التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
من تفاصيل الوقعة (الجمل)
المؤلف: مؤسسة الغدير
المصدر: موسوعة سيرة الإمام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة: ص القسم السابع، فصل2، الباب 1-17. جهادة بعد البعثة »
9-2-2020
2479
من تفاصيل الوقعة
دعاء الإمام قبل القتال
*ـالإمام الصادق: لمّا توافق الناس يوم الجمل ، خرج علىّ صلوات الله عليه حتي وقف بين الصفّين، ثمّ رفع يده نحو السماء ، ثمّ قال : يا خير من أفضت الىه القلوب ، ودُعى بالألسن، يا حسن البلايا ، يا جزيل العطاء ، احكم بيننا وبين قومنا بالحقّ ، وأنت خير الحاكمين .
*ـ: لمّا رأي أمير المؤمنين ما قدم عليه القوم من العناد واستحلّوه من سفك الدم الحرام ، رفع يديه الى السماء وقال : اللهمّ الىك شخصت الأبصار ، وبسطت الأيدي ، وأفضت القلوب ، وتقرّبت الىك بالأعمال ، ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ) .
*فى دعائه يوم الجمل ـ : اللهمّ إنّى أحمدك ـ وأنت للحمد أهل ـ علي حسن صنعك إلىّ ، وتعطّفك علىّ ، وعليما وصلتني به من نورك ، وتداركتني به من رحمتك ، وأسبغت علىّ من نعمتك ، فقد اصطنعتَ عندى ـ يا مولاي ـ ما يحقّ لك به جهدي وشكري ; لحسن عفوك ، وبلائك القديم عندى ، وتظاهر نعمائك علىّ ، وتتابع أياديك لدىّ ، لم أبلغ إحراز حظّى ، ولا صلاح نفسى ، ولكنّك يا مولاي بدأتني أوّلاً بإحسانك فهديتني لدينك ، وعرفتني نفسك ،وثبتني فى أمورى كلّها بالكفاية والصنع لى ، فصرفت عنّى جهد البلاء ، ومنعت منّي محذور الأشياء ، فلستُ أذكر منك إلاّ جميلا ، ولم أرَ منك إلاّ تفضيلا .
يا إلهى كم من بلاء وجهد صرفتَه عنى، وأريتنيه فى غيرى، فكم من نعمة أقررت بها عينى ، وكم من صنيعة شريفة لك عندى .
إلهى أنت الذى تجيب عند الاضطرار دعوتي، وأنت الذى تنفّس عند الغموم كربتي ، وأنت الذى تأخذ لى من الأعداء بظلامتي ، فما وجدتك ولا أجدك بعيداً منى حين اُريدك ، ولا مُنقبضاً عنى حين أسألك ، ولا معرضاً عنّى حين أدعوك ،فأنت إلهى ، أجد صنيعك عندى محموداً ، وحسن بلائك عندى موجوداً ، وجميع أفعالك عندي جميلا ، يحمدك لساني وعقلي وجوارحي وجميع ما أقَلّت الأرض منّى .
يا مولاي أسألك بنورك الذى اشتققتَه من عظمتك، وعظمتك التي اشتققتها من مشيّتك ، وأسألك باسمك الذى علا أن تَمّن علىّ بواجب شكري نعمتك .
ربّ ما أحرصن على ما زهدتني فيه وحثثتني عليه! إن لم تُعنّي علي دنياي بزهد، وعلي آخرتي بتقواي، هلكتُ .
ربّى، دعتني دواعي الدنيا ; من حرث النساء والبنين، فأجبتُها سريعاً، وركنتُ الىها طائعاً . ودعتني دواعي الآخرة من الزهد والاجتهاد فكَبَوت لها، ولم اُسارع الىها مسارعتي الى الحطام الهامد، والهشيم البائد ، والسراب الذاهب عن قليل .
ربّ خوفتني وشوقتني واحتجبتَ علىّ فما خفتُك حقّ خوفك ، وأخاف أن أكون قد تثبّطتُ عن السعى لك ، وتهاونت بشىء من احتجابك . اللهمّ فاجعل في هذه الدنيا سعيي لك وفى طاعتك، واملأ فلبي خوفك ، وحوّل تثبيطي وتهاوني وتفريطي وكلّ ما أخافه من نفسى فَرَقاً منك ، وصبراً علي طاعتك ، وعملاً به ، يا ذا الجلال والاكرام .
واجعل جنتي من الخطايا حصينة ، وحسناتي مضاعفة ; فإنّك تضاعف لمن تشاء .
اللهمّ اجعل درجاتي فى الجنان رفيعة ، وأعوذ بك ربّى من رفيع المطعم والمشرب ، وأعوذ بك من شرّ ما أعلم ومن شرّ ما لا أعلم ، وأعوذ بك من الفواحش كلّها ; ما ظهر منها وما بطن ، وأعوذ بك ربّى أن أشترى الجهلَ بالعلم كما اشتري غيرى ، أو السَّفهَ بالحلم ، أو الجزعَ بالصبر ، أو الضلالةَ بالهدي ، أو الكفرَ بالإيمان . يا ربّ مُنَّ علىّ بذلك ; فإنّك تتولّي الصالحين ، ولا تُضيع أجر المحسنين ، والحمد لله ربّ العالمين .
بيان التوحيد في المعركة
- *عن المقدام بن شريح بن هانئ ، عن أبيه ، قال : إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : يا أمير - المؤمنين أتقول : إن الله واحد ؟ قال : فحمل الناس عليه ، قالوا : يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : دعوه ، فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ، ثم قال : يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام : فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل ، و وجهان يثبتان فيه ، فأما اللذان لا يجوزان عليه ، فقول القائل : واحد يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنه كفر من قال : ثالث ثلاثة . وقول القائل: هو واحد من الناس، يريد به النوع من الجنس، فبهذا ما لا يجوز عليه لأنه تشبيه، وجل ربنا عن ذلك و تعالى وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربنا ، وقول القائل : إنه عز وجل أحدي المعنى ، يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل .
بدء القتال
فجد الناس في القتال فنهاهم أمير المؤمنين وقال : اللهم إني أعذرت وأنذرت فكن لي عليهم من الشاهدين .
ثم أخذ المصحف وطلب من يقرأ عليهم وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما. الآية فقال مسلم المجاشعي : ها أنا ذا فخوفه بقطع يمينه وشماله وقتله فقال : لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله ! ! فأخذه ودعاهم إلى الله فقطعت يده الىمنى فأخذه بيده الىسرى فقطعت فأخذه بأسنانه فقتل فقالت أمه :
يا رب إن مسلما أتاهم *** بمحكم التنزيل إذ دعاهم
يتلو كتاب الله لا يخشاهم *** فرملوه رملت لحاهم
فقال ( عليه السلام ) : الآن طاب الضراب .
محمد بن الحنفية حامل الراية
*- وقال لمحمد بن الحنفية والراية في يده: يا بني تزول الجبال ولا تزل عض على ناجذك ، أعر الله جمجمتك تد في الارض قدميك ارم ببصرك أقصى القوم وغض بصرك واعلم أن النصر من الله .ثم صبر سويعة فصاح الناس من كل جانب من وقع النبال فقال عليه السلام : تقدم يا بني فتقدم وطعن طعنا منكرا وقال :
اطعن بها طعن أبيك تحمد *** لا خير في حرب إذا لم توقد
بالمشرفي والقنا المسدد *** والضرب بالخطى والمهند
*ـعن عمرو بن دينار : قال أمير المؤمنين لابنه محمّد : خذ الراية وامضِ ـ وعلىّ خلفه ـ فناداه يا أبا القاسم ! فقال : لبّيك يا أبة . فقال : يا بنىّ لا يستفزّك ما تري ; قد حملتُ الراية وأنا أصغر منك فما استفزني عدوّى ، وذلك أنّنى لم ألقَ أحداً إلاّ حدّثتني نفسى بقتله ، فحدِّث نفسك ـ بعون الله ـ بظهورك عليهم ، ولا يخذلك ضعف النفس بالىقين ; فإنّ ذلك أشدّ الخذلان .
قال فقلت : يا أبةِ أرجو أن أكون كما تحبّ إن شاء الله . قال : فالزم رايتك ، فإذا اختلطت الصفوف قف فى مكانك وبين أصحابك ، فإن لم ترَ أصحابك فسيرونك . قال : والله إنّى لفي وسط أصحابي فصاروا كلّهم خلفي وما بينى وبين القوم أحد يردّهم عنّى ، وأنا اُريد أن أتقدّم فى وجوه القوم ، فما شعرت إلاّ بأبى منخلق قد جرّد سيفه وهو يقول : لا تقدّم حتي أكون أمامك . فتقدّم بين يدىّ يهرول ومعه طائفة من أصحابه ، فضربوا الذين فى وجهى حتي أنهضوهم ولحقتهم بالراية ، فوقفوا وقفةً ، واختلط الناسُ ، وركدت السيوف ساعة ، فنظرتُ الى أبى يفرّج الناس يمين اًو شمالا ويسوقهم أمامه ، فأردتُ أن أجول فكرهت خلافه .
*مروج الذهب: جاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت الى علىّ، فقال: يا أمير المؤمنين ، لا تنكس الىوم رأس محمّد ، واردد الىه الراية ! فدعا به، وردّ عليه الراية ، وقال :
اِطعنهمُ طَعنَ أبيكَ تُحمَدِ
لا خَيرَ فى الحَربِ إذا لَمتُوقَدِ
بالمَشرَفىِّ والقَنا المُسردِ
*الإمامة والسياسة: اقتتل القوم قتالاً شديداً، فهزمت يمن البصرة يمن علىّ، وهزمت ربيعة البصرة ربيعة علىّ . . . ثم ّتقدّم علىّ فنظر الى أصحابه يُهزمون ويُقتلون، فلمّا نظر الى ذلك صاح بابنه محمّدـ ومعه الراية ـ : أن اقتحم ! فأبطأ وثبت، فأتي علىّ من خلفه فضربه بين كتفيه، وأخذ الراية من يده، ثمّ حمل فدخل عسكرهم ، وإنّ الميمنتين والميسرتين تضطربان ،فى إحداهما عمّار ، وفى الأخرى عبد الله بن عبّاس ، ومحمّد بن أبى بكر .
قال : فشقّ علىّ فى عسكر القوم يطعن ويقتل ، ثمّ خرج . . . ثمّ أعطي الراية لابنه وقال : هكذا فاصنع . فتقدم محمّد بالراية ومعه الأنصار، حتى انتهى إلى الجمل والهودج وهزم ما يليه ، فاقتتل الناس ذلك الىوم قتالا ًشديداً ، حتي كانت الواقعة والضرب علي الركب .
*عن محمّد ابن الحنفيّة: التقينا وقد عجّل أصحاب الجمل وزحفوا علينا ، فصاح أبى : امضِ . فمضيت بين يديه أقطو بالراية قَطواً .
وتقدّم سرعان أصحابنا، فلاذ أصحاب الجمل، ونشب القتال، واختلفت السيوف، وأبى بين كتفي يقول: يا بنىَّ تقدّم! ولستُ أجد متقدَّماً، وهو يقول: تقدّم. فقلت: ما أجد متقدَّماً إلاّ علي الأسِنّة! !
فغضب أبى وقال: أقول لك: تقدّم، فتقول: على الأسنّة!! ثِق يا بنىَّ، وتقدّم بين يدىّ علي الأسنّة!!
وتناول الراية منّى، وتقدّم يهرول بها ، فأخذتني حِدّة ، فلحقتُه وقلت : أعطِنى الراية . فقال لى: خذها . وقد عرفت ما وصف لى .
