1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : المدارس النحوية : المدرسة الاندلسية : جهود علماء المدرسة الاندلسية : جهود ابن مالك :

مؤلفاته ابن مالك وخصائصه

المؤلف:  د. محمد المختار ولد أباه

المصدر:  تاريخ النحو العربي في المشرق والغرب

الجزء والصفحة:  ص314- 320

29-03-2015

9131

مؤلفاته

إن من أكثر مؤلفات ابن مالك شهرة، و أوسعها انتشارا ثلاثة و هي الكافية الشافية، و الخلاصة، و تسهيل الفوائد و تكميل المقاصد، و كل واحد من هذه الثلاثة يعبر عن مرحلة خاصة من مسيرة ابن مالك العلمية. كان أول ما كتب منها الكافية الشافية، و هي موسوعة شاملة للمعلومات التي جمعها من دراسته الواسعة، و قد نظمها في ألفين و سبعمائة و خمسين بيتا و نيف. ثم بعد ما شرحها انتقى منها ألفيته المشهورة، فجاءت خلاصته تهذيبا تطبيقيا، و عملا تربويا يقدم إلى الطلاب ما لا يسع جهله من النحو، دون أن يثقل عليهم بتشعب الآراء، و فروع الاختلاف، و يرشدهم إلى الطرق استعمال اللغة استعمالا صحيحا، و إلى التبصر بإعرابها المندرج تحت المعاني. فاعتمدها جمهور

ص314

الدارسين، و استبدلها الناس بكتاب سيبويه، و بجمل الزجاجي، و بإيضاح الفارسي، و بمقدمة الجزولي، في جميع الأصقاع و صمدت على مر العصور.

و بعد ما نظم ابن مالك الكافية لنفسه، و الخلاصة للطلاب، ألف التسهيل للعلماء. و يقال إنه قد لخصه في مؤلف سابق له، اسمه الفوائد، و إن كتاب الفوائد هذا الذي عناه سعيد الدين العربي العوفي بقوله:

إن الإمام جمال الدين فضله                   إلاهه و لنشر العلم أهّله 
أملى كتابا له يسمى الفوائد لم         يزل مفيدا لذي لب تأمّله 
فكلّ مسألة في النحو يجمعها                  إن الفوائد جمع لا نظير له (1)
و أهمية كتاب التسهيل تكمن في كونه يمثل الآراء الأخيرة و النهائية لابن مالك. إنه ثمرة فكره، و حصيلة عمره، فتح به آفاقا واسعة للنحويين من بعده ليراجعوا النظر في تثبيت القواعد النحوية، و ليعيدوا صلاتها مع مقتضيات الاستعمال اللغوي.

اعتبر العلماء كتاب التسهيل مثل كتاب سيبويه. فيقول عنه أبو حيان في البحر المحيط إن (أحسن موضوع في علم النحو، و أجلّه كتاب أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه، و أحسن ما وضعه المتأخرون من المختصرات و أجمعه للأحكام كتاب تسهيل الفوائد لأبي عبد اللّه محمد بن مالك الجباني الطائي المقيم في دمشق) (2). و عبارة أبي حيان كانت دقيقة في وصف التسهيل بأنه مختصر جامع. و لهذا كان موضوع اهتمام خاص من طرف كبار النحويين. فقد ارتكز عليه أبو حيان نفسه في عدة مصنفات تدور حوله. و هي التكميل في شرح التسهيل، و التخييل الملخص من شرح التسهيل، و هو تلخيص لشرح المؤلّف.

و الكتاب الثالث هو أهمها و أكثرها جمعا و استيعابا، أعنى التذييل و التكميل فيشرح التسهيل، و يكفيه صخامة أن كتاب ارتشاف الضرب ليس إلا اختصارا له.

ثم تناظر العلماء بعد أبي حيان في الاعتناء بالتسهيل و شرحه، فكان من أشهر شراحه محمد بن أحمد بن قدامة الحنبلي (ت 744 ه‍) ، و بدر الدين الحسين بن قاسم المرادي (ت 749 ه‍) و جمال الدين عبد اللّه بن يوسف بن هشام الأنصاري (ت 761 ه‍) و بهاء الدين عبد الرحمن بن عقيل (ت 769 ه‍) و محي الدين الحلبي المعروف بناظر الجيش (ت 778ه‍) ، و بدر الدين محمد ابن أبي بكر بن الدماميني (ت 873 ه‍) ، و محمد المرابط الدلائي (ت 1089 ه‍) .

