال من رأى شيئا يعجبه فقال الله الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضر شيئا وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان كثيرا ما يعوذ الحسن والحسين (عليهما السلام) بهاتين السورتين وقال بعضهم إن الله سبحانه جمع الشرور في هذه السورة وختمها بالحسد ليعلم أنه أحس الطبائع نعوذ بالله منه .
_____________________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج10 ، ص493-494 .
2- اي في سورة يوسف فراجع .
3- القعود : البكر من الابل حين يركب اي : يمكن ظهره من الركوب .
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} . فلق الشيء أي شقّه ، ويطلق الفلق على الخلق كله ، لأن اللَّه سبحانه نقله من العدم إلى الوجود ، فكأنه كان مستورا فكشف عنه ، وأيضا يطلق الفلق على الصبح لأنه يزيل الظلام ويحل مكانه ، وهو المراد هنا عند أكثر المفسرين ، ويؤيده ما جاء في الآية 96 من سورة الأنعام {فالِقُ الإِصْباحِ وجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} ومهما يكن فإن اللَّه سبحانه هورب الصبح والخلق كله . . وقد أمر نبيه الكريم ان يعتصم به {مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ} أي من شر كل ذي شر إنسانا كان أم غير إنسان . . وما من مخلوق إلا وفيه الأهلية التامة للخير والشر ، قوة موجبة وأخرى سالبة ، ولا شيء في الوجود خير محض بذاته إلا خالق الوجود . أنظر ج 2 ص 384 فقرة {ليس بالإمكان أبدع مما كان} . .
وبعد أن أمر سبحانه نبيه الأكرم أن يتعوذ من شر كل ذي شر خص بالذكر ما أشار إليه فيما يلي :
{ومِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ} . الغاسق هو الليل المظلم ، والوقب هنا الدخول ، والمراد بشرّ الليل ما يحدث فيه من مكروه كتنفيذ الدسائس والمؤامرات ، والسرقة والاغتيالات ، والفسق والفجور ، وما إلى ذلك من شر يدبر بليل .
{ومِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ} . ليس المراد بالنفاثات هنا الساحرات أو جماعات السحرة ذكورا وإناثا كما قال كثير من المفسرين . . كلا ، وانما المراد كل مشعوذ محتال يتاجر بالشعارات والمبادئ سواء أنفث في العقد مدعيا تسخير الجن كذبا ونفاقا ، أم لم ينفث . . وخص سبحانه النفاثات بالذكر لأنها مظهر الشعوذة وعنوان النفاق .
وروى الرواة عن عائشة ان يهوديا اسمه لبيد بن الأعصم سحر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأثّر فيه سحره حتى كان يخيل له ان يفعل الشيء وهولا يفعله ، وان هذه السورة والتي بعدها نزلت في ذلك ! . وهذه الرواية يجب طرحها شرعا وعقلا ، أما عقلا فلأن النبي معصوم لا ينطق إلا بالوحي ، فيستحيل ان يخيل له انه يوحى إليه ولا يوحى إليه ، وأما شرعا فلأن اللَّه سبحانه قد كذّب السحر وأهله حيث قال عز من قائل ، {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى - إلى قوله - ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى} [طه – 66 ] . وأيضا كذّب المشركين الذين وصفوا النبي بالمسحور :
{إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً} [الإسراء - 47 ] . أنظر ما كتبناه عن السحر وحكمه في ج 1 ص 164 وفي ج 3 ص 379 بعنوان (حول السحر) .
ومن الطريف ما نقله الشيخ محمد عبده عن كثير من المقلدين على حد تعبيره ، حيث قالوا : لقد صح الخبر بتأثير السحر في نفس رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) ومن أنكر ذلك فقد أبدع في الدين لأن القرآن قد جاء بصحة السحر ، وعلق الشيخ محمد عبده على ذلك بقوله : فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح إلى بدعة عند المقلدين ، ويحتجون بالقرآن الذي نفى السحر على ثبوت السحر وتأثيره في رسول اللَّه تماما كما قال المشركون عنه : انه رجل مسحور .
{ومِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ} . الحاسد هو الذي يتمنى زوال النعمة عن أهلها ، وان تكون له من دونهم . وفي الحديث المنافق يحسد ، والمؤمن يغبط أي يتمنى أن يكون له من النعمة مثل ما لأخيه ، ولا يتمنى زوالها عنه . .
والحسد من أمهات الكثير من الرذائل كالحقد واللؤم والكذب والغيبة والنميمة والمكر والخداع والسعي بكل سبيل لإزالة النعمة عن المحسود ، ومن هنا أمر اللَّه سبحانه نبيه الكريم ان يتعوذ من شر الحاسد ، وبهذا يتضح ان المراد من شره سوء مقاصده وأقواله وأفعاله ، لا نظرات عينيه وإضرارها بالمحسود كما قال أكثر المفسرين . . ومن الطريف ما ذكره بعضهم في تفسيره ان رجلا كان مشهورا بإصابة العين ، حتى كان الناس يستأجرونه لهذه الغاية ، وفي ذات يوم استأجرته امرأة ليحسد عدوا لها ويقتله بعينيه ، وصحبته إلى الرجل ، وقالت له : هذا هو فاحسده . فقال لها الحاسد : ما أجمل عينيك ! فما أتم كلامه حتى عميت .
__________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ، ص624-626 .
أمر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعوذ بالله من كل شر ومن بعضه خاصة والسورة مدنية على ما يظهر مما ورد في سبب نزولها .
قوله تعالى : {قل أعوذ برب الفلق} العوذ هو الاعتصام والتحرز من الشر بالالتجاء إلى من يدفعه ، والفلق بالفتح فالسكون الشق والفرق ، والفلق بفتحتين صفة مشبهة بمعنى المفعول كالقصص بمعنى المقصوص ، والغالب إطلاقه على الصبح لأنه المشقوق من الظلام ، وعليه فالمعنى أعوذ برب الصبح الذي يفلقه ويشقه ومناسبة هذا التعبير للعوذ من الشر الذي يستر الخير ويحجب دونه ظاهر .
وقيل : المراد بالفلق كل ما يفطر ويفلق عنه بالخلق والإيجاد فإن في الخلق والإيجاد شقا للعدم وإخراجا للموجود إلى الوجود فيكون مساويا للمخلوق ، وقيل هو جب في جهنم ويؤيده بعض الروايات .
قوله تعالى : {من شر ما خلق} أي من شر من يحمل شرا من الإنس والجن والحيوانات وسائر ما له شر من الخلق فإن اشتمال مطلق ما خلق على الشر لا يستلزم الاستغراق .
قوله تعالى : {ومن شر غاسق إذا وقب} في الصحاح ، : الغسق أول ظلمة الليل وقد غسق الليل يغسق إذا أظلم والغاسق الليل إذا غاب الشفق .
انتهى ، والوقوب الدخول فالمعنى ومن شر الليل إذا دخل بظلمته .
ونسبة الشر إلى الليل إنما هي لكونه بظلمته يعين الشرير في شره لستره عليه فيقع فيه الشر أكثر مما يقع منه بالنهار ، والإنسان فيه أضعف منه في النهار تجاه هاجم الشر ، وقيل : المراد بالغاسق كل هاجم يهجم بشره كائنا ما كان .
وذكر شر الليل إذا دخل بعد ذكر شر ما خلق من ذكر الخاص بعد العام لزيادة الاهتمام وقد اهتم في السورة بثلاثة من أنواع الشر خاصة هي شر الليل إذا دخل وشر سحر السحرة وشر الحاسد إذا حسد لغلبة الغفلة فيهن .
قوله تعالى : {ومن شر النفاثات في العقد} أي النساء الساحرات اللاتي يسحرن بالعقد على المسحور وينفثن في العقد .
