الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
سلوكيات منحرفة سببها المجتمع
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: تربية الأطفال واليافعين وإعادة تأهيلهم
الجزء والصفحة: ص79ـ83
28-11-2019
2649
نحن وأطفالنا نتأثر بالمجتمع بإرادة ودون إرادة. فسيرتنا وطريقة تعاملنا وجميع القضايا الاجتماعية التي نرتبط بها فكرياً وذهنياً وقولاً وفعلاً متأثرة بالمجتمع. ولهذا الأمر أهمية كبيرة جعلت بعض العلماء يعتقدون ان شخصية الفرد ووجدانه الأخلاقي هما من نتاج المجتمع.
فأفراد المجتمع ومن خلال علاقتنا بهم وتعاملنا معهم ينقلون إلينا آدابهم وسُنَنهم وطريقة تفكيرهم وقيمهم ووعيهم وطريقة استنتاجهم. وإذا كانت هناك عيوب فيما ذكرنا، سنتأثر بتلك العيوب أيضاً، لكن التأثير لا يكون على الجميع بنسبة واحدة، فيتأثر فرد أكثر من آخر. ونشير فيما يلي إلى القضايا التي لها تأثير أكبر على الأطفال:
1ـ رفاق اللعب:
يتأثر الأطفال في بعض مراحل حياتهم بزملائهم وأبناء جيلهم أكثر من تأثرهم بوالديهم، حيث يعاشرونهم كثيراً، ويتوجهون سوياً الى المدرسة أو الى الرحلات، يبوح كل منهم بسره للآخر. فيكون دور وتأثير رفاق اللعب في بعض الحالات أكبر من الحد المتعارف، وذلك في الحالات التالية:
- عندما يكون هناك نزاع داخل الأسرة، ولا يوجد تفاهم بين الوالدين في هذه الحالة يتوجه الطفل الى أصدقائه ليكونوا موضع أسراره، فيشكو لهم، ويخفف عن نفسه بذلك، ويتأثر الأطفال بأصدقائهم وبمن يتقاسمون معه همومهم، وقد يتأسّى أحدهم بالآخر.
- عندما تنتقل الأسرة الى مدينة أخرى أو منطقة جديدة، فإن علاقة الأسرة بمحيطها وبالجيران تحتاج الى وقت طويل بسبب الضوابط العقلية التي تحكمها، لكن الطفل لا ينتظر ذلك، بل يبادر بسرعة لإقامة علاقات صداقة مع جيله، ويضطر الى التحدث بلغتهم والتزام عاداتهم وأساليبهم ليقبلوه في جمعهم.
- عندما يبلغ الأطفال سن البلوغ والمراهقة وتحدث التغيرات في أجسامهم وأفكارهم، فإنهم يميلون نحو أصدقائهم وموضع أسرارهم، حتى لكأنهم ينسون والديهم، بل ويرفضون آدابهم وعاداتهم. وإذا بحثنا في جذور كثير من الانحرافات والمخالفات وإدمان الأطفال والمراهقين نجد آثار أصدقائهم ورفاق اللعب فيها.
فالمعاشرة غير السليمة، وعلاقة الطفل مع أشخاص غير صالحين أخلاقياً، ورؤيته لأعمال مخالفة للأخلاق منهم تعد عوامل مهمة في الإنحراف والاعوجاج. إضافة الى وجود فريق من المفسدين والمضلين الذي يسعون الى استغلال الأطفال لتحقيق أحلامهم غير المشروعة. لكن علينا أن نعلم أن أقل نتيجة سلبية للعلاقات غير السليمة هي فقدان أبنائنا لملكة الأسرية والعائلية.
لقد ثبت علمياً أن الغضب والعصبية والحسد والبكاء والضحك والمرض وغيرها هي من الأمور الاكتسابية والمسرية. وعلاقة الطفل مع ذوي النفوس المريضة يشكل خطراً عليهم. لهذا فإننا نعتقد أن على الأهل أن يراقبوا علاقة أبنائهم بالآخرين ليتمكنوا من إصلاحهم يراقبونهم، كيف يتكلمون والعبارات الدخيلة، والعادات الدخيلة، وأين يقضون أوقات فراغهم، ومع من، وما هي طرق تسليتهم، ومع من يترددون.
