المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
في الصّمتِ العميقِ ليلًا، يتردّدُ صوتُ الصلاةِ في أروقةِ المسجدِ، صوتٌ عذبٌ يُرَتِّلُ آياتِ الذّكرِ والحكمةِ، ينسابُ بكلِّ هدوءٍ الى الأفئدةِ المكلومةِ ليطمئنَهَا، ويَنبُضُ في صدرِ كلِّ مظلومٍ ليحرّرَهُ من طواغيتِهِ. رجلٌ عُرِفَ بجليسِ المساكينِ، وناصرِ المستضعفينَ، نصفُ ليلِهِ الأوّل تفقّدُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
علم الانبياء و الاوصياء بالغيب
عدد المقالات : 26
النقطة الاولى :في تعريف الغيب ، فما هو المراد من الغيب ياترى؟
الجواب :
قال ابن منظور: "الغيب: كلّ ما غاب عنك" ، من دون فرق بين كون الغياب ماضيًا، أو في الحال أو في الاستقبال.
وفي المعنى اللغويّ نفسه استعمل القرآن الكريم لفظ الغيب، فعن الغيب في الماضي قال تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ) ، وعنه في الحاضر قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، وعنه في المستقبل قال تعالى: (لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ)
ويقابل الغيب الشهادة، التي تعني في اللغة الحضور، قال الراغب: "الشهادة هي الحضور ، سواء كان بالعين الظاهرة، أو بعين البصيرة. وكما هو حال الغيب، فقد استعمل القرآن الكريم الشهادة في المعنى اللغويّ نفسه، قال تعالى: (عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)
النقطة الثانية : الآيات القرانية الكريمة التي تحصر علم الغيب بالله سبحانه تعالى
هناك جملة من الآيات القرانية تدل بظاهرهاعلى ان علم الغيب مختص بالله تعالى دون غيره ، نشير الى بعض منها :
1- (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ)
2- (فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ)
3- ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ)
4- ( وللهِ غيبُ السماواتِ والأرضِ وإليه يُرْجَعُ الأمرُ كلُّه )
5- ( ولا أقول لكُم عندي خزائنُ اللهِ ولا أعلمُ الغَيب )
6- ( يومَ يَجْمعُ اللهُ الرسلَ فيقولُ: ماذا أُجِبْتُم ؟ قالوا: لا عِلمَ لنا إنّك أنتَ علاّمُ الغُيوب )
النقطة الثالثة : لكن في مقابل الآيات الآنفة الذكر قد وردت آيات أخرى تفيد أنّ بعض عباد الله يطلعهم سبحانه على الغيب،
الآيات التي تتحدّث عن علم الغيب في حياة الأنبياء والصالحين:
تناول القرآن الكريم هذه الظاهرة في حياة الأنبياء والصالحين بالنصّ وبالتأكيد عليها، حيث نجدهم عليهم السّلام قد امتلكوا القدرة على العلم بالغيب بإذنه سبحانه واستخدموه لمصلحة الرسالة، وهذه نماذج من ذلك:
1- (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ∗ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ )
2- قوله تعالى: (غُلِبَتِ الرُّومُ ∗ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ∗ فِي بِضْعِ سِنِينَ، نزلت هذه الآيات في أعقاب الحرب التي دارت بين الروم والفرس، وهما الدولتان اللتان كانتا تسيطران على العالم القديم، وكانتا تتنازعان على بلاد الشام وغيرها، حيث أخبرت عن أمر غيبيّ يقع في المستقبل القريب. قال الزحيلي في تفسيره: "وهذا إخبار بالغيب عن أمر في المستقبل وأيّده الواقع، وقد نزلت الآيات حين غلب "سابور" ملك الفرس على بلاد الشام، وما والاها من بلاد الجزيرة، وأقاصي بلاد الروم، فاضطرّ "هرقل" ملك الروم، حتى ألجأه إلى القسطنطينيّة، وحاصره فيها مدّة طويلة، ثمّ عادت الدولة
لهرقل. فبعد نزول سورة الروم سنة 622م ببضع سنين ( في سنة 627م) أحرز هرقل أوّل نصر حاسم للروم على الفرس في "نينوى" على نهر دجلة، وانسحب الفرس لذلك من حصارهم للقسطنطينيّة، ولقي كسرى "ابرويز" مصرعه سنة 628م على يد ولده"
3- قوله تعالى: ( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ) ، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين بأنّهم سوف يفتحون "مكّة" في المستقبل، وقد وقع ذلك فعلاً، ومن الواضح أنّ ذلك إخبار عن الغيب أطلع الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم عليه من خلال الرؤيا.
4- (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء) ، نقل الواحدي عن السدي أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "عُرضت عليّ أمّتي في صورها كما عُرضت على آدم، وأُعلمتُ من يؤمن لي، ومن يكفر. فبلغ ذلك المنافقين، فاستهزءوا وقالوا: يزعم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أنّه يعلم من يؤمن به، ومن يكفر، ونحن معه، ولا يعرفنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية".
5- قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )، حيث دلّت على اطّلاع أمّ موسى عليه السلام على الغيب، مع أنَّها ليست من الأنبياء والأوصياء .
6- قال يوسف عليه السّلام لإخوته: (إذْهَبوا بقميصي هذا فألْقُوه على وجهِ أبي يأتِ بصيراً.)..
ثم أخبر تعالى عمّا جرى بعد ذلك، فقال: ...( فَلمّا أن جاءَ البشيرُ ألقاهُ على وَجْههِ فارتدَّ بصيراً )
إنّ ظاهر هذه الآية يدلّ على أن النبيّ يعقوب عليه السّلام قد استعاد بصره بالشكل الكامل بالقدرة الغيبيّة التي عَلِمها واستخدمها يوسف عليه السّلام من أجل ذلك، ومن الواضح أنّ استعادة يعقوب عليه السّلام بصرَه لم يكن من الله بصورة مباشرة، بل تحقّقت بإذنه سبحانه بواسطة النبيّ يوسُف عليه السّلام.
إنّ النبيّ يوسف عليه السّلام كان السببَ في عودة بصر أبيه، ولولا ذلك لما أمر إخوتَه بأن يذهبوا بقميصه ويُلقوه على وجه أبيه، بل كان يكفي أن يدعوَ الله تعالى لذلك فقط.
إن هذا تصرّفٌ غيبيّ صدر من أحد أولياء الله ـ وهو يوسف عليه السّلام ـ وغيّر المجرى الطبيعيّ بإذنه سبحانه، ولا يَقْدر على هذا التصرّف إلاّ مَن منحه الله السلطةَ الغيبيّة.