وخصت النساء بالذكر لأن السحر كان فيهن ومنهم أكثر من الرجال ، وفي الآية تصديق لتأثير السحر في الجملة ، ونظيرها قوله تعالى : في قصة هاروت وماروت {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة : 102] ونظيره ما في قصة سحرة فرعون .
وقيل : المراد بالنفاثات في العقد النساء اللاتي يملن آراء أزواجهن إلى ما يرينه ويردنه فالعقد هو الرأي والنفث في العقد كناية عن حله ، وهو بعيد .
قوله تعالى : {ومن شر حاسد إذا حسد} أي إذا تلبس بالحسد وعمل بما في نفسه من الحسد بترتيب الأثر عليه .
وقيل : الآية تشمل العائن فعين العائن نوع حسد نفساني يتحقق منه إذا عاين ما يستكثره ويتعجب منه .
_________________
1- الميزان ، الطبطبائي ، ج20 ، ص366-367 .
بربّ الفلق أعوذ :
يخاطب اللّه سبحانه نبيّه باعتباره الاُسوة والقدوة ، ويقول له : {قل أعوذ بربّ الفلق ، من شرّ ما خلق}
«الفلق» : من فَلَقَ أي شقَّ وفَصَل; وسُمي طلوع الصبح بالفلق لأنّ ضوء الصبح يشق ظلمة الليل; ومثله الفجر ، اطلق على طلوع الصبح لنفس المناسبة .
وقيل : إنّ الفلق يعني ولادة كلّ الموجودات الحيّة ، بشرية كانت أم حيوانية أم نباتية . فولادة هذه الموجودات تقترن بفلق حبّتها أو بيضتها . والولادة من أعجب مراحل وجود هذه الأحياء ، لأنّها تشكل طفرة في مراحل وجودها ، وانتقالاً من عالم إلى عالم آخر . يقول سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ } [الأنعام : 95] .
وقيل : إنّ الفلق له معنى واسع يشمل كلّ خلق ، لأنّ الخلق ، هو شقّ ستار العدم ليسطع نور الوجود .
وكلّ واحد من هذه المعاني الثلاثة (طلوع الصبح ـ وولادة الموجودات الحيّة ـ وخلق كلّ موجود) ظاهرة عجيبة تدل على عظمة الباري والخالق والمدبّر ، ووصف اللّه بذلك له مفهوم عميق .
في بعض الرّوايات جاء أنّ الفلق بئر عظيم في جهنّم تبدو وكأنّها شقّ في داخلها . وقد تكون الرّواية إشارة إلى أحد مصاديقها لا أن تحدّ المفهوم الواسع لكلمة «الفلق» .
{من شرّ ما خلق} . . . من كلّ موجود شرّير من الإنس والجن والحيوان وحوادث الشرّ والنفس الأمارة بالسوء ، وهذا لا يعني أنّ الخلق الإلهي ينطوي في ذاته على شرّ ، لأنّ الخلق هو الإيجاد ، والإيجاد خير محض . يقول سبحانه : {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة : 7] .
بل الشرّ يعرض المخلوقات حين تنحرف عن قوانين الخلقة ، وتنسلخ عن المسير المعين لها . على سبيل المثال ، أنياب الحيوانات وسيلة دفاعية تستخدمها أمام الأعداء ، كما نستخدم نحن السلاح للدفاع مقابل العدو . لو أنّ هذا السلاح استخدم في محله فهو خير ، وإن لم يستعمل في محله كأن صوب تجاه صديق فهو شرّ .
جدير بالذكر أنّ كثيراً من الأُمور نحسبها شرّاً وفي باطنها خير كثير ، مثل الحوادث والبلايا التي تنفض عن الإنسان غبار الغفلة وتدفعه إلى التوجه نحو اللّه هذه ليس من الشرّ حتماً .
{ومن شرّ غاسق إذا وقب} .