2ـ المعلم والمدرسة:
ويتأثر أبناؤنا أيضاً بالمعلم وبالمدرسة وبالبرنامج وبالأسلوب التعليمي، وبالنصوص الدراسية. فالكتب الدراسية يمكنها أن تكون وسيلة إحياء للأطفال أو وسيلة تخديرهم، والمعلم والمدير يمكنه ان يكون بناءً أو هداماً، أما أطفالنا فإنهم يقعون أحياناً ضحايا لأخطاء وإنحرافات الجهاز التربوي وأساليبه الخاطئة.
فالطفل يتعرف من خلال المعلم والبرنامج الدراسي على عالم آخر، فتعليمات المعلم والمدرسة قد تلهب فكر الطفل وروحه، وقد تسقطه وتلوثه. لهذا على الوالدين أن يعلما أين يضعان طفلهما وفي أي مدرسة، ولأي أيدٍ يسلّمانه.
فمن كان ينوي تربية إبنه تربية رسالية، وعلى أساس الأهداف الإسلامية يخطئ عندما يسلمه الى مدرسة علمانية أو مدارس أديان أخرى أو يرسله الى الخارج لدراسة المراحل الابتدائية أو المتوسطة.
فالتعامل المشين، والأسوة الخطأ، والاسلوب السيء كلها أمور يمكن أن تغيّر شخصية الطفل لتجعل منه موجوداً سيئ الخلق ومنحرفاً. وأحياناً يتصرف المعلم داخل الصف بشكل يجعل الطفل يحس بالحقارة والحياء، ويجعله يظن انه لن يصلح ابداً.
على أي حال إن هذه العوامل المفسدة حتى لو صدرت عن أصدقاء غير واعين، لكنها تفسد فكره وذهنه وقلبه.
3ـ سائر أفراد المجتمع:
إن كثيراً من مخالفات الأطفال وانحرافاتهم الأخلاقية تنشأ عن سوء أخلاق أفراد المجتمع، فالبشر عامة والأطفال خاصة يتأثرون كثيراً بغيرهم، وبمن حولهم، وعليه فإذا كان أفراد المجتمع غير سالمين، لا يمكن توقع جيل سالم، لأنه ستسري إليه الانحرافات والمخالفات عن إرادة أو دون إرادة.
فالانحرافات والميول الفاسدة واللامبالاة وعدم الإلتزام بالقوانين والاعراف، وعدم الاهتمام بالقيود الأخلاقية، وتحلل الأخلاق، وفقدان احترام القوانين، وسوء الظن، والخصومة، والرياء، والتزوير في المجتمع كلها دروس سيئة لأطفالنا.
عندما لا تفكر المنظمات الاجتماعية المسؤولة بشؤون المجتمع، وعندما يكون أسلوبهم غير صحيح، فكيف نتوقع إصلاح أفراد المجتمع؟ فالأطفال يحتاجون الى نماذج سالمة خلال مرحلة نموهم وتكاملهم، وإذا كانوا يرون أمامهم نماذج وأسوة فاسدة، فليس الأطفال هم من يجب معاقبتهم، بل لا بد من معاقبة تلك النماذج ومسؤولي المجتمع.
فما أكثر الأطفال المعرضين للسقوط والفناء بسبب النماذج السيئة التي كانوا يرونها. وما أكثر الأطفال المعرضين لخطر الإنحطاط الأخلاقي لأن محيطهم مليء بالإغواء والخداع. فمناظر مخالفة الأخلاق، ومخالفة العفة، والخمور، والجرائم العلنية، والتهتك، والحريات المطلقة كلها دروس سيئة لأطفالنا.
لهذا فإن المجتمع الإسلامي يقوم بمواجهة الفاسدين وفسادهم، ويحدد أطر العلاقات والمعاشرة، ويمنع المظاهر المسيئة للأدب، ويؤطّر الحرية بقوانين ويصلح التعليم ويقض على التعليم والعادات الخاطئة، ليفتح الباب واسعاً أمام تكامل الإنسان.