النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
النظام الصرفي (المبنى: الصيغة)
المؤلف: تمام حسان
المصدر: اللغة العربية معناها ومبناها
الجزء والصفحة: ص136- 156
21-2-2019
8042
الصيغة:
إن الصيغ الصرفية مبانٍ فرعية, وأن أصولها هي المباني التقسيمية الثلاثة: الاسم والصفة والفعل دون غيرها من أقسام الكلام, فلا صيغة للضمير ولا للخوالف في عمومها ولا للظروف ولا الأدوات الأصلية. وكذلك أوضحنا من قبل أن للأسماء صيغًا وللصفات غيرها, وللأفعال صيغ تختلف عن هذين النوعين, ولقد أوردنا في صيغ الأسماء الثلاثية قول ابن مالك(1):
وغير آخر الثلاثي افتح وضم ... واكسر وزد تسكين ثانيه تعم
وفِعُلٌ أهمل والعكس يقل ... لقصدهم تخصيص فِعْلٍ بفُعِلْ
ص136
فإذا اتفق الاسم مع الصفة في واحدة من هذه الصيغ أرجعنا المثال إلى الجدول التصريفي, فإذا اشتمل تصريف المادة على صيغ خاصّة بالأفعال, فالمثال صفة, وإذا لم يشتمل فالمثال اسم, والخماسي والسداسي من الأسماء ذوا صيغ مشهورة لا تشاركهما فيها الصفات، أم المصادر من الأسماء وأسماء الزمان والمكان والآلة فصيغها محددة أيضًا, وارجع في ذلك إلى باب أبنية المصادر في ألفية ابن مالك وهو يبدأ بقوله:
فعل قياس مصدر المعدّى ... من ذي ثلاثة كردَّ ردا
وينتهي بقوله:
وفَعْلَةٌ لمرة كَجَلْسَةٍ ... وفِعْلَةٌ لهيئة كَجِلْسَه
في غير ذي الثلاث بالتا المرة ... وشذَّ فيه هيئة كالخمرة
وفي أبنية أسماء الزمان والمكان يقول:
نحو الجهات والمقادير وما ... صيغ من الفعل كمرمى من رمى
وشرط كون ذا مقيسًا أن يقع ... ظرفًا لما في أصله معه اجتمع
أما ما زاد على الثلاثة من الأسماء فقد حصره ابن مالك بقوله:
لاسم مجرد رباع فَعْلَلُ ... وفِعْللٌ وفِعْلَل وفُعْلَل
ومعْ فِعَلِّ فُعْلَلٌ وإن علا ... فمع فَعَلَّلٍ حوى فَعْلَلِلَا
كذا فُعَلِّلٌ وفِعْلَلٌ وما ... غاير للزيد أو النقص انتمى
وللصفة أيضًا صيغ محفوظة محددة المعالم تدل كل صيغة منها على معنى وظيفي خاص كالفاعل والمفعول والمبالغة إلخ, وفي ألفية ابن مالك أيضًا باب خاص بأبنية أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة بها يبدأ بقوله:
كفاعل صغ اسم فاعل إذا ... من ذي ثلاثة يكون كغذا
وباب خاص بعلاقات واحدة بذاتها من هذه الصفات المشبهة, وهي المشبهة باسم الفاعل بخصوصها يقول فيه:
وصوغها من لازم لحاضر ... كطاهر القلب جميل الظاهر
ص137
ويقول في صيغ المبالغة:
فعال أو مفعال أو فعول ... في كثرة عن فاعل بديل
فتستحق ماله من عمل ... وفي فعيل قل ذا وفَعِل
ويسوقا بابًا خاصًّا بمبنى التفضيل يبدأ بقوله:
صغ من مصوغ منه للتعجب ... أفعل للتفضيل وأب اللذ أبى
وللأفعال أيضًا صيغ خاصة ما كان منها ثلاثيًّا أو فوق الثلاثة, فللثلاثي ستة أبواب للصيغ هي:
1- فعل يفعَل مثل سحب يسحب.
2- فعل يفعِل مثل ضرب يضرب.
3- فعل يفعُل مثل نصر ينصر.
4- فَعِلَ يفعَل مثل سمع يسمع.
5- فَعِلَ يفعِل مثل حسب يحسب.
6- فَعُلَ يفْعُل مثل كرم يكرم.
وللرباعي(2) سبع صيغ أحصاها الصرفيون على النحو الآتي:
1- فَعْلَلَ مثل جلبب 5- فَعَيْلَ مثل شريف
2- فَوْعَلْ مثل جورب 6- فَعْلَى مثل سلقى
3- فَعْوَلَ مثل رهوك 7- فَعْنَلْ مثل قلنس
4- فَيْعَمَل مثل بَيْطَر
وقد يزاد الثلاثي بواسطة لواصق وزوائد تدل على معانٍ صرفية معينة منها:
1- الهمزة تسبق فاء الكلمة كأكرم, ومعناها الغالب التعدية والصيرورة.
2- الألف بين الألف والعين كقتل, ومعناها الغالب المشاركة والموالاة.
3- تضعيف عين الثلاثي مثل كرَّم, ومعناها الغالب التعدية والإزالة.
4- النون الساكنة قبل الفاء مثل انكسر ومعناها "المطاوعة.
ص138
5- التاء بين الفاء والعين مثل اجتمع, ومعناها الغالب الاتخاذ والاضطراب.
6- تضعيف اللام مثل أحمرَّ, ومعناها الغالب الألوان والعيوب.
7- التاء قبل الفاء مع تضعيف العين مثل تعلم, ومعناها الغالب المطاوعة والاتخاذ.
8- التاء قبل الفاء مع الألف بعدها مثل تباعد, ومعناها الغالب المطاوعة والمشاركة.
9- السين والتاء قبل فاء الكلمة مثل استخرج, ومعناها الغالب المطاوعة والمشاركة.
9- السين والتاء قبل فاء الكلمة مثل استخرج, ومعناها الغالب الطلب والصيرورة.
10- تكرار العين مع توسط الواو بين شطريها مثل اغدودن, ومعناها الغالب صار ذا كذا.
11- زيادة ألف بين العين واللام مع تكرار اللام مثل احمارّ, ومعناها الغالب التحول.
12- زيادة ألف بين العين واللام مثل اجلوّذ, ومعناها الغالب التحرك.
وقد يزاد الرباعي أيضًا بواسطة لواصق وزيادات ليؤدي معاني صرفية مختلفة عمَّا يؤديه منها الرباعي المجرَّد, وذلك كما يأتي:
1- زيادة التاء في أول فَعْلَلَ لتصير تَفَعْلَلَ نحو: تدحرج.
2- زيادة النون العين واللام المكررة الأصلية, افعنلل, نحو: احرنْجَم, مع إسكان الفاء وتحريك العين فيها.
3- تضعيف اللام الأخيرة من فعلل فتصير: افعلل, نحو: اقعشرَّ مع إسكان الفاء وتحريك العين فيها.
4- زيادة التاء في أول فَعْلَلَ فتصير: تَفَعْلَلَ, تجلبب
ص139
5- زيادة التاء في أول فَعْوَلَ فتصير تَفَعْوَلَ نحو: ترهوك.
6- زيادة التاء في أول فَيْعَلَ فتصير تَفَيْعَل نحو: تشيطن.
7- زيادة التاء في أول فَوْعَل فتصير تَفَوْعَل نحو: تجورب.
8- زيادة التاء في أول فَعْلَى فتصير تَفَعْلَى نحو: تسلقى.
9- زيادة التاء في أول مَفْعَلَ فتصير تَمَفْعَلَ نحو: تمنطق وتمسكن.
ويحلق بهذه الصيغ وزنان آخران هما:
10- افعنلل نحو: اقعنسس, واللام هنا زائد لا أصلية.
11- افعنلى نحو: اسلنقى.
على أننا يمكن أن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى نتناول بها المعاني الصرفية الشهيرة وما يرصده الصرف لكلٍّ منها من المباني التي تشتمل داخل كل مادة على جميع ما تصرَّف من هذه المادة؛ كالمصدر بأنواعه والميميات والصفات من الأفعال, فكل هذه التصريفات يفترض فيها أن تفيد هذا المعنى كل من زاويته الخاصة, فالمصدر يفيد المعنى من زاوية الحدث, والميميات تفيد المعنى نفسه من زاوية مكانه أو زمانه أو آلته, والصفات تفيده هو أيضًا من زاوية دلالتها على موصوف بالحدث, والأفعال تفيده من زاوية الاقتران بين زمنه وحدثه, ولكن القسط المشترك بين هذه التصريفات جميعًا أنها تشتمل على حروف بعينها مرتبة في جميعها ترتيبًا موحدًا, فتتفق في هذه الحروف وفي ترتيبها وفي الأصل والزائد منها, وسنورد هنا أشهر المعاني الصرفية وما يمكن أن يوضع بإزاء كلٍّ منها من الصيغ مكتفين في كل صيغة بإيراد صورة الفعل الماضي المسند إلى المفرد والغائب, وستتكفل خيال القارئ بتصور بقية تصريفات المادة:
ص140
ص141
ص142
ص143
فهل يمكن بعد هذا أن ننظر إلى المبنى هنا "في كل ما أوردناه من المباني ذات المعاني" على أن الصيغة بأكملها "الأصول والزوائد", فيكون المبنى فرعًا على مباني التقسيم كما ذكرنا, أو أن نعتبر الأصول الثلاثة "فاء الكلمة وعينها ولامها" لا دخل لها في اختلاف المعنى "لاتفق وجودها في جميع المباني", وبذا يكون المعنى للزوائد من دونها, ومن ثَمَّ يكون هذا المبنى فرعًا على مباني التصريف أو العلاقات؟ إن كلا الاعتبارين ممكن, وإن الصرفيين قد آثروا أن ينسبوا المعاني مرة إلّا الصيغ ومرة أخرى إلى ما سموه "حروف الزيادة", وصار من الممكن لهم في الحالتين أن يعبِّروا عن حقائق المباني الصرفية دون قصور. أما نحن فلاعتبارات عملية تفضل أن ننسب الطلب أو الصيرورة إلى الاستعمال كله لا إلى السين والتاء والمطاوعة إلى الانفعال كله لا إلى النون الساكنة, وبذلك نكون قد وصلنا إلى قرار بشأن المبنى الدال على كل واحد من هذه المعاني الصرفية, فاعتبرنا مبنى الصيغة فرعًا على مباني التقسيم: وهي الاسم "وتحته صيغ", والصفة "وتحتها صيغ", والفعل "وتحته صيغ أيضًا".
عند هذا الحد نودّ أن نفرق بين أمرين أرى أن التفريق بينهما هامّ للغاية, لقد عرفنا الآن أن الصيغة جزء من التحليل الصرفي, وأنها باعتبارها مبنى صرفيًّا لا بُدَّ من النظر إليها على أنها تلخيص شكلي لجمهرة من العلامات لا حصر لها ترد على ألسنة المتكلمين باللغة الفصحى كل يوم, بل في كل ثانية من دقيقة من ساعة من يوم, والناس ينطقون العلامات ولا ينطقون هذه التلخيصات الشكلية, والعلامات التي ترد في النطق قد تخضعها ظروف القواعد التي تحكم تأليف الأصوات وتجاورها في اللفظ لمغايرة بنية الصيغة, ظروف القواعد التي تحكم تأليف الأصوات وتجاورها في اللفظ لمغايرة بنية الصيغة مغايرة ترجع إلى ظواهر الإعلال أو الإبدال أو النقل أو الحذف, وهي من "الظواهر الموقعية" التي سنتكلم عنها تحت عنوانها المذكور, وعندما تخضع العلامة لمغايرة بنية الصيغة لا يكون بينهما التوازي المتوقع من حيث عدد الحروف ونسق الحركات, فلو أردنا والحالة هذه أن نقابل أصواتها الصحيحة بحروف صحيحة وأصوات حركاتها وعللها بحركات وعلل لوصلنا إلى تصوير هيكل الكلمة تصويرًا قد يختلف عن مبنى الصيغة. مثال ذلك: إن صيغة الأمر من باب ضرب "فَعَلَ يَفْعِلُ" هي "افعِل", ولكننا إذا أخذنا الفعل "وقى" وهو من
ص144
أفعال هذا الباب, وأردنا أن نصوغ فعل الأمر منه على مثال "افعل", لوجدنا هذا الفعل يئول إلى "ق", فإذا أردنا أن نقابل الحرف الوحيد الموجود من هذا الفعل بنظيره في الصيغة لوجدنا أن ما يقف بإزائه من حروف الصيغة هو العين المكسورة "عِ", فإذا سألنا أنفسنا من أيّ الصيغ هذا الفعل "قِ" لقلنا دون تردد: إن صيغته هي صيغة "أَفْعِلْ", فإذا سألنا: فما بال هذه العين المكسورة تقف عنَّا بإزاء الفعل في صورته النهائية, فإن الجواب هو أنَّ هذه العين المكسورة تمثل "الميزان" ولا تمثل "الصيغة".
فالتفريق بين الصيغة وهي "مبنى صرفي" وبين الميزان وهو "مبنى صوتي" تفريق هام جدًّا له من الأهمية ما يكون منها للتفريق بين علمي الصرف والأصوات, وقد يتفق هيكل الصيغة في صورته مع هيكل الميزان, فالفعل "ضرب" صيغته "فَعَل" وميزانه "فَعل" أيضًا, ولكنهما قد يختلفان كما رأينا في فعل الأمر "ق", على أن الصرفيين علقوا أمر اختلاف الصيغة والميزان على النقل والحذف, فأبانوا ما يرد من ذلك في الميزان مع التذكير دائمًا بأن الصيغة تحكي قصة أخرى, أما مع الإعلال والإبدال فإن علماء الصرف لم يحفلوا بالفروق بين شكل الصيغة وشكل المثال؛ بحيث إنهم زعموا في "قال" وهو ينتمي إلى صيغة فَعَلَ أنه على وزن "فَعَلَ" أيضًا, وليس على وزن "فَالَ", وما إصرار علماء الصرف هنا على وحدة الصيغة والميزان بمجد فتيلًا بالنسبة للأغراض العملية للتحليل الصرفي, بل من الأجدى أن نلقي على عاتق الصيغة بيان المبنى الصرفي الذي ينتمي إليه المثال, وأن ننوط بالميزان أمر بيان الصورة الصوتية النهائية التي آل إليها المثال, ولو اتحد هذا وذاك لغاب من تحليلنا أحد هذين الأمرين الهامَّين, ومن هنا اقترح أن التحليل الصرفي كما راعى النقل والحذف في الميزان ينبغي له أن يراعي الإعلال والإبدال أيضًا على النحو الآتي:
المعنى المبنى العلامة الميزان
الطلب استفعل استخرج استفعل
" " استخار استفعال
التعدية أفعَل أكرم افعَل
" " أقام أفال
ص145
إن المباني الصرفية الماضية لم تتناول مباني الضمائر والخوالف والظروف والأدوات؛ لأن ما سبق من المباني صيغ, ولا صيغ لهذه الأقسام المذكورة لأنها غير متصرفة. ومن هنا أجد من الضروري أن أشرح طبيعة مباني هذه الأقسام وصلتها بالعلامات التي تتحقق هي بواسطتها, ومفتاح الكلام في هذا الموضوع هو فكرة العموم والخصوص, أو بعبارة أخرى: فكرة الإطلاق والتقييد, فضمير الرفع للمفرد المتكلم "أنا" على إطلاقه هو المبنى, وأما العلاقة التي يتحقق بها هذا المبنى في "أنا" من قولي "أنا أكتب" فلفظ "أنا" بخصوصه في هذه الجملة علامة تتحقق بها "أنا" على إطلاقها, أي "أنا" الموصوفة بأنها ضمير الرفع للمفرد المتكلم, والمفهومة من هذا العنوان, والتي لا تنطق لأنها مطلقة وتندرج تحتها ملايين العلامات. ومثل ذلك يقال في "هيهات" على إطلاقها, و"هيهات" من قول الشاعر:
فهيهات هيهات العقيق ومن به
فالأولى مبنى والثانية علامة لأنها واردة في نص بخصوصه, ومثله أيضًا يقال في "حيث" على إطلاقها, فهي تعتبر مبنى لهذا الظرف, و"حيث" التي في قول الشاعر:
إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم
وهي هنا علامة لورودها في نص بعينه, وكذلك الأمر في "من" المطلقة التي تعتبر مبنى لحرف الجر المذكور و"من" التي في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} فهي بخصوصها في هذه الآية علامة تحقق بها في النطق ذلك المبني الصرفي المذكور.
