أدوات التشبيه (1)- هي ألفاظ تدلّ على المماثلة، كالكاف، وكأنَّ ومثل، وشبه، وغيرها، مما يؤدي معنى التشبيه: كيحكى، ويُضاهي ويضارع، ويماثل، ويساوى، ويشابه، وكذا أسماء فاعلها، فأدوات التشبيه بعضها: اسم، وبعضها فعلٌ، وبعضها حرف وهي إما ملفوظة، وإما ملحوظة، نحو فاروق كالبدر، وأخلاقه في الرقة النسيم ونحو: اندفع الجيش اندفاع السيل، أي كاندفاعه، والأصل في الكاف، ومثل، وشبه، من الأسماء المضافة لما بعدها ان يليها المشبه به لفظاً (2) أو تقديراً.
والأصل في كأنّ، وشابه، وماثل، وما يُرادفها، أن يليها المُشبه، كقوله:
كأن الثريا راحةٌ تشبر الدجى لتنظر طال الليل أم قد تعرضا
وكأن - تفيد التشبيه: إذا كان خبرها جامداً، نحو: كأن البحر مرآة صافية.
وقد تفيد الشك: إذا كان خبرها مشتقاً، نحو: كأنّك فاهم - وكقوله:
كأنَّك من كل النفوس مركَّبٌ فأنتَ إلى كل النفوس حبيب
وقد يغنى عن أداة التشبيه «فعلٌ» يدلُ على حال التشبيه، ولا يعتبر أداة.
فان كان (الفعل لليقين) - أفاد قرب المشابهة، لما في فعل اليقين من الدلالة على تيقن الاتحاد وتحققه، وهذا يُفيد التشبيه مبالغة - نحو:
(فلما رأوهُ عارضاً مستقبل أو ديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) ونحو: رأيت الدنيا سراباً غراراً، وإن كان (الفعل للشّك) أفاد بعدها: لما في فعل الرّجحان من الإشعار بعدم التحقق، وهذا يفيد التّشبيه ضعفاً - نحو: (وإذا رايتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً) وكقوله:
قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها سحباً مزرَّدةً على أقمار
_________
(1) (التشبيه) يفيد التفاوت، وأما (التشابه) فيفيد التساوي بلفظ تشابه، وتماثل وتشاكل، وتساوى، وتضارع، وكذا بقولك: كلاهما سواء - لا بما كان له فاعل ومفعول به: مثل شابه، وساوى، فان في هذا الحاق الناقص بالزائد.
(2) وقد يليها غير المشبه به إذا كان التشبيه مركبا - أي هيئة منتزعة من متعدد وذكر بعد الكفاف بعض ما تنتزع منه تلك الهيئة كقوله تعالى (واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح) فان المراد تشبيه حال الدنيا في حسن نضارتها وبهجة روائها في المبدأ، وذهاب حسنها وتلاشي رونقها شيئاً فشيئاً في الغاية، بحال النبات الذي يحسن من الماء، فتزهو خضرته، ثم يبس شيئاً فشيئاً، ثم يتحكم فتطيره الرياح، فيصير كأن لم يكن شيئاً مذكوراً، بجامع الهيئة الحاصلة في كل من حسن واعجاب ومنفعة، يعقبها التلف والعدم.
ونحو: قوله تعالى (حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون)
ونحو: قوله تعالى (وله الجوار المُنشآت في البحر كالأعلام) وكقول الشاعر:
والوجه مثل الصبح مبيض والفرع مثل الليل مُسودّ
ضدّان لما استجمعا حسنا والضدّ يظهر حسنه الضِّد.