اشار ممثل المرجعية الدينية العليا في الخطبة الأولى من صلاة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ (14 /4 /2017) ان من النعم الإلهية على الانسان ان فتح له ابواب الرحمة في ازمنة وامكنة متفاوتة لم يحدها بوقت او زمان محدد او ان يلجأ له العبد في مكان دون مكان.
وقال السيد أحمد الصافي ولعل من هذه الأزمنة هو شهر رجب الأصب، وقد تقدم في بعض ما تقدم من سالف الأيام؛ أن الله تبارك وتعالى شرط الإجابة بالدعاء بل ضمن الإجابة بالدعاء، ولعل الإنسان يختلف عن بقية المخلوقات أو عن بقية الكائنات بأنه يستطيع أن يدرك بما أوتي من عقل عظمة الله سبحانه وتعالى، كلما كان الإنسان عاقلاً وكلما كان عالماً كانت خشيته من الله تعالى أكبر.
واضاف نحن نذعن بأن الله تعالى هو ربنا، لكن الإذعان شيء والعمل الخارجي قد يكون شيئاً آخر، والعقيدة هي المطلوبة وعلى أساسها توزن الأعمال وعلى أساسها تقبل، لكن هذه الأعمال تتفاوت من شخص الى آخر.
وتابع ان الإنسان عندما يولد في هذه الدنيا يتسارع عليه الليل والنهار والصحة والسقم والغنى والفقر والشتاء والصيف، وفجأةً يجد نفسه قد طوى سنين عديدة وشارف على أن يلج الى عالم آخر لا نعرف عنه شيئاً إلا ما وصلنا من الأخبار والآيات الشريفة التي تهول لنا ذلك اليوم، وأن هناك ميزاناً ستوزن فيه أعمال الخلائق.
واوضح السيد الصافي ان الله تبارك وتعالى ندب إلينا في الآيات والروايات بأن يدعو الإنسان الله تعالى وأن يكون قريباً من الله تعالى، لإن الله قريب والله يسمع ويرى ولا تخفى عليه خافية، وبالمحصلة النهائية أن الإنسان يكون تحت الرصد.
واستدرك ان الله تبارك وتعالى هو الحاكم وهو الشاهد ولا تعوزه شهادة الشهود في ذلك اليوم الذي توزن فيه الأعمال وتقيم فيه النتائج.
واشار ممثل المرجعية الدينية العليا ان هذه الأشهر الكريمة بدءً بشهر رجب المعظم يحاول الشارع المقدس أن يعلمنا بعض الأشياء، وهذه الأشياء نحتاج أن نكررها دائماً حتى تترسخ فينا لا كعقيدة فقط وإنما كمنهج، مثلاً الناس تعلم الآن أن الله تعالى هو الرزاق، لكن في مورد من الموارد الإنسان تمر به حالة يجد نفسه شحيحاً جداً، فكيف تجتمع مع يقينه بأن الله تعالى هو الرزاق؟ ومع شحته التي ترجع الى سوء الظن بالله تعالى هذان الأمران لا يجتمعان خارجاً هو شحيح هذا أمر محرز لكن كونه عنده يقين بأن الله تعالى هو الرازق هذا يحتاج من الشخص الى مراجعة نفسه.
واردف ان في هذا الشهر الشريف بعض الأدعية ندب اليها الشارع وكما قلت في البدء لا يعني أن هذه الأدعية لا ندعو بها خارج هذا الشهر، لكن لخصوصية هذا الشهر فان الله تعالى يريد أن يعودنا حتى لا نغفل ولا تأخذنا الأمور الى غير رجعة -والعياذ بالله-، ولكي نقر في داخل أنفسنا أن مآل الأمور اليه جل شأنه.
ونوه السيد الصافي ان الاطمئنان بما عند الله تعالى يعطي سكينة ما بعدها سكينة، والفزع الى الله تبارك وتعالى دائماً يولد حالةً من الاستقرار والاطمئنان عند الإنسان، وهكذا كان الأنبياء وكان الأئمة وكان العلماء وكان الصالحون، موضحا أن الله تعالى ما عنده يولد حالةً من الطمأنينة عند الإنسان وبعدها يتطلب من الإنسان أن يسعى وأن يعتقد وأن ينهج منهجاً سليماً، مستشهدا بالامام الحسين (سلام الله عليه) الذي أعطى لله تعالى كل شيء ووهب كل شيء وهو على ثقة تامة بأن ما عند الله تعالى خيرٌ وأبقى، مبينا ان بعض القضايا التي يمر بها الإنسان تحتاج الى صلابة نفس والى طمأنينة حتى لا يصاب بالهلع والجزع.
وبين خطيب جمعة كربلاء ان في هذا الشهر الشريف تعوّد المؤمنون تبعاً لسيرة الأئمة (عليهم السلام) أن يدعوا ببعض الأدعية، ولعل بعض الأدعية يتم ذكرها للإخوة في هذا الموطن أو موطن آخر، لكن لا بأس ببعض الإشارات اليها ومنها هذا الدعاء: (يامَنْ أَرْجُوهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وَآمَنُ سخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَرٍّ، يامَنْ يُعْطِي الكَثيرَ بِالقَلِيلِ، يامَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ يامَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسأَلْهُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّنا مِنْهُ وَرَحْمَةً؛ أَعْطِنِي بِمَسأَلَتِي إِيّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيا وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخرةِ، واصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتِي إِيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيا وَشَرِّ الآخرةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ).
واختمم السيد الصافي خطبته قائلا "لاحظوا هذا التوجه وهو أن الإنسان في دبر كل صلاة يدعو بالأدعية المعروفة يومياً، والشارع المقدس يقول: المعقب يعني بعد الصلاة لا زال في الصلاة، فأي ثواب يكون للصلاة كأن هذه المثوبة حاصلة في التعقيب، أنا لا أتحدث الآن عن المثوبة فقط إنما أمرها الى الله تبارك وتعالى، كما أن سعة رحمته لا نستطيع أن ندركها فهي رحمةٌ واسعة، لكن نحن مأمورون أن نتفكر وأن نتأمل لأن الإنسان إذا فكر بشيء وحصل على علم يسير قد يفتح له ذلك أبواباً كثيرة".