الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
التجديد
المؤلف:
محمد الصالح السليمان
المصدر:
الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث
الجزء والصفحة:
ص92-93
24-03-2015
1473
كانت الرغبة في مجاراة العلوم الحديثة وغيرها من مستّجدات العصر حافزاً لبعض شعراء الرحلات الخياليّة إلى كتابة هذه الرحلات.
فقد كتب رشيد أيوب قصيدته ((حلم في المريخ)) كمحاولة شعرية لطرق موضوعات جديدة كتلك التي أغنتها علوم الفضاء الحديثة عن إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى، وعلى الأخص كوكب المريخ. فسار الشاعر في هذا التيار ولكنّه سير الشاعر الراغب في تجديد قوى الروح والنفس بإضافة اكتشافات جديدة، فيقول:
يَقُولون في المريخ قومٌ كَشكلِنَا ... أناسٌ لهم عقْلٌ يُناجِي كَعقلِنَا
فهلْ أَصلُهم نَوعُ التَّرابِ كأَصلِنَا ... وهَل يَجهلونَ الكَائِناتِ كَجهلِنَا
وَهَلْ يَعرِفُونَ الحقَّ أمْ هو ضَائِعُ(1)
عندئذ يستعين الشاعر بنفسه وينطلق في رحلته الخياليّة مولّداً صوراً مثاليّة لحياة متخيلة على هذا الكوكب.
وشاعر آخر كالفراتي دفعته رغبة عارمة في التجديد إلى الرحيل خياليّاً عبر عالم الحلم، لا سيما أنّه كان قد اعتزل الناس مدّة طويلة فأحسّ في عزلته الأدبيّة بفقدان رونق الشعر من قوافيه فما عادت هذه القوافي تهزّ القلوب كما تفعل أسطر السيّاب ونازك الملائكة والقروي وغيرهم، فليس أمام الشاعر إلاّ أن يلجأ إلى عالم الحلم الذي يفسح المجال للاشعور للتعبير عن الرغبات الكامنة تحت طبقة الوعي، وقد جدّد الشاعر في قصيدته ((غرور الشباب)) شبابه ونفض عن روحه أنّات الشيخوخة ومظاهر الموت التي ترتسم عليه، ولابدّ من تجديد القديم من نفحاته لذا يقول:
غيرَ أنّي مَازلتُ أَذكُرُ أنّي ... عِشتُ دَهراً كَشَاعِرٍ في الفُراتِ
شَاعِراً كُنْتُ مُعْجَباً بِقَديميِ ... لا أرى للجديدِ من حَسناتِ
عَصَفتْ نخوةُ الشّبابِ بِرأسِي ... فأطارتْ ما فيهِ من نَعَراتِ
فاطّرحتُ القَديمَ من شِعريَ الغـ ... م ... ـثِّ وحتَّى الغريبَ من ((نَفَحاتي)) (2)
وكذلك يحاول الشاعر أن يثبت شاعريته وعزمه على التجديد في الشعر في ردّه على الهاتف الذي كان يطارده في قوله:
لَمْ تَزلْ مِن طِرازِ شِعركَ هَذا ... في نُزوعٍ إلى القَديمِ العَاتِي(3)
وليس الهاتف الخيالي في النهاية إلاّ تلك الرغبة الخفيّة بالتجديد التي حاصرت الفراتي في عزلته الأدبيّة والاجتماعية، فيحاول الشاعر إرضاء هذه الرغبة من نبع شعره الفيّاض إلى أن يحوز رضاها واعترافها له بأنّه شاعر الخلود، فيقول:
وإِذا الهَاتِفُ الأَديبُ يُنادي ... إِيهِ مرحَىَ لهذِه الآياتِ
أَنتَ في الحَقِّ شَاعِرٌ عَبْقري ... لا تُجارَى وشَاعِرُ المُعْجِزاتِ
شِاعِرُ الحُبِّ والجَمالِ لعَمرِي ... شَاعِرُ الفّنِّ شَاعِرُ النّفَثَاتِ
شاعِرٌ للخُلودِ أَنتَ وللخُلْـ ... ـدِ أَغَانِي الفِتيانِ والفَتَياتِ(4)
إذن فغاية الشاعر الرغبة في التجديد وإبراز علو كعبه في فنّ الشعر والقريض، ولعلّ الرحلة الخياليّة كظاهرة أدبيّة هي شكل من أشكال التجديد في الشعر العربي المعاصر تحاول إلباسه ثوباً جديداً يرفع شأنه بين الفنون الإنسانيّة.
***
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أيوب، رشيد، الأيوبيات، ص: 150.
(2) الفراتي، محمد، النفحات، ص: 301.
(3) المصدر نفسه، ص: 304.
(4) المصدر نفسه، ص: 305.
الاكثر قراءة في العصر الحديث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