وما دامت المباني الصرفية تعبر عن معانٍ صرفية أو تتخذ قرائن لفظية على معانٍ نحوية, فلا بُدَّ أن يكون أمن اللبس بين المبنى والمبنى غاية كبرى تحرص عليها اللغة في صياغتها للمباني الصرفية, ولا بُدَّ لضمان أمن اللبس على المستوى الصرفي أن تقوم القيم الخلافية بدور التفريق بين المباني من ناحية الشكل ليكون هناك فارق بين المعنى الصرفي وأخيه, أو بين الباب النحوي وأخيه "وأقصد بالباب هنا المعنى النحوي كالفاعل ونائبه إلخ", وقد تكون القيمة الخلافية مقابلة الحركة
ص146
بالمد أو مقابلة الإفراد بالتشديد, أو مقابلة التجرد بالزيادة, وهلم جرّا. فالفرق بين "فَعَلَ" وفَاعَلَ" يأتي عن قيمة خلافية تعود إلى الكمية هي مقابلة فتحه الفاء في فعل بالألف بعد الفاء في "فاعل", ومثل ذلك يقال عن الفرق بين "فعل" وبين "فعل"؛ حيث تكون المقابلة بين الإفراد والتشديد, وبين "فعل" و"فعيل" المقابلة في الكمية, أما بين "فَعَلَ" و"اسْتَفْعَل" فالمقابلة بين التجرد والزيادة. وهذه المقابلات "أو القيم الخلافية بحسب اصطلاحنا" هي مناط أمن اللبس؛ إذ بدونها تتشابه الصيغ ويصبح التفريق بين المتشابهات أمرًا غاية في الصعوبة كالذي يحدث في النصوص التي تساق للإلغاز. وبدون هذه القيم الخلافية لا يمكن أن يقوم تحليل لغوي ولا تقسيم ولا تبويب ولا نشاط في البحث في اللغة من أيّ نوع, ذلك بأن التقسيم والتبويب ينبنيان على أساس إدراك جهات الشركة بين المفردات, ووضع كل طائفة منها تشترك في خصائص معينة, وتختلف في خصائص أخرى عن غيرها من الطوائف في قسم بعينه أو باب بعينه. فإذا كانت القيم الخلافية مناط التقسيم والتبويب, وكان التقسيم والتبويب مظهر النشاط العلمي, فإن استخدام القيم الخلافية يكون مناط النشاط العلمي ومظهره.
ولكن قد يحدث أحيانًا أن تتشابه صيغتان في النظام مع اختلاف معناهما, فحين لا نجد اختلافًا بينهما نلجأ إلى القرائن نستبين بها معنى كلٍّ منهما. انظر مثلًا إلى الأمثلة الآتية:
1- صيغة فاعِلْ: عند النظر إلى هذه الصيغة باعتبارها مبنى غير منطوق وغير موضوع في سياق متصل بالطبع؛ لأن السياق لا يتكوّن من صيغ سنرى أنها صالحة لمعنيين:
أ- اسم الفاعل من فَعَلَ.
ب- الأمر من فَاعَلَ.
