أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2017
495
التاريخ: 9-5-2017
1190
التاريخ: 8-1-2017
754
التاريخ: 17-11-2016
396
|
مروان بن الحكم (1):
نشأته :
لم ير مروان بن الحكم النبي (صلى الله عليه وآله)لأنه خرج إلى الطائف وهو طفل وذلك لما نفى النبي (صلى الله عليه وآله) أباه الحكم (2) .
وكان يقال لمروان بن الحكم ابن الطريد لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) طرد والده إلى الطائف كما مر الذكر (3) .
وعندما تولى عثمان بن عفان الخلافة قام بإرجاع آل مروان إلى المدينة (4) فأنكر المسلمون ذلك منه ، فاحتج بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده بردهم وقد رويت أحاديث وأخبار في لعن الحكم بن العاص ولعن من في صلبه (5) .
وكان من أراد ذم مروان وعيبه يقول له ابن الزرقاء ، قالوا وكانت الزرقاء جدتهم من ذوات الرايات التي يستدل بها على بيوت البغايا في الجاهلية (6) .
ولقب مروان بخيط باطل وذلك لدقته وطول شبه الخيط الأبيض الذي يرى في الشمس وقال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم يوم تولى الخلافة :
لحى الله قوماً أمروا خيط باطل *** على الناس يعطي ما يشاء ويمنع (7)
ويلقب أيضاً بالأوقص لأنه ضرب يوماً على قفاه فقطعت أحد علباؤيه وهما العصبان الصفراوان الممتدان في طول العنق إلى الكاهل . فعاش بعد ذلك أوقص أي قصرت عنقه (8) . أما صفاته فكان أصلع (9) طويلاً أصهب لا يهاب الأمور الصعبة (10).
من أهم الأسباب التي أدت إلى بروز شخصية مروان هي :-
أ- لما يتمتع به من نفوذ وتقدير وإجلال في أوساط أهل الشام.
ب- التفاف بني العاص حوله بعد انحسار نفوذ آل سفيان .
ج- كبر سنه وخبرته وعمق تجربته كونه كان رجلاً مسناً.
رجح كفته على خالد بن يزيد وجعله أكثر حظاً في الترشيح للخلافة لما يمتلكه من كفاءة وخبرة تحتاجها الدولة في مثل تلك الظروف الاستثنائية (11).
الأعمال التي قام بها مروان :
1- لما ولي عثمان بن عفان الخلافة قرب مروان بن الحكم إليه واتخذه مستشاراً وصار ساعده وكاتبه ومدبره (12) . ويروى أنه قام بتزوير كتاب على لسان عثمان أرسله إلى والي مصر يأمره بقتل محمد بن أبي بكر ورفاقه. وأرسلوا هذا الكتاب مع غلام عثمان، فسار الغلام على بعير يسرع في مشيه، فلما خرج من المدينة وبلغهم سألوه عن وجهته فقال: أنا غلام أمير المؤمنين. قالوا : أمعك كتاب . قال : لا . ففتشوه فوجدوا الكتاب في أنبوبة من الرصاص ، ففتحوه ، فإذا فيه " إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتال في قتلهم " (13) فلما قرأ محمد الكتاب رجع إلى المدينة ودخل على عثمان ومعه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له : هذا الغلام غلامك ؟ فقال نعم ! والبعير بعيرك ؟ فقال : نعم . قال: فأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال: لا والله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به، ولا علم لي به. قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم خاتمك ؟ قال نعم، قال فكيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك ولا تعلم فحلف لهم عثمان وصدقوه إلا أن هذا الكتاب كان بيد مروان بن الحكم لأنه كان كاتبه وكان الختم قريب منه فتشير الاتهامات إلى أن مروان بن الحكم وغيره من بني أمية هم سبب الفتنة التي حدثت وأودت بحياة عثمان بن عفان (14) .
2- بعد مقتل عثمان بن عفان هرب مروان ومن معه من المدينة إلى مكة بينما كان الناس يبايعون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان هروبهم هو خوفهم من الناس ، وبعدها اتجهوا نحو الشام حيث كان عاملها معاوية ابن عمهم وبعدها اعتزل مروان السياسة إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان (15) .
3- بعد تولي معاوية بن أبي سفيان السلطة وذلك نحو41هـ ولى مروان بن الحكم المدينة المنورة وذلك نحو 42هـ (16) إلى49هـ وفي السنة الأخيرة عزل معاوية مروان من المدينة وولى سعيد بن العاص (17) .
ومن ثم تولى مروان بن الحكم الولاية الثانية للمدينة سنة 54هـ حتى عام 57هـ بعد عزل سعيد بن العاص (18) .
توليه السلطة:
عند وفاة معاوية بن يزيد عام 64هـ واضطراب أمر الشام دعا مروان بن الحكم إلى نفسه واجتمع الناس بالجابية من أرض دمشق وهي من اعمال دمشق وعمل حوران فتناظروا في ابن الزبير وفيما تقدم لبني أمية عندهم وتناظروا في أمر خالد بن يزيد بن معاوية وفي عمرو بن سعيد بن العاص بعده (19) . فقام روح بن زنباع (20) خطيباً : "يا أهل الشام هذا مروان شيخ قريش والطالب بدم عثمان والمقاتل لعلي في يوم الجمل وصفين فبايعوا الكبير واستنيبوا الصغير ، ثم لعمر بن سعيد ، فبايعوا لمروان بن الحكم ، ثم خالد ، ثم عمرو بن سعيد ، فبايعوا لمروان بن الحكم ثم خالد ، ثم عمرو بن سعيد" (21) . وبعدها استطاع أن يقود جنوده لمعركة مرج راهط ويتخلص من الضحاك بن قيس وتوجه بعدها نحو مصر وفتحها (22) وبعدها عاد إلى الشام فأقام بدمشق (23) .