ص315

فإذا كان كتاب سيبويه ظل المرجع الأساسي للدراسات النحوية طيلة خمسة قرون، فإن كتاب التسهيل، احتل مكانته من الاهتمام، و هذا ما يفسر المقارنة التي ذكرها أبو حيان في كلامه عن هذين الكتابين: و إذا كان «الكتاب» قد دوّن المعارف النحوية و الصرفية في عصره، فإن التسهيل قصد استيفاء أصول هذه المعارف، و الاستيلاء على أبوابها و فصولها، وفقا لمرامي مؤلفه.

سبعة قرون مرت و ما زلنا مع ابن مالك، و لنا أن نتساءل عن سر نجاح النموذج النحوي الذي اصطفاه هذا الإمام، و ما هي العوامل التي كتبت له الثبات و الاستمرار. فقد يتبادر إلى الذهن أنها نتيجة منهجه العام في التحرر من القيود المذهبية وسعة باعه في اللغة العربية التي مد آفاق السماع فيها بالحديث و بمروياته الشعرية الكثيرة مع سلامة ذوقه في الاختيار و التعبير، و توخي الوضوح و الضبط في المقاييس و الأحكام في عمله، فكان عملا وسطا قريب المأخذ سهل التناول، تجنب غموض أبنية سيبويه و افتراضات المبرد و تفريعات أبي علي الفارسي، و فلسفة الرماني، و تنظيرات ابن جني، و تحاليل السهيلي، و تقنين أبي موسى الجزولي.

منهجه

إن من أهم ما استحدثه ابن مالك في النحو توسيع دائرة السماع باعتماده على لغة الحديث الشريف. و هو عمل لم يسبق إليه، و في هذا المجال أضاف ابن مالك إلى النحو أساسا جديدا، مثل ما فعل الكوفيون في اعتبارهم للغات لم يأخذها البصريون في الحسبان. و لم يكن عمل ابن مالك هذا تقريرا اعتباطيا، لأنه برهن على أن جميع الصيغ الواردة في الأحاديث النبوية الشريفة، لها شواهد من أشعار العرب الذين أجمع النحويون على الاستشهاد بهم، و كأنه بهذا يرد على أولئك الذين جاؤوا من بعده ينكرون عليه الاستشهاد بالحديث بذريعة جواز روايته بالمعنى، و يكون أكثر رواته من الأعاجم. و في كتابه المسمى بالتوضيح و التصحيح لشواهد الجامع الصحيح رد علمي و عملي على المخالفين في صحة عربية مختلف روايات الحديث.

و في مجال القياس اتخذ الإمام ابن مالك طريقا وسطا، بين تساهل الكوفيين و تشدد البصريين، و جعل للقياس ضوابط، يمكن استقراؤها من اختياراته على النحو التالي:

أ- القياس:

فالقياس عنده عمل تطبيقي، لا يستلزم التعليل. فحينما تقرر القاعدة العامة، و يتضح تمثيلها في التعبير اللغوي، ينبه ابن مالك على جواز القياس على نظير هذا التعبير، فكل نكرة موصوفة جاز الابتداء بها، و ليقس ما لم يقل» ، و كل فعل على وزن

ص317

قدّس فقياس مصدره التقديس. و كل اسم فاعل أو مفعول ابتدأ به يعتبر معموله المرفوع فاعلا أغنى عن الخبر إذا ورد بعد الاستفهام: «و قس و كاستفهام النفي«.

و من ضوابط القياس أن تبنى قاعدته على استعمال فصيح و شائع، ثم يذكر ابن مالك ما يقاس عليه و ما يمتنع عليه القياس، و منه اللغة الخاصة بأناس معينين، و منه أنواع الشذوذ و الضعف.

فمن أمثلة اللغات التي لا يمكن القياس عليها إعمال «ما» عند الحجازيين، و إتباع المستثنى المنقطع عند تميم، و في درجة أدنى، قد لا يعاب استعمال «القول» بمعنى «الظن» و هي لغة سليم، و انقلاب ألف المقصور ياء، و هي لغة هذيل. و من اللغات المسموعة التي لا يجوز القياس عليها لندرة الاستعمال كسر نون الجمع مثل قول الشاعر:

عرفنا جعفرا و بني أبيه                       و أنكرنا زعانف آخرين 

و إلزام المثنى الألف، مثل قوله:
إنّ أباها و أبا أباها                            قد بلغا في المجد غايتاها 
و هي لغة حارثية.

