بقلم : ليث حسين
القضيّةُ الحُسينيّةُ، قَضيّةٌ خالِدَةٌ على مَرّ العُصورِ وفِيها الكثيرُ مِنَ العِبرِ والعِظاتِ التي نحتاجُ أنْ نستلهِمَها في حياتِنا، متوجِّهينَ إلى اللهِ بِكُلِّ هذهِ القِيَمِ والتَّعاليمِ التي يرتَضِيها اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى، فقد خرجَ الإمامُ الحُسينُ معَ آلِ بيتِهِ الكرامِ ضِدَّ فئةِ الظُّلمِ والطُّغاةِ الذينَ كانَ كُلُّ هَمِّهِم السُّلطَةُ والامتيازاتُ الدنيويةُ البَعيدةُ كُلّ البُعدِ عَنْ تعاليمِ وقِيَمِ الدّينِ الإسلاميِّ، خرجَ لنُصرَةِ الدّينِ والمنهجِ السماويّ الحَقّ، حتى قِيلَ عَنْ لسانِ حالِهِ:
(عليهِ السَّلامُ):
(إنْ كانَ دينُ مُحمّدٍ لَم يستَقِمْ.. إلّا بقَتلي فيا سيوفُ خُذِيني)
وما أبلَغَهُ مِنْ قَولٍ وَوَصفٍ بحَقِّ الحُسينِ (عليهِ السَّلامُ)، الذي ضَحّى بالغالي والنَّفيسِ وَهُوَ روحِهِ الطاهِرَةِ وآلِ بيتِهِ مِنْ أبنائهِ وإخوانِهِ، خرجَ ضِدَّ زُمرَةِ المُفسدينَ في الأرضِ والدّينِ، المُتمثِّلَةِ بيزيدَ لعنَةُ اللهِ عليهِ وعلى مُواليهِ وشِيعَتِهِ، حيثُ قالَ:
(على الإسلامِ السَّلامُ، إذ بُلِيَتِ الأُمّةُ براعٍ مثل يَزيدَ)
خرجَ ضِدَّ زُمرَةٍ لا تَعرِفُ اللهَ حقَّ مَعرِفَتِهِ، وبَعيدَةٍ عَنِ الإسلامِ وتعاليمِهِ، لا يُبالي بالموتِ الذي يراهُ مُحَقَّقَاً، حيثُ قالَ (عليهِ السَّلامُ) : مُخاطِباً أنصارَهُ في ميدانِ المعركةِ:
(إنّي لا أرى الموتَ إلّا سعادةً، والحياةَ معَ الظالمينَ إلّا بَرَمَاً).
لا يَسَعُنا أنْ نُعَبِّرَ ونَصِفَ هذهِ الفاجِعَةَ الأليمةَ ، بأيّ وَصفٍ لأنَّها أكبُر مِنْ أنْ تُحيطَها خَطَراتُ الكلامِ ورَشَفاتُ الأقلامِ ، إلّا إنَّنا نقِفُ على أعتابِها لنتعرَفَ على الأسبابِ التي دعَتِ الإمامَ الحُسينَ –عليهِ السَّلامُ- للخروج بآل بيتِهِ وأصحابهِ الى كربلاء:
ـ خرجَ لطلبِ الإصلاحِ في أمّةِ جَدّهِ محمّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ): (إنّي لم أخرجْ أشِراً ولا بَطِراً ولا مُفسِداً ولا ظالماً، وإنّما خَرجتُ لطلبِ الإصلاحِ في أمّةِ جَدّي، أريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنهى عَنِ المُنكَرِ، وأسيرَ بسيرَةِ جَدّي وأبي عَليِّ بنِ أبي طَالبٍ ـ عليهِ السَّلامُ ـ، فَمَنْ قَبِلَنِي بقَبولِ الحَقِّ فاللهُ أولى بالحَقِّ، ومَنْ رَدَّ عليَّ هذا، أصبِرُ حتى يقضيَ اللهُ بينِي وبينَ القومِ بالحَقِّ وَهُوَ خيرُ الحاكمينَ).
ـ خَرَجَ مِنْ أجلِ الحِفاظِ على العِرضِ وحمايَةِ الأهلِ: حيثُ قالَ الإمامُ الحُسينُ( عليهِ السَّلامُ):
أنَا الحُسينُ بنُ عَليّ.. آليتُ ألا أنثَنِي
أحمِي عِيالاتِ أبِي.. أمضِي على دِينِ النَّبِي
ـ خرجَ للحِفاظِ على الإسلامِ وتَعاليمِهِ، وبالخُصوصِ الصَّلاةِ التي تُعتَبَرُ عمودَ الدّينِ:
{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}
ـ خَرَجَ للحفاظِ على العَهدِ ولَم يأبَه للمَوتِ:
(الموتُ أولى مِنْ رُكوبِ العَارِ.. والعَارُ أولى مِنْ دُخولِ النّارِ).
ـ خَرَجَ لبَثِّ الحُرّيّةِ التي أقَرَّها الإسلامُ وأتَى بِها، وللقَضاءِ على العبوديّةِ:
(واللُه لا أُعطِيكُم بِيَدِي إعطاءَ الذَّليلِ، ولا أقِرُّ إقرارَ العَبيدِ).
ـ خَرَجَ لنهضَتهِ المُقَدّسَةِ بالرِّضا والتَّسليمِ بقِضاءِ اللِه وقَدَرِهِ:
(إلهي رِضاً بقضائِكَ وتسليماً لإمرِكَ، لا مَعبودَ لي سِواكَ).