أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2017
276
التاريخ: 31-8-2017
250
التاريخ: 19-8-2017
374
التاريخ: 14-8-2017
263
|
يستهل الآمدي مبحثه حول المجاز بالتعريف اللغوي الذي يعنى الانتقال من حال إلى حال، أي تجوز اللفظ لدلالته الأصلية إلى دلالة جديدة، فالدلالة الأولى هي الدلالة الحقيقية والدلالة الثانية هي الدلالة المجازية. فيقول الآمدي: "وأما المجاز فمأخوذ في اللغة من الجواز، وهو الانتقال من حال إلى حال ومنه يقال
ص229
جاز فلان من جهة إلى جهة كذا"(1). ولما كان المجاز تابعاً للحقيقة وكانت الحقيقة تقسّم إلى لغوية وعرفية ووضعية وشرعية، كان المجاز في التقسيم تابعاً كذلك للحقيقة، ولا تنفصم عرى الاتصال بين دلالة اللفظ الحقيقية ودلالته المجازية بل يبقى رباط خفي دقيق يصل الدلالتين ولذلك لا يتسنى لمتكلم أن يستعير لفظاً هو جار مجرى المجاز، في الحقل الذي يريد اقتراضه منه فمستعار المستعار متعذر ولا سبب لتعذره إلا كونه فاصماً لذلك السلك المعقود الضامن لوصول الرسالة الدلالية من طرف باث إلى طرق متقبل(2)، فالتعلق كما يسميه الآمدي أساس الاستعمال اللغوي السليم للمجاز وهو الجسر الصلب الذي يتم عبره النقل الدلالي، دونما لبس أو تعقيد. يشرح الآمدي هذه المسألة فيقول: "وعند هذا نقول: من اعتقد كون المجاز وضعياً، قال في حد المجاز في اللغة الوضعية: "هو اللفظ المتواضع على استعماله من غير ما وضع له أولاً في اللغة، لما بينهما من التعلق، ومن لم يعتقد كونه وضعياً، أبقى الحد بحاله وأبدل المتواضع عليه بالمستعمل"(3). ثم يحدد الآمدي وضعين مختلفين للمجاز، أولهما أن اللفظ المجاز يتواضع على استعماله أهل اللغة فيجرونه بينهم ويدخلونه في نظام تعاملهم اللغوي، وثاني الوضعين هو استعمال اللفظ في مجال دلالي جديد بمعنى نقل دلالة اللفظ الأصلية إلى دلالة مجازية إما بالعرف العام أو بالعرف الخاص. ويؤكد الآمدي على الوظيفة الدلالية التي يناط بها اللفظ المجاز وهي وظيفة التواصل والإبلاغ فيقول في تعريف المجاز: "هو اللفظ المتواضع على استعماله أو المستعمل في غير ما وضع له أولاً في الاصطلاح الذي به المخاطبة لما بينهما من التعلق"(4). فالمجاز من وجهة نظر الآمدي طريق من طرق التوليد في النظام اللغوي، فما دام اللفظ الحقيقة لا يمكنه التعبير عن كل أغراض المجتمع احتيج إلى هذا التوليد المتمثل في الدلالة المجازية، ثم إن نظام اللغة يتمدد عبر المكان (المقام) والزمان (الحال) ليوائم كل التحولات والتغيرات التي تطرأ على بنية المجتمع فيعبر عن حاجاته اللغوية أو النفسية أو الاجتماعية الثقافية، وذلك بخلق أنظمة إبلاغية جديدة ما تلبث أن تصبح محل تعارف واصطلاح بين أفراد المجتمع اللغوي.
وقد تقادم الاستعمال المجازي حتى ينسى أصل دلالته الحقيقية ويعامل
ص230
معاملة اللفظ الحقيقة، ولذلك قد يلتبس في أمر دلالة اللفظ أمجازية هي أم حقيقية؟ فينبري الآمدي أمام انتقاص مخالفيه للحد الذي عرف به المجاز، ويحاول أن يعطي لتعريفه طابع الشمولية، إذ اعتبر بعض اللغويين ألفاظاً مجازاً عدها الآمدي حقيقة أو العكس من ذلك ما قال به أهل اللغة في لفظ (الدابة) الذي حصل في دلالته تضييق حيث خصص للدلالة على ذوات الأربع فعد مجازاً مع أنه مستعمل في ما وضع له أولاً –كما قال الآمدي- لدخول ذوات الأربع في الدلالة الأصلية، فيردّ الآمدي على هذا الزّعم بتمييزه بين الدلالة المطلقة للفظ والدلالة المقيدة فيقول: "فإن كان لفظ الدابة حقيقة في مطلق دابة، فاستعماله في الدابة المقيدة على الخصوص يكون استعمالاً له في غير ما وضع له أولاً"(5).
ص231
________________________
([1]) المصدر نفسه، ج1، ص 28.
(2) د. عبد السلام المسدي… اللسانيات وأسسها المعرفية، ص 97.
(3) الإحكام في أصول الأحكام ج1. ص 28.
(4) المصدر نفسه، ج1 ص 28.
(5) المصدر نفسه، ج1، ص 29.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|