أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2017
2623
التاريخ: 21-8-2017
2825
التاريخ: 21-8-2017
2934
التاريخ: 21-8-2017
104022
|
وأمّا محمّد الأكبر، الذي يجمعه وإياه جامع العقب، فيكنّى بابن الحنفية، وهي أُمه خولة بنت جعفر بن قيس من بني الدئل بن حنيفة بن لجيم، وأُمها بنت عمرو بن أرقم الحنفي.
واختلف في أمرها أنّها سبية أيام رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لما بعث علياً إلى اليمن فأصاب خولة في بني زبيد، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معد يكرب، وكانت زبيد سبتها من بني حنيفة في غارة لهم عليهم.
وقيل: إنّ خالد بن الوليد قاتل أهلها أيام أبي بكر فسباهم، فهي من جملة السبايا، فدفعها أبو بكر من سهمه في المغنم.
وقيل: إنّ بني أسد أغارت على بني حنيفة أيام أبي بكر فسبوا خولة وباعوها من علي (عليه السلام)، فبلغ قومها خبرها فجاءوا إلى علي (عليه السلام) فعرّفوه أنّها ابنتهم، فاعتقها وأمهرها وتزوّجها .
وقيل: إنّها سبيت أيام أبي بكر، فاشتراها أُسامة بن زيد وباعها من علي (عليه السلام).
وفي حديث أسماء بنت عميس: أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)اشتراها من سوق ذي المجاز أوان مقدمه من اليمن، فوهبها فاطمة (عليها السلام)، فباعتها من مكمل الغفاري، فولدت منه عونة، ثُمّ باعها من علي (عليه السلام).
ويحكي ابن خلكان في الوفيات قولاً أنّها سندية، أمة لبني حنيفة، سوداء .
وحكاه الشيخ الجليل ابن إدريس الحلّي في مزار السرائر عن ابن حبيب النسابة وقال: إنّه جهل منه وقلّة تأمل .
ويروي القطب الراوندي في الخرائج: أنّها سبيت أيام أبي بكر، وأنّ الزبير وطلحة طرحا عليها ثوبيهما طلباً للاختصاص بهما، فصاحت: لا يملكني إلاّ من يخبرني بالرؤيا التي رأتها أُمي، وعن اللوح الذي كتبت فيه الرؤيا، وما قالته لي، فعجزوا عن معرفته إلاّ أمير المؤمنين أوضح لها في ملأ من المسلمين أمراً غيبياً، عجب منه الحاضرون، فعندها قالت: من أجلك سُبينا ولحبّك أصابنا ما أصابنا .
ولم يعبأْ السيّد المرتضى في (الشافي) بجميع ذلك فقال: " لم تكن الحنفية سبية على الحقيقة، ولم يستبحها (عليه السلام) بالسبا ; لأنّها بالإسلام قد صارت حرّة مالكة أمرها، فأخرجها من يد من استرقها، ثُمّ عقد عليها عقد النكاح " .
وما ذكره هو الصحيح المقبول، فإنّ الردّة المزعومة لا توجب أحكام الكفر ومنع الزكاة وأمثالها على التأويل، فليس فيه خروج عن ربقة الإسلام.
وأمّا ولادة محمّد فقيل: إنّها أيام أبي بكر، وقيل: أيام عمر، وخصّها ابن خلكان بأوّل المحرم لسنتين بقيتا من خلافة عمر . وإذا علمنا أنّ عمر مات سنة ثلاث وعشرين، كانت ولادته سنة إحدى وعشرين.
وأمّا على رأي ابن كثير في البداية ج9 ص38 وسبط ابن الجوزي في التذكرة من وفاته سنة أحدى وثمانين عن خمس وستين تكون ولادته سنة ستة عشر للهجرة .
وأما قبره فعند ابن قتيبة بالطائف ، وفي تذكرة الخواص بايلة مدينة مما يلي الشام، وفي حلية الأولياء ج3 ص173 وتهذيب التهذيب ج9 ص355 بالمدينة المنورة وعينه ابن كثير بالبقيع .
وفي معجم البلدان ج3 ص387 : إن أهل جزيرة خارك ـ التي هي في وسط البحر الفارسي ـ يزعمون أنّ بها قبر محمّد بن الحنفية يقول الحموي: وقد زرت هذا القبر فيها ولكن التواريخ تأباه.
واعتقاد الكيسانية حياته في جبل رضوى يأتيه رزقه وله عودة، من الخرافات ; للاتفاق على موته.
وإنّ كلمة الإمام الحسن السبط تدلّنا على فضله الشامخ، وورعه الثابت، ونزاهته عن كُلّ دنس، ومعرفته بالإمام الواجب اتباعه قال الشيخ الجليل الطبرسي من أعلام القرن السادس في (أعلام الورى): " أرسل الحسن بن أمير المؤمنين قنبراً خلف محمّد بن الحنفية، فلمّا مثل بين يديه قال له: " اجلس " فليس يغيب مثلك عن سماع كلام يحيى به الأموات ويموت به الاحياء ; كونوا أوعية العلم ومصابيح الدجى، فإنّ ضوء النهار بعضه أضوء من بعض، أما علمت أنّ اللّه عزّ وجلّ جعل ولد إبراهيم (عليه السلام) أئمة، وفضّل بعضهم على بعض، وآتى داوود زبوراً، وقد علمت بما استأثر اللّه تعالى محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟!
