ايقونة تاريخ اليوم : الخميس ٢٩ رجب ١٤٤٦هـ المصادف ۳۰ كانون الثاني۲۰۲٥م
مقالات

توأمة التقنية والأخلاق عند المرجعية الرشيدة

مهنة الطب من المهن المحترمة الشريفة التي حثّ على تعلّمها الإسلام وعدّها من العلوم التي ينبغي للإنسان أن يهتمّ بها، ففي الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: "العلم علمان, علم الأديان وعلم الأبدان" بحار الأنوار، للمجلسي، ج 1، ص 220. فعلم الطب يصب في خدمة وصيانة أبدان البشر، وعلم الدين يصب في خدمة وصيانة أرواح البشر، ولا غنى للإنسان عن العلمين، لان انفاس الأول طريقه الى الجنة ورضوان من الله أعظم، وهي غاية الغايات ومنتهى الأماني والآمال والكمالات، كما قال الإمام علي (عليه السلام): "إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها إلا بها" بحار الانوار للمجسلي: 78 / 13 / 71.

ولكي تجعل انفاسك في الدنيا هي الطريق المهيع الى جنان الله تعالى ورضوانه ينبغي عليك أن تحاسب نفسك قبل ان تحاسب، وتزن اعمالك بمقدار ما تقربك الى شرع الله قبل ان تبعدك الذنوب عن موازين العدل والقسط والانصاف، فالإمام الصادق عليه السلام في وصيته لابن جندب يؤكد على محاسبة النفس بقوله: "اجعل نفسك عدوا تجاهده، وعارية تردها، فإنك قد جعلت طبيب نفسك، وعرفت آية الصحة، وبين لك الداء، ودللت على الدواء، فانظر قيامك على نفسك" الكافي - الشيخ الكليني - ج ٢ - ص ٤٥٥.

هذا ما اشار اليه ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في كلمته خلال لقائه بأساتذة وطلبة الامانة العامة للمجلس العربي للاختصاصات الصحية والذين يؤدون الامتحان السريري والشفوي لاختصاص التخدير وطب الطوارئ في جامعة السبطين للعلوم الطبية التابعة لهيئة الصحة والتعليم الجامعي في العتبة الحسينية المقدسة الساعين للحصول على شهادة البورد العربي: "الطبيب يصنع الحياة والسعادة التي تليق بالإنسان، فحياة بلا سعادة حياة فيها شقاء وحرمان وعذاب، ولابد ان نصل بهذا الانسان الى ما يليق به، فالإنسان افضل مخلوق بالكون، هو الذي ميّزه الله عن غيره، بان منحه العقل وأرسل له الانبياء وأنزل عليه الشرائع وخلق الكون من أجله، وهو أكرم مخلوق عند الله، والذي نأمله منكم ان يكون هناك علم مقترن بالإنسانية، علم يعالج علل الإنسان ويمد المجتمع بالحياة، وكما يقول امير المؤمنين علي (عليه السلام): "من تطبب فليتق الله، ولينصح، وليجتهد" بحار الأنوار، للمجلسي ج 59، ص 74. أي يبذل قصارى جهده ويقدّم النصح ويضع مخافة الله نصب عينيه؛ لان المجتمع وأرواح افراده ومستقبله أمانة بين يديه".

وأضاف: "إن منهجنا هنا في العراق هو منهج المرجعية الدينية العليا لسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، ووظيفتنا الاساسية ان نحمل الناس على الهداية والأخذ بالشرائع السماوية التي توصلهم الى السعادة والكمال الانساني".

