المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

مبدأ مسؤولية مجلس الإدارة في ظل حوكمة الشركات
2023-04-13
ما نوع العلاقة بين السمية وقيمة LD50 أو الـ LC50؟
2023-10-12
Clinical indications for vitamin K
15-12-2021
تسمم بالفطريات الكبيرة Mycetism
10-4-2019
الرعي - الرعي التجاري (الحديث)
29-3-2021
آلية عمل الخلايا الشمسية
28-7-2019


أبو هلال العسكري والصورة الأدبية  
  
3493   11:29 صباحاً   التاريخ: 26-7-2017
المؤلف : علي علي مصطفى صبح
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي
الجزء والصفحة : ص :185-187
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015 3641
التاريخ: 23-3-2018 15219
التاريخ: 22-3-2018 21221
التاريخ: 23-3-2018 5599


يتعصَّب أبو هلال للفظ، ويتعقَّب خطوات الجاحظ فيه، فينقل عباراته كاملة في تفضيل الصياغة، وإنها موطن الجمال وحده فيقول: وليس الشأن في إيراد المعاني؛ لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي، والقروي والبدوي وإنما هو في جودة اللفظ وصفاته: وحسنه، وبهائه، ونزاهته ونقائه، وكثرة طلاوته ومائه، مع صحة السبك والتركيب، والخلو من أود النظم والتأليف" (1).
تحديثه عن اللفظ وطلاوته، والسبك والتركيب، والنظم والتأليف، إنما يرجع غالبًا إلى التصوير، الذي لا يتمّ إلا بهذه الأمور، وبه يتحقَّق الجمال في العمل الأدبي فلولا الشكل لما تميَّز شاعر عن آخر، واتَّصف بالحذق والمهارة، حتى لو كان المعنى الذي يصوره وسطًا، فإنه يدخل في جملة الرائع من القول، لحسن عرضه، وحذق صناعته، وحلاوة لفظه وعذوبته وسلاسته.
وهذا كله يدفع الخطيب والشاعر إلى المبالغة في التجويد والتصوير، ولو كان الأمر يرجع إلى المعنى لوفرا على أنفسهما تعبًا طويلًا (2).
وعدَّ أبو هلال قول الشاعر كثير عزة من الرائع النادر، مع بساطة معناه ودنوّ مادته، وإنما حظى بالجمال، بجودة صوغه، وروعة تصويره، قال كثير:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
إلى آخر الأبيات الثلاثة المشهورة، يقول أبو هلال معقبًا عليها: "وليس في هذه الألفاظ كثير معنى، وهي رائقة معجبة" (3).
وإن كان اهتمامه بالشكل واللفظ لا ينسيه المضمون والمعنى، فالشاعر يحتاج إلى شرف المعنى والإصابة نيَّة، كاحتياجه إلى الحسن في الصياغة، ونسج الألفاظ.

والمعاني كالأبدان والصورة كالثوب الذي يلف البدن، ويكسوه وقارًا ونبلًا، يقول أبو هلال:
"
الكلام ألفاظ تشتمل على معانٍ تدل عليها، ويعبّر عنها، فيحتاج صاحب البلاغة إلى إصابة المعنى؛ ولأن المعاني تحلّ من الكلام محلّ الأبدان، والألفاظ تجري معها مجرى الكسوة" (4).
وهكذا ترى أبا هلال العسكري يعوق للعمل الأدبي عناصره المكونة له كما فعل قدامة ويرفع مع ذلك من شأن اللفظ والصياغة كما فعل الجاحظ.
واتجاه أبي هلال يجعله دون الجاحظ وقدامة في فهمه لصورة المعنى، فقد عدَّ الصورة كالكسوة، التي هي منفصلة عن البدن، ومستقلة عنه، فأصبح اللفظ عنده أجوف مجردًا من كل معنى وروح، ويجرّد اللفظ من القوة والحيوية.
وهذا يدل على عدم أصالته، على عكس الجاحظ وقدامة، اللذين أعطيا الصياغة والتصوير نوعًا من الحيوية، من غير فصل يفقد الروح في اللفظ، فصورة الخشب ليست منفصلة عن مادته انفصال الثوب عن البدن، كما هو واضح في اتجاه العسكري الذي أوقفه في التقليد والخطأ؛ لأن العقل لا يتصور مطلقًا لفظًا من غير معنًى يرتبط به، وصنيع ابن سنان الخفاجي في كتابه سر الفصاحة هو صنيع أبي هلال نفسه (5).
__________

(1) الصناعتين: أبو هلال العسكري ص 57، 58 "المتوفى عام 395".
(2) الصناعتين: أبو هلال العسكري ص 57، 58.
(3) المرجع السابق ص 59.
(4) المرجع السابق ص 29.
(5) دراسات في النقد الأدبي: د. محمد عبد المنعم خفاجي ص 259 وما بعدها. وسر الفصاحة: ابن سنان الخفاجي "466 هـ" ص 72، 82.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.