النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
الأصوات (سيبويه والأصوات العربية)
المؤلف: تمام حسان
المصدر: اللغة العربية معناها ومبناها
الجزء والصفحة: ص50- 59
9-4-2019
17827
لست أشك لحظة واحدة في أنّ هؤلاء العلماء الأجلاء قد استطاعوا بالملاحظة فقط -ومعها كل الصعوبات التي تواجه الطليعة في العادة- أن يصلوا إلى وصف دقيق للأصوات العربية دون أن يكون لهم من الوسائل الآلية التي يستخدمها المحدثون ما يستطيعون بواسطته توثيق نتائج مدركاتهم الحسية, ولقد بينوا مخارج الأصوات وصفاتها, واشتمل ذلك عند الكثيرين منهم على أصوات غير عربية شاعت في البيئة العربية في القرن الثاني الهجري, وقد سمَّى سيبويه بعض هذه الأصوات الأجنبية وشبهها أصواتًا عربية مشهورة, ووصف ذلك بأنه "غير مستحسن ولا كثير في لغة من ترضى عربيته, ولا يستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر(1)".
ص49
ويظهر أن سيبويه كان على وعي تامٍّ بأن دراسة الأصوات مقدمة لا بُدَّ منها لدراسة اللغة، وأن النظام الصوتي ضروري لمن أراد دراسة النظام الصرفي, بل لعله كان يرى في النظام الصوتي جزءًا لاحقًا، أو من دراسة الصرف نفسها, حتى إنه حين وضع الدراسات الصوتية تحت عنوان: "باب الإدغام" قد كشف عن وجهة نظره هذه من جهة, وقيد دراسة الأصوات وضيَّق مجالها من جهة أخرى. وتأتي دعوى تضييق سيبويه لمجال دراسة الأصوات من أن الإدغام ليس جزءًا من النظام الصوتي, وإنما هو ظاهرة موقعة سياقية ترتبط بمواقع محدَّدة يلتقي في كلٍّ منها صوتان؛ السابق منهما ساكن والتالي متحرك, فإذا تحقَّقت صفات خاصة في الصوتين جميعًا تحققت بذلك ظاهرة الإدغام كما فهمها سيبويه. ولكن سيبويه مهَّد لدراسة الإدغام بدراسة الأصوات العربية تحت العنوان نفسه: "باب الإدغام", فتناول هذه الأصوات بالوصف من حيث المخرج وطريقة النطق والجهر والهمس والتفخيم والترقيق, ناظرًا إلى الصوت في حالة عزلة عن السياق, تاركًا سلوك الصوت في السياق إلى دراسة الإدغام نفسه, ناهجًا في ذلك كله نهج النحاة -وهو من كبار أئمتهم- عندما درسوا الزمن النحوي؛ حيث نسبوا للصيغة في عزلتها زمنًا صرفيًّا, ولكنهم حين رأوا لها في السياق زمنًا آخر قد لا يطابق الزمن الصرفي جعلوا ينسبون الزمن إلى عناصر غير الأفعال وما جرى مجراها, فقد نسبوه إلى الأدوات وإلى بعض الجهات كالقلب والتنفيس وإلى بعض الظروف كذلك.