وأوضح أنه: "كما نهتم بالأمور الدينية لدينا اهتمامات إنسانية، وكيف نصنع الإنسان والمواطن الصالح؟ وكيف نعمل مع بقية من يتصدى للمسؤولية في أن نرفع شيئا من معاناة الإنسان، ونعمل في رفع مستواه العلمي والطبي والصحي وغيرها من الامور؟ لذلك جاءت هذه المشاغل للعتبة الحسينية المقدسة ولدينا الآن ثلاث جامعات: السبطين، ووارث الانبياء، والزهراء الخاصة بالبنات، وانشأنا مستشفيات: سفير الحسين، ومركز السيدة زينب للعيون، وزين العابدين العام، ومؤسسة وارث لعلاج الاورام التي استقطبت اطباء من بلدان عربية مختلفة، والمجتبى لعلاج أمراض الدم وزراعة نخاع العظم، وخديجة الخاص بالنساء، ونحن نهتم بالمرأة حيث خصصنا جامعة ومستشفى لها، كما لدينا مستشفيات قيد الانجاز منها مستشفى السرطان في البصرة، وأخرى لعلاج أمراض القلب والجهاز الهضمي وزراعة الكبد ومستشفيات أخرى غيرها، ولدينا اهتمام بالمدارس وكما ندعوا الإنسان ان يهتم بدينه، لابد أن نصنع إنسانا متعلما مثقفا يحمل العلم والتربية والاخلاق، لذلك الذي نرجوه منكم وانتم اساتذة قضيتم شطرا كبيرا من اعماركم في مجال العلوم الطبية واختصاصاتها، وما بلغتموه من هذه المكانة العلمية الكبيرة، نأمل منكم ان تستذكروا هذه النعمة العظيمة التي حباها الله بكم دون غيركم، فقد أعطاكم العقل والذكاء والمرتبة العلمية التي وصلتم اليها، ولا يقول قائل منكم إنما وصلت لهذه المرحلة من ذاتي وشطارتي وعلمي وعقلي، بل هي من نعم الله التي تستوجب ان تشكروا الله تعالى عليها".

ولفت إلى أنه: " قد يتصور البعض أن البدل المالي لدراسة الطلبة نحصل فيه على ارباح، بل العكس هو الصحيح نحن من العتبة الحسينية المقدسة ندعم بمبالغ كبيرة جدا هذه المؤسسات الطبية والتعليمية، وهناك كثير من الطلبة الأيتام والفقراء نعفيهم من دفع رسوم الدراسة، وما يتحصّل من أجور لا تحصل العتبة الحسينية على دينار واحد منه، وانما كله يصرف ومعه أموال اخرى كبيرة من العتبة المقدسة لتطوير هذه الجامعات، ناهيك عن المدارس والمستشفيات في كربلاء المقدسة وغيرها من المحافظات، والنهوض بها أكثر من ذي قبل، ونحن لسنا استثماريين ولا نبحث عن الربح، بل نبحث عن صناعة الإنسان فقط".

صناعة الإنسان انما تتقوّم بتلبية احتياجاته المادية والمعنوية معا، وهذا ما دأبت عليه المرجعية الدينية العليا من خلال مؤسساتها الخدمية والدينية والثقافية التي ترتقي بالإنسان سلّم المجد وتنتشله من متاهات الثقافات الهابطة التي تستهدف الشباب بصورة خاصة، فالتقنية والتطور التكنلوجي باتت من ضروريات الحياة الحديثة، ولكنها بحاجة ماسة الى الأخلاق والقيم الدينية التي تهذّبها وتمنعها من الانزلاق نحو الظلم والفساد والانحطاط، فعلم بلا أخلاق كسجد بلا روح، واخلاق بلا علم كروح بلا جسد، فلابد من جناحي العلم والأخلاق لكي يتم التحليق بهما في سماء العلم والفضائل والكرامات.


فتوى الدفاع الكفائي


النص الكامل لخطبة صلاة الجمعة بتاريخ (14شعبان 1435هـ)

ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/ شعبان /1435هـ) الموافق ( 13/6/2014م ) قال الشيخ الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة الثانية من الصحن الحسيني الشريف ما يأتي :
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم ، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
وأكد الكربلائي : إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر . المزيد

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+