نجد بوضوح من سیادة نظام موحّد لساحة الوجود کلّه، فالقوانین السائدة لهذا العالم فی أرضه وسمائه واحدة، والنظام الحاکم لذرّة واحدة هو ذاته یحکم المجموعة الشمسیّة والمنظومات الکبیرة، ولو اُتیحت لنا صورة مکبّرة لذرّة واحدة لحصّلنا على شکل المنظومة الشمسیّة، والعکس صحیح.

وقد برهن العلماء فی تجاربهم فی مختلف العلوم، باستخدام أدقّ الأجهزة وأحدثها على وحدة النظام السائد لهذا العالم کلّه. هذا من جهة.

ومن جهة اُخرى إنّ الاختلاف والتباین یلازمان التعدّد دوماً. فلو تشابهت صفات شیئین تمام التشابه لکانا شیئاً واحداً، إذ لا معنى لثنائیّتهما عندئذ، ولو فرضنا لهذا العالم آلهة عدیدة لوقع أثر هذا التعدّد على مخلوقات العالم والنظام الحاکم له، ولانتفت وحدة نظام الخلق.

مضافاً إلى أنّ کلّ موجود لا بدّ أن یسعى لاستكمال وجوده إلاّ الوجود الکامل من کلّ جهة فلا معنى للتکامل فی وجوده حينئذ، فلو فرضنا وجود مناطق خاصّة لکلّ إله من هذه الآلهة المزعومة، وطبعاً لا یکون لکلّ منها کمال مطلق، ومن الطبیعي أیضاً أنّها سوف تسعى لاستكمال ذاتها، وتحاول ضمّ بقیّة المناطق إلى حوزتها، وهذا السعي للتکامل والتنافس فی الاقتدار مدعاة لوقوع العالم فریسة بین مخالب الناقصین الباحثین عن السیطرة على غیرهم، والنتیجة هي فساد العالم ودماره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: كتاب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل‌، لسماحة آية الله الشيخ مكارم الشيرازي دامت بركاته.