ولقد اتجه سيبويه وأصحابه عند النظر في استنباط الحروف من الأصوات اتجاهًا عكس ما يراه المحدثون، فسوف نرى في دراسة الصوتيات أن اتجاه البحث الحديث إنما يكون من الأصوات إلى الحروف؛ إذ ينظم الباحث ما لديه من أصوات جرت ملاحظتها ووصفها فيبوبها إلى مجموعات تسمى كل مجموعة منها حرفًا, وذلك كأن يجمع الأصوات المختلفة الدالة على النون مع
ص50
اختلاف المخارج بين هذه الأصوات فيجعلها تحت عنوان واحد هو "حرف النون", ولكن سيبويه وأصحابه حين تصدَّوا لتحليل الأصوات العربية كان بين أيديهم نظام صوتي كامل معروف ومشهور للغة العربية, وكانت الحروف التي يشتمل عليها هذا النظام قد جرى تطويعها للكتابة منذ زمن طويل, فكان لكل حرفٍ منها رمز كتابي يدل على الحرف في عمومه دون النظر إلى ما يندرج تحته من أصوات, فارتضى سيبويه وأصحابه هذا النظام الصوتي المشهور, واتخذوه نقطة ابتداء في دراستهم للأصوات العربية, ومن هنا رأينا الأصوات العربية التي تحت كل حرف من هذا النظام لا تعدو أن تكون صفة لهذا الحرف, كأن تكون إدغامًا له أو إقلابًا أو إخفاءً أو إمالةً وهلم جرا. وهكذا جاء منهج النحاة في دراسة الأصوات من حيث اتجاه الحركة عكس المنهج الحديث.
ولقد رأى سيبويه -وهو رأي شيوخه وأصحابه كذلك- أن أصول حروف العربية -يقصد الأصوات الرئيسية لحروفها- تبلغ في عددها تسعة وعشرين حرفًا هي:
1- الهمزة ورمزها ء
2- الألف ورمزها ا
3- الهاء ورمزها هـ
4- العين ورمزها ع
5- الحاء ورمزها ح
6- الغين ورمزها غ
7- الخاء ورمزها خ
8- الكاف ورمزها ك
9- القاف ورمزها ق
ص51
10- الضاد ورمزها ض
11- الجيم ورمزها ج
12- الشين ورمزها ش
13- الياء ورمزها ي
14- اللام ورمزها ل
15- الراء ورمزها ر
16- النون ورمزها ن
17- الطاء ورمزها ط
18- الدال ورمزها د
19- التاء ورمزها ت
20- الصاد ورمزها ص
21- الزاي ورمزها ز
22- السين ورمزها س
23- الظاء ورمزها ظ
24- الذال ورمزها ذ
25- الثاء ورمزها ث
26- الفاء ورمزها ف
27- الباء ورمزها ب
28- الميم ورمزها م
29- الواو ورمزها
وثم يضيف سيبويه إلى ذلك ستة فروع أصلها من التسعة والعشرين, وهي كثيرة -يقصد كثرة ورودها في الكلام frequency- يؤخذ بها, وتستحسن في قراءة القرآن والأشعار وهي:
ص52
30- النون الخفية: والذي في كتاب سيبويه هو وصفها بلفظ "الخفيفة", والمعروف أن النون الخفية غير النون الخفيفة؛ فالخفية هي نون الإخفاء قبل حروف الفم وهي التاء والثاء والجيم والدال والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء والفاء والقاف والكاف, وأما الخفيفة فهي إحدى نوني التوكيد، ولها أحكام في الوقف تفردها بطابعٍ خاصٍّ حيث تصير في الوقف ألفًا نحو قفا = قفن.
31- الهمزة التي بين بين: وهي همزة متحركة تكون بعد ألف أو بعد حركة, فتصير في النطق مجرد خفقة صدرية لا يصاحبها إقفال للأوتار الصوتية نحو: "أأنت قلت للناس", فإذا كانت الهمزة مفتوحة مكسورًا ما قبلها قلبت ياء, أو مضمومًا ما قبلها قلبت واوًا.
32- الألف الممالة إمالة شديدة: والمقصود به الألف الجانحة نحو الياء, وهي التي يقرأ بها القراء مثلًا قوله تعالى: {وَالضُّحَى, وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} فيجعلون صوت الألف الأخيرة في "الضحى" و"سجى" كصوت الياء في نطق العامة في مصر لكلمة "بيت".