7- قال تعالى حاكيا كلام يوسف عليه السّلام مع صاحبي السجن : ( لا يأتيكُما طَعامٌ تُرزَقانِه إلاّ نبّأتُكما بتأويلهِ قبلَ أن يأتيَكُما)
اي ان يوسف عليه السّلام كان يعلم برزقهما والطعام الذي يأتيهما قبل ان يأتيهما ، وهو نوع من العلم بالغيب اطلع الله تعالى عليه نبيه يوسف عليه السّلام
8- قال تعالى مخاطبا النبي الاكرم (ص) : (ذلكَ مِن أنباءِ الغَيبِ نُوحيهِ إليك ).
النقطة الرابعة : والسؤال هو ، كيف نجمع ونوفق بين الآيات التي ذكرناها في النقطة الثانية الدالة على حصر العلم بالغيب بالله تعالى دون سواه كقوله تعالى : ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) ، وبين الآيات التي ذكرناها في النقطة الثالثة الدالة على امكان ان يطّلع الأنبياء والرسل على الغيب كقوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ∗ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ) ؟!وهل بين المجموعتين تناف ام لا ؟وبعبارة أخرى فيها إضافة: ممّا لا شكّ فيه أنّ النبيّ محمّدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو على رأس من اجتبى واصطفى اللهُ تعالى من رسله، وبالتالي فهو عزّ وجلّ يطلعه، ويظهر عليه غيبه، فكيف نجمع بين هذه المقولة، والآيات السابقة الحاصرة لعلم الغيب بالله تعالى، بل بينها وبين قوله تعالى عن لسان رسوله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ )

والجواب: إنّ التأمّل في مجموع الآيات يفيد أمرين:
الأوّل: إنّ علم الغيب محصور بالله تعالى استقلالاً، فلا يمكن لأحد أن يعرفه مستقلاً عن الله تعالى، وهذا هو تفسير الآيات الثلاث الحاصرة لعلم الغيب بالله عزّ وجلّ، إلاّ أنّ هذا لا يمنع أن يتفضّل الله تعالى على بعض عباده بإطلاعه على بعضٍ مِن علم الغيب، فيكون هذا البعض عالمًا بالغيب بالتبع لا بالاستقلال، ولهذا نظير في القرآن الكريم، ونضرب لذلك ثلاثة أمثلة :