حملة مالك الاشتر
فأمر الاشتر أن يحمل فحمل وقتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل. وكان زيد يرتجز ويقول : ديني ديني وبيعي وبيعي .وجعل مخنف بن سليم يقول :
قد عشت يا نفس وقد غنيت *** دهرا وقبل الىوم ما عييت
وبعد ذا لا شك قد فنيت *** أما مللت طول ما حييت
*لاذ بالجمل عبد الله بن الزبير وتناول خطامه بيده ، فقالت عائشة : من هذا الذى أخذ بخطام جملى ؟ قال : أنا عبدالله ابن اُختك . فقالت: وا ثكلَ أسماء !
ثمّ برز الأشتر الىه ، فخلّي الخطام من يده وأقبل نحوه ، فقام مقامه فى الخطام عبد أسود ، واصطرع عبد الله والأشتر ، فسقطا الى الأرض ، فجعل ابن الزبير يقول ـ وقد أخذ الأشتر بعنقه ـ : اقتتلوني ومالكاً ، واقتلوا مالكاً معي !
قال الأشتر : فما سرني إلاّ قوله "مالك" ; لو قال "الأشتر" لقتلوني . وو الله لقد عجبت من حمق عبد الله ; إذ ينادى بقتله وقتلى ، وما كان ينفعه الموت إن قتلتُ وقتل معي ، ولم تلِد امرأة من النخع غيرى ! ! فأفرجتُ عنه، فانهزم وبه ضربة مثخنة فى جانب وجهه .
*عن عبد الله بن عبيد بن عمير : إنّ الأشتر وابن الزبير التقيا ، فقال ابن الزبير : فما ضربته ضربة حتي ضربني خمساً أوستّاً ـ قال : ثمّ قال : ـ و ألقاني برجلي .
ثمّ قال : والله لولا قرابتك من رسول الله ما تركت منك عضواً مع صاحبه !
*ـعن زهير بن قيس : دخلت مع ابن الزبير الحمّامَ ، فإذا فى رأسه ضربة لو صُبّ فيها قارورة من دهن لاستقرّت .
قال : تدرى من ضربني هذه ؟ ! قلتُ : لا . قال : ضربَنيها ابن عمّك الأشتر .
جندب بن زهير ومالك الاشتر
*عن صفوان : لمّا تصافّ الناس يوم الجمل صاح صائح من أصحاب أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب : يا معاشر شباب قريش ! أراكم قد لججتم وغلبتم علي أمركم هذا ، وانى أنشدكم الله أن تحقنوا دماءكم ولا تقتلوا أنفسكم ، اتّقوا الأشتر النخعي وجندب بن زهير العامري ، فإنّ الأشتر نشر درعه حتي يعفو أثره ، وإنّ جندباً يخرم درعه حتي يشمّر عنه ، وفى رايته علامة حمراء، فلمّا التقي الناس أقبل الأشتر وجندب قبال الجمل يرفلان فى السلاح حتي قتلا عبدالرحمن بن عتّاب بن أسيد ومعبد بن زهير بن خلف بن اُميّة ، وعمد جندب لابن الزبير فلمّا عرفه قال : أتركك لعائشة . . .
شـدة القتال
*ـ عن القعقاع: ما رأيت شيئاً أشبه بشىء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفّين، لقد رأيتنا ندافعهم بأسنّتنا ونتّكئ علي أزجّتنا، وهم مثل ذلك، حتى لو أنّ الرجال مشت عليها لاستقلّت بهم.
*عن محمّد وطلحة: كان القتال الأوّل يستحرّ الى انتصاف النهار، واُصيب فيه طلحة، وذهب فيه الزبير، فلمّا أووا الى عائشة وأبي أهل الكوفة إلاّ القتال ولم يريدوا إلاّ عائشة، ذَمَرتهم عائشة .
فاقتتلوا حتي تنادوا فتحاجزوا، فرجعوا بعد الظهر فاقتتلوا، وذلك يوم الخميس فى جمادي الآخرة، فاقتتلوا صدر النهار مع طلحة والزبير، وفى وسطه مع عائشة.
*عن الشعبي: حملت ميمنة أمير المؤمنين علي ميسرة أهل البصرة فاقتتلوا ولاذ الناس بعائشة، أكثرهم ضبّة والأزد . وكان قتالهم من ارتفاع النهار الى قريب من العصر، ويقال: إلى أن زالت الشمس ، ثمّان هزموا .
عمار بن ياسر
*- وروي سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي قال : قال ابن الزبير : إنّى لواقف فى يمين رجل من قريش إذ صاح صائح : يا معشر قريش ! اُحذّركم الرجلين: جندباً العامري والأشتر النخعي. وسمعت عمّاراً يقول لأصحابنا: ما تريدون وما تطلبون؟ فناديناه: نطلب بدم عثمان، فإن خلّيتم بيننا وبين قتلته رجعنا عنكم. فقال عمّار: لو سألتمونا أن ترجعوا عنّا بئس الفحل، فإنّه ألأم الغنم فحل اًو شرّها لجماً ما أعطيناكموه . ثمّ التحم القتال وناديناهم: مكّنونا من قتلة عثمان ونرجع عنكم. فنادانا عمّار: قد فعلنا، هذه عائشة وطلحة والزبير قتلوه عطشاً، فابدؤوا بهم ، فإذا فرغتم منهم تعالوا الىنا نبذل لكم الحقّ . فأسكت والله أصحاب الجمل كلّهم .
* خرج محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر حتي وقفا قدّام الجمل . قال : وتبعهما الأشتر ووقف معهما .
قال: فقال رجل من أصحاب الجمل: من أنتم أيها الرهط ؟ قالوا : نحن ممّن لا تُنكرونه ! وأعلنوا بأسمائهم، ودعوا بأسمائهم ، ودعوا الى البراز ،فخرج عثمان الضبّى وهو ينشد شعراً ، فخرج الىه عمّار بن ياسر فأجابه علي شعره ، ثمّ حمل عليه عمّار فقتله .