33- ألف التفخيم بلغة أهل الحجاز: وهي ألف تستدير في نطقها الشفتان قليلًا مع اتساع الفم نتيجة لحركة الفك الأسفل, ويرتفع مؤخر اللسان قليلًا فيصير الفم في مجموعه حجرة رنين صالحة لإنتاج القيمة الصوتية التي نسميها التفخيم على لغة أهل الحجاز, وهو أوغل في بابه من تفخيم القبائل الأخرى, حتى إن بعض الألفات المفخَّمة على لغة الحجازيين في مثل كلمتي: الصلاة والزكاة, لما جاورت أصواتًا غير مطبقة, فخشي مدونو القرآن على تفخيم الألف، فلهذا السبب كتبوها في صورة الواو ليعلم القارئ أن هذه الألف مفخمة.
34- الشين التي كالجيم: وهي الشين المجهورة التي تشبه صوت الجيم في اللهجة السورية واللبنانية, فكان الناطقون بهذه الشين من العرب
ص53
يجعلون كلمة أشدق كأنها أجدق, ومثل هذا ما نسمعه في لهجة القاهريين في كلمات مثل الأشغال والأشجار.
35- الصاد التي كالزاي: وهي صاد مجهورة مفخَّمة تشبه نطق العامة في مصر للظاء في كلمة "ظالم" مثلًا, والقاهريون ينطقون هذه الصاد المجهورة في كلمة "مصدر" كما كان العرب ينطقونها قديمًا, ولكن العرب كانوا ينطقونها من أجل الصاد في مثل: الصقر والصراط كذلك.
ثم يضيف سيبويه إلى ذلك "حروفًا" ثمانية أخرى غير مستحسنة ولا كثيرة frequent في لغة من تُرْتَضَى عربيته, ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر, ولم يحدد سيبويه بالنسبة لهذه الثمانية ما إذا كانت قاصرة على الكلمات المعرَّبة من اللغات الأجنبية دون الكلمات الأصيلة في العربية, أو أنها كانت توجد في الكلمات الأصيلة كذلك، ولم يذكر سيبويه أيضًا ما إذا كانت هذه الأصوات لحنًا مما أصاب ألسنة العرب بسبب مخالطتهم الموالي, أو أنها وردت على ألسنة الموالي فقط, ثم إنه لم يشر إلى تقدير ما زعمه من كثرة الكثير وقِلَّة القليل في كل ما أورده, وهذ الأصوات الثمانية هي:
36- الكاف التي بين الجيم والكاف: ولم يمثِّل سيبويه لهذا الصوت, ولكن ابن عصفور في كتابه المقرب(2) قال: إن الفعل الماضي "كمل" يصير عند النطق على طريقة هذ الكاف "جمل", ولكن التمثيل الخطَّي بصورة الجيم غير دقيق؛ لأن الجيم مجهورة, وهذا الصوت من أصوات الكاف لم يفقد همسه وإن أصبح معطشًا كتعطيش الجيم, وهذا الصوت هو الذي يصفه النحاة باصطلاح الكشكشة, وهو شبيه لما في نطق العراقيين لكلمة "كيف".
ويسمع المرء مثل هذه الكاف في كلام بعض سكان المنطقة التي تقع على الحدود بين محافطتي الشرقية والدقهلية في شرق الدلتا.
ص54
37- الجيم التي كالكاف: ولم نجد في كلام سيبويه تمثيلًا لهذه الجيم, ولكن ابن عصفور جاء بمثال لها في المقرب أيضًا, إن كلمة "رجل" تصير بهذه الجيم إلى "ركل" ragul, وهو بهذا يجعل هذه الجيم أختًا للجيم القاهرية ومطابقة لها تمامًا.
38- الجيم التي كالشين: ولم يمثل لها سيبويه, ولكن الواضح أن هذه المشبهة للشين كانت صوتًا من أصوات الجيم لا يرد إلّا في موقع خاصٍّ هو موقعه قبل تاء الافتعال, وقد مثَّل ابن عصفور له بكلمة "اجتمعوا" التي تصير إلى "اشتمعوا", ونحن نعرف أن الكلمة الفصيحة "اجتر" قد أصبحت بفضل هذا الصوت من أصوات الجيم على صورة "اشتر", وهكذا شاعت على ألسنة الفلاحين في ريف مصر شمالًا وجنوبًا.