1- ينسب القران الكريم توفّي الأنفس إلى الله تعالى بقوله:(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ) ، بينما نلاحظ أنّه عزّ وجلّ ينسب التوفِّي في بعض الآيات الأخرى إلى غيره، بقوله تعالى: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ )، ويقول تعالى: ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) .
والجمع بين هذه الآيات هو أنّ التوفيّ بالاستقلال وبالذات هو لله تعالى، وهذا لا يتنافى مع كون التوفّي بالعرض وبالتبع هو لغيره من الملائكة.

2-وكذلك الحال في قوله تعالى:؟ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، وقوله عزّ وجلّ: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ) ، فالخلق الذي يعني التشكيل من مادّة سابقة هو لله بالذات والاستقلال، كحالة الإبداع والإيجاد من العدم، وفي الوقت نفسه صحّ نسبة الخلق بالعرض وبالتبع لله إلى النبيّ عيسى عليه السلام.

3- وهكذا الحال في قوله تعالى: (فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعً)، وقوله عزّ وجلّ: ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)
والحاصل : ان علم الغيب يكون من هذا القبيل ، فعلم الغيب الذاتي الاستقلالي هو منحصر بالله سبحانه وتعالى ، وهذا ما اشارت اليه الآيات في النقطة الثانية ، ولكن هذا لا يمنع من ان يطلع الباري عز وجل بعض عباده على علم الغيب عن طريق الوحي وغيره ، فيكون علمهم بالغيب تبعي لا استقلالي ، وهذا ما اشارت اليه الآيات في النقطة الثالثة .

إذن لا يوجد اي تناف إطلاقا ، والإيمان بان بعض الرسل والأولياء يعلمون الغيب لا يتنافى مع حصر الغيب بالله تعالى فالأول تبعي والآخر استقلالي فيكون كالخلق المنسوب لعيسى عليه السلام فهو خالق بالتبع لا الاستقلال .

الثاني: إنّ الملاحظ في الآية النافية لعلم النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الغيب أنّ النفي كان في صيغة الإنسان المتكلّم المتناسبة مع استقلاله بالعلم، ففي الآية: (وَلَوْ كُنتُ) بتاء ضمير المتكلّم و ( أَعْلَمُ ) بضمير المتكلّم المستتر، و (لاَسْتَكْثَرْتُ) بتاء ضمير المتكلّم، فكأنّه يقول: "أنا بنفسي مستقلاً عن الله لا أعلم الغيب".
أمّا آية إطلاع الله تعالى وإظهاره للغيب فإنَّها أتت بصيغةٍ فاعلها هو الله تعالى، ففي الآيتين السابقتين ورد: (لِيُطْلِعَكُمْ )أي الله، و (يَجْتَبِي) أي الله، و (فَلَا يُظْهِرُ) أي الله و (مَنِ ارْتَضَى) أي الله.

والخلاصة أنّ هذه الصيغ تفيد الآتي:
أنا الإنسان، ولو كنتُ خاتم الأنبياء، فإنّي لا أعلم من نفسي الغيب، لأنّ الغيب بيد الله، وبالتالي هو الذي يطلعه ويظهره على من يشاء ، فيكون علما تبعيا لا استقلاليا ولا ضير في ذلك . النقطة الخامسة والاخيرة : هل الأئمة عليهم السلام يعلمون الغيب وكيف ؟
العلم الذي يمتلكه النبي الاكرم صلى الله عليه وآله والإمام المعصوم ومقداره ومستنده، لا يمكن إثباته إلاّ من خلال الطرق النقليّة الواردة في الكتاب والسنّة الشريفة؛ لأنّه ليس بوسع العقل وبمفرده أن يتناوله بالنفي والإثبات؛ لأنّ الإثبات يتوقّف على إخبار غيبيّ بذلك.
والعلم المفاض للنبي (ص) و للإمام بأيّ سبب كان، سواء بإلهام أو نَقْر في الأسماع، أو بتعليمٍ من الرسول ـ ويمتدّ إلى معرفة الغيب ـ فهو غير العلم الذي يختصّ به سبحانه، فذاك مكفوف عمّن سوى الله، وحتّى الملائكة المقرَّبين والأنبياء المرسَلين، وهو الغيب المطلق.
ويفترق علم النبي ص والإمام عن علم الله سبحانه، بأنّ علمه سبحانه قديم وسابق على المعلومات، وهو عين ذاته. أمّا العلم الحضوريّ للنبي و للإمام، فلا يشارك علمَ الله في شيء من هذه الأُمور؛ لأنّ علم النبي والإمام حادث ومسبوق بالمعلومات، وهو غير الذات فيه وإنّما حضوره عند الإمام بمعنى انكشاف المعلومات فعلاً لديه، فلا يشارك اللهَ في علمه.
وخلاصة القول، إنّ علمه سبحانه ذاتيّ، وعلم النبي والإمام عَرَضيّ موهوب وممنوح منه جلّ شأنه.

والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو : اذا كان الله تعالى قد اطلع النبي الاكرم (ص) على بعض الأمور الغيبية فهل بإمكان النبي (ص) ان يعلمها لغيره كالإمام علي (ع) ام هو مستحيل ؟ الجواب لا استحالة في ذلك فهو تعلم من ذي علم .
النتيجة : بناءً على ما تقدّم، فإنّ السؤال عن علم الأئمة بالغيب هو سؤال عن أمر ممكن غير مستحيل، ينحصر بالنصّ الدينيّ من قرآن كريم وأحاديث شريفة، إذ لا يمكن للعقل أن يثبت وجوده.
وبالفعل ورد في الروايات ما يؤكّد أنّ الله تعالى قد أنعم على الأئمّة عليه السلام بمنحهم عطيّة علم الغيب بكثيرٍ من الأمور، وهذا ما نعرضه في العناوين الآتية:

النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يعلِّم الغيب أهل بيته عليه السلام
ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من أرض مخصّبة ولا مجدبة، ولا فئة تضلّ مئة وتهدي مئة إلاّ أنا أعلمها، وقد علَّمتها أهل بيتي" .

وراثة علم الغيب من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
تكاثرت الروايات عن وراثة أهل البيت عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن جملة ما ورثوه ما يتعلّق بعلم الغيب،
وعلى سبيل المثال لا الحصر ما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام في جواب عمرو بن هذّاب، حينما نفى عن الأئمّة عليه السلام علم الغيب متذرّعًا بأنّ الغيب لا يعلمه إلاّ الله تعالى، قال عليه السلام: "أوليس الله يقول: ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ∗ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ﴾ ، فرسول الله عند الله مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما شاء من غيبه، فعلمنا ما كان، وما يكون إلى يوم القيامة" .

ان جميع المسلمين قاطبة تبعا للقران الكريم يعتقدون بأن رسول الله (ص) والأنبياء (ع) يعلمون بعض الغيب بتعليم الله تعالى لهم كما نص القرآن الكريم على ذلك :
١/ قال تعالى ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ∗ إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن أية ٢٦-٢٧.

٢/ وكما ذكر قول النبي عيسى (ع) ( وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) ال عمران أية ٤٩.

٣/ وقوله عز وجل مخاطبا النبي الأعظم (ص) ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ) ال عمران الآية ٤٤.

فإذا أخبر الله تعالى رسوله الكريم (ص) ببعض المغيبات ثم أطلع الرسول (ص) عليا (ع) بعض هذا العلم ، فيقال أن علي بن أبي طالب (ع) يعرف الغيب لا بالذات لان ذاك مختص بالباري عز وجل ، وإنما بتعليم النبي ص وأخباره له ببعض المغيبات التي تلقاها النبي ص عن طريق الوحي ، فكيف يعتبر هذا القول من الكفر الصريح ؟ وبأي دليل ؟

وأما القول أن الأئمة يعلمون الغيب من ذاتهم دون إخبار من الرسول أو تحديث وإلهام فهو قول أنكره علماء الشيعة واعتبروا القائل به من الغلاة ، قال الشيخ المفيد في ( أوائل المقالات ) : " وأقول : أن الأئمة من آل محمد (ص) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلا ولكنه وجب لهم من جهة السماع ، فأما إطلاق القول عليهـم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بيّن الفساد لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد وهذا لا يكون إلا لله عز وجل وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة " أوائل المقالات صفحة ٦.