قتل عبدالله بن الىثربي
*خرج عمرو بن يثربى ـ من أصحاب الجمل ـ حتي وقف بين الصفّين قريباً من الجمل، ثمّ دعا الى البراز وسأل النزال، فخرج الىه علباء بن الهيثم من أصحاب علىّ عليه السلام ، فشدّ عليه عمرو فقتله . ثمّ طلب المبارزة ، فلم يخرج الىه أحد ، فجعل يجول فى ميدان الحرب وهو يرتجز ويقول شعراً ، ثمّ جال وطلب البراز ، فتحاماه الناس واتّقوا بأسه ، قال : فبَدَر الىه عمّار بن ياسر وهو يُجاوبه علي شعره ، والتقوا بضربتين ، فبادره عمّار بضربة فأرداه عن فرسه ، ثمّ نزل الىه عمّار سريعاً فأخذ برجله وجعل يجره حتي ألقاه بين يدى علىّ عليه السلام .
فقال علىّ: اضرب عنقه. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين، استبقني حتي أقتل لك منهم كما قتلتُ منكم. فقال علىّ: يا عدوّ الله ! أ بَعدَ ثلاثة من خيار أصحابي أستبقيك! ! لا كان ذلك أبداً. قال : فأدنني حتي اُكلّمك فى اُذنك بشىء . فقال علىّ : أنترجل متمرّد ، وقد أخبرني رسول الله بكلّ متمرد علىّ ، وأنت أحدُهم . فقال عمرو بن يثربى : أما والله لو وصلتُ الىك لقطعتُ اُذنك ـ أو قال : أنفك ـ قال : فقدّمه علىّ فضرب عنقه .
*عن داود بن أبى هند عن شيخ من بنى ضبّة : ارتجز يومئذ ابن يثربىّ :
أنا لمن أنكرني ابنُ يتربي
قَاتِلُ علباءَ وهندِ الجَمَلي
وابن لصوحانُ علي دين علىّ
وقال : من يبارز ؟ فبرز له رجل، فقتله، ثمّ برز له آخر فقتله . وارتجز وقال:
أقتُلهم وقَد أري عَليّا
ولَو أشا أو جَرتُه عَمريّا
فبرز له عمّار بن ياسر، وإنّه لأضعف من بارزه ، وإنّ الناس ليسترجعون حين قام عمّار ، وأنا أقول لعمّار ـ مِن ضعفه ـ : هذا والله لاحقٌ بأصحابه ! وكان قضيفاً، حمش الساقين، وعليه سيفٌ حمائلُه تشفّ عنه قريب من إبطه ، فضربه ابن يثربى بسيفه ، فنَشَب فى حَجَفَته ، وضربه عمّار وأوهطه، ورمي أصحاب علىّ ابنَ يثربى بالحجارة حتي أثخنوه وارتثّوه .
*- خرج عبدالله بن الىثربي قائلا :
يا رب إني طالب أبا الحسن *** ذاك الذي يعرف حقا بالفتن
فبرز الىه علي عليه السلام قائلا :
إن كنت تبغي أن ترى أبا الحسن *** فالىوم تلقاه مليا فاعلمن
وضربه ضربة مجزمة [ مجرفة ] .
التفاف بني ضبة حول عائشة
*- خرج بنو ضبة وجعل يقول بعضهم :
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل *** والموت أحلى عندنا من العسل
ردوا علينا شيخنا بمرتحل *** إن عليا بعد من شر النذل
وقال آخر:
نحن بنو ضبة أعداء علي *** ذاك الذي يعرف فيهم بالوصي
*- قتل بنو ضبة حول الجمل فلم يبق إلا من لا نفع عنده، وأخذت الأزد بخطامه، فقالت عائشة: من أنتم؛
قالوا: الأزد،
قالت: صبراً، فإنما يصبر الأحرار؛ ما زلت أرى النصر مع بني ضبة؛ فلما فقدتهم أنكرته.
فحرضت الأزد بذلك؛ فقاتلوا قتالاً شديداً، ورمي الجمل بالنبل حتى صارت القبة عليه كهيئة القنفذ.
*ـ: ذكر المدائني أنّه رأي بالبصرة رجلا مصطلم الاُذن ، فسأله عن قصّته ، فذكر أنّه خرج يوم الجمل ينظر الى القتلي ، فنظر الى رجل منهم يخفض رأسه ويرفعه وهو يقول :
لقد أورَدَتنا حومةَ الموت اُمُّنا
فلَم تَنصرِف إلاّ ونحنُ رواءُ
أطَعنا بَنى تَيم لشقوةِ جدّنا
وما تَيمُ إلاّ أعبدٌوإماءُ
فقلت : سبحان الله ! أ تقول هذا عند الموت ! قل : لا إله إلاّ الله ! ! فقال : يابن اللخناء ، إياي تأمر بالجزع عند الموت ! ! فولّيت عنه متعجّباً منه ، فصاح بى ادنُ منّى ولقّنّى الشهادة ، فصِرتُ اليه ، فلمّا قربت منها ستدنانى ، ثمّ التقم اُذنى فذهب بها ، فجعلت ألعنه وأدعو عليه . فقال : إذا صرتَ الى اُمّك فقالت : من فعل هذا بك ؟ فقل : عمير بن الأهلب الضبّى ، مخدوع المرأة التى أرادت أن تكون أمير المؤمنين .
عبد الله بن خلف الخزاعى
*ـعن أبى مخنف : خرج عبد الله بن خلف الخزاعى ـ وهو رئيس البصرة ، وأكثر أهلها مالاً وضياعاً ـ فطلب البراز ،وسأل ألاّ يخرج اليه إلاّ علىّ ، وارتجز فقال :
أبا تراب ادنُ مِنّى فِتْرا
فَإنّنى دان اليك شِبْرا
وإنّ فى صَدرى عليك غِمرا
فخرج اليه علىّ، فلم يُمهله أن ضربه ففلق هامته .