39- الضاد الضعيفة: ولسنا نجد تمثيلًا لها في كتاب سيبويه, ولم نر فيه شرحًا لطابع ضعفها, ولكننا نعرف أن الضاد الفصيحة كانت تنطق بواسطة احتكاك هواء الزفير المجهور بجانب اللسان والأضراس المقابلة لهذا الجانب, ومن ثمَّ يكون صوت الضاد الفصيحة من بين أصوات الرخاوة, مثله في ذلك مثل الثاء. ومن هناء وجدنا بعض العرب حين ينطقون كلمة تشتمل على صوت الثاء متلوًّا بحرف مفخم مجهور يحدث في نطق الثاء شيء من عدوى التفخيم والجهر الضعيفة, فتصير الثاء بذلك ضادًا ضعيفة, وقد مثَّل ابن عصفور لها بكلمة "أثر" التي تعتبر "أضر", مع ملاحظة ما سبق من وصف نطق الضاد.
40- الصاد التي كالسين: ومع أن سيبويه لم يمثل لهذه الصاد لا نجد صعوبة في تصوّر المراد من هذا الشبه؛ إذ إن الصاد والسين تشتركان في المخرج وفي الصفات كلها إلّا التفخيم والترقيق, فالصاد مفخَّمة والسين مرقَّقة, وهذا هو الفارق الوحيد بينهما, ومن ثمَّ فإن إحداهما إذا أشبهت الأخرى فلا بُدَّ أن يكون معنى ذلك مشاركتها في الصفة الوحيدة التي فارقتها من جهتها, فإذا أشبهت الصاد السين فإن معنى أن تترك الصاد تفخيمها إلى ترقيق السين
ص55
وقد مثَّل ابن عصفور لهذا الصوت من أصوات الصاد بكلمة "صابر" التي تصير "سابر", ومثل هذه الصاد ما نسمعه اليوم على ألسنة النساء ولا سيما المتشبهات منهن بالأجنبيات.
41- الطاء التي كالتاء: ولم يمثّل سيبويه لهذه الطاء أيضًا, ولكن كلامًا شبيهًا بما قيل في وجه الشبه بين الصاد والسين يمكن أن يقال هنا أيضًا في وجه الشبه بين الطاء والتاء, فالمعروف أن التفخيم والترقيق هو أوضح ما يفرق بين الطاء والتاء الآن, فإذا أشبهت الطاء التاء فقدت تفخيمها, وقد مثَّل ابن عصفور(3) لهذا الصوت بكلمة "طال" التي تصير إلى صورة "تال", ونحن نسمع من النساء السابق ذكرهن مثل هذه الطاء في وقتنا الحاضر.
42- الظاء التي كالثاء: ولم نر مثالًا لها في كتاب سيبويه, ولكن النظر إلى الفارق بين الظاء والثاء يوضح أنهما يختلفان من وجهتين؛ أولاهما: الجهر والهمس, والثانية: التفخيم والترقيق, فإذا أشبهت الظاء الثاء فسيكون معنى ذلك أنها فقدت إما الجهر وإما التفخيم وإما هما معًا. ولقد جاء ابن عصفور بمثال لهذا الصوت فقال: إن كلمة "ظالم" تصير "ثالم", ونحن قادرون على أن نفهم من مثاله هذا أن الظاء فقدت جهرها وهمست كهمس الثاء, أما التفخيم فمن الصعب في هذا المثال أن نقرر أن الظاء فقدته أو احتفظت به؛ لأن الكتابة العربية لا تصطنع رموزًا للدلالة على التفخيم والترقيق, ومن ثمَّ لا نستطيع الجزم بأن "ثالم" السابق ذكرها مفخَّمة "الظاء" أو مرققتها.
