أكدت دراستان حديثتان أن العديد من النجوم المتفجرة، والتي تسمى سوبرنوفا، أمطرت الكرة الأرضية بموجات إشعاعية خلال ملايين السنين الماضية.
وكشفت إحدى الدراسات عن وجود آثار نظائر الحديد المشع أيرون-60، والذي يعد وجوده مؤشرا قويا على بقايا النجوم المتفجرة (سوبر نوفا) مدفونة في طبقات قاع البحر في جميع أنحاء كوكب الأرض.
واستخدمت الدراسة الثانية نماذج محاكاة لتحديد النجوم المتفجرة والتي من المحتمل أنها نثرت هذا النظير المشع في مسار مجرتنا، عبر ملايين السنين الماضية.
ونشرت صحيفة نيتشر "Nature" البحثين.
ولم تجد الدراستان أي علاقة أو تطابق بين فترات القصف الإشعاعي التي تعرضت لها الأرض وبين حدوث عمليات انقراض جماعي لكائنات حية، كما أن عدد المناطق المتوقع أنها تأثرت بالنجوم المتفجرة كانت أقل كثيرا من إحداث هذا المستوى من الدمار.
لكن تلك الانفجارات ربما تكون قد أثرت على مناخ الأرض وبالتالي على تطور الحياة على الكوكب.
وأشار ديتر فرايتشفيرت، من معهد برلين للتكنولوجيا والذي قاد البحث الخاص بنماذج المحاكاة في الدراسة الثانية، إن اللافت للنظر أن النتائج كانت متسقة تماما في الدراستين.
وقضى فريقه البحثي أعواما في دراسة "الفقاعة المحلية" :وهي منطقة منتفخة وتجويف من الغاز تبلغ مساحتها 600 سنة ضوئية وتحيط النظام الشمسي في مجرة درب التبانة وتهيمن على منطقتنا النجمية.
ووجد فرايتشفيرت وفريقه أن تلك الفقاعة تكونت من خلال انفجار ما يزيد عن 12 نجما مستعرا في منطقة قريبة، مما أدى لتحرك كتلة من تلك النجوم.
وقال العالم الألماني لبي بي سي :"يمكننا الأن وضع جدول للنجوم، كم كان حجمها، ومتى وقع الانفجار، وأين كانوا."
ويجري فريقه حسابات بصورة خاصة لمعرفة كيفية انتشار نظائر الحديد 60 في الفضاء، وكم منها اكتسح الأرض، وذلك على أساس مسار النظام الشمسي نظرا لدورانه حول مجرة درب التبانة.
وبلغت معدلات الكميات الصغيرة من هذا النظير المشع، التي عُثر عليها في القشرة الأرضية، أعلى معدلاتها منذ حوالي مليوني عام، وكان الكشف الأول عنها في قاع المحيط الهادي في عام 1999.
لذلك فهل تتفق الانفجارات القريبة في جدول البروفيسور فرايتشفيرت مع هذا المعدل المرتفع الذي عثر عليه؟
والإجابة القصيرة لهذا السؤال هي "نعم"، ووقع أقرب انفجار وفقا لنموذج المحاكاة منذ 2.3 مليون عام، بينما وقع ثاني أقرب انفجار منذ 1.5 مليون سنة.
ويمثل هذا انتشارا كاملا للحديد المشع وذلك اعتمادا على قياسات العدد الذري من 120 عينة مأخوذة من قاع المحيط الهندي والمحيط الهادئ والمحيط الأطلسي.
وتغطي تلك العينات الجديدة 11 مليون عام من التاريخ الجيولوجي للأرض وكشفت عن زيادة طفيفة للحديد المشع في الفترة ما بين 1.5 و3.2 مليون عام مضت.
وأوضح أنطون فالنر، عالم الفيزياء النووية بالجامعة الوطنية الأسترالية بكانبرا والمعد الرئيسي للدراسة، أن الباحثين تفاجئوا بوجود بقايا انتشرت بوضوح خلال 1.5 مليون سنة.
وقال "تشير تلك البقايا إلى وجود سلسلة من انفجارات النجوم، واحدا بعد الآخر."
تبريد بالمصادفة؟
واكتشف فالنر ورفاقه ارتفاعا في نسبة الحديد المشع في وقت مبكر قليلا، وتحديدا في الفترة ما بين 6.5 و8.7 مليون عام، لكن الترسب الطبيعي الأكثر حداثة هو الذي يتوافق بشكل جيد مع نموذج المحاكاة الذي وضعه البروفيسور فرايتشفيرت.
وبشكل متساوي تتوافق المسافات التي توقعها فرق العلماء: سواء نماذج المحاكاة أو البيانات المستخلصة من قاع المحيط وكلاهما تحدد موقع الانفجارات الأخيرة بمسافة 300 سنة ضوئية أو أقل.
ويوجد في توقيت انفجار النجوم بعض الآثار الرائعة، وفقا للبروفيسور فالنر، والذي يضيف :"إنها مصادفة مثيرة للاهتمام أنها تتوافق مع فترة برودة الأرض وانتقالها من العصر القريب البليوسيني إلى فترة العصر الحديث الأقرب البليستوسين"، وذلك في إشارة إلى حقبة العصور الجليدية العادية التي سيطرت قبل نحو 2.5 مليون سنة.
ومع هذا فإن الفكرة المتعلقة بأن الانفجارات النجمية ربما تكون قد تسببت في تحولات رئيسية في التاريخ الطبيعي لكوكبنا ليست بجديدة، لكنها لم تحظ بدعم علمي كبير على مر السنين.
وكتب أدريان ميلوت، من جامعة كانساس الأمريكية، تعليقا على هاتين الدراستين وآثارهما في نيتشر.
وقال "الأحداث، المنشورة في الاكتشافات الجديد، لم تكن قريبة بصورة كافية لتتسبب في انقراض جماعي أو إحداث تأثيرات شديدة، ولكننا لا يمكننا تجاهلها أيضا."
وأكد ميلوت أنه وفريقه البحثي سيعملون على مواصلة بحث تلك النتائج، وأضاف :"نحاول أن نقرر ما إذا كان ينبغي أن نتوقع رؤية أية تأثيرات على الأرض في كوكبنا."