يا محمّد بن علي، لا أخاف عليك الحسد، وإنّما وصف اللّه به الكافرين فقال تعالى: {كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109] ولم يجعل اللّه للشيطان عليك سلطاناً.
يا محمّد بن علي، ألا أخبرك بما سمعت من أبيك (عليه السلام) فيك؟ قال: بلى.
فقال: سمعت أباك يقول يوم البصرة: من أحبّ أن يبرّني في الدنيا والآخرة فليبرّ محمّداً.
يا محمّد بن علي، لو شئت أن أُخبرك وأنت في ظهر أبيك لأخبرتك.
يا محمّد بن علي، أما علمت أنّ الحسين بن علي بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي عند اللّه في الكتاب، وراثة النبي أضافها في وراثة أبيه وأُمه، علم اللّه أنكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمّداً، واختار محمّد علياً، واختارني علي للإِمامة، واخترت أنا الحسين ".
فقال له محمّد بن علي: أنت إمامي وسيدي، ألا وإنّ في رأسي كلاماً لا تنزفه الدلاء، ولا تغيّره الرياح، كالكتاب المعجم في الرقّ المنمنم، أهم بابدائه، فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل، وما جاءت به الرسل، وإنه لكلام يكُلّ به لسان الناطق ويد الكاتب حتّى لا يجد قلماً، ويؤتوا بالقرطاس حمماً، ولا يبلغ فضلك وكذلك يجزي المحسنين ولا قوة إلاّ باللّه ; الحسين أعلمنا علماً، واثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول اللّه رحماً، كان إماماً قبل أن يخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم اللّه أنّ أحداً خيراً منّا ما اصطفى محمّداً، فلمّا اختار اللّه محمّداً واختار محمّداً علياً إماماً، واختارك عليّ بعده واخترت الحسين بعدك، سلمنا ورضينا بمن هو الرضا وممّن نسلم به من المشكلات .
وهذه الوصية تفيدنا عظمة ابن الحنفية من ناحية الإيمان وأنّه من عياب العلم ومناجم التقى، فأيّ رجل يشهد له إمام وقته بأنّ اللّه لم يجعل للشيطان عليه سلطاناً، وأنّه لا يخشى عليه من ناحية الحسد الذي لا يخلو منه أو من شيء من موجباته، أيّ أحد لم يبلغ درجة الكمال ثُمّ أي رجل أناط أمير المؤمنين البرّ به بالبرّ بنفسه التي يجب على كافة المؤمنين أن يبرّوا بها.
على أنّ الظاهر من قول المجتبى: " أما علمت أنّ الحسين " هو أنّ علم محمّد بالإمامة لم يكن بمحض النصّ المتأخّر وإن أكده ذلك، وإنّما هو بعلم مخصوص برجالات بيت الوحي، مكنون عندهم بالإحاطة بالكتاب الماضي والقدر الجاري. ويرشدنا إلى هذا قول ابن الحنفية: " إنّ في رأسي... "، فإنّه أظهر من سابقه فيما قلنا، وكلماته الذهبية في الاعتراف بحقّ الإمامين تدلنا على ثباته المستقى من عين صافية بارشية من الحقّ، وما هي إلاّ ذلك اللوح المحفوظ.
أضف إلى ذلك ما جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) من قوله: " تأبى المحامدة أن يعصى اللّه، وهم: محمّد بن الحنفية، ومحمّد بن جعفر الطيار، ومحمّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان " .
وهذه شهادة من سيّد الأوصياء في حقّ ولده الكريم محمّد، قد أخذت مأخذها من الفضيلة وأحلّت محمّداً المحلّ الأرفع من الدين، وأقلّته سنام العزّ في مستوى الإيمان.
وإن شهادة أمير المؤمنين بأنّه ممّن يأبى أن يُعصى اللّه، تعرّفنا عدم ادعائه الإمامة لنفسه بعد الحسين، فإنّ تسليمه الإمامة للسجاد لا يختلف فيه اثنان، واستدعاؤه الإمام للمحاكمة عند الحجر الأسود من أكبر الشواهد على تفننه في تنبيه الناس لمن يجب عليهم الانقياد له.
وعدم حضوره مشهد الطفّ: إمّا لما يقوله العلاّمة الحلّي في أجوبة المسائل المهنائية من المرض، أو لما يروي محمّد بن أبي طالب في المقتل من إذن الحسين له في البقاء بالمدينة، يعرّفه بما يحدث هناك، فهو معذور مقبول.
ولبسالته المعلومة وموقفه من الحقّ أنزله أبوه يوم (الجمل) منزلة يده، فكان يخوض الغمرات أمامه ويمضي عند مشتبك الحرب قدماً، وكان يقول له عند أمره لمنازلة الأقران دون الإمامين: إنّهما عيناي وأنت يدي، أفلا أدفع بيدي عن عيني .
وناهيك من بلاغته المزيجة بالشجاعة خطبته يوم صفين، وقد برز بين الصفين فأومى إلى عسكر معاوية وقال: " يا أهل الشام اخسئوا يا ذرية النفاق وحشو النار وحطب جهنم... " إلى آخر كلامه المروي في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص167، ومناقب الخوارزمي ص134 .
فكان لهذه الخطبة البليغة موقع تام في ذلك الجيش اللجب والجمع المتكاثف، ولم يبق في الفريقين إلاّ من اعترف بفضله.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|