43- الباء التي كالفاء: لقد فهمت من كلام سيبويه في هذا الصوت أن الباء التي يعنيها هي ما يسمونه الباء الفارسية, وهي باء مهموسة مثل صوت "P" في اللغات الأجنبية, والمعروف أن العرب كانوا يعربون هذه الباء بقلبها فاء, ومن ثمَّ أصبحت كلمة "برزده" عند تعريبها "فرزدق", وكلمة "بالوزه" فالوذج, ولكن ابن عصفور يزعم أن هذه الباء "على ضربين
ص56
أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من لفظ الفاء, والآخر بالعكس نحو بلح".
فهل يقصد بالأول ما يشبه صوت "V", وبالثاني صوت "P"؟ لعله كذلك.
ومن الواضح أن سيبويه مع تفريقه بين أصول الحروف وفروعها لم يكن يفرّق بين اصطلاحي "الحرف" و"الصوت" على نحو ما يفرّق علم اللغة الحديث بين اصطلاحي phoneme و sound أو allophone, فالحرف لديه يشمل كل ذلك. ومن الواضح أيضًا أن سيبويه جعل الكثير من الأعضاء الثانوية أو الفروع المختلفة للحروف على حد تعبيره أوصافًا تعرو العضو الرئيسي -أو كما يسميه: الأصل, وسمَّى الأوصاف ولم يعدد الأصوات, وكان من بين ما سماها به الإدغام والإقلاب والإخفاء ونحوها, فوصف العضو الرئيسي بأنه مقلب أو مدغم أو مخفي, ولم تعدد الأعضاء الفرعية. ومن الواضح كذلك أن هذه الأعضاء الفرعية يختلف بعضها عن بعض كما تختلف جميعًا عن العضو الرئيسي, إما من حيث المخرج, وإما من حيث طريقة النطق, أو من حيث واحدة أو أكثر من الصفات, وقد أشرنا إلى ذلك عند كلامنا عن النون الخفيفة قبل قليل.
وأحصى سيبويه للمخارج التي تخرج منها الأصوات العربية فعدَّها خمسة عشر مخرجًا هي:
1- ما بين الشفتين.
2- باطن الشفة السفلى وأطراف الأسنان.
3- طرف اللسان وأطراف الثنايا.
4- طرف اللسان وفويق الثنايا.
5- طرف اللسان وأصول الثنايا.
6- ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا.
7- ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا أدخل في ظهر اللسان.
8- حافة اللسان إلى الطرف وما فوقهما.
ص57
9- أول حافّة اللسان وما يليه من الأضراس.
10- وسط اللسان ووسط الحنك الأعلى.
11- مؤخر اللسان وما يليه من الحنك الأعلى.
12- أقصى اللسان وما يليه من الحنك الأعلى.
13- أدنى الحلق.
14- وسط الحلق.
15- اقصى الحلق.
والملاحظ أن طرف اللسان يرد ذكره في المخارج الخمسة ذوات الأرقام 3، 4، 5، 6، 7, وكذلك ترد معه الثنايا مع تباين الجزء الذي يتصل به طرف اللسان منها, ولقد ورد ذكر حافة اللسان في المخرجين 8، 9, وورد ذكر وسط اللسان في رقم 10, ومؤخره في 11, وأقصاه 12, وورد ذكر الحلق في 13، 14، 15 أي: أدناه ووسطه وأقصاه.
أما الصفات فقد قسمها على النحو الآتي:
1- الشدة والرخاوة وما بينهما, واللين والهوى.
2- الجهر والهمس.
3- التفخيم والترقيق.
وجعل الشداد أربعة أقسام:
أ- ما يمتنع معه النفس.
ب- المنحرف.
جـ- الأنفي.
د- المكرر.
وذلك على نحو ما يبدو في الجدول التالي:
ص58
ص59
__________
(1) كتاب سيبويه "باب الإدغام".
(2) ذكر إدغام المتقاربين.
(3) المقرب, ذكر إدغام المتقاربين.