اغتيال مروان بن الحكم :
اغتيل مروان بن الحكم في دمشق وكان عمره ثلاث وستين سنة وتعد أم خالد بن يزيد الرأس المدبر لعملية الاغتيال ، وقد ذكر المؤرخون روايتين حول اغتياله (24) :
الرواية الأولى: أنها أعدت له لبنا مسموماً (25) فلما دخل عليها ناولته إياه فشرب فلما استقر في جوفه وقع يجود بنفسه وأمسك لسانه ، فحضره عبد الملك وبقيه أولاده ، فجعل مروان يشير إلى أم خالد برأسه يخبرهم أنها قتلته وأم خالد تقول: "بأبي وأمي أنت، حتى عند النزع لم تشتغل عني ، أنه يوصيكم بي، حتى هلك" (26) .
أما الرواية الثانية للاغتيال: يقال أنها وضعت على وجهه الوسادة وهو نائم فمات مخنوقاً وكان ذلك بمساعدة جواريها (27) وبعدها أعلنت الصراخ مع جواريها وصحن مات أمير المؤمنين فجأة (28) وكانت وفاته سنة 65هـ في شهر رمضان وكانت مدة ولايته تسعة أشهر (29). ثم قام بعده ولده عبد الملك بن مروان (30) .
دوافع الاغتيال:
إن من الأسباب التي دفعت إلى اغتياله وكانت سبباً لاحقاً في سقوط الدولة الأموية وانهيارها لعهده لاثنين من ولده وهذا الأمر زرع بذور تلك السُنة. حيث يعتبر مروان أول من عهد لاثنين في الخلافة من بعده في تاريخ الدولة العربية الإسلامية مناقضاً وناكثاً بالعهود التي سبق الاتفاق عليها . فقد ولى عهده ابنيه عبد الملك ومن ثم عبد العزيز وبالتالي لم يأبه إلى مؤتمر الجابية حيث بايعوا مروان ومن ثم خالد بن يزيد فعمرو بن سعيد بن العاص (31) وقد ترك البيعة لخالد بن يزيد لأنه كان لا يراه أهلا للخلافة (32) ، وقد تزوج مروان من أرملة يزيد محاولة منه إذلال خالد ليرجعه عن رأيه في الخلافة وكان يحقر من شأن خالد ليصد عنه أهل الشام (33) .
أما الدافع الرئيسي الذي أدى إلى اغتياله هو أنه طلب من خالد بن يزيد الأسلحة وذلك لغرض القتال في مرج راهط وأعطاه خالد الأسلحة وبعد عودته منتصراً من المعركة قام بفتح مصر وعند رجوعه إلى دمشق قدم عليه خالد فقال له رد عليّ سلاحي، فأبى عليه فألح خالد فقال له مروان وكان فاحشاً: يا ابن الرطبة الأست (34) . فدخل إلى أمه فبكى وشكى إليها ما قاله مروان على رؤوس أهل الشام ، فقالت له ، لا عليك فأنه لا يعود إليك بمثلها فلبث بعدما قال لخالد أياماً وبعدها أمرت جواريها بخنقه عندما كان نائماً (35) .
__________
(1) نسبه وكنيته : هو مروان بن الحكم بن أبي العاص وهو ابن عم عثمان بن عفان بن أبي العاص. ابن الأثير ، أسد الغابة، ج4 ، ص351 ؛ الخضري ، الدولة الأموية ، ص361 . ويكنى بأبى عبد الملك . ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص35 ؛ البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج5 ، ص125 ؛ ابن عبد ربة ، العقد الفريد ، ج4، ص180 ؛ ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص351 ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج8 ، ص259 . أمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية بن المحرث بن جمل بن شق بن رقبة بن مخدع بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة . البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج5 ، ص125 . أما أبوه هو الحكم بن مروان مغموصاً عليه في إسلامه وقد أسلم في يوم فتح مكة ، فكان يمر خلف الرسول (صلى الله عليه وآله)فيخلج بأنفه ويغمز بعينه فبقى على هذا الحال إلى أن أصيب بالجنون ، كان أبو الحكم يفشي أحاديث رسول الله فلعنه الرسول (صلى الله عليه وآله). البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج5 ، ص125. ثم طرده الرسول (صلى الله عليه وآله)إلى الطائف ومات بها . ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج8 ، ص259 . ولد مروان بن الحكم في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)وقيل سنة اثنين من الهجرة ويقال أنه ولد يوم أحد وقيل يوم الخندق ، ويروى بأنه ولد في مكة . ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج4 ، ص180 وقيل في الطائف . ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص351 .
(2) ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص351 .
(3) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص36 ؛ ابن طباطبا ،الفخري في الآداب السلطانية ، ص119 .
(4) ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص351 .
(5) ابن طباطبا ، الفخري في الآداب السلطانية ، ص119 .
(6) البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج5 ، ص126 ؛ ابن طباطبا ،الفخري في الآداب السلطانية ، ص19 .
(7) البلاذري ، أنساب الأشراف ، ج5 ، ص126 ؛ ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج6 ، ص276-277 ؛ ابن العماد ، شذرات ، ج1 ، ص73 .
(8) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص36 ؛ ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص352 .
(9) ابن رستة ، أبو علي أحمد بن عمر ، الأعلاق النفيسة ، مطبعة بريل ، ليدن ، 1216هـ / 1891م ، ص223 .
(10) المسعودي ، التنبيه والإشراف ، ص285 .
(11) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص41-42 