وقال العلامة المجلسي في ( بحار الأنوار ) : " اعلم أن الغلو في النبي (ص) والأئمة (ع) إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله تعالى في العبودية أو في الخلق والرزق ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو بالقول في الأئمة (ع) أنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي " .
والخلاصة:
ان جميع المسلمين قاطبة تبعا للقران الكريم يعتقدون بأن رسول الله (ص) والأنبياء (ع) يعلمون بعض الغيب بتعليم الله تعالى لهم كما نص القرآن الكريم على ذلك :
- قال تعالى ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ∗ إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) الجن 

-وكما ذكر قول النبي عيسى (ع) ( وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) ال عمران 

- وقوله عز وجل مخاطبا النبي الأعظم (ص) ( ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ) ال عمران 

فإذا أخبر الله تعالى رسوله الكريم (ص) ببعض المغيبات ثم أطلع الرسول (ص) عليا (ع) بعض هذا العلم ، فيقال أن علي بن أبي طالب (ع) يعرف الغيب لا بالذات لان ذاك مختص بالباري عز وجل ، وإنما بتعليم النبي ص وأخباره له ببعض المغيبات التي تلقاها النبي ص عن طريق الوحي ، فكيف يعتبر هذا القول من الكفر الصريح ؟ وبأي دليل ؟

وأما القول أن الأئمة يعلمون الغيب من ذاتهم دون إخبار من الرسول أو تحديث وإلهام فهو قول أنكره علماء الشيعة واعتبروا القائل به من الغلاة ، قال الشيخ المفيد في ( أوائل المقالات ) : " وأقول : أن الأئمة من آل محمد (ص) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتمسك بإمامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلا ولكنه وجب لهم من جهة السماع ، فأما إطلاق القول عليهـم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بيّن الفساد لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد وهذا لا يكون إلا لله عز وجل وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة " أوائل المقالات صفحة ظ¦.

وقال العلامة المجلسي في ( بحار الأنوار ) : " اعلم أن الغلو في النبي (ص) والأئمة (ع) إنما يكون بالقول بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله تعالى في العبودية أو في الخلق والرزق ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم أو أنهم يعلمون الغيب بغير وحي أو إلهام من الله تعالى ، أو بالقول في الأئمة (ع) أنهم كانوا أنبياء أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات ولا تكليف معها بترك المعاصي " 