* انفرق علىّ يريد أصحابه، فصاح به صائح من ورائه، فالتفتَ وإذا بعبد الله بن خلف الخزاعى وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة، فلمّا رآه علىّ عرفه، فناداه: ما تشاء يابن خلف؟
قال: هل لك فى المبارزة؟
قال علىّ: ما أكره ذلك، ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك فى القتل وقد علمتَ من أنا ! !
فقال عبد الله بن خلف: دعنى من مدحك يابن أبى طالب، وادنُ منّى لتري أيّنا يقتل صاحبه! ثمّ أنشد شعراً، فأجابه علىّ عليه، والتقوا للضرب، فبادره عبد الله بن خلف بضربة دفعها علىّ بحَجَفَته، ثمّ انحرف عنه علىّ فضربه ضربة رمي بيمينه، ثم ّضربه اُخري فأطار قحف رأسه.
عبدالله بن أبزي
*ـعن أبى مخنف: تناول عبدالله بن أبزي خطام الجمل، وكان كلّ من أراد الجدّ فى الحرب وقاتل قتالَ مستميت يتقدّم الى الجمل فيأخذ بخطامه، ثمّ شدّ علي عسكر علىّ وقال :
أضرِبُهُم ولا أري أبا حَسَن
ها إنّ هذا حَزَنٌ مِن الحَزَن
فشدّ عليه علىّ أمير المؤمنين بالرمح، فطعنه، فقتله وقال : قد رأيتَ أبا حسن ،فكيف رأيتَه ! وترك الرمح فيه .
ما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام منه
* - عن حبة العرني قال : سمعت حذيفة اليماني قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة وهو يقول : كأني بأمكم الحميراء قد سارت يساق بها على جمل وأنتم آخذون بالشوى والذنب معها الازد أدخلهم الله النار وأنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم .قال فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا يبدأن أحد منكم بقتال حتى آمركم .قال : فرموا فينا .فقلنا : يا أمير المؤمنين قد رمينا .فقال : كفوا ثم رمونا فقتلوا منا .قلنا : يا أمير المؤمنين قد قتلونا .فقال : احملوا على بركة الله .قال : فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشى ماش لمشى عليها ثم نادى منادي علي ( عليه السلام ) عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبو لنا .قال : فنادى منادي أمير المؤمنين : عليكم بالأقدام .قال : فما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام منه .قال : فذكرت حديث حذيفة أنصارها بني ضبة جد الله أقدامهم فعلمت أنها دعوة مستجابة ثم نادى منادي أمير المؤمنين عليكم بالبعير فإنه شيطان قال : فعقره رجل برمحه وقطع إحدى يديه رجل آخر فبرك ورغا وصاحت عائشة صيحة شديدة فولى الناس منهزمين .فنادى منادي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا تجيزوا على جريح ولا تبتغوا مدبرا ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن اقصد بهذا الرمح قصد الجمل
*- دعى أمير المؤمنين محمد بن الحنفية يوم الجمل فأعطاه رمحه وقال له: اقصد بهذا الرمح قصد الجمل فذهب فمنعوه بنو ضبه فلما رجع إلى والده انتزع الحسن رمحه من يده وقصد قصد الجمل وطعنه برمحه ورجع إلى والده وعلى رمحه أثر الدم فتمغر وجه محمد من ذلك فقال أمير المؤمنين : لا تأنف فإنه ابن النبي وأنت ابن علي .
احتجاج بعظهم على الناكثين
*تاريخ الطبري عن القاسم بن محمّد: خرج غلام شابّ من بنى سعد الى طلحة والزبير ، فقال : أمّا أنت يا زبير فحوارىّ رسول الله ، وأمّا أنت ياطلحة فوقيت رسول الله بيدك ، وأري اُمّكما معكما فهل جئتما بنسائكما ؟ قالا : لا ، قال : فما أنا منكما فى شىء ، واعتزل . وقال السعدى فى ذلك :
صنتم حلائلكم وقُدتُم اُمّكم
هذا لعمرك قلّة الإنصاف
اُمرت بجرِّ ذيولها فى بيتها
فهوت تشقّ البيد بالإيجاف
غرضاً يقاتل دونها أبناؤها
بالنبل والخطِّىِّ والأسياف
هُتكت بطلحة والزبير ستورها
هذا المخبّر عنهم والكافي
وأقبل غلام من جهينة علي محمّد بن طلحة ـ وكان محمّد رجلاً عابداًـ فقال: أخبرني عن قتلة عثمان !
فقال : نعم ، دم عثمان ثلاثة أثلاث ،ثلث علي صاحبة الهودج ـ يعنى عائشة ـ وثلث علي صاحب الجمل الأحمر ـ يعنى طلحة ـ وثلث علي علىّ ابن أبى طالب .
وضحك الغلام وقال : أ لا أراني علي ضلال ؟ ! ولحق بعلي، وقال في ذلك شعراً :
سألت ابن طلحة عن هالك
بجوف المدينة لم يقبر
فقال : ثلاثة رهط هم
أماتوا ابن عفّان واستعبر
فثلث علي تلك فى خدرها
وثلث علي راكب الأحمر
وثلث علي ابن أبى طالب
ونحن بدَوّية قرقر
فقلت : صدقت علي الأوّلين
وأخطأت فى الثالث الأزهر
تراجع الزبير بن العوام
*ـ : خرج علىّ بنفسه حاسراً على بغلة رسول الله لا سلاح عليه ، فنادي : يا زبير ، اخرج إلىّ ، فخرج اليه الزبير شاكّاً فى سلاحه ،فقيل ذلك لعائشة ، فقالت : وا ثكلك يا أسماء ، فقيل لها : إنّ عليّاً حاسر ،فاطمأنّت . واعتنق كلّ واحد منهما صاحبه .
