أقامت العتبة العباسيّة المقدّسة، يومي 22 – 23/ 4/ 2024، حفل التكليف الشرعي لفتيات مدارس كربلاء، في خطوة تهدف إلى ترسيخ الثقافة الدينيّة وتعزيزها في نفوس الأجيال الفتية. تعكس العتبة العباسيّة التزامها بترسيخ القيم الدينيّة والمعنويّة في المجتمع عَبرَ دعمها المستمر للفعاليّات التربويّة المتنوعة، وتسليط الضوء على الفوائد التربويّة للالتزام بالتكاليف الشرعية. ويأتي هذا الحفل في إطار مشروع الورود الفاطميّة، وقد استمرت هذه البادرة للعام السادس على التوالي،إذ بلغ عدد المكلفات منذ بداية الحفل (14958) طالبة، ممثلات لغالبية مدارس كربلاء، مما يجعلها أوسع حدث من نوعه في المحافظة والعراق بشكل عام. العتبة العباسيّة: الحجاب ليس مظهرًا بل هو فريضة واجبة في الحفل الافتتاحي لمشروع الورود الفاطميّة الذي أقيم للسنة السادسة على التوالي، أكّدت العتبة المقدّسة، أن الحجاب ليس مظهرًا شكليًا أو مطلبًا سطحيًّا، بل هو فريضة واجبة، والالتزام به عبادة لازمة. الدكتور مشتاق العلي رئيس المجمع العلمي للقرآن الكريم في العتبة المقدّسة ذكر، أنّ "كثيرًا من الناسِ يحاولُ أنْ يجعل من الحجابِ مظهرًا شكليًّا، ويقنع المؤمنينَ وسواهم أنّه ليس من العبادات الأساسية بل هو من الكماليات الظاهرية؛ من أجلِ تخفيف وطأة تركِهِ، فمن الطبيعيّ أن يستهين الإنسان بالكماليات لأنّ الدين لا يتوقَّفُ عليها، ولكن لو دقّقنا بالآيات الكريمات والأحاديث الصحيحة الواردة عن أهل بيت النبوّة (عليهم السلام)، لوجدنا أنَّ الحجاب ليس مظهرًا شكليًا، أو مطلبًا سطحيًّا، بل هو فريضة واجبة، والالتزام به عبادة لازمة، تستحقّ البنت العقاب والحساب على ترْكِهَا".
العدد يتنامى سنويًا ودعوات لشمول جميع المحافظات من جهته، دعا المدير العام للمديرية العامة للتربية في محافظة كربلاء السيد عباس عودة، لتعميم حفل التكليف الشرعيّ للفتيات ضمن مشروع الورود الفاطميّة، في كلّ محافظات العراق. وقال عودة: إنّ "حفل سنّ التكليف الشرعيّ للطالبات يقام سنويًا منذ عام 2017 إلى يومنا هذا، بمبادرة من العتبة العبّاسية المقدّسة ومتابعة حثيثة من متولّيها الشرعيّ السيد أحمد الصافي، ومشروعها يعدّ من المشاريع الرائدة والكبيرة في معناها ونتائجها، رغم أن العدد كان (350) طالبةً في عام 2017م، واليوم وصل إلى أكثر من (4000) مكلّفة، فهذا العدد يتنامى سنوياً أكثر فأكثر". وواصل المدير العام لتربية محافظة كربلاء، أنّ "ما حصدناه من حفل التكليف الشرعيّ في السنوات السابقة، عبر متابعتنا لبناتنا وما أثر ذلك في نفوسهنّ وسلوكهنّ وتربيتهنّ، كان له أثر كبير ليس على الطالبات فقط إنّما على زميلاتهنّ ومدرساتهنّ وأولياء الأمور والمجتمع، إذن لا بدّ لهذا المشروع الكبير أن يستمرّ"، مشيرًا إلى أنّ "مشروع الورود الفاطميّة وما يملكه من أثرٍ كبير على محافظة كربلاء المقدّسة، علينا أن نعمل على تعميمه في كلّ محافظات العراق".