المصدر : منتدى الوارث من العتبة الحسينية المقدسة .
الغراوي
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2024/04/30م
نصت المادة (٢١/اولا) من قانون التقاعد الموحد لسنة ٢٠١٤ المعدل على ان (( يستحق المحال الى التقاعد الراتب التقاعدي اذا كانت لديه خدمة تقاعدية لاتقل عن (١٥)خمس عشرة سنة ولايصرف الراتب التقاعدي الا اذا كان قد اكمل(٤٥)خمسا واربعين سنة من عمره وفي كل الأحوال لايصرف عن المدة السابقة لتاريخ اكمال السن المذكورة... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/04/25م
بقلم/ مجاهد منعثر منشد من دواعي سرور المرء أن يقرأ عن شخصية يحبها وتعامل معها لفترة وجيزة ,فأثر به فكريا ودينيا وسياسيا نتيجة استقامتها ونقاء سريرتها وصفاء وطنيتها التي شحذت همم الغيارى لبناء الوطن, وعقليتها الإسلامية المبتكرة العميقة النوعية . هكذا شخصية عند اصطفائها من الله سبحانه وتعالى بالشهادة... المزيد
عدد المقالات : 368
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2024/04/23م
اجازت المادة (٢٧/أولا) من قانون الموازنة العامة للدولة رقم (١٣)لسنة ٢٠٢٣ منح الموظف إجازة لمدة خمس سنوات على وفق شروط حددتها حصرا ، علما بأن هذه الاجازة ليس محلها قانون الموازنة العامة ولكن المشرع العراقي دأب في السنوات الأخيرة على حشر نصوص في القانون المذكور منبتة الصلة به ومثل هذه النصوص يسميها... المزيد
عدد المقالات : 128
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2024/04/18م
بقلم // مجاهد منعثر منشد هذا الكتاب الموسوم (كتاب مراقد الائمة المعصومين في العراق كما وصفها الرحالة والمسؤولين الأجانب) تأليف أ.د/ عماد جاسم حسن الموسوي أستاذ التاريخ المعاصر في كلية التربية للعلوم الإنسانية في جامعة ذي قار . قدمنا عن المؤلف الباحث سيرة موجزة في قراءتنا على كتابه (دراسات في تاريخ... المزيد
عدد المقالات : 368
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2024/02/26م
بقلمي: إبراهيم أمين مؤمن وغادر الطبيب بعد أن أخبر هدى بالحقيقة، وقد مثلت تلك الحقيقة صدمة كبيرة لها، وطفقت تفكر في مآل مَن حولها والصلة التي تربطها بهم. انهمرت الدموع من عينيها، هاتان العينان البريئتان الخضراوان اللتان ما نظرتا قط ما في أيادي غيرها من نعمة؛ بل كانتا تنظران فحسب إلى الأيادي الفارغة... المزيد
عدد المقالات : 39
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
أ.د. صادق المخزومي الشعر الانساني قلم وفم يتمحور بوحُه حراك الإنسان على وسادة الألم ومقاربة الأمل، ويفصح عن حقائق الحياة الخالدة وحكمها الرفيعة؛ يهدف هذا النوع من الشعر الى نشر معالم الأخلاق وأدبيات المجتمع، وإرساء الحكمة والمعرفة والقيم الدينية والاجتماعية؛ بهذه التمثلات في الانثروبولوجيا... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 شهور
2024/02/05م
يا أنتِ يا عِطرَ الغَوالي لا لستُ في قولي اُغالي إنْ قُلتُ أنّكِ شمعتي في نورها هَزمتْ ضَلالي أوْ قُلتُ أنّكِ نجمتي بشُعاعِها وَشَجتْ حِبالي أوْ قُلتُ أنّكِ كوثري يا كوثرَ الماءِ الزُلالِ أوْ قُلتُ أنّكِ بلسمــــي إنْ ساءَ في الازماتِ... المزيد
عدد المقالات : 54
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 4 شهور
2024/01/19م
أ.د. صادق المخزومي من فنون الأدب، وقد يشمل القصص والكتب والمجلات والقصائد المؤلفة بشكل خاص للأطفال، فالطفولة شريحة عمرية مهمة في المجتمع، وتكون حاجتها للأدب مثلما تحتاجه الشرائح العمرية الأخرى، ولعلها أكثر، لأن الأدب قد يسهم في التربية والتنمية الاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يكون هذا النوع الأدبي... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
الصوت هو واحد من أكثر الظواهر المألوفة والمهمة في حياتنا اليومية، ومع ذلك، يمكن أن يكون مفهومه وتأثيره عميقًا ومعقدًا. في علم الفيزياء، يُعرف الصوت على أنه موجة ميكانيكية تنتشر من خلال وسط مادي مثل الهواء أو السوائل أو الصلب. لفهم الصوت بشكل أفضل،... المزيد
في أوائل سبعينات القرن الماضي، أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى طفرة في أسعار النفط دفعت بالبنوك المركزية حول العالم إلى المسارعة ببذل جهود حثيثة للسيطرة على التضخم. وبعد مرور عام أو نحو ذلك، استقرت أسعار النفط وبدأ التضخم في التراجع. واعتقدت بلدان... المزيد
الموازنة العامة : ادوارها وانواعها ومراحلها الموازنة العامة تعلب دورا كبيرا في تشجيع النشاطات الإنتاجية والحد من الأنشطة غير الإنتاجية، وتقليل البطالة ورفع إنتاجية العمل الاجتماعي، والاستقرار العام للأسعار والحد من التضخم، وجذب الاستثمارات... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
صحابة باعوا دينهم -3[ سمرة بن جندب]
نجم الحجامي
2024/03/05م     
المواطن وحقيقة المواطنة .. الحقوق والواجبات
عبد الخالق الفلاح
2017/06/28م     
شكراً جزيلاً
منذ شهرين
اخترنا لكم
السيد محمد باقر السيستاني
2024/05/03
إنَّ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) كان مَعنيّاً بأن يجعلَ مِن الشيعةِ قوماً ورعين ومُلتزمين وواضحين . حتى يُقال عنهم هؤلاءِ (أصحاب...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
2024/04/03
( أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَفْوِ أَقْدَرُهُمْ عَلَى الْعُقُوبَةِ )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com