فقال له علىّ: ويحك يا زبير ! ما الذى أخرجك ؟ قال : دم عثمان ،قال : قتل الله أولانا بدم عثمان ، أ ما تذكر يوم لقيت رسول الله فى بنى بياضة وهو راكب حماره ، فضحك إلىّ رسول الله ، وضحكت اليه ، وأنت معه ، فقلت أنت : يا رسول الله ،ما يدع علىّ زهوه .
فقال لك : ليس به زهو ، أ تحبّه يا زبير ؟
فقلت : إنّى والله لأحبّه .
فقال لك : إنّك والله ستقاتله وأنت له ظالم .
فقال الزبير: أستغفر الله ، والله لو ذكرتها ما خرجت .
فقال له: يا زبير، ارجع، فقال: وكيف أرجع الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ هذا والله العار الذى لا يغسل .
فقال: يا زبير، ارجع بالعار قبل أن تجمع العار والنار.
فرجع الزبير وهو يقول :
اخترت عاراً علي نار مؤجّجة
ما إن يقوم لها خلق من الطين
نادي علىّ بأمر لست أجهله
عار لعمرك فى الدنيا وفي الدين
فقلت : حسبك من عدل أبا حسن فبعض هذا الذى قد قلتَ يكفينى .
فقال ابنه عبد الله : أين تذهب وتدعنا ؟ فقال: يا بنىّ، أذكرني أبو الحسن بأمر كنت قد أنسيته، فقال: لا والله، ولكنّك فررت من سيوف بنى عبدالمطّلب ; فإنّها طوال حداد، تحملها فتية أنجاد، قال: لا والله، ولكنّى ذكرت ما أنسانية الدهر، فاخترت العار علي النار، أبالجبن تعيّرني لا أبا لك ؟ ثمّ أما لسنانه وشدّ فى الميمنة .
فقال علىّ : افرجوا له فقد هاجوه .
ثمّ رجع فشدّ فى الميسرة ، ثمّ رجع فشدّ فى القلب ، ثمّ عاد الى ابنه ، فقال : أ يفعل هذا جبان ؟ ثمّ مضي منصرفاً .
*عن الزهري : خرج علىّ علي فرسه، فدعا الزبير ، فتواقفا ، فقال
ما جاء بك ؟
قال : أنت ، ولا أراك لهذا الأمر أهلاً ، ولا أولي به منّا .
فقال علىّ : لست له أهلاً بعد عثمان ! قد كنّا نعدّك من بنى عبدالمطّلب حتي بلغ ابنك ابن السوء ففرّق بيننا وبينك . وعظّم عليه أشياء ، فذكر أنّ النبي مرّ عليهما فقال لعلىّ : ما يقول ابن عمّتك ؟ ليقاتلنّك وهو لك ظالم .
فانصرف عنه الزبير ، وقال : فإنّى لا اُقاتلك .
فرجع الى ابنه عبد الله فقال : ما لى فى هذه الحرب بصيرة ، فقالله ابنه : إنّك قد خرجت علي بصيرة ، ولكنّك رأيت رايات ابن أبى طالب ، وعرفت أنّتحتها الموت ، فجبنت . فأحفظه حتي أرعد وغضب ، وقال : ويحك ! إنّى قد حلفت له ألاّ اُقاتله ، فقال له ابنه : كفّر عن يمينك بعتق غلامك سرجس ، فأعتقه ، وقام فى الصفّ معهم .
وكان علىّ قال للزبير : أ تطلب منّى دم عثمان وأنت قتلته ؟ ! سلّط الله علي أشدّنا عليه اليوم ما يكره .
*ـعن قتادة : سار علىّ من الزاوية يريد طلحة والزبير وعائشة وساروا من الفرضة يريدون عليّاً ، فالتقوا عند موضع قصر عبيد الله بن زياد فى النصف من جمادي الآخرة سنة ستّ وثلاثين يوم الخميس ،فلمّا تراءيا لجمعان خرج الزبير علي فرس عليه سلاح ، فقيل لعلّى : هذا الزبير، قال : أما إنّه أحري الرجلين إن ذكّر بالله أن يذكره ، وخرج طلحة ، فخرج اليهما علىّ فدنا منهما حتي اختلفت أعناق دوابّهم ، فقال علىّ : لعمرى لقد أعددتما سلاحاً وخيلا ورجالا ، إن كنتما أعددتما عند الله عذراً فاتّقيا الله سبحانه ، ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً ، أ لم أكن أخاكما فى دينكما ؟ تحرّمان دمي وأحرّم دماءكما ! فهل من حدث أحلّ لكما دمى ؟ قال طلحة : ألّبت الناس علي عثمان ،قال علىّ : ( يَوْمَـئـِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ) يا طلحة تطلب بدم عثمان فلعن الله قتلة عثمان .
*ـ : برز علىّ يوم الجمل ، ونادي بالزبير : يا أبا عبد الله ، مراراً ، فخرج الزبير ، فتقاربا حتي اختلفت أعناق خيلهما .
فقال له علىّ : إنّما دعوتك لاُذكّرك حديثاً قاله لى ولك رسول الله ، أ تذكر يوم رآك وأنت معتنقى ، فقال لك : أ تحبّه ؟
قلت : وما لى لا اُحبّه وهو أخى وابن خالي ؟ !
فقال : أما إنّك ستحاربه وأنت ظالم له .
فاسترجع الزبير ، وقال : أذكرتني ما أنسانيه الدهر ، ورجع الى صفوفه ، فقال له عبد الله ابنه : لقد رجعت الينا بغير الوجه الذى فارقتنا به !
فقال : أذكرنى علىّ حديثاً أنسانيه الدهر ، فلا اُحاربه أبداً ،وانى لراجع
وتارككم منذ اليوم .
فقال له عبد الله : ما أراك إلاّ جبنت عن سيوف بنى عبد المطّلب ،إنّها لسيوف حداد ، تحملها فتية أنجاد .
فقال الزبير : ويلك ! أ تهيجنى علي حربه ! أما إنّى قد حلفت ألاّ اُحاربه .