بل إننا لو نظرنا إلى الكلمة المفردة "قاتلْ" ساكنة الآخر بالوقف, فسنجدها لا تزال "وهي كلمة لا صيغة" صالحة للمعنيين جميعًا, وإذا كان الأمر كذلك فلا بُدَّ أن نبحث عن القرائن التي تحدد استعمال الكلمة بأحد المعنيين دون الآخر, وهذه القرائن يمكن العثور عليها في مظانّ مختلفة منها
ص147
الجدول الإلصاقي والجدول التصريفي والجدول الإسنادي ومنها السياق, فأما على مستوى الجدول الإلصاقي فإن الكلمة إذا قبلت الألف واللام فهي اسم فاعل, وإذا قبلت نون النسوة فهي فعل أمر, وأما على مستوى الجدول التصريفي فإذا انحازت الكلمة إلى قَاتَلَ يقاتِل فهي فعل أمر, وإذا انحازت إلى مقتول وقتّال وقتيل فهي اسم فاعل، وأما على مستوى الجدول الإسنادي فإذا قبلت الكلمة الإسناد إلى ضمائر الخطاب فهي فعل أمر وإلّا فلا, وأما التفريق بالسياق لتوضحه المقابلة بين:
القاتل يقتل وقاتل من قاتلك.
2- صيغة فَعْل: وهي صيغة صالحة للاسم المعين كبيت, وللمصدر كضرب, وللصفة كشهم, فالمبنى على هذه الصورة لا ينصرف إلى واحد من هذه المعاني إلّا بالقرينة, وكما سقنا من قبل كلمة "قاتل" بالنسبة لصيغة "فاعل", نسوق هنا كلمة "عدل" فنراها صالحة للمصدر والصفة المشبهة على السواء, ومعنى ذلك أننا إذا أردنا تحديد معناها فلا بُدَّ من اللجوء إلى القرائن، وإذا بحثنا عمَّا يقدمه الجدول الإلصاقي من القرائن ما وجدنا من القرائن ما يعيننا فيه, فكلا المعنيين يمكن أن يفهم من الكلمة مع إلصاق "أل" ولاصقة التثنية وضمائر الجر المتصلة فلا يمكن للجدول الإلصاقي, والحالة هذه أن يعيننا في الكشف عن معنى الصيغة - لا بل عن معنى الكلمة. أما من ناحية الجدول التصريفي فسنرى أن أحد المعينين يسمح بدخول الكلمة في هذا الجدول إذ تنحاز فيه إلى فريق الصفات فتكون صفة مشبهة, وأما المعنى الآخر فيحول بينها وبين هذا الجدول؛ لأن الأسماء لا تدخل الجداول التصريفية على نحو ما رأينا من قبل. وأما من حيث الجدول الإسنادي فإن هذا الجدول يتأبى على هذه الكلمة في كلتا حالتيها سواء إذا كانت مصدرًا أو صفة مشبهة, يبقى بعد ذلك أن نلجأ إلى قرية السياق, وهي كبرى القرائن اللفظية, وسنرى هذا السياق يسعفنا في التفريق بين المعنيين على نحو ما نرى فيما يلي:
العدل أساس الملك "الكلمة تفيد المصدر".
هو الحكم العدل اللطيف الخبير "الكلمة تفيد الصفة المشبهة".
ص148
3- صيغة المضارع المسندة إلى المخاطب وإلى الغائبة: وهذه تأتي على "تفعل" في الحالتين, فأنت تسمع وهي تسمع, وأنت تضرب وهي تضرب, وأنت تكتب وهي تكتب, ولا يعين على تحديد المعنى هنا إلّا السياق, وأخص ما يعيننا على تحديد المعنى هنا قرينة الربط, فإذا عاد الضمير المستتر على مخاطبٍ فالإسناد للمخاطب, وإذا عاد على غائبة فالإسناد إلى غائبة.
4- تفاعلا وأخواتها: صالحة للماضي المسند إلى ألف الاثنين والمضارع المجزوم المسند إليها والأمر المسند إليها أيضًا, ويتضح ذلك عند النظر فيما يأتي:
إن تقابلا تنازعا: الفعلان في الجملة صالحان للماضي والمضارع.
إن تقابلا فتنازعا: الأول صالح لهما, والثاني أمر بقرينة الفاء الجوابية, ولو جعلنا الفاء عاطفة لصلح الفعل بعدها للماضي والمضارع, وصارت جملة الشرط بحاجة إلى جواب.
والذي قيل في "تفاعلا" هنا يقال مثله في "تفاعلوا(3)" و"تفاعلن" و"تفعلا" و"تفعلوا" و"تفعلن", وكذلك "تفاعل" و"تفعل" كما يتضح من الجدول الآتي(4):
أنا تقاتل إن أتقاتل.
نحن تقاتلنا إن نتقاتل.
أنت تقاتلت 1- إن تقاتل -بحذف تاء الزيادة 1- تقاتل.
أنتِ تقاتلت 2- إن تقاتلي -بحذف تاء الزيادة 2- تقاتلي.
أنتما تقاتلتما 3- إن تقاتلا -بحذف تاء الزيادة 3- تقاتلا.
أنتم تقاتلتم 4- إن تقاتلوا -بحذف تاء الزيادة 4- تقاتلوا.
أنتن تقاتلن 5- إن تقاتلن -بحذف تاء الزيادة 5- تقاتلن.
ھو تقاتل إن أن يتقاتل.
ھي تقاتلت 6- إن تقاتل بحذف تاء الزيادة.
ص149
ھما "مذكر" 3-تقاتلا إن يتقاتلا.
ھما "مؤنث" تقاتلنا 3- إن تَقَاتَلا بحذف تاء الزيادة.
ھم 4- تقاتلوا إن يتقاتلوا.
ھن 5- تقاتلن إن يتقاتلن.
ففي ھذا الجدول خمس حالات من التشابه، ويرى مثلھا في الجدول الآتي:
أنا تزينت إن أتزين.
نحن تزينا إن نتزين.
أنتَ تزينت 1-إن تزين -مع حذف تاء الزيادة 1- تزين.
أنتِ تزينت 2-إن تزيني -مع حذف تاء الزيادة 2- تزيني.
أنتما تزينما 3- إن تزينا -مع حذف تاء الزيادة 3- تزينا.
أنتم تزينتم 4- إن تزينوا -مع حذف تاء الزيادة 4- تزينوا.
أنتن تزينتن 5- إن تزين -مع حذف تاء الزيادة 5- تزين.
ھو تزين أن يتزين.
ھي تزينت 1-إن تزين -مع حذف تاء الزيادة.
ھما "مذكر" 3-تزينتا أن يتزينا.
ھما "مؤنث" تزينتا 3- يتیزنا -مع حذف تاء الزيادة.
ھم 4- تزينوا إن يتزينوا.
ھن 5- تزينّ إن لم يتزين.
5- كذلك نستطيع تأمل العبارات التالية:
نحن نخطب قعودًا أو وقوفًا مصدر قعد ووقف، أو جمع قاعد وواقف.
نحن نخطب قیامًا أو جلوسًا، مصدر قام وجلس، أو جمع قائم وجالس.
نحن نريد حلولًا مصدر حَلَّ يَحِلّ أو جمع حَلّ.
نحن ننشد حضورًا مصدر حضر أو جمع حاضر.
وفي هذه الحالة بالذات لا نستطيع حتى بمعونة هذا السياق أن نصل إلى معنى الكلمة بل الصيغة, ومن هنا يصبح الرجوع إلى المقام وهو منبع القرائن الحالية أمرًا لا غنى عنه, فبالمقام نعم ما إذا كانت هذه الكلمات مصادر أو جموعًا.
ص150
هنا أودّ أن أشير إلى أن الصيغة الصرفية هي وسيلة التوليد والارتجال في اللغة، فإذا أردنا أن نضيف إلى اللغة كلمة جديدة عن أحد هذين الطريقين فإننا ننظر فيما لدينا من صيغ صرفية وفيما تدل عليه كل صيغة من المعاني، ثم نقيس المعنى الذي نريد التعبير عنه على المعاني التي تدل عليها الصيغ, فإذا صادفنا الصيغة المرادة صغنا الكلمة الجديدة على غرارها توليدًا أو ارتجالًا، ولما كانت الأسماء والصفات والأفعال هي وحدها صاحبة الصيغ الصرفية كانت هي أيضًا مجال التوليد. أما الضمائر والخوالف والظروف والأدوات فلا توليد فيها لأنَّ بناءها لا يكون على مثال الصيغ الصرفية؛ ولأن معانيها وظيفية ومحدودة ومقصورة على السماع في الوقت نفسه، ولا تتطلّب اللغة الجديد من المعاني الوظيفية, ولكنها تتطلب الجديد من المعاني المعجمية، فلا يكون إثراء اللغة بإضافة الجديد من الضمائر والخوالف والظروف والأدوات إلى ما يوجد فيها فعلًا, وإنما يكون بإضافة الأسماء والصفات والأفعال ذات الصيغ؛ لأن الصيغ هي مجال التوليد والارتجال كما ذكرنا.
ومعنى ما تقدَّم أن العناصر القابلة للتحول والتطور في اللغة هي المفردات ذات الصيغ "أي: العناصر ذات الصيغ الاشتقاقية", وأن العناصر الأخرى التي لا تخضع للصياغة الاشتقاقية إنما هي مبانٍ تنتمي إلى نظام اللغة, فمعانيها وظيفية وصورها محفوظة مسموعة, فتطور اللغة دائمًا يأتي عن طريقة إضافة حروف أو ظروف أو ضمائر جديدة إلى اللغة, ولا يأتي كذلك عن طريق إضافة صيغ صرفية جديدة إلى النظام الصرفي للغة الفصحى؛ لأن هذه الصيغ أيضًا محددة, وقد أحصينا معظمها منذ قليل، فهل معنى هذا إذًا أننا إذا أردنا إثراء اللغة عن طريق إضافة صيغ جديدة كنّا كمن يكلف الأشياء ضد طباعها؟ إذا كان السؤال متجهًا إلى العرف اللغوي العام فالجواب نعم، أما إذا كان متجهًا إلى العرف الخاص فالجواب لا. وإليك التفصيل:
لقد استطاع الناس دائمًا أن يخلقوا اللغات لأنفسهم وأشهر ما نعرفه من ذلك اللغات السرية بين اللصوص والماسونيين والجواسيس وغير السرية
ص151
مثل لغة الرياضة والجبر منها بصفة خاصة, ولغة الاسبرانتو التي يراد بها أن تكون عالمية وأن تقضي على الحواجز اللغوية بين الإنسان والإنسان على مستوى العالم كله, ولكن الاسبرانتو لا تزال لغة خاصة، وكذلك اللغات المهنية والسرية أيضًا, وأشهر لغات العرف الخاصّ في عالمنا المعاصر هي لغة المصطلحات العلمية, وهي تتراوح بين الرمز الجبري مجهول المعنى, فلا يوصل إلى معناه إلّا بنيجة المعادلة, وبين المصطلح العلمي المحوّل عن معناه العرفي العام "لغة" إلى المعنى العرفي الخاص "اصطلاحًا". ولغة العلم من صنع العلماء, وفي كل لغة حية من لغات العالم يصطلح العلماء كل يوم على الجديد من الكلمات والمصطلحات, ويتفنَّنون في عملية الإلصاق لعناصر من لغة إلى عناصر من لغة أخرى قديمة أو حديثة حية أو ميتة.