«غاسق» : من الغسق ، وهوـ كما يقول الراغب في المفردات ـ شدّة ظلمة الليل في منتصفه . ولذلك يقول القرآن الكريم في إشارته إلى نهاية وقت صلاة المغرب : ( . . . إلى غسق الليل . . .) وما قاله بعضهم في الغسق أنّه ظلمة أوّل الليل فبعيد خاصّة وأن أصل الكلمة يعني الإمتلاء والسيلان . وظلمة الليل تكون ممتلئة حين ينتصف الليل . وأحد المفاهيم الملازمة لهذا المعنى الهجوم ، ولذلك استعملت الكلمة في هذا المعنى أيضاً .
«غاسق» : تعني إذن في الآية : الفرد المهاجم ، أو الموجود الشرّير الذي يتستر بظلام الليل لشنّ هجومه . فليست الحيوانات الوحشية والزواحف اللاسعة وحدها تنشط في الليل وتؤذي الآخرين بل الأفراد الشرّيرين يتخذون من الليل أيضاً ستاراً لتنفيذ أهدافهم الخبيثة .
«وقب» : من الوَقب ، وهو الحفرة ، ثمّ استعمل الفعل «وَقَبَ» للدخول في الحفرة; وكأن هذه الموجودات الشريرة المضرة تستغل ظلام الليل ، فتصنع الحفر الضارة لتحقق مقاصدها الخبيثة . وقد يكون الفعل يعني : نَفَذَ وتوغّل .
{من شرّ النفاثات في العقد} .
«النفاثات» : من «النفث» وهو البصق القليل; ولما كان البصق مقروناً بالنفخ ، فاستعملت نفث بمعنى نفخ أيضاً .
كثير من المفسّرين قالوا إنّ «النفاثات» هي النساء الساحرات . وهي صيغة جمع للمؤنث ومبالغة من نَفثَ . وهذه النسوة كن يقرأن الأوراد وينفخن في عقد ، وبذلك يعملن السحر . وقيل : إنّها إشارة للنساء اللاتي كن يوسوسن في أذن الرجال وخاصّة الأزواج ليثنوهم عن عزمهم وليوهنوا إرادتهم في أداء المهام الكبرى . وما أكثر الحوادث المؤلمة التي أدت إليها وساوس أمثال هذه النسوة طوال التاريخ! وما أكثر نيران الفتنة التي أشعلتها ، والعزائم التي أرختها وأوهنتها! الفخر الرازي يقول النساء يتصرفن في قلوب الرجال لنفوذ محبّتهن في قلوبهم (2) .
وهذا المعنى في عصرنا أظهر من أي وقت آخر ، إذ إنّ إحدى أهم وسائل نفوذ الجواسيس في أجهزة السياسة العالمية استخدام النساء ، اللائي ينفثن في العقد ، فتنفتح مغاليق الأسرار في القلوب ويحصلن على أدقّ الأسرار .
وقيل : إنّ النفاثات هي النفوس الشريرة ، أو الجماعات المشككة التي تبعث بوساوسها عن طريق وسائل إعلامها لتوهن عزيمة الجماعات والشعوب .
ولا يستبعد أن تكون الآية ذات مفهوم عام جامع يشمل كلّ اُولئك ويشمل أيضاً النمامين والذين يهدمون بنيان المحبّة بين الأفراد .
وينبغي التأكيد على أنّ السّورة لا تتضمّن أية دلالة على أن المقصود بآياتها سحر الساحرين . وعلى فرض أنّها تشير إلى سحر الساحرين ، فإنّها لا تشكل دليلاً على صحة سبب النزول الذي ذكره المفسّرون للسورة ، بل تدل على أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)استعاذ باللّه من شرّ الساحرين . تماماً مثل الفرد السالم الذي يستعيذ باللّه من السرطان وهو لم يُصب به أصلاً .
{ومن شرّ حاسد إذا حسد} .
هذه الآية تبيّن أنّ الحسد أسوأ الصفات الرذيلة وأحطها ، لأنّ القرآن وضعه في مستوى أعمال الحيوانات المتوحشة والثعابين اللاسعة والشياطين الماكرة .
______________________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج15 ، ص617-619 .
2 ـ تفسير الفخر الرازي ، ج32 ، ص196 .