القى سماحة الشيخ ستار المرشدي مدير العتبة العسكرية المقدسة كلمة عن العتبات المقدسة في ختام فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي الرابع عشر في الصحن الحسيني الشريف والذي استمر لمدة خمسة أيام.
وابتدأ الحفل بآيات بينات من القرآن الكريم ليلقي بعدها سماحة السيد احمد الصافي المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة كلمته والتي رحب فيها بجميع من حضر وشارك وساهم في إنجاح هذا المهرجان شاكرا لهم الحضور المميز والمشاركة الفاعلة.
ليلقي بعده سماحة الشيخ ستار المرشدي كلمة عن العتبات المقدسة جاء فيها بعد حمد الله والثناء عليه والصلاة على محمد واله الطيبين الطاهرين :
السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين السلام على ابي الفضل العباس ابن امير المؤمنين السلام على عراق المقدسات السلام على العلماء السلام على الشهداء السلام على الجمع المهيب الذي حضر كربلاء اخوتي واحبتي جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد:
أقف وقفة شكر واجلال واعتزاز للمتوليين الشرعيين للعتبات المقدسة والامينين العامين للعتبتين المقدستين والى اللجنة المنظمة لمهرجان ربيع الشهادة العالمي ولجميع خدام العتبات ومن ساهم وساند في إنجاح هذا الموسم الرابع عشر من المفكرين والعلماء والاعلام ودور النشر وغيرهم.
ان العتبات المقدسات مشعل هداية وربيع للشهادة والنصر ان للعتبات المقدسات في العراق دورا كبيرا وفاعلا في تجسيد أعمق الأهداف وأنبل القيم واكبر التضحيات ورسم سبل الأمان والايمان لعموم الإنسانية لا لخصوص الأديان التوحيدية او دين الإسلام وقد انبرت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية وحازت قصب السبق في مد جسور التعارف والتلاقح والتلاقي بين عموم بلدان هذه المعمورة واخذت الصفوة الصفوة منهم وما نراه اليوم انما هو خطوة في مسير طويل وليس بعيد المنال داعيا الله عزوجل ان يأخذ بأيدي الجميع للنجاح والتوفيق
ان للشعب العراقي همة وسؤددا وكرما ابهر العالم ولفت الأنظار وحير كل ذي لب ونهى مجسدا قيم الأنبياء وصفات الاصفياء وجعلها وقفا في طريق الامام الحسين (ع) فقابل الجود بالجود والتضحية بالتضحية ولم يدخر شيئا الا وقدمه اجلالا وشكرا واجرا لنداء علا منذ سنين طوال وعهد قديم جديد نساه الكثير واغفله العض وحرم منه اخرون الا وهو قوله تعالى (( قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى)) ففرشوا طريق الأربعين بالمحبة والكرم والنبل والمساواة فلا يسالون من انت ومن اين انت وقد اختلطت الهويات بهوية واحدة وهي الخدمة بكل تواضع وفخر ولا يتمايز في ذلك اليوم تاجر مشهور او فقير مغمور اوطبيب حاذق او كاسب في الطريق والكل يردد بلهجة العراق التي صارت شعارا ومنارا (( جاي أبو علي)) ((ماي أبو علي)) (( زاد أبو علي)) كله مجانا مقدم بسخاء وخجل مليارات الأموال تبذل في الطرقات مجانا وانه ليس بجنون فنحن لانقدم هذه الأموال التي جادت بها تلك الصناديق الصغيرة والتي خرجت من بيوت الفقراء ويجمعونها على طوال عام وينتظرون موسم الحصاد ليقدمونها في طريق الامام الحسين (عليه السلام) ان هذا البذل والعطاء ليس ببذل فوضوي بل هو بذل هادف مقنن به نُشيد معالم الدين الذي اختطفه قاطعي الرؤوس وسابي النساء وقاتلي الرضع ومن العجيب ان ينعق ناعق جاهل ليبخل بما ليس له ونتقد ما لايعرفه وليس هذا الا الجهل بعد المعرفة والضلال بعد الهدى ومرت سنون طوال الى ان خيم الشر واقتطعت من بلدنا الموصل ثم تلتها بلدات أخرى وفاجعة هنا وفاجعة هناك فمن سبي سنجار الى تعليق الحرائر في البشير ومن مذبحة سبايكر الى نكبة الصقلاوية دماء تسيل ونحيب يعلو ثكالى وايتام وارامل ومحزونون ومهجرون فخيم الظلام ودب الخوف وارتعدت الفرائص لكن ربيعنا في العراق دائم فثرنا بالإمام الحسين (عليه السلام)وبفتوى النجف الاشرف انتصرنا كلمات قصار انطلقت من منبر كربلاء عادلت الموازين وانجلى بها الظلام واذا تأمل المتأمل سيجد عمق العلاقة بين حسيننا ونصرننا ومرجعيتنا فانتبهنا وعلمنا اننا نتدرب سيرا على الاقدام لمئات الكيلو مترات من البحر الى النحر لنكسب بالمطاولة والصبر في ساتر الجهاد بل تعلمنا البذل لاسيما في الثلاث عشر سنة الأخيرة على طريق الامام الحسين (عليه السلام) لنعيد البذل مرة أخرى لكن هذه المرة للوصول الى طريق الموصل لنرجع ذلك الشرف المهدور على جبل سنجار وفي قرية البشير.
وهنا اختصر مقومات النصر في عراق المقدسات بإمرين غيبيين وثلاث من الأسباب والمسببات فأما الغيبيات فقوله تعالى ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ)) وقول وليد سامراء والاخذ بثأر كربلاء الحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه الشريف) في احدى توقيعاته (أنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء و اصطلمكم الأعداء) واما الأسباب الظاهرية فاذكر ثلاث منها السبب الأول
يتمثل بشخصِ وخطابِ وسمتِ مرجعيتنا في النجف الاشرف واخص مرجعنا المرجع الأعلى الامام السيد علي الحسيني السيستاني (مد الله في ظله الشريف) الذي شمل كل عراقي بعطفه واهتمامه وهمه ودعاءه فدافع عن المسيح والايزيدين كما دافع عن المسلمين ورفع شعار الانفسية بين المسلمين بل وكتب عهدا السلام في زمن الحرب بوصاياه العشرين للمجاهدين حاثا إياهم للحفاظ على دماء واموال الناس مذكرا لهم في النقطة الحادية عشر قائلا (واعلموا ان اكثر من تقاتلون على شبهة فدعاهم الى احتياشهم وتخليصهم من براثن الشبهة والضلال وهذا ما دعا بأعلام العالم الغربي ان يقف محترما لجهاد العراق ولم يعده إرهابا خلافا للمعادلة في نظر الغرب ان كل جهاد إسلامي إرهابي بل وقف الأمين العام للأمم المتحدة السابق بن كي مون امام السيد السيستاني ليشخص هذا الرجل العظيم قائلآ (زرت سماحة السيد وقد وجدته حكيما متسامحا مصدرا الالهام للعراقيين والعالم).
السبب الثاني شجاعة أبناء العراق التي لايمكن وصفها الا لمن وقف على ساتر الجهاد في سور اشناس وبيجي والخالدية والساحل الأيمن ليرى ان رجالنا لا تأبه بكل المفخخات التي زادت على الخمسة عشر سيارة مفخخة وصهريج ولمدة خمس ساعات من نهار واحد ومن نعجب فليسال ابطال لواء علي الأكبر التابع للعتبة الحسينية المقدسة في بيجي وباقي القوات المجاهدة من العتبات المقدسة.
السبب الثالث الدعم اللوجستي فسلاحنا وعتادنا وماؤنا وغذائنا وثياب المجاهدين كلها من صناديق الفقراء المتقعين والتي جمعت من خالص أموالهم وعلى طول العام وهذه عادتنا منذ سنين عودتنا عليها مواكب الامام الحسين (عليه السلام) فاجتمعت هذه الأسباب فصنعت النصر للعراق وجعلت من سامراء أنموذج للصبر والنصر والوحدة سامراء التي ضمت امامين من الائمة الاثني عشر عليهم السلام وكانت مولد لخاتمهم وهو القائل في كتاب الكافي الشريف واصفا سامراء (وانها لاحب البقاع الي لولا الطرد) فغيبه الظالمون وعاد نازحا مهجرا طريدا وبقي ذلك الضريح الواقع في قلب مدينة سامراء القديمة المسورة عامرا بشيعتهم ومحبيهم وابنائهم الذين لا زالت الى هذا اليوم اثارهم ومعالمهم ودارت رحى الزمن على شذاذ الأرض وطالبي الفتن والشقاق ليمتدوا بأيديهم الاثمة في عامي 2006 و2007 ليفجروا العتبة ومنارتي الامامين العسكريين (عليهم السلام) وانه لحدث مفجع ومصاب فادح عظيم واستطعنا ان نخرج من براثن الفتنة والاقتتال بين أبناء ا لدين الواحد والبلد الواحد بفضل المرجعية الدينية في النجف الاشرف بحكمتها واعتدالها وحبها لأبناء وطنها جميعا بلا تمييز هوية او عرق او دين ونهض الشرفاء لبناء المرقد المقدس في زمن محفوف بالمخاطر والخوف الى ان هجم داعش عام 2014 واقترب من سامراء فهاجت الشجعان وشمرت عن سواعدها فقتل من قتل وجرح من جرح وعادت امنة مزدهرة بالزوار متواصلة بالأعمار ونعيش علاقة حسن الجوار ومحبة الانفس والاخوة شيعة وسنة عرب وتركمان وكردا وليس هذا الا لذلك الشعار الذي رفعه مولانا الامام الحسن العسكري(عليه السلام) بقوله (قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين) أي امان للشيعة والسنة بل لجميع من في العراق والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
لتستكمل بعدها فقرات حفل الختام وليختم الحفل بتكريم عدد من المشاركين في المهرجان من مفكرين ومثقفين وغيرهم