الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو هلال العسكري والصورة الأدبية
المؤلف:
علي علي مصطفى صبح
المصدر:
في النقد الأدبي
الجزء والصفحة:
ص :185-187
26-7-2017
4170
يتعصَّب أبو هلال للفظ، ويتعقَّب خطوات الجاحظ فيه، فينقل عباراته كاملة في تفضيل الصياغة، وإنها موطن الجمال وحده فيقول: وليس الشأن في إيراد المعاني؛ لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي، والقروي والبدوي وإنما هو في جودة اللفظ وصفاته: وحسنه، وبهائه، ونزاهته ونقائه، وكثرة طلاوته ومائه، مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أود النظم والتأليف" (1).
تحديثه عن اللفظ وطلاوته، والسبك والتركيب، والنظم والتأليف، إنما يرجع غالبًا إلى التصوير، الذي لا يتمّ إلا بهذه الأمور، وبه يتحقَّق الجمال في العمل الأدبي فلولا الشكل لما تميَّز شاعر عن آخر، واتَّصف بالحذق والمهارة، حتى لو كان المعنى الذي يصوره وسطًا، فإنه يدخل في جملة الرائع من القول، لحسن عرضه، وحذق صناعته، وحلاوة لفظه وعذوبته وسلاسته.
وهذا كله يدفع الخطيب والشاعر إلى المبالغة في التجويد والتصوير، ولو كان الأمر يرجع إلى المعنى لوفرا على أنفسهما تعبًا طويلًا (2).
وعدَّ أبو هلال قول الشاعر كثير عزة من الرائع النادر، مع بساطة معناه ودنوّ مادته، وإنما حظى بالجمال، بجودة صوغه، وروعة تصويره، قال كثير:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
إلى آخر الأبيات الثلاثة المشهورة، يقول أبو هلال معقبًا عليها: "وليس في هذه الألفاظ كثير معنى، وهي رائقة معجبة" (3).
وإن كان اهتمامه بالشكل واللفظ لا ينسيه المضمون والمعنى، فالشاعر يحتاج إلى شرف المعنى والإصابة نيَّة، كاحتياجه إلى الحسن في الصياغة، ونسج الألفاظ.
والمعاني كالأبدان والصورة كالثوب الذي يلف البدن، ويكسوه وقارًا ونبلًا، يقول أبو هلال:
"الكلام ألفاظ تشتمل على معانٍ تدل عليها، ويعبّر عنها، فيحتاج صاحب البلاغة إلى إصابة المعنى؛ ولأن المعاني تحلّ من الكلام محلّ الأبدان، والألفاظ تجري معها مجرى الكسوة" (4).
وهكذا ترى أبا هلال العسكري يعوق للعمل الأدبي عناصره المكونة له كما فعل قدامة ويرفع مع ذلك من شأن اللفظ والصياغة كما فعل الجاحظ.
واتجاه أبي هلال يجعله دون الجاحظ وقدامة في فهمه لصورة المعنى، فقد عدَّ الصورة كالكسوة، التي هي منفصلة عن البدن، ومستقلة عنه، فأصبح اللفظ عنده أجوف مجردًا من كل معنى وروح، ويجرّد اللفظ من القوة والحيوية.
وهذا يدل على عدم أصالته، على عكس الجاحظ وقدامة، اللذين أعطيا الصياغة والتصوير نوعًا من الحيوية، من غير فصل يفقد الروح في اللفظ، فصورة الخشب ليست منفصلة عن مادته انفصال الثوب عن البدن، كما هو واضح في اتجاه العسكري الذي أوقفه في التقليد والخطأ؛ لأن العقل لا يتصور مطلقًا لفظًا من غير معنًى يرتبط به، وصنيع ابن سنان الخفاجي في كتابه سر الفصاحة هو صنيع أبي هلال نفسه (5).
__________
(1) الصناعتين: أبو هلال العسكري ص 57، 58 "المتوفى عام 395".
(2) الصناعتين: أبو هلال العسكري ص 57، 58.
(3) المرجع السابق ص 59.
(4) المرجع السابق ص 29.
(5) دراسات في النقد الأدبي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 259 وما بعدها. وسر الفصاحة: ابن سنان الخفاجي "466 هـ" ص 72، 82.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