واللغة العربية في حاجة ماسة إلى أن تَثْرَى في حقل المصطلحات العلمية والفنية والحضارية, ولكن اللغة العربية بطبعها وذوقها وطرق صياغتها تأبى عملية الإلصاق على الطريقة الغربية, وتلجأ إلى طريقة أخرى هي طريقة الاستعانة بالصيغ الصرفية ذات المعاني كما سبق أن شرحنا. ولكن الصيغ الصرفية كما رأينا منذ قليل محدودة العدد، والمعاني الصرفية العربية من مطاوعة إلى تعدية إلى طلب محدودة العدد أيضًا، والنشاط العلمي يشمل من مقولات التحول من قبل, لا بُدَّ إذًا من أن نبحث عن وسيلة جديدة لإثراء اللغة غير طريقة خلق المفردات على مثال الصيغ المتاحة؛ لأن هذه المفردات الاصطلاحية ستصل إلى حد من الكثرة "وقد وصلت الآن إلى هذا الحد تقريبًا", يجعل الإضافة إليها أمرًا عسيرًا, فليجأ العلماء عند إحساسهم بعسر هذا الأمر إلى التقريب الذي يتنافى في ظروف كثيرة مع ذوق اللغة العربية لأسباب كثيرة منها ما ذكرناه من أن المصطلحات الأجنبية يتمّ معظمها بواسطة إلصاق العناصر المختلفة بعضها ببعض, والإلصاق في التسمية لا يتناسب مع ذوق اللغة العربية. فما الحل إذًا؟ أعتقد أنني سأحتاج إلى الكثير من شجاعة الرأي لتحديد معالم هذا الحل.
ص152
والحل يكمن في عبارة قصيرة: ما دام البحث عن الكلمات الجديدة على قياس الصيغ المتاحة يبدو عسيرًا أحيانًا فلنحلق نحن صيغنا الجديدة. لقد رأينا عند حصر صيغ الرباعي المزيد كيف ألحقنا صيغة اقعنس بصيغة احرنجم على رغم زيادة اللام في إحداهما وأصالتها في الأخرى، ومعنى ذلك ببساطة أن باب الإلحاق مفتوح وسيظل مفتوحًا في اللغة العربية إذا أريد لهذه اللغة أن تحيا وتتطور، والعرف العلمي عرف خاص ذو لغة عرفية خاصة كاللغات التي أشرنا إليها منذ قليل، وهي لغة يصنعها العلماء العرب أنفسهم دون غيرهم, وليس لهم أن ينتظروا أن يعلمهم الله الأسماء كله كما علَّم آدم, فهذا الوحي "إن كان هذا التعليم قد تَمَّ جدلًا عن طريق الوحي" قد انقطع، ومن ثَمَّ أصبح على علماء العربية أن يطوروا أداة تفكيرهم وهي اللغة العربية الفصحى بوسائلهم الخاصة, ويستطيع العلماء العرب أن يضيفوا إلى الصيغ العربية العرفية العامة صيغًا جديدة عرفية خاصة. فما وسيلة ذلك؟
ينبغي قبل التفكير في الوسيلة أن نزعم أن حروف الزيادة في اللغة الفصحى ليست قاصرة عند حروف "سألتمونيها", فكل حرف في اللغة العربية صالح من الناحية العملية لأن يكون زائدًا لمعنى, ولنا أن نسوق الأمثلة الآتية للتدليل على هذا الزعم:
دحرج ذات صلة بالثلاثي درج والمزيد الحاء.
زغرد ذات صلة بالثلاثي غرد والمزيد الزاي.
شقلب ذات صلة بالثلاثي قلب والمزيد الشين.
عربد ذات صلة بالثلاثي عرد والمزيد الباء.
وليس واحد من هذه الحروف الأربعة المزيدة يُعَدّ في حروف سألتمونيها, فإذا أبحنا لأنفسنا زيادة الحروف دون قيد للتعبير عن مقولات التحولات العلمية المختلفة استطعنا في النهاية أن نخلق صيغًا جديدة للثلاثي المزيد تصلح كل صيغة منها باعتبارها معنى صرفيًّا لأن تضم تحتها العدد الكبير من العلامات, أي: المفردات الاصطلاحية العلمية أسماء وصيغًا وأفعالًا على السواء.