العتبة العباسيّة: إنها مهمتنا تُعد المؤسسات الدينية والتربوية مسؤولة عن تنظيم حفل التكليف الشرعي؛ كونه محورًا رئيسيًا في تنمية وتعزيز الهوية الدينية للفتيات والشباب، وبناء الوعي الديني والمعرفي لدى المشاركين، وتوجيههم نحو الالتزام بالتعاليم الدينية والأخلاقية في حياتهم اليومية، كما يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية والتضامن بين أفراد المجتمع، وهذا ما أشار اليه عضو مجلس إدارة العتبة المقدّسة الدكتور عباس الدده الموسوي، بالقول: إنّ "المؤسّسات الدينيّة ونحن منها، يقع على عاتقها مهمّة الاحتفاء بسنّ التكليف الشرعيّ ومراقبة الأداء العام، ولاحظنا غياب هذه المناسبة في المؤسّسات الحكوميّة والأهلية، لذلك شرعت العتبة العباسيّة في أن تمدّ يدها للوصول إلى طلّاب المدارس الحكومية، وقد شرعنا منذ أعوام بهذا المشروع، وهذه النسخة هي ترجمان لهذا التكليف الشرعيّ". وأضاف، أنّ "المرحلة العمرية التي يعيش فيها التلميذ تتغير أثناء دراسته، ولكلّ مرحلة عمرية لوازمها وما يتبع ذلك من أوامر إلهية"، مبينًا "نحن هنا في هذه المرحلة نكون شهوداً على التلميذ وهو ينتقل من مرحلةٍ عمرية إلى أخرى، ونكون شهوداً مع أولياء أمره لنوثّق هذه اللحظة التي من متطلّباتها أنه سيمدّ أواصر قدسية مع الذات الإلهية، وأنه سيكون مكلّفاً لذلك".
وجهات نظر من وجهة نظر التربويين، يعدّ حفل التكليف الشرعي للطالبات فرصة ذهبية لتعزيز الوعي الديني والمعرفي لدى الفتيات، وترسيخ القيم والأخلاق الإسلامية في نفوسهنَّ، ويؤكدون على أهمية هذا الحفل في بناء مجتمع سليم ملتزم بتعاليم الدين الإسلامي. يقول مدير مدرسة الدرر التكميلية السيّد عادل سعد عمران: إنّ "مشروع الورود الفاطميّة، يُنتج جيلاً محتشماً ملتزماً بالحجاب وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وله أثر كبير في المستقبل عندما تنشأ الفتاة، فهي بالتأكيد ستلقي ظلالها على مستقبل المجتمع بصورةٍ عامّة، لأن البنت هي مستقبل أمّ ومستقبل معلّمة ومستقبل موظّفة وتكون قدوة للمجتمع". أكّد ذلك، المرشد التربويّ في مدرسة آمرلي السيد أحمد جاسم، إذ قال: إنّ "مشروع الورود الفاطميّة من المشاريع الرائدة الدائمية، وهو بمثابة الزرع الذي سننال ثماره عندما يكنَّ أمّهات صالحات على خطى السيّدة الزهراء (عليها السلام) في المستقبل". وعضّدت ذلك التربوية زينب كريم، بالقول: إنّ "إعداد حياة الطالبات بهذا العمر هو مشروع حيويّ لبناء مجتمعٍ سليم وقويم، ومشروع الورود الفاطمية من المشاريع الناجحة التي ستُثمر في بناء مجتمعٍ يتمتّع بكلّ الأخلاق الإسلامية والإنسانية".
مسؤوليّة أولياء الأمور عضو مجلس إدارة العتبة العباسيّة المقدّسة الدكتور عباس الدده الموسوي، يقول: إنّ "سنّ التكليف الشرعي مرحلة عمرية يجب على الجميع بدءًا من الأسرة ومرورًا بالبيئة المدرسية والمجتمعية وانتهاء بالمكلفة نفسها أن يحضر واليًا عليها ويمهد لها نفسيًّا إذ يزرع ذلك الاستعداد العقلي والنفسي كي تستشعر المكلفة بلذة التشرف بالتواصل مع الذات الإلهية والتعلق بساحة القدسية". ويتابع الموسوي "لعل من النوافل أن نقول لأولياء أمور مثلكم: أنّ ثمة مسؤولية عظمى تجاه الأبناء، وأنّ علينا أن ندرك تمامًا أنّ الأبناء وديعة الله، وأنّه جلّ وعلا سيسألنا حتمًا عن هذه الودائع، لذلك فنحن نعوّل كثيرًا على جهد عوائلنا الكريمة في تحويل هذه المناسبة إلى ذكرى طيبة محببة يتم استذكارها على نحو يشبه الاحتفال بأعياد الميلاد".
