التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
الاستعداد للمعركة
المؤلف: مؤسسة الغدير
المصدر: موسوعة سيرة الإمام علي (عليه السلام)
الجزء والصفحة: ص القسم السابع، فصل2، الباب 2-2. جهادة في الخلافة »
3-2-2020
1904
الاستعداد للمعركة
عن الشام وارسال واليا بدلا عنه عزل معاوية
*- عن ابن عبّاس : قدمت من مكّة بعد مقتل عثمان بخمس ليال ، فجئت عليّاً أدخل عليه ، فقيل لى : عنده المغيرة بن شعبة ،فجلست بالباب ساعة ، فخرج المغيرة ، فسلّم علىَّ ، وقال : متي قدمت ؟ قلت : الساعة، ودخلت علي علىّ وسلّمت عليه . . .قلت : أخبرني عن شأن المغيرة ، ولِمَ خلا بك ؟قال : جاءنى بعد مقتل عثمان بيومين ، فقال : أخلني ، ففعلت ، فقال : إنّ النصح رخيص ، وأنت بقيّة الناس ، وأنا لك ناصح ، وأنا اُشير عليك أن لا تردّ عمّال عثمان عامك هذا ، فاكتب إليهم بإثباتهم علي أعمالهم ، فإذا بايعوا لك ، واطمأنّ أمرك ، عزلتَ من أحببت ، وأقررتَ من أحببت .فقلت له : والله ، لا اُداهن فى ديني ، ولا اُعطى الرياء فى أمرى .قال : فإن كنت قد أبيت فانزع من شئت ، واترك معاوية ; فإنّ له جرأة وهو فى أهل الشام مسموع منه ، ولك حجّة فى إثباته ، فقد كان عمر ولاّه الشام كلّها .فقلت له : لا والله ، لا أستعمل معاوية يومين أبداً .فخرج من عندى علي ما أشار به ، ثمّ عاد ، فقال : إنّى أشرت عليك بما أشرت به وأبيت علىَّ ، فنظرت فى الأمر وإذا أنت مصيب لا ينبغي أن تأخذ أمرك بخدعة ، ولا يكون فيه دلسة .قال ابن عبّاس : فقلت له : أمّا أوّل ما أشار به عليك فقد نصحك ،وأمّا الآخر فقد غشّك([1])
*- عن ابن عبّاس لعلىّ عليه السلام ـ : أنا اُشير عليك أنتثبت معاوية ، فإن بايع لك فعلىَّ أن أقلعه من منزله . قال : لا والله لا اُعطيه إلاّ السيف ، ثمّ تمثّل :
فما مِيتةٌ إن مِتّها غيرَ عاجز *** بعار إذا ما غالَتِ النفسُ غولها
فقلت: يا أمير المؤمنين، أنت رجل شجاع، أ ما سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: الحرب خدعة؟! فقال علي : بلي . قلت: أما والله، لئن أطعتني لأصدرنّ بهم بعد ورود، ولأتركنّهم ينظرون فى أدبار الاُمور، ولا يدرون ما كان وجهها ، من غير نقص لك ، ولا إثم عليك .فقال لى : يابن عبّاس ، لست من هنياتك ولا هنيات معاوية فى شيء تشير به علىَّ برأى ، فإذا عصيتك فأطعني .فقلت : أنا أفعل ، فإنّ أيسر ما لك عندى الطاعة ، والله ولىّ التوفيق([2])
الإمام يدعو معاوية إلي البيعة
*-الإمام علىّ عليه السلام ـ من كتاب له إلي معاوية لمّا بويع عليه السلام بالخلافة ـ: من عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلي معاوية بن أبى سفيان: أمّا بعد، فقد علمت إعذاري فيكم، وإعراضي عنكم، حتي كان ما لابدّ منه ولا دفع له ، والحديث طويل ، والكلام كثير ، وقد أدبر ما أدبر ، وأقبل ما أقبل ، فبايع من قبلك ، وأقبل إلىَّ فى وفد من أصحابك . والسلام ([3])
*ـ في شرح نهج البلاغة: لمّا بويع علىّ عليه السلام كتب إلي معاوية: أمّا بعد، فإنّ الناس قتلوا عثمان عن غير مشورة منّى، وبايعوني عن مشورة منهم واجتماع، فإذا أتاك كتابي فبايع لى ، وأوفد إلىَّ أشراف أهل الشام قبلك([4])
جواب معاوية
*في تاريخ الطبري- فى ذكر كتاب الإمام إلى معاوية وأبى موسي ـ: وكان رسول أمير المؤمنين إلى معاوية سبرة الجهني، فقدم عليه فلم يكتب معاوية بشىء، ولم يجِبه، وردّ رسوله، وجعل كلّما تنجّز جوابه لم يزِد علي قوله:
أدِم إدامةَ حصن أو خذا بيدي *** حرباً ضروساً تشبّ الجزل والضرما
فى جاركم وابنكم إذ كان مقتله *** شَنعاء شَيّبتِ الاصداغَ واللَّم َما
أعيَي المَسُودُ بها والسيّدونَ فلم *** يوجد لها غيرنا موليً ولا حَكَما
وجعل الجهني كلّما تنجّز الكتاب لم يزِده علي هذه الأبيات ، حتى إذا كان الشهر الثالث من مقتل عثمان فى صفر دعا معاوية برجل من بنى عبس ثمّ أحد بنى رواحة يدعى قبيصة ، فدفع إليه طوماراً مختوماً عنوانه : من معاوية إلى علي ، فقال : إذا دخلت المدينة فاقبض على أسفل الطومار ، ثمّ أوصاه بما يقول وسرّح رسول علىّ .وخرجا فقدما المدينة فى ربيع الأوّل لغرّته ، فلمّا دخلا المدينة رفع العبسي الطومار كما أمره ، وخرج الناس ينظرون إليه ، فتفرّقوا إلى منازلهم وقد علموا أنّ معاوية معترض ، ومضى يدخل على علي ، فدفع إليه الطومار ففضّ خاتمه فلم يجد في جوفه كتابة ، فقال للرسول : ما وراءك ؟ قال : آمن أنا ؟ قال : نعم إنّ الرسل أمنة لا تقتل . قال : ورائي إنّي تركت قوماً لا يرضون إلاّ بالقود . قال : ممن ؟قال : من خيط نفسك ، وتركت ستين ألف شيخ يبكي تحت قميص عثمان وهو منصوب لهم قد ألبسوه منبر دمشق . فقال: منّي يطلبون دم عثمان! ألستم وتوراً كتِرة عثمان؟! اللهمّ إنّى أبرأ إليك من دم عثمان ([5])
تعيين الوالي للشام
*قال الامام علىّ عليه السلام- لابن عبّاس: سِر إلى الشام فقد ولّيتُكَها. فقال ابن عبّاس: ما هذا برأي ; معاويةُ رجلٌ من بنى اُميّة، وهو ابنُ عمّ عثمان وعامله على الشام، ولست آمن أن يضرب عنقي لعثمان، أو أدْنى ما هو صانعٌ أن يحبسني فيتحكّم علي. فقال له علي: ولم؟ قال: لقرابة ما بيني وبينك، وإنّ كلّ ما حمِل عليك حمِل علي، ولكن اكتب إلى معاوية فمنِّه وعِدهُ. فأبى عليّ وقال: والله لا كان هذا أبداً ([6])
*- عن محمّد وطلحة: بعث علي عمّاله علي الأمصار فبعث . . . سهل بن حُنَيف علي الشام، فأمَّا سهل فإنّه خرج حتى إذا كان بتَبوك لقيته خيلٌ ، فقالوا : من أنت ؟قال : أمير . قالوا : على أي شىء ؟ قال : على الشام ، قالوا : إن كان عثمان بعثك فحيه لاً بك ، وإن كان بعثك غيرُه فارجع ! قال :أ وَما سمعتم بالذي كان ؟ قالوا : بلَى ; فرجع إلى علي([7])
ارسال جرير إلى معاوية
وأراد الامام علي عليه السلام ان يبعث إلى معاوية رسولا فقال له جرير بن عبد الله البجلي ابعثني إليه فإنه لم يزل لي مستنصحا فادعوه إلى أن يسلم لك الأمر على أن يكون أميرا من أمرائك وعاملا من عمالك ما عمل بطاعة الله وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وجلهم قومي وأهل بلادي وقد رجوت ان لا يعصوني
فقال له الأشتر لا تبعثه فوالله أني لأظن هواه هواهم
فقال له علي دعه حتى ننظر ما يرجع به إلينا فبعثه وقال له ان حولي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله من أهل الدين والرأي من قد رأيت وقد اخترتك عليهم ائت معاوية بكتابي فان دخل فيما دخل فيه المسلمون والا فانبذ إليه واعلمه اني لا أرضى به أميرا.
وقال المبرد في الكامل ان جريرا قال له والله يا أمير المؤمنين ما ادخرك من نصرتي شيئا وما اطمع لك في معاوية
فقال علي انما قصدي حجة أقيمها
فانطلق جرير حتى اتى الشام ودخل على معاوية فقال اما بعد يا معاوية فإنه قد اجتمع لابن عمك أهل الحرمين وأهل المصرين وأهل الحجاز واليمن ومصر وأهل العروض وعمان وأهل البحرين واليمامة ولم يبق الا هذه الحصون التي أنت بها لو سال عليها سيل من أوديته غرقها وقد اتيتك أدعوك إلى ما يرشدك ويهديك إلى مبايعة هذا الرجل ودفع إليه كتاب علي بن أبي طالب وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان بيعتي لزمتك بالمدينة وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه فلم يك للشاهد أن يختار وللغائب أن يرد وانما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك لله رضا فان خرج من امرهم خارج بطعن أو رغبة ردوه إلى ما خرج منه فان أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا وإن طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي وكان نقضهما كردهما فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون فادخل فيما دخل فيه المسلمون فان أحب الأمور إلي فيك العافية إلا أن تتعرض للبلاء فان تعرضت له قاتلتك واستعنت الله عليك وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه الناس ثم حاكم القوم إلي أحملك واياهم على كتاب الله فاما تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني أبرأ قريش من دم عثمان واعلم انك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ولا تعرض فيهم الشورى وقد أرسلت إليك وإلى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل الايمان والهجرة فبايع ولا قوة الا بالله
فلما قرأ الكتاب قام جرير فخطب خطبة قال في آخرها أيها الناس إن أمر عثمان قد أعيا من شهده فما ظنكم بمن غاب عنه وإن الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نكثا بيعته على غير حدث الا وإن هذا الدين لا يحتمل الفتن الا وإن العرب لا تحتمل السيف وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس وقد بايعت العامة عليا ولو ملكنا والله أمورنا لم نختر لها غيره وما خالف هذا استعتب فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس فان قلت استعملني عثمان ثم لم يعزلني فان هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين وكان لكل امرئ ما في يديه ولكن الله لم يجعل للآخر من الولاة حق الأول وجعل تلك أمورا موطأة وحقوقا ينسخ بعضها بعضا .
فقال معاوية انظر وتنظر واستطلع رأي أهل الشام
وامر معاوية مناديا فنادى الصلاة جامعة فصعد المنبر وقال:
الحمد لله الذي جعل الدعائم للاسلام اركانا والشرائع للأيمان برهانا يتوقد قابسه في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده فأحلها أهل الشام ورضيهم لها ورضيها لهم لما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم خلفاءه والقوام بأمره والذابين عن دينه وحرماته ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما وفي سبيل الخيرات اعلاما يردع الله بهم الناكثين ويجمع بهم ألفة المؤمنين والله نستعين على ما تشعب من أمر المسلمين بعد الالتئام وتباعد بعد القرب اللهم انصرنا على أقوام يوقظون نائمنا ويخيفون آمننا ويريدون هراقة دمائنا وإخافة سبلنا وقد يعلم الله انا لم نرد بهم عقابا ولا نهتك لهم حجابا ولا نوطئهم زلقا غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا ما جاوب الصدى وسقط الندى وعرف الهدى حملهم على خلافنا البغي والحسد فالله نستعين عليهم أيها الناس قد علمتم اني خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب واني خليفة عثمان بن عفان عليكم وإني لم أقم رجلا منكم على خزاية قط واني ولي عثمان وقد قتل مظلوما والله يقول ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا وانا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان .
فقام أهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان وبايعوه على ذلك وأوثقوا له على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم ويدركوا ثأره أو يفني الله أرواحهم فلما جن معاوية الليل وكان قد اغتم وعنده أهل بيته قال :
تطاول ليلي واعترتني وساوسي *** لآت اتى بالترهات البسابس
أتانا جرير والحوادث جمة *** بتلك التي فيها اجتداع المعاطس
أكابده والسيف بيني وبينه *** ولست لأثواب الدني بلابس
إن الشام أعطت طاعة يمنية *** تواصفها أشياخها في المجالس
فان يجمعوا أصدم عليا بجبهة *** تغث عليه كل رطب ويابس
وإني لأرجو خير ما انا نائل *** وما أنا من ملك العراق بايس
واستحثه جرير بالبيعة فقال يا جرير انها ليست بخلسة وانه أمر له ما بعده فأبلعني ريقي حتى انظر.
الاستعانة بعمرو بن العاص
طلب معاوية عمرو بن العاص ودعا ثقاته فقال له عتبة بن أبي سفيان وكان نظيره استعن على هذا الأمر بعمرو بن العاص وأثمن له بدينه فإنه من قد عرفت وقد اعتزل أمر عثمان في حياته وهو لأمرك أشد اعتزالا الا أن يرى فرصة
فكتب معاوية إلى عمرو وهو بفلسطين كان ذهب إليها لما حوصر عثمان وكان له منزل بها :
اما بعد فإنه كان من أمر علي وطلحة والزبير ما قد بلغك وقد سقط إلينا مروان بن الحكم في رافضة أهل البصرة وقدم علينا جرير بن عبد الله في بيعة علي وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني اقبل أذاكرك أمرا
فاستشار عمرو ابنيه عبد الله ومحمدا فقال عبد الله قتل عثمان وأنت عنه غائب فقر في منزلك فلست مجعولا خليفة ولا تريد أن تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليلة أوشك أن تهلك فتشقى فيها.
وقال محمد انك شيخ قريش وصاحب امرها وإن تصرم هذا الأمر وأنت فيه خامل تصاغر امرك فالحق بجماعة أهل الشام فكن يدا من أيديها واطلب بدم عثمان.
فقال عمرو اما أنت يا عبد الله فامرتني بما هو خير لي في دنياي وانا ناظر فيه فلما جنه الليل رفع صوته وأهله ينظرون إليه فقال:
تطاول ليلي للهموم الطوارق *** وحولي التي تجلو وجوه العواتق
وإن ابن هند سائلي أن أزوره *** وتلك التي فيها بنات البوائق
اتاه جرير من علي بخطة *** امرت عليه العيش ذات مضايق
فان نال مني ما يؤمل رده *** وإن لم ينله ذل ذل المطابق
فوالله ما أدري وما كنت هكذا *** أكون ومهما قادني فهو سائقي
أخادعه أن الخداع دنية *** أم اعطيه من نفسي نصيحة وامق
أو اقعد في بيتي وفي ذاك راحة *** لشيخ يخاف الموت في كل شارق
وقد قال عبد الله قولا تعلقت *** به النفس إن لم تعتل قني عوائقي
وخالفه فيه اخوه محمد *** واني لصلب العود عند الحقائق
فقال عبد الله ترحل الشيخ
ودعا عمرو غلاما له يقال له وردان وكان داهيا ماردا فقال ارحل يا وردان ثم قال حط يا وردان فقال له وردان خلطت أبا عبد الله اما انك إن شئت أنبأتك بما في نفسك قال هات ويحك قال اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك فقلت علي معه الآخرة في غير دنيا وفي الآخرة عوض من الدنيا ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة وليس في الدنيا عوض من الآخرة فأنت واقف بينهما قال والله ما أخطأت فما ترى يا وردان قال ارى أن تقيم في بيتك فان ظهر أهل الدين عشت عفو دينهم وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك قال الآن لما شهدت العرب مسيري إلى معاوية فارتحل وهو يقول :
يا قاتل وردانا وقرحته *** أبدي لعمرك ما في النفس وردان
اما علي فدين ليس يشركه *** دنيا وذاك له دنيا وسلطان
فاخترت من طمعي دينا على بصر *** وما معي بالذي اختار برهان
لكن نفسي تحب العيش في شرف *** وليس يرضى بذل العيش انسان
فسار حتى قدم على معاوية وعرف حاجة معاوية إليه فباعده وكايد كل واحد منهما صاحبه فلما دخل عليه قال أبا عبد الله طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة اخبار ليس فيها ورد ولا صدر
قال وما ذاك
قال ذاك ان محمد بن أبي حذيفة ثم صالحه معاوية فغدر به وسجنه. كسر سجن مصر فخرج هو وأصحابه وهو من آفات هذا الدين
ومنها أن قيصر زحف بجماعة الروم إلي ليغلب على الشام
ومنها أن عليا نزل الكوفة متهيأ للمسير إلينا قال ليس كل ما ذكرت عظيما اما ابن أبي حذيفة فما يتعاظمك من رجل خرج في اشباهه أن تبعث إليه خيلا تقتله أو تأتيك به وإن فاتك لا يضرك واما قيصر فاهد له من وصفاء الروم ووصائفها وآنية الذهب والفضة وسله الموادعة فإنه إليها سريع واما علي فلا والله يا معاوية ما تسوي العرب بينك وبينه في شئ من الأشياء وإن له في الحرب لحظا ما هو لأحد من قريش وإنه لصاحب ما هو فيه الا أن تظلمه.
وقال معاوية لعمرو يا أبا عبد الله إني أدعوك إلى جهاد هذا الرجل الذي عصى ربه وقتل الخليفة وأظهر الفتنة وفرى الجماعة وقطع الرحم ، قال عمرو إلى من ؟
قال : إلى جهاد علي
فقال له عمرو والله يا معاوية ما أنت وعلي بعكمي بعير ما لك هجرته ولا سابقته ولا صحبته ولا جهاده ولا فقهه ولا علمه والله إن له مع ذلك حدا وحدودا وحظا وحظوة وبلاء من الله حسنا فما تجعل لي إن شايعتك على حربه وأنت تعلم ما فيه من الغرر والخطر قال حكمك قال مصر طعمة، فتلكأ عليه معاوية
وفي رواية قال له معاوية اني أكره لك أن يتحدث العرب عنك أنك انما دخلت في هذا الأمر لعرض الدنيا
قال دعني عنك
قال معاوية إني لو شئت أن أمنيك وأخدعك لفعلت
قال عمرو لا لعمر الله ما مثلي يخدع لأنا أكيس من ذلك
قال له معاوية ادن مني برأسك أسارك فدنا منه عمرو يساره فعض معاوية أذنه وقال هذه خدعة هل ترى في بيتي أحدا غيري وغيرك فأنشأ عمرو يقول :
معاوية لا أعطيك ديني ولم انل *** بذلك دنيا فانظرن كيف تصنع
فان تعطني مصرا فأربح بصفقة *** أخذت بها شيخا يضر وينفع
وما الدين والدنيا سواء وانني *** لآخذ ما تعطي ورأسي مقنع
وأعطيك أمرا فيه للملك قوة *** وإني به إن زلت النعش اضرع
قال يا أبا عبد الله أ لم تعلم أن مصر مثل العراق
قال بلى ولكنها انما تكون لي إذا كانت لك وانما تكون لك إذا غلبت عليا على العراق، وقد كان أهلها بعثوا بطاعتهم إلى علي
ودخل عتبة بن أبي سفيان فقال أ ما ترضى أن تشتري عمرا بمصر إن هي صفت لك فليتك لا تغلب على الشام
فقال معاوية يا عتبة بت عندنا الليلة . فلما جن الليل على عتبة رفع صوته ليسمع معاوية وقال من أبيات :
اعط عمرا ان عمرا تارك *** دينه اليوم لدنيا لم تحز
اعطه مصرا وزده مثلها *** انما مصر لمن عز وبز
إن مصرا لعلي أو لنا *** يغلب اليوم عليها من عجز
بيع مصر لعمرو بن العاص
فلما سمع معاوية قوله ارسل إلى عمرو وأعطاه مصرا
فقال عمرو لي الله عليك بذلك شاهد
قال نعم لك الله علي بذلك إن فتح الله علينا الكوفة
فقال عمرو والله على ما نقول وكيل
فخرج عمرو من عنده فقال له ابناه ما صنعت قال أعطانا مصر طعمة قالا وما مصر في ملك العرب
قال لا أشبع الله بطونكما إن لم تشبعكما
وكتب معاوية له بمصر كتابا وكتب على أن لا ينقض شرط طاعة فكتب عمرو على أن لا ينقض طاعة شرطا فكايد كل واحد منهما صاحبه.
ذكر هذا اللفظ أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في الكامل، وتفسيره: إن قول معاوية على أن لا ينقض شرط طاعة أي أن الاخلال بما شرط له لا ينقض طاعة عمرو له فعليه أن يطيعه ولو أخل بالشرط وقول عمرو على أن لا ينقض طاعة شرطا أي أن الاخلال بالطاعة لا ينقض هذا الشرط فعليه أن يفي بما شرط ولو أخل عمرو بالطاعة .
وكان مع عمرو ابن عم له فتى شاب وكان داهيا حليما فلما جاء عمرو بالكتاب مسرورا عجب الفتى وقال ألا تخبرني يا عمرو بأي رأي تعيش في قريش أعطيت دينك ومنيت دنيا غيرك أ ترى أهل مصر وهم قتلة عثمان يدفعونها إلى معاوية وعلي حي وتراها إن صارت إلى معاوية لا يأخذها بالحرف الذي قدمه في الكتاب فقال عمرو يا ابن الأخ إن الأمر لله دون علي ومعاوية فقال الفتى في ذلك شعرا :
الا يا هند أخت بني زياد *** دهي عمرو بداهية البلاد
له خدع يحار العقل فيها *** مزخرفة صوائد للفؤاد
تشرط في الكتاب عليه حرفا *** يناديه بخدعته المنادي
وأثبت مثله عمرو عليه *** كلا المرئين حية بطن وادي
الا يا عمرو ما أحرزت مصرا *** وما ملت الغداة إلى الرشاد
وبعت الدين بالدنيا خسارا *** فأنت بذاك من شر العباد
فلو كنت الغداة أخذت مصرا *** ولكن دونها خرط القتاد
وفدت إلى معاوية بن حرب *** فكنت بها كوافد قوم عاد
وأعطيت الذي أعطيت منه *** بطرس فيه نضح من مداد
أ لم تعرف أبا حسن عليا *** وما نالت يداه من الأعادي
عدلت به معاوية بن حرب *** فيا بعد البياض من السواد
ويا بعد الأصابع من سهيل *** ويا بعد الصلاح من الفساد
أ تأمن أن تراه على خدب *** يحث الخيل بالأسل الحداد
ينادي بالنزال وأنت منه *** بعيد فانظرن من ذا تعادي
فقال عمرو يا ابن أخي لو كنت مع علي وسعني بيتي ولكن الآن مع معاوية
فقال له الفتى انك إن لم ترد معاوية لم يردك ولكنك تريد دنياه ويريد دينك وبلغ معاوية قول الفتى فطلبه فهرب فلحق بعلي فحدثه بأمر عمرو ومعاوية فسره ذلك وقربه . وغضب مروان وقال ما بالي لا اشتري كما اشتري عمرو؟ !
فقال له معاوية: انما تبتاع الرجال لك .
وقال معاوية لعمرو ما ترى قال امض الرأي الأول فبعث مالك بن هبيرة الكندي في طلب ابن أبي حذيفة فأدركه فقتله
الشني يحث على حرب الشام
*- قال نصر بن مزاحم ان عليا عليه السلام مكث بالكوفة فقال الشني في ذلك شن عبد القيس :
قل لهذا الامام قد خبت الحر *** ب وتمت بذلك النعماء
وفرغنا من حرب من نقض *** العهد وبالشام حية صماء
تنفث السم ما لمن نهشته *** فارمها قبل ان تعض شفاء
انه والذي تحج له ألنا **** س ومن دون بيته البيداء
لضعيف النخاع ان رمي اليوم *** بخيل كأنها الأشلاء
تتبارى بكل اصيد كالفحل **** بكفيه صعدة سمراء
أو تذره فما معاوية الدهر *** بمعطيك ما أراك تشاء
ولنيل السماك أقرب من ذا *** ك ونجم العيون والعواء
فاضرب الحد والحديد إليهم *** ليس والله غير ذاك دواء
*- لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من الجمل نزل في الرحبة السادس من رجب وخطب فقال: الحمد لله الذي نصر وليه وخذل عدوه وأعز الصادق المحق وأذل الناكث المبطل. ثم إنه عليه السلام دعا الأشعث بن قيس من ثغر اذربيجان والأحنف ابن قيس من البصرة وجرير بن عبد الله البجلي من همدان فأتوه إلى الكوفة، فوجه جرير إلى معاوية يدعوه إلى طاعته، فلما بلغها توقف معاوية في ذلك حتى قدم شرحبيل الكندي ثم خطب فقال: أيها الناس قد علمتم اني خليفة عمر وخليفة عثمان وقد قتل عثمان مظلوما وأنا وليه وابن عمه وأولى الناس بطلب دمه ، فماذا رأيكم ؟ فقالوا: نحن طالبون بدمه . فدعا عمرو بن العاص على أن يطعمه مصر ، فكان عمرو يأمر بالحمل والحط مرارا . فقال له غلامه وردان تفكر ان الآخرة مع علي والدنيا مع معاوية فقال عمرو :
يا قاتل الله وردانا وفطنته *** ابدا لعمري ما في الصدر وردان
فلما ارتحل قال ابن عمرو له :
ألا يا عمرو ما أحرزت نصرا *** ولا أنت الغداة إلى رشاد
أبعت الدين بالدنيا خسارا *** وأنت بذاك من شر العباد
فانصرف جرير .
فكتب معاوية إلى أهل المدينة ، : ان عثمان قتل مظلوما ، وعلي آوى قتلته فان دفعهم الينا كففنا عنه وجعلنا هذا الامر شورى بين المسلمين كما جعله عمر عند وفاته فانهضوا رحمكم الله معنا إلى حربه . فأجابوه بكتاب فيه :
معاوي أن الحق أبلج واضح *** وليس كما ربصت أنت ولا عمر
و نصبت لنا اليوم ابن عفان خدعة *** كما نصب الشيخان إذ زخرف الامر
رميتم عليا بالذي لم يضره *** وليس له في ذاك نهي ولا أمر
وما ذنبه إن نال عثمان معشر *** أتوه من الاحياء تجمعهم مصر
وكان علي لازما قعر بيته *** وهمته التسبيح والحمد والذكر
فما أنتما لا در در أبيكما *** وذكركم الشورى وقد وضح الامر
فما أنتما والنصر منا وأنتما *** طليق أسارى ما تبوح بها الخمر ([8])
______________
([1]) مروج الذهب: ٢ / ٣٦٤، تاريخ الطبري: ٤ / ٤٤٠، الكامل فى التاريخ: ٢ / ٣٠٦نحوه وراجع الأخبار الطوال: ١٤٢ والإمامة والسياسة: ١ / ٦٧ والبداية والنهاية : ٧ / ٢٢٩.
([2]) مروج الذهب: ٢ / ٣٦٤، تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٤١ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٣٠٧ نحوه وراجع البداية والنهاية : ٧ / ٢٢٩
([3]) نهج البلاغة: الكتاب ٧٥، بحار الأنوار: ٣٢ / ٣٦٥ / ٣٤٠
([4]) شرح نهج البلاغة: ١ / ٢٣٠.
([5]) تاريخ الطبري : ٤ / ٤٤٣ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣١٠
تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٤٠ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٠٧ ،
([6]) الإمامة والسياسة: ١ / ٦٧
([7]) تاريخ الطبرى : ٤ / ٤٤٢ ، الكامل فى التاريخ : ٢ / ٣٠٩ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٢٩.
([8]) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 348.