ص153
والأماكن التي تزاد فيها الحروف هي ما قبل الفاء, كأن يكون لدينا صيغة مثل "دَفْعَلَ" تخصص لمعنى كلي من المعاني العلمية تندرج تحته معانٍ فرعية؛ كأن نقول مثلًا: "دَسْخَنَ" إذا تَمَّ التسخين على طريقة تندرج تحت هذا المعنى العلمي الكلي, ويمكن أن يكون الحرف الزائد بين الفاء والعين فتكون الصيغة "فَدْعَلَ", أو بين العين واللام فتكون "فَعْدَل" أو في آخر الصيغة فتكون "فعلد" ولك صورة مشتقاتها من المضارع والأمر والصفات الخمس والميميات, كما يكون لها مصدر وهلم جرّا مما تحمل فيه زيادة الدال في كل موضع جديد معنى كليًّا جديدًا, فإذا كانت الدال وحدها قادرة حين تزاد في أماكن مختلفة أن توجد الآلاف المؤلفة من المصطلحات الجديدة, فتصور إذًا ما تحمله الحروف كلها "ما عدا حروف سألتمونيها بالطبع" من إمكانات؛ لأن كل صيغة من الصيغ الجديدة تحمل في طيها طاقة خلق مفردات لا حصر لها.
إن للصيغة باعتبارها مبنًى صرفيًّا من الارتباط بحقائق التحليل اللغوي ما يمكنها هي بذاتها قبل أمثلتها أن تدخل جميع أنواع الجدول, سواء ما كان إلصاقيًّا وما كان تصريفيًّا وما كان إسناديًّا. فإذا أخذنا صيغة "مفعول مثلًا فإننا نستطيع مع فهمنا إياها كما يفهم المبنى لا كما يفهم المثال أن نلصق بها كل ما يمكن إلصاقه بكلمة "مضروب" أو "مقتول", وأن نفهم العلاقة بينها وبين بقية صيغ الصفات مثل "فاعل" و"فعول" و"فعيل" و"فعال" كما نفهم العلاقة بين "مقتول" وبين "قاتل" و"قتول" و"قتيل" و"قتال". وبهذا نصل إلى حقائق التحليل من الصيغة دون أن نضطر إلى استخدام الأمثلة, وهذه هي القيمة الحقيقية لاعتبار المبنى في التحليل اللغوي؛ لأن المباني محدودة العدد سهلة التناول, أما العلامات أي: الأمثلة فلا حصر لها.
ويتضح ذلك بصورة أفضل إذا عرفنا أن الصيغة وهي مطلقة يمكن أن تدخل في الجدول الإسنادي كما يدخل الفعل بخصوصه, ويمكن أن نمثل لذلك بما يأتي.
ص154
الضمير الماضي المضارع الأمر
أنا فاعلت أفاعل
نحن فاعلنا نفاعل
أنت فاعلت تفاعل فاعل
أنت فاعلت تفاعلين فاعلي
أنتما فاعلتما تفاعلان فاعلا
أنتم فاعلتم تفاعلون فاعلوا
أنتن فاعلتن تفاعلن فاعلن
هو فاعل يفاعل
هي فاعلت تفاعل
هما "مذكر" فاعلا يفاعلان
هما "مؤنث" فاعلتا تفاعلان
هم فاعلوا يفاعلون
هن فاعلن يفاعلن
وهكذا نصل إلى حقائق التحليل الإسنادي من صيغة "فاعل" دون أن نضطر إلى التماسها في أي فعل بذاته مثل: "قاتل" وهذه -كما قلت- هي القيمة الحقيقية لاستخدام المباني دون الأمثلة في التحليل الصرفي, فذلك أفضل بسبب قلة المباني وكثرة الأمثلة, فنحن نستطيع أن نتعلّم من وضع الصيغة هكذا في توزيع الجدول عدة معانٍ صرفية منها:
1- الفعلية.
2- الزمن.
3- التجرد أو الزيادة.
4- كون الكلمة رباعية أو ثلاثية.
5- التكلم أو الخطاب أو الغيبة.
6- الإفراد أو التثنية أو الجمع.
7- التذكير أو التأنيث.
8- الإعراب أو البناء.
كما يمكن أن نتعلم طريقة الإلصاق ونوع اللواصق المختلفة, كل ذلك من الصيغة على إطلاقها دون الاضطرار إلى خصوص أمثلتها.
ص155
ولكن استخدام الصيغة دون المثال سيقف بنا عند فهم المعاني الوظيفية التي سجلناها منذ لحظة, فلا يمكننا من فهم أي معنى معجمي؛ لأن المعاني المعجمية يمكن استخراجها من الأمثلة فقط, ولا يمكن استخراجها من المباني على إطلاقها مهما فصلنا القول في إلصاقها وتصريفها وإسنادها.
ص156
__________
(1) الألفية.
(2) للمؤلف في كتاب مناهج البحث في اللغة رأي في الصيغ الرباعية يرد به على الصرفيين فلينظر في ذلك الكتاب.
(3) قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ} أن تقاسموا يحتمل الأمر والخبر على معنى الحال بإضمارٍ قد أدَّى قالوا متقاسمين.
(4) كل الأمثلة التي تحمل رقمًا بعينه تحمل وجه شبه فيما بينها، والمضارع في كل ذلك على حذف إحدى التاءين كما في {وَلا تَنَازَعُوا} .