أولياء الأمور: المشروع يحصن بناتنا من التأثر الخارجي أعربوا أولياء الأمور عن سعادتهم واعتزازهم بمشاركة بناتهم في حفل التكليف الشرعي،إذ يرون في هذا الحفل فرصة مهمة لتعزيز الوعي الديني والتربوي لدى بناتهم، مشيرين إلى أهمية هذا الحفل في تعزيز الانتماء الديني والاجتماعي لدى بناتهم، وتوجيههن نحو الطريق الصحيح. السيّدة شروق حسن، والدة إحدى المكلّفات، قالت للمركز الخبري: إنّ "الفعّاليّات التي تقيمها العتبة العباسيّة المقدّسة، لا سيّما مشروع الورود الفاطميّة (للتكليف الشرعي)، تسهم في تحصين بناتنا من الأفكار الخارجيّة التي تحيط بهن خصوصًا عَبرَ مواقع التواصل الاجتماعي". فيما قالت السيّدة رغد كاظم، والدة إحدى الطالبات، أنّ "اهتمام العتبة المقدّسة بشريحة الطالبات ممّن بلغن سن التكليف الشرعي يعزّز من تعاليم الدين الإسلامي في نفوس بناتنا المكلّفات، ويمثّل عاملًا مكمّلًا لما تتلقاه الطالبة في بيتها".
الورود الفاطميّة مشروع تبليغي يعدّ مشروع الورود الفاطميّة مشروعًا تبليغيًا يهدف إلى نشر الوعي الديني والتربوي بين الفتيات، ويتمثل الهدف من هذا المشروع في تشجيع الطالبات بالمشاركة في الفعاليات الدينية والثقافية والتربوية التي تعزز قيم الإسلام وتعاليمه. مسؤولة شعبة الخطابة الحسينية النسوية في العتبة العباسيّة المقدّسة السيدة تغريد التميمي، قالت: إنّ "العتبة العبّاسية المقدّسة تسعى عبر تطبيق بعض خططها المستقبلية والآنية، لرسم خطّة مسيرٍ منهجية ومنظّمة لبناتنا العزيزات وتلميذاتنا في مدارس مديرية تربية كربلاء المقدّسة، ضمن مشاريع عديدة منها مشروع الورود الفاطميّة بنسخته السادسة لهذا العام". وأضافت أنّ "برنامج الورود الفاطميّة هو مشروع تبليغي إرشادي توجيهي، نسعى عبره لتوجيه الفتيات لثقافة التكليف الشرعيّ بحسب ما جاء في القرآن الكريم، والسنة المباركة لأهل البيت (عليهم السلام)"، مبينةً أنّ "هناك العديد من الأمور التي تكون التلميذة بحاجة لمعرفتها ويتمّ إيضاحها في الجولات الميدانية التبليغية، التي تقوم بها ملاكات شعبة الخطابة الحسينية النسوية التبليغية".
أرقام مشروع الورود الفاطميّة للتكليف الشرعيّ من تنظّيم شعبة الخطابة الحسينيّة النسوية في العتبة العباسيّة المقدّسة، لطالبات المدارس في كربلاء بالتعاون مع مديرية التربية في المحافظة، تحت شعار (من نهج الزهراء حجابي وبزينب اقتدائي)، وأقيمت النسخة السادسة لهذا العام 2024 بمشاركة (4,375) طالبة من (88) مدرسة ابتدائيّة، امتدّت كفّ الكفيل لتغرس مجموعة أخرى من الورود الفاطميّة، ليصل العدد إلى نحو (15.000) مكلّفة، ضمن مشروع الورود الفاطميّة بنسخه الستّ.