قال : كفّر عن يمينك ، لا تتحدّث نساء قريش أنّك جبنت ، وما كنت جباناً .
فقال الزبير: غلامي مكحول حرّ كفّارة عن يمينى، ثمّ أنصل سنان رمحه، وحمل علي عسكر علىّ برمح لا سنان له .
فقال علىّ: أفرجوا له، فإنّه محرج.
ثمّ عاد الى أصحابه، ثمّ حمل ثانية، ثمّ ثالثة، ثمّ قال لابنه: أ جبناً ويلك تري؟ ! فقال : لقد أعذرت .
*: قال علىّ بن أبى طالب للزبير : يا أبا عبد الله ، ادنُ إلىّ اُذكّرك كلاما سمعته أنا وأنت من رسول الله !
فقال الزبير لعلىّ : لى الأمان ؟
قال علىّ : عليك الأمان ، فبرز اليه فذكّره الكلام .
فقال : اللهمّ إنّى ما ذكرت هذا إلاّ هذه الساعة ، وثني عنان فرسه لينصرف ، فقال له عبد الله : الى أين ؟ قال : ذكّرنى علىّ كلاماً قاله رسول الله . قال : كلاّ ، ولكنّك رأيت سيوف بنى هاشم حداداً تحملها شداد . قال : ويلك ! ومثلي يعيّر
بالجبن ؟ هلم إلىّ الرمح . وأخذ الرمح وحمل علي أصحاب علىّ .
فقال علىّ : افرجوا للشيخ ، إنّه محرج .
فشقّ الميمنة والميسرة والقلب ثمّ رجع فقال لابنه: لا اُمّ لك! أ يفعل هذا جبان؟ وانصرف.
شهادة زيد بن صوحان
*عن أبي عبدالله قال : لما صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل جاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حتى جلس عند رأسه فقال : رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤنة عظيم المعونة .قال فرفع زيد رأسه اليه ثم قال : وأنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين فو الله ما علمتك إلى بالله عليما وفي أم الكتاب عليا حكيما وإن الله في صدرك لعظيم والله ما قتلت معك على جهالة ولكني سمعت أم سلمة زوج النبي تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله فكرهت والله أن أخذلك فيخذلني الله .
دعاء الامام علي عليه السلام على طلحة والزبير
*- رفع الامام علي عليه السلام يده إلى السماء وقال: اللهم إن طلحة بن عبيدالله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي اللهم فعاجله ولا تمهله وإن الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم أنه ظالم لي اللهم فاكفنيه كيف شئت وأنى شئت .
اعقروا الجمل
* قال علي عليه السلام لما فني الناس على خطام الجمل، وقطعت الأيدي، وسالت النفوس: ادعوا لي الأشتر وعماراً، فجاءا، فقال: اذهبا فاعقرا هذا الجمل؛ فإن الحرب لا يبوخ ضرامها ما دام حيا؛ إنهم قد اتخذوه قبلة، فذهبا ومعهما فتيان من مراد، يعرف أحدهما بعمر بن عبد الله، فما زالا يضربان الناس حتى خلصا اليه، فضربه المرادي عك عرقوبيه، فأقعى وله رغاء، ثم وقع لجنبه، وفر الناس من حوله، فنادى علي عليه السلام : اقطعوا أنساع الهودج، ثم قال لمحمد بن أبي بكر: اكفني أختك، فحملها محمد حتى أنزلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي.
ابن عباس يقابل عائشة
*- بعث علي عبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بالرحيل إلى المدينة، قال: فأتيتها، فدخلت عليها، فلم يوضع لي شيء أجلس عليه، فتناولت وسادة كانت في رحلها، فقعدت عليها، فقالت: يابن عباس، أخطأت السنة، قعدت على وسادتنا في بيتنا بغير إذننا! فقلت: ليس هذا بيتك الذي أمرك الله أن تقري فيه، ولو كان بيتك ما قعدت على وسادتك إلا بإذنك، ثم قلت: إن أمير المؤمنين أرسلني اليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة، فقالت: وأين أمير المؤمنين! ذاك عمر، فقلت: عمر وعلي، قالت: أبيت! قلت: أما والله ما كان أبوك إلا قصير المدة، عظيم المشقة، قليل المنفعة، ظاهر الشؤم بين النكد، وما عسى أن يكون أبوك! والله ما كان أمرك إلا كحلب شاة حتى صرت لا تأمرين ولا تنهين، ولا تأخذين ولا تعطين، وما كنت إلا كما قال أخو بني أسد:
مازال إهداء الصغائر بينـنـا *** نثًّ الحديث وكثرة الألقـاب
حتى نزلت كـأن صـوتـك *** بينهم في كل نائبة طنين ذباب
قال: فبكت حتى سمع نحيبها من وراء الحجاب، ثم قالت: إني معجلة الرحيل إلى بلادي إن شاء الله تعاك، والله ما من بلد أبغض الى من بلد أنتم فيه، قلت: ولم ذاك! فوالله لقد جعلناك للمؤمنين أماً، وجعلنا أباك صديقاً، قالت: يا بن عباس، أتمن علي برسول الله؟ قلت: ما لي لا أمن عليك بمن لو كان منك لمننت به علي! ثم أتيت علياً عليه السلام فأخبرته بقولها وقولي، فسر بذلك، وقال لي: "ذريةً بعضها من بعض والله سميع عليم"؛ وفي رواية: أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك.
ومن كلام له عليه السلام
لما مر بطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وهما قتيلان يوم الجمل لقد أصبح أبو محمد بهذا المكان غريباً! أما والله لقد كنت أكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب! أدركت وتري من بني عبد مناف، وأفلتني أعيار بني جمح، لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه!
مقتل طلحة
*جعل طلحة ينادى بأعلى صوته : عباد الله ! الصبر الصبر! إنّ بعد الصبر النصر والأجر . فنظر اليه مروان بن الحكم، فقال لغلام له: ويلك يا غلام! والله إنّى لأعلم أنّه ما حرّض على قتل عثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة ولا قتله سواه! ولكن استرني فأنت حرّ ; فستره الغلام.
ورمي مروان بسهم مسموم لطلحة بن عبيد الله، فأصابه به، فسقط طلحة لما به وقد غُمى عليه . ثمّ أفاق، فنظر الى الدم يسيل منه فقال: إنّا لله وإنّا اليه راجعون ، أظنّ والله أنّنا عُنينا بهذه الآية من كتاب الله عزّ وجلّ إذ يقول : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَـلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
*عن ابن أبى عون : سمعت مروان بن الحكم يقول : لمّا كان يوم الجمل قلت : والله لاُدركنّ ثار عثمان ! فرميتُ طلحة بسهم فقطعت نساه ، وكان كلّما سُدّ الموضع غلب الدم وألمه ، فقال لغلامه : دَعه فهو سهم أرسله الله إلىّ .
ثمّ قال له: ويلك! اطلب لي موضعاً أحترز فيه ، فلم يجد له مكاناً ، فاحتمله عبيد الله بن معمّر فأدخله بيتا عرابيّة ، ثمّ ذهب فصبر هنيّة ورجع ، فوجده قد مات .
محمد بن ابي بكر
*عن محمّد ابن الحنفيّة: نظرت الى أبي يفرج الناس يميناً وشمالاً، ويسوقهم أمامه . . . حتي انتهي الى الجمل وحوله أربعة آلاف مقاتل من بنى ضبّة والأزد وتميم وغيرهم، فصاح: اقطعوا البِطان! فأسرع محمّد بن أبى بكر فقطعه، واطّلع علي الهودج، فقالت عائشة: من أنت؟
فقال: أبغض أهلك اليك.
قالت: ابن الخثعميّة؟
قال: نعم، ولم تكن دون اُمّهاتك.
قالت: لعمرى، بل هى شريفة، دَع عنك هذا ، الحمد لله الذى سلّمك .
قال: قد كان ذلك ما تكرهين .
قالت: يا أخى لو كرهته ما قلتُ ما قلت !
قال : كنتِ تحبّين الظفر وأنّى قتلت .
قالت : قد كنت اُحبّ ذلك ، لكن لمّا صرنا الى ما صرنا اليه أحبب سلامتك ; لقرابتي منك ، فاكفف ولا تعقّب الاُمور ، وخذ الظاهر ولا تكن لومة ولا عذلة ، فإنّ أباك لم يكن لومة ولا عذلة .
وجاء علىّ فقرع الهودج برمحه ، وقال : يا شقيراء ، أ بهذا أوصاك رسول الله ؟ !
قالت : يابن أبى طالب قد ملكتَ فأسجِح .
وجاءها عمّار فقال لها : يا اُمّاه ! كيف رأيت ضرب بنيك اليوم دون دينهم بالسيف؟ فصمتت ولم تجِبه .
وجاءها مالك الأشتر وقال لها : الحمد لله الذى نصر وليّه ، وكبت عدوّه ،( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِـلُ إِنَّ الْبَاطِـلَ كَانَ زَهُوقًا ) فكيف رأيتِ صنع الله بك يا عائشة ؟
فقالت : من أنت ثكلتك اُمّك ؟
فقال : أنا ابنكِ الأشتر .
قالت : كذبت لستُ باُمّك .
قال : بلي ، وإن كرهتِ .
فقالت : أنت الذى أردت أن تثكل اُختى أسماء ابنها ؟
فقال : المعذرة الى الله ثمّ اليكِ ، والله إنّى لولا كنت طاوياً ثلاثةً لأرحتك منه ، وأنشأ يقول ، بعد الصلاة علي الرسول :
أ عائشُ لولا أنّنى كنتُ طاوياً *** ثلاثاً لَغادَرتِ ابن اختكِ هالكا
غَداةَ يُنادى والرماحُ تَنوشهُ *** بآخرِ صوت اُقتلوني ومالِكا
فبكت وقالت: فخرتُم وغلبتُم، (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا) .
ونادي أمير المؤمنين محمّداً فقال: سَلها: هل وصل اليها شىء من الرماح والسهام. فسألها، فقالت: نعم، وصل إلىّ سهم خدش رأسي وسلمتُ منه، يحكم الله بينى وبينكم.
فقال محمّد: والله، ليحكمنّ الله عليكِ يوم القيامة، ما كان بينكِ وبين أمير المؤمنين حتي تخرجي عليه وتؤلّبى الناس علي قتاله ، وتنبذى كتاب الله وراء ظهرك ! !
فقالت : دعنا يا محمّد ! وقل لصاحبك يحرسني.
قال: والهودج كالقنفذ من النبل، فرجعت الى أمير المؤمنين فأخبرته بما جري بيني وبينها، وما قلت وما قالت. فقال: هى امرأة، والنساء ضعاف العقول، تولَّ أمرها، واحملها الى دار بنى خلف حتي ننظر فى أمرها. فحملتها الى الموضع، وإنّ لسانها لا يفتر عن السبّ لى ولعلىّ والترحّم علي أصحاب الجمل.
* لمّا تفرّق الناس عن الجمل أشفق أمير المؤمنين أن يعود اليه فتعود الحرب، فقال: عَرقِبوا الجمل. فتبادر اليه أصحاب أمير المؤمنين فعرقوبه، ووقع لجنبه، وصاحت عائشة صيحة أسمعت من في العسكرين.
*عن ميسرة أبى جميلة: إنّ محمّد بن أبى بكر وعمّار بن ياسر أتيا عائشة وقد عُقر الجمل ، فقطعا غُرضة الرحل ، واحتملا الهودج فنحّياه ، حتي أمرهما علي ّفيه أمره بعد ، قال : أدخلاها البصرة . فأدخلاها دار عبد الله بن خلف الخزاعى .