أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-7-2017
3503
التاريخ: 2-1-2020
1689
التاريخ: 23-3-2018
10697
التاريخ: 1-04-2015
5438
|
النقد عند الآمدي فن موهوب أكثر منه مكتسبًا. فالناقد هو من له موهبة فطرية. وذكاء متوقّد يقدِّر الأمور ويحسن تقديره. والناقد ذواقة يدرك ما في الشعر بذوقه هو. وحاسته الأدبية من جمال وقبيح. والناقد ذو ثقافة أدبية واسعة ترتكز على الرواية و المدارسة، ومطالعة النصوص الأدبية. وفي طول الدرية والمران يقول الآمدي:
"وأنا ذاكر المعاني التي يتفق فيها الطائيان، فأوزان بين معنًى ومعنًى. وأقول أيّهما أشعر في ذلك المعنى نفسه، فلا تطلبني أن أتعدّى هذا إلى أن أفصح لك بأيهما أشعر عندي على الإطلاق".
فالآمدي قد وازن بين الطائيين في غرض من الشعر بذاته ثم إنه سوف يعلن أيهما حاز قصب السبق فيه، ويطلب من القارئ في أكثر من مرة أن يعقبه من مسئولية إعلان أيهما أشعر عنده على الإطلاق، فلكل ناقد ذوقه ولكل دلوه. وعقل الناقد هو الذوق، ولذلك لن تجد ناقدًا يستطيع أن يذكر عللًا وأسبابًا لرجحان شاعر على آخر في الكثير الغالب، فالآمدي يبرز مزايا الجيد ويعدّدها، وكذلك مساوئ الرديء ويدمغها. ويقول:
"وسوف أنبه على الجيد وأفضله على الرديء، وأبين الرديء وأرذله وأذكر من علل الجميع ما ينتهي إليه التخليص، ويحفظ به العناية، ويبقى ما لم يكن إخراجه إلى البيان، ولا إظهاره إلى الاحتجاج، وهي علَّة ما لا يعرفه إلا بالدرية، ودائم التجربة. وطول الملامسة. وبهذا يفضل أهل الحذاقة بكل علم وصناعة من سواهم ممن نقصت قريحته وقلت دربته".
والأفضل عند الآمدي أن يترك النتيجة ليعلنها القارئ بنفسه، ويحكم فيها بذوقه، فهو يقول: "وأوكلك بعد ذلك إلى اختيارك وما تقضي عليه فطنتك وتمييزك" والآمدي يضرب مثلًا للنقد وفنّه. وأن الفيصل فيه للذوق وحدّه. وهذا لا يتأتَّى إلا لمن كانت له درية ودراية، وعنده موهبة وعناية. يقول: "فالبيتان من الشعر للشاعرين كالفرسين السليمين من كل عيب، ولكن النخاس لهما قد يجعل الفرق ما بينهما في الثمن كبيرًا. وقد يتقارب البيتان من الشعر وهما جيدان نادران. فيعلم أهل الصناعة بالشعر أيهما أجود. وإن كان معناهما واحدًا. أو أيهما أجود في معناه. وإن كان معناهما مختلفًا".
ولقد امتحن الآمدي في فن النقد فلما طلب منه تعليل الترجيح عنده أرجع العلة في النقد إلى الذوق.
"سألني محمد الأمين عن شعرين متقاربين وقال: اختر أحدهما؟ فاخترت فقال: من أين فضلت هذا على هذا وهما متقاربان؟ فقلت: لو تفاوتا لأمكنني التبيين. ولكنهما تقاربا. وفضل هذا بشيء تشهد به الطبيعة ولا يعبّر عنه اللسان".
ويستدلّ الآمدي على صحة دعواه بكلمة "خلف الأحمر" المشهورة في النقد "وقد قيل لخلف الأحمر: إنك لا تزال تردّ الشيء من الشعر وتقول: هو رديء والناس يستحسنونه؟ فقال: إذا قال لك الصيرفي إن هذا الدرهم زائف. فأجهد جهدك أن تنفعه فلا ينفعك قول غيره أنه جيد".
والآمدي يطلب من غير أصحاب الصنعة أن يسلموا له ولأمثاله الحكم في الشعر، وأن يقبلوا منهم عن رضى تلك الأحكام:
"إذا كان من الواجب أن يسلم لأهل كل صناعة صناعتهم ولا يخاصمهم فيها ولا ينازعهم إلا من كان مثلهم، نظرًا في الخبرة، وطول الدربة والملابسة".
وليست الصناعة عند الآمدي بامتلاك خزينة من الكتب. أو حفظ جملة من القصائد، وإنما هي الموهبة، والطبع، والملكة المصقولة على التمييز بين الأبيات، وعلى تذوق الأساليب والوصف الفني لقصيد من الشعر أو رسالة من النثر واسمعه يقول:
"لا تصدق نفسك أيها المدعى. وتعرفنا من أين طرأ لك الشعر. أمن أجل أن عندك خزانة. من الكتب تشتمل على عدة دواوين الشعراء.
وأنت ربما قبلت ذلك أو صفحته. إلا أن في يقول: لقد ظننت باطلًا ورمت عسيرًا؛ لأن الصم أيًّا كان نوعه لا يدركه طالبه إلا بالانقطاع إليه والانكباب عليه، ثم قد يتأتَّى جنس من العلوم طالبه ويسهل ويمتنع عليه جنس آخر ويتعذَّر. فينبغي أن تقف حيث وقف بك وتقنع بما قسم لك.
وهذه وسائل النقد عند الآمدي وتعريف الفاقد عنده.
بين الجمال والجلال:
من القضايا النقدية، التي سبق بها الآمدي زمانه وعصره، قضية الجمال والجلال، أو الجمال والحلاوة. والفرق بينهما، وحينما ميَّز بينهما النقد الغربي حديثًا. ظن النقاد الأجانب أن هذا من بدع عصرهم وابتكاره.
وهذا خطأ، فمنذ أحد عشر قرنًا شهد النقد العربي القديم هذه القضية، وحدَّدها وفصَّل القول فيها. وخاصة الآمدي في "الموازنة"، والقاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني في "الوساطة".
وفرق الآمدي بين الجمال في النقد، فجعله محددًا، يقوم على التعليل ومعرفة الأسباب، فقواعده مقرَّرة. يحدِّدها الذوق الأدبي، وبين الحلاوة، "الجلال" التي تأخذ بمجامع القلوب، وتهزُّ المشاعر والوجدان، إذا ما فتشت عن أسباب الانبهار والتأثير لا تقف على سبب معين أو قاعدة مقرَّرة.
ودفعًا للتكرار فقد تناولت هذه القضية الخطيرة بالتفصيل في نقدنا العربي القديم والأصيل، وذلك في كتابي "الصورة الأدبية: تاريخ ونقد، وشرحت مفهوم كل منهما والمعالم المميزة لهما، وغير ذلك مما يوضح أصالة النقد الأدبي العربي.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|