و تعرض للشذوذ في اللغة، فيقول في باب التحذير و الإغراء من ألفيته:

و شذّ إيّاي و إيّاه أشذّ                  وعن سبيل القصد من قاس انتبذ 
فالشذوذ عنده يتفاوت، و قد سمع من قول عمر بن الخطاب «إياي أن تخذف الأرنب» ، و هو شاذ لا يقاس عليه، و لكن أشذ منه أن يضاف

(إيا) إلى «ضمير» الغائب، فقد زاد على الاستعمال الأول بتحذير الغائب.

و يقسم شارحو الألفية الشذوذ إلى نوعين، أحدهما شائع و الآخر نادر. فمن الشاذ المستعمل: جمع أرض على أرضين، و جمع فارس على فوارس، و من الشاذ النادر حذف تاء التأنيث، في تصغير حرب، و تصغير عيد بعييد، و زيادة ياء النداء مع اللام و جمع نائم على نيام.

و مما لا يقاس عليه الضعيف في الاستعمال، و من أمثلته، تضمن الجامد معنى المشتق و إعطاؤه حكم الصفة المشبة باسم الفاعل. فيقول ابن مالك في الكافية:

وضمّن الجامد معنى الوصف                 و استعمل استعماله بضعف 
كأنت غربال الإهاب و كذا                    فراشة الحلم فراع المأخذا 
و هو يشير إلى استعمالين في قول الشاعر:

فراشة الحلم فرعون العذاب وإن              تطلب نداه فكلب دونه كلب

ص317

و في قوله:
فلو لا اللّه و المهر المفدّى                     لأبت و أنت غربال الإهاب 
و من الضوابط التي أوضحها ابن مالك في القياس، قوله إن الضرورة تختص بالشعر، بحيث لا يجد الشاعر مندوحة عما قال، و تبعا لهذا الرأي فإنه لم ير من الضرورة قول القائل:
ما أنت بالحكم التّرضى حكومته              ولا الأصيل و لا ذي الرأي والجدل 
و إنما اعتبرها من قبيل النادر فقال:
و صفة صريحة صلة أل                     وكونها بمعرب الأفعال قلّ 
و هنا كانت للشاعر مندوحة عن هذا الاستعمال، بقول: «المرضي» و قد اعترض عليه هذا الرأي بأن كل ضرورة يمكن إزالتها بتركيب آخر. غير أنه قد يكون المراد عنده بالمندوحة ما يتبادر إلى الذهن من العبارات التي يسهل استحضارها.

ب- التعليل:

و فيما يخص التعليل، فإن ابن مالك لم يتكلف استخراج علل بعيدة للقواعد النحوية، فهو في هذا المجال أقرب إلى المنهج اللغوي، و إلى السليقة العربية، و كان أكثر ما يعلل به أحكامه، إفادة الخطاب و الابتعاد عن اللبس في المعنى، و التناسب في الألفاظ.

فإذا ظهرت فائدة القول يجيز لك ما ظاهره المنع، و حينئذ لا مانع من الإخبار باسم الزمان عن المبتدأ و لو كان جثة، و لا من الابتداء بالنكرة، و لا من توكيدها. ففي هذه المسائل يقول في بابي الابتداء و التوكيد:

و لا يكون اسم زمان خبرا                    عن جثّة و إن يفد فأخبرا 
و لا يجوز الابتدا بالنكره                      ما لم تفد كعند زيد نمره 
و إن يفد توكيد منكور قبل                    وعن نحاة البصرة المنع شمل 
و إذا ما أمن اللبس في الخطاب، فلك أن تتصرف في الكلام بالحذف، أو استبدال عامل بغيره، و من أمثلته حذف النعت و المنعوت إن عقلا، إذ يقول في باب النعت:

        و ما من المنعوت و النعت عقل              يجوز حذفه و في النعت يقلّ

ص318

و إباحة حذف ما يقع منه التعجب إن كان المعنى واضحا، و أشار لذلك بقوله في باب التعجب:
و حذف ما منه تعجّبت استبح                 إن كان عند الحذف معناه يضح 
و منها إسقاط همزة التسوية في العطف إن أمن اللبس في المعنى:
و ربّما أسقطت الهمزة إن                     كان خفا المعنى بحذفها أمن 
مثل قول الشاعر:

لعمرك ما أدرى و إن كنت داريا             بسبع رمين الجمر أم بثمان 

و من ذلك أيضا حذف الفاء مع ما عطفت، في نحو قوله تعالى:  (فَأَوْحَيْنٰا إِلىٰ مُوسىٰ أَنِ اِضْرِبْ بِعَصٰاكَ اَلْبَحْرَ فَانْفَلَقَ( (الشعراء-الآية 63) . فالسياق يدل على حذف: «فضرب» . و قد تكون الواو كالفاء في هذا الحكم، مثل قول الشاعر:

كيف أصبحت كيف أمسيت مما               يورث الودّ في فؤاد الكريم 
أما استبدال العامل بغيره، فنراه في قوله في مجيء «أو» بمعنى الواو في العطف، إذ يقول:
و ربّما عاقبت الواو إذا                       لم يلف ذو النّطق للبس منفذا 
و يمتنع هذا الاستبدال إذا أدى إلى اللبس، كما أوضح، في منع الندبة باستعمال «يا» إذا لم يكن المعنى واضحا، فقال:
    والهمز للداني و «وا» لمن ندب أو «يا» وغير «وا» لدى اللّبس اجتنب 
و قد علل بالتناسب صرف ما يمتنع صرفه قياسا، و إمالة بعض الكلمات بلا داع غيره فقال:
و لاضطرار أو تناسب صرفذو المنع و المصروف قد لا ينصرف 
و قد أمالوا لتناسب بلا                        داع سواه كعمادا و تلا 

أسلوبه

أما منهجه الخاص في عرض آرائه، و بالخصوص في الخلاصة، فإنه يمتاز بالدقة في التنظيم و في إحكام التصميم، ففي أغلب الأبواب. يعرّف بعنوان الباب الذي يعالجه و يبين حكم إعرابه كأن يقول مثلا:

الحال وصف فضلة منتصب                 مفهم في حال كفردا أذهب

ص319

ثم يبين بعد ذلك أحكام هذا الإعراب و عوامله و وضعه في الكلام و يتلو ذلك بيان الوضع اللغوي مثل أحكام التقديم و التأخير، و الإضمار و الحذف، و عادة تأتي أحكام الحذف في آخر الباب. ثم يختمه بالتنبيه على أن ما لم يذكره، يجب الاقتصار فيه على السماع، أو أن غير ما أورده يحسب من الضرورات أو اللهجات الخاصة، مثل قوله:
و نادر أو ذو اضطرار غيرما                ذكرته أو لأناس انتمى 
و امتاز أسلوبه في الخلاصة بشيئين هما على طرفي نقيض، و هما السلاسة و المبالغة في الاختصار. و قد ساعدته جودة النظم على تفادي التعقيدات التي تلازم الاختصار، و تتجلى هذه الجودة في الطابع الفني الذي اتسم به هذا النظم، حتى سهل تذوقه و حفظه على جمهور الدارسين.

لقد كان من الطبيعي أن نقدم في هذا الفصل دراسة أكثر شمولا عن هذا الإمام الجليل، و إذا كنا لم نقم بهذه المحاولة، فذلك لسببين اثنين أحدهما أن آراء هذا العالم، و منهجه في النحو و أسلوبه، كل ذلك معروف عند العام و الخاص، إذ كل ما قيل من بعده في النحو مضاف إليه، مباشرة أو بواسطة أتباعه، و كما يقول هو:

و علقة حاصلة بتابع                          كعلقة بنفس الاسم الوافع 
ها هي باختصار المعالم العامة لمدرسة هذا الإمام الجليل، و لقد ثبتت أصول هذه المدرسة، و نمت فروعها في أرحبة الجوامع المصرية، و أينعت أزاهرها في حدائق الزوايا المغربية، و طابت ثمارها في حواضر شنقيط و محاظرها، و هذا ما سنراه في الفصول الآتية.

ص320

_____________________

(1) انظر المرابط الدلائي: نتائج التحصيل، ج 1/ 77.

(2) البحر المحيط، 1/ 106.

 

مواضيع ذات صلة


الفية ابن مالك وشروحها
EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي