أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-04-2015
10549
التاريخ: 28/9/2022
1209
التاريخ: 6/10/2022
1532
التاريخ: 15-04-2015
3466
|
لا ينكر أحد من المؤرخين حزن السجاد (عليه السلام) على مقتل أبيه الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه الذين ذبحوا عطشى على رمضاء كربلاء فكانت تخنقه العبرة عندما يتذكر مصرع أبيه (عليه السلام) وأهل بيته .
وهذا هو الذي دفع بعض العلماء المتقدمين إلى القول : روي عن مولانا زين العابدين (عليه السلام) وهو ذو الحلم الذي لا يبلغه الوصف انه كان كثير البكاء لتلك البلوى وعظيم البث والشكوى(1) .
وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله : إن زين العابدين (عليه السلام) بكى على أبيه أربعين سنة صائماً نهاره وقائماً ليله فإذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول : كل يا مولاي , فيقول : قتل ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) جائعاً قتل ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) عطشاناً فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبتل طعامه من دموعه ثم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل (2) .
أقول : وربما كان ذكر أربعين سنة في لفظ الرواية من قبيل المبالغة اللفظية من قبل الراوي لأنه (عليه السلام) عاش بعد مقتل أبيه الحسين (عليه السلام) أربع وثلاثين سنة فقط .
ويروى أيضاً : أنه برز يوماً الى الصحراء فاتبعه أحد غلمانه فوجده قد سجد على حجارة خشنة باكياً شاهقاً وهو يقول لألف مرة :لا إله إلا الله حقاً حقاً . لا إله إلا الله تعبداً ورقاً . لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً وصدقاً , ثم رفع رأسه من سجوده بينما غمرت الدموع لحيته ووجهه .
فقيل له : يا سيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقلّ ؟ فقال (عليه السلام) : ويحك إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم كان نبياً ابن نبي له أثنى عشر أبناً فغيّب الله واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا , وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي (3) .
إلا ان بكاءه لم يكن ليمنعه من مواصله عمله الشرعي التكليفي في إمامة الأمة وإرشادها إلى طريق الخير والصلاح , واصبح البكاء ـ من دون قصد ـ من وسائل التوعية الدينية .
واشتهر (عليه السلام) بوصف السجاد لكثرة سجوده لله حينما يرى تواتر نعمه وآلائه عليه , فكان (عليه السلام) لا يذكر نعمة لله إلا سجد ولا يقرأ آية فيها سجدة إلا سجد ولا يدفع الله عنه سوءً إلا سجد ولا يفرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ولا يوفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد (4).
وكأنك ترى أثر السجود في مواضع سجوده (عليه السلام) , ولم يشتهر عن انسان غيره أن سجوده لله عزوجل قد أثر على جسده كما اشتهر عنه (عليه السلام) , وكان يلقب أيضاً بذي الثفنات وهي آثار ناتئة تبرز في مواضع السجود وكان مشهوراً بوجودها على جبهته , ولا شك ان السجود يقرّب العبد من مولاه والمخلوق من خالقه وقد قال تعالى : {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: 19] وهكذا زين العابدين (عليه السلام) قريباً من مولاه العظيم سبحانه وتعالى .
والمشهور في روايات الطريفين ان السجاد (عليه السلام) كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة , واذا افترضنا ان الركعة الواحدة تستغرق دقيقة واحدة فان اداء ألف ركعة يستغرق ألف دقيقة وهو ما يساوي سبعة عشر ساعة تقريباً في اليوم الواحد . وهذا الوقت يستوعب كل يوم المرء وليله . خصوصاً إذا ما علمنا بان على المكلّف تأدية واجباته العبادة الأخرى والقيام بما تمليه عليه وظيفته من حقوق الزوجية والأبوة والجيرة والقرابة وعيادة المرضى ودعوة عينيه للاسترخاء لمقدار من النوم .
وعبادته (عليه السلام) كانت لا تنفك عن تلاوة القرآن وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن الكريم (5) وكان يرشد الأمة بتفسير القرآن (6) , وكان (عليه السلام) يردد : عليك بالقرآن فإنّ الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن وكان والي المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان قد أرسل وفداً من وجهائها إلى يزيد الخليفة الأموي فيهم : عبدالله بن حنظلة وعبدالله بن أبي عمرو والمنذر بن الزبير وغيرهم , وكان الهدف من ذلك هو تثبيت ميولهم نحو الخلافة الأموية عبر النيل من هدايا السلطان إلاّ انهم رجعوا ـ على الرغم من كل ما أغدق عليهم من جوائز وهدايا ـ وهم ناقمون على يزيد لما شاهدوا من استهتاره وفسقه ومجونه , وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر ويضرب بالطنابير وتعزف عنده القيان ويلعب بالكلاب ويسمر عنده الحراب (7) .
قال عبدالله بن حنظلة : والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إنه رجل ينكح الأمهات والبنات ويشرب الخمر ويدع الصلاة , والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت فيه بلاءً حسناً(8) , ويقول المنذر بن الزبير : ان يزيد قد أجازني بمائة ألف ولا يمنعني ما صنع بي أن أخبركم خبره والله إنه ليشرب الخمر والله أنه ليسكر حتى يدع الصلاة (9) .
والغريب في ذلك ان قتل الحسين (عليه السلام) بتلك الفظاعة والوحشية لم يكن ليحرك عواطفهم ولكن رحلة واحدة إلى الشام أطلعتهم على فجور يزيد وفسقه ! فخلعوا بيعته بعد رجوعهم , وولّوا عليهم عبدالله بن حنظلة وعبدالله بن مطيع وطردوا عامل يزيد على المدينة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اللهوف لابن طاووس .
(2) اللهوف , ص 121 ـ 122 .
(3) الخصال للصدوق , ص 272 , ح 15 .
(4) في رواية للامام الباقر (عليه السلام) يصف أبيه السجاد (عليه السلام) : معاني الأخبار للصدوق , ص 24 .
(5) بحار الأنوار , ج 46 , ص 107 .
(6) الاحتجاج , ص 312 ـ 319 .
(7) تأريخ الطبري , ج 5 , ص 480 . والحراب : اللصوص .
(8) طبقات ابن سعد .
(9) تأريخ الطبري , ج 4 , ص 368 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|