x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : احوال العرب قبل الاسلام : عرب قبل الاسلام :

القبائل العربية في العراق في مطلع الإسلام

المؤلف:  علي الكوراني العاملي

المصدر:  قراءة جديدة للفتوحات الإسلامية ج1

الجزء والصفحة:  ص105-113

9-6-2020

7619

القبائل العربية في العراق في مطلع الإسلام

ذكر المؤرخون أن هجرة العرب إلى العراق والشام وسورية ومصر والبحرين ، قديمة . ولعلها بدأت من أيام الدولة الحمورابية، أو قبلها بأمد .

ومن المؤكد أن سيل العرم في اليمن كان سبباً لهجرة عدد منهم ، ثم تكاثر القحطانيون والعدنانيون وشكلوا تحالفاً سمي « التَّنُوخ » .

ومن التنوخيين تكونت دولة المناذرة التي رعاها الأكاسرة ، ومنهم من سكن في أرياف الشام والعراق . وروي أن أهل الأنبار كانوا عند الفتح الإسلامي يكتبون بالعربية ، وقد سكنوا فيها من أيام بختنصر . ( الطبري : 2 / 575 )

وقد عرضنا في « سلسلة القبائل العربية في العراق » وجود العرب في العراق قبل الإسلام ، وأن بعض العشائر العربية هاجرت من الخليج والجزيرة في العصر الساساني عبر كربلاء إلى ضفاف نهر نار ملخا ، الذي سمي نهر نينوى ، ومنها عشائر الأزد وكهلان وبنو أسد وتميم ، وغيرهم .

وفي المقتضب لياقوت الحموي / 183 ، أن ربيعة انتشرت شرقي نهر الفرات غرب بغداد ، ثم انتشرت بعد الإسلام غرب دجلة من الموصل إلى نصيبين والخابور ، وعرفت المنطقة بجزيرة ربيعة .

واستقرت تغلب شمال الحيرة على نهر الفرات ، وفي عين التمر .

واستقر بنو يربوع من تميم بين قصر الأخيضر وحروراء في الزكاريط الحالية، وتسمى الحَزَن. وأرسل الفرس قبائل من بكر بن وائل لاحتلال أرض بني يربوع، فأخذها بنو سليط من بكر بن وائل .

أما قضاعة فهي من القبائل التنوخية ، وكانت عين التمر تابعة لهم عندما قامت دولة الحيرة التي أسستها تنوخ سنة 138 م .

وأما أياد فكانوا في دير الجماجم ، وكانت لهم وقعة فيها مع قضاعة ، فقتل فيها من أياد خلق عظيم . ( تاريخ الكوفة / 19 ) .

وقال الدكتور أحمد صالح العلي : أصبحت قبيلة كندة من أقوى قبائل العرب ، وأصبح الحارث بن عمرو أقوى ملوكها وحكم أربعين عاماً ، وولى أولاده على القبائل ، فولى حجراً على أسد وكنانة وغطفان ، وكانوا في وادي الرمله بين جبل شمر وخيبر . وولى شرحبيل على بكر وحنظله والرباب وتميم ، وكانوا في شرقي نجد بين الفرات والبحرين . وولى سلمه على تغلب والنمر بن قاسط، في بادية الشام. وولى معد بن يكرب على قيس عيلان، في تهامة والحجاز.

وقال ابن قتيبة إن حجراً ظلم بني أسد فتذمرت منه وثارت عليه ، فبدأت كندة بالسقوط ، وتحالفت أكثر القبائل مع المناذرة .

أما بنو أسد فسكنوا مدينة باروسما بعد القرن الخامس الميلادي أثناء الحكم الساساني للعراق ، وصار لهم رستاق الغاضريات .

كما استوطنت بطون يحابر من ولد كهلان بن سبأ في تل جمل، في السيب الأعلى في نينوى القديمة . كما وفد إلى عين التمر قبائل عدنانية أهمها ربيعة وقضاعة، وبكر بن وائل وتغلب. وبنو شيبان. وبنو النمر. ومن قضاعة بهراء، وكلب .

كانت تَغلب أهم أحلاف المناذرة ، التي هاجرت بعد حرب البسوس ، واستقرت على ضفاف الفرات شمال الحيرة ، وكذا بنو عجل وشيبان ، من بكر بني وائل ، وكان بجانبهم المزارعون النبط ، من بقايا البابليين والسريان .

واستقر بنو النمر بن قاسط العدنانيين في رأس العين من أعمال الجزيرة الفراتية .

وقال الطبري : استوطنوا في أطراف الكوفة ورأس العين ، وكانوا متحالفين مع أياد وتغلب ، ومنهم : بنو الحارث ، وبنو الحافي ، وبنو عمران ، وبنو أسلم ، وبنو حلوان ، ونهد جهينة ، وعذرة جرم ، والبرك وكلب ، وأسد ، وحيدان مرة ، وبلي مجيد ، ويزيد ، وبهرا ، وخولان ، وهاني رسوان ، وسعد وداعة ، والأقارع ، ومسبح ، والكحل ، وهزان ، والكرب ، ومنبه ، وبنو جماعة ، وبنو غالب ، وبنو حرب ربيعة ، وبنو أبحر ، والعقارب ، وبنو عوف ، وبنو مالك ، وبنو عبيدة ، وبنو سليح ، وبنو تنوخ القين ، والخش زبيد ، فهؤلاء بطون قضاعة . كما استوطنت بنو زهرة بن كلاب في رأس العين ، بعد فتح العراق .

العلاقة بين القبائل العربية وكسرى

كان العراق والبحرين والجزيرة واليمن تحت نفوذ الفرس ، وقد أقاموا دولة المناذرة وعاصمتها الحيرة لحماية حدود دولتهم . وكانوا يعينون حاكماً للبحرين يسمى مرزبان الزارة ، وهي عين في البحرين . وحاكماً لليمن إلى جنب ملكها الحميري . وكان هامش الحرية للعرب في العراق والجزيرة واليمن أكثر من هامش حريتهم في دولة الغساسنة في الشام والأردن .

ويدل عليه أن الفرس لم يجبروا العرب على اعتناق المجوسية ، مع أنهم متعصبون لها ، فبقي العرب على حنيفية إبراهيم ( عليه السلام ) وخلطوها بعبادة الأصنام !

وكانت علاقة العرب بالفرس هادئة ما عدا فترة سابور الذي سماه العرب «ذو الأكتاف» لأنه كان يعاقب من يغضب عليهم بكسر أكتافهم!

قال اليعقوبي في تاريخه (1 / 161): «ومات هرمز وسابور صبي في المهد، فأقام أهل مملكته متلومين عليه (ينتظرون أن يكبر) حتى ترعرع وشب ، ثم ظهر منه عُتُوٌّ وجبرية ( ديكتاتورية ) فغزا بلاد العرب وغَوَّر عليهم المياه ! وغزاه ملك الروم وهو إليانوس فأعانته العرب من جميع القبائل ، ثم تسرعت قبائل العرب إلى سابور فأوقعت به في دار ملكه ، حتى هرب وخلا ملكه ، فانتهبت مدينته وخزائنه ، ثم جاء سهم غرب فقتل إليانوس ملك الروم ، فملكت الروم يوبنيانوس فصالح سابور . وأقام سابور على معاداة العرب لا يظفر بأحد منهم إلا خلع كتفه فلذلك سمي سابور ذا الأكتاف . وكان ملكه اثنتين وسبعين سنة . .

وذكروا أن مالك بن زهير القضاعي سكن وقومه الحيرة ، واجتمع إليهم لما اتخذوا بها المنازل ناسٌ كثير من سواقط القرى ، فأقاموا بها زماناً ، ثم أغار عليهم سابور الأكبر ذو الأكتاف ، فقاتلوه وهزمهم سابور ، فسار معظمهم إلى الجزيرة ، يقودهم الضيزن بن معاوية التنوخي ، فنزلوا الحَضَر ( قرب تكريت ) وهو بناء بناه الساطرون الجرمقاني ، فأقاموا به مع الزباء فكانوا رجالها وولاة أمرها » .

وقال المسعودي في مروج الذهب ( 1 / 110 ) : « فلما بلغ سابور من السن ست عشرة سنة واعد أساورتهُ بالخروج إليهم والِإيقاع بهم . . فأوقع بهم فعمهم القتل فما أفلَتَ منهم إلا نفر لحقوا بأرض الروم، وخلع بعد ذلك أكتاف العرب، فسمي بعد ذلك سابوو ذا الأكتاف . . . أتى على بلاد البحرين وفيها يومئذ بنو تميم ، فأمعن في قتلهم ، وفرَّت بنو تميم » .

وصار إهلاك سابور لإياد مثلاً يضرب، واشتهر البيتان التاليان، واستشهد بهما أمير المؤمنين (عليه السلام) مشبهاً معاوية بسابور، وهما كما في مروج الذهب (1 / 110):

- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]

إن حَيّاً يرى الصلاح فساداً *** أو يرى الغي في الأمور رشادا

لقريب مــن الهلاك كمـا أه‍ *** - لك سابورُ بالسواد أيادا » .

- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]

وذكر في معجم البلدان ( 2 / 267 ) ، أن سابوراً آخر كان ملك الفرس غزا بجيشه حصن الحضر ، وقتل ملكه وسيطر عليه .

طلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) من القبائل العراقية أن يأخذوه إليهم كان العرب يحجون إلى مكة في ذي الحجة ويعتمرون في رجب ، ويقيمون سوق عُكاظ بعد موسم الحج . وقد أمر الله نبيه ( صلى الله عليه وآله ) أن يلتقي بهم ويدعوهم إلى الإسلام ، ويطلب منهم أن يحموه ليبلغ رسالة ربه ، لأن قريشاً منعته من تبليغها .

ففي تفسير العياشي: 2 / 253، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إكتتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمكة سنين ليس يظهر، وعلي معه وخديجة (عليهم السلام). ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر، فظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب.

وعدَّد منها المقريزي في إمتاع الأسماع ( 1 / 49 ) خمس عشرة قبيلة ، فقال : « عرض نفسه على القبائل أيام الموسم ودعاهم إلى الإسلام وهم : بنو عامر ، وغسان ، وبنو فزارة ، وبنو مرة ، وبنو حنيفة ، وبنو سليم ، وبنو عبس ، وبنو نصر ، وثعلبة بن عكابة ، وكندة ، وكلب ، وبنو الحارث بن كعب ، وبنو عذرة ، وقيس بن الخطيم » . ونضيف إليهم قبيلة ثقيف حيث قصدهم في الطائف، والأوس والخزرج الذين قبلوا عرضه وبايعوه ، فهاجر إليهم .

وفي الطبقات : 1 / 216 : « مكث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثلاث سنين من أول نبوته مستخفياً ثم أعلن في الرابعة ، فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين يوافي الموسم كل عام ، يتتبع الحاج في منازلهم بعكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة فلا يجد أحداً ينصره ولا يجيبه ، حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة ويقول : يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتذل لكم العجم ، وإذا آمنتم كنتم ملوكاً في الجنة . . جاءنا ثلاثة أعوام بعكاظ، ومجنة، وبذي المجاز، يدعونا إلى الله عز وجل وأن نمنع له ظهره حتى يبلغ رسالة ربه». وسبل الهدى: 2 / 451، والطبري: 2 / 84.

وروى ابن حبان في الثقات ( 1 / 80 ) وغيره عن علي ( عليه السلام ) قال : « لما أمر الله رسوله أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر ، حتى دُفعنا إلى مجلس من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر فسلم وقال : ممن القوم ؟ قالوا : من ربيعة . قال : وأي ربيعة أنتم ، أمن هامتها ، أم من لهازمها ؟ فقالوا: لا، بل من هامتها العظمى . قال أبو بكر : وأي هامتها العظمى أنتم ؟ قالوا : من ذهل الأكبر . قال أبو بكر : فمنكم عوف الذي يقال له لاحُرَّ بوادي عوف ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم بسطام بن قيس صاحب اللواء ومنتهى الأحياء ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ومانع الجار ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها ؟ قالوا : لا . قال : فمنكم أصهار الملوك من لخم ؟ قالوا : لا . قال أبو بكر : فلستم إذا ذهلاً الأكبر ، أنتم ذهل الأصغر !

فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له دغفل حين بَقَل وجهه ( أول ما نبت شعر لحيته ) فقال : على سائلنا أن نسأله ! يا هذا إنك سألتنا فأخبرناك ولم نكتمك شيئاً ، فممن الرجل ؟ فقال أبو بكر : أنا من قريش . فقال الفتى : بخ بخ أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي القرشيين أنت ؟ قال : من ولد تيم بن مرة . قال : أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة ، فمنكم قصي الذي جمع القبائل من فهر ، فكان يدعى في قريش مجمعاً ؟ قال : لا . قال : فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الحجابة أنت ؟ قال : لا . قال : فمن أهل الندوة أنت ؟ قال : لا . قال : فمنكم شيبة الحمد عبد المطلب مطعم طير السماء الذي كأن وجهه القمر يضئ في الليلة الظلماء الداجية ؟ قال : لا . قال : فمن أهل السقاية ؟ قال : لا !

واجتذب أبو بكر زمام الناقة فرجع إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال الغلام :

 

- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]

صادف درأُ السيل درأً يدفعه ... يُهيضه حيناً وحيناً يصدعه !

- - - - - - - - - - [ انتهاء شعر ]

أما والله لو ثبت ! قال فتبسم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال علي ( عليه السلام ) فقلت : يا أبا بكر لقد وقعت من الأعرابي على باقعة ( داهية ) . فقال لي : أجل يا أبا الحسن ، ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موكل بالمنطق !

قال علي ( عليه السلام ) : ثم دُفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار فتقدم أبو بكر فسلَّم وقال : ممن القوم ؟ فقالوا : من شيبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وراء هؤلاء القوم عز ، هؤلاء غرر قومهم وفيهم مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك . وكان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالاً ولساناً ، وكأن غديرتاه تسقطان على تربيته ، وكان أدنى القوم مجلساً من أبي بكر ، فقال أبو بكر :

كيف العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا لنزيد على ألف، ولن يغلب ألف من قلة ! فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم ؟ قال مفروق : علينا الجهد ، ولكل قوم جد .

قال أبو بكر: كيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ قال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقى، وإنا لأشد ما نكونن لقاء حين نغضب ، وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح ، والنصر من عند الله ، يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ، لعلك أخو قريش ؟

قال أبو بكر : وقد بلغكم أنه رسول الله ، ها هو ذا . قال مفروق : قد بلغنا أنه يذكر ذلك . قال : فإلى مَ تدعو يا أخا قريش ؟ قال : أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله ، وأن تؤووني وتنصروني ، فإن قريشاً قد تظاهرت على أمر الله فكذبت رسله ، واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغني الحميد ! فقال مفروق بن عمرو : إلى ما تدعونا يا أخا قريش ؟ تلا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ).

قال مفروق: وإلى مَ تدعو يا أخا قريش؟ فتلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

فقال مفروق : دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة ، فقال : وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا .

فقال هانئ : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا ، زلةٌ في الرأي وقلة فكر في العواقب ، وإنما تكون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكره أن نعقد عليهم عقداً ، ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر ! وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال : وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا .

فقال المثنى : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة ، في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك ، وإنما أنزلنا بين ضرتين . فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هاتان الضرتان ؟ قال : أنهار كسرى ومياه العرب ، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لا نحدث حدثاً ولا نؤي محدثاً ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب ، فعلنا .

فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه .

أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟

فقال النعمان بن شريك : اللهم لك ذلك » . ( شرح الأخبار للقاضي النعمان : 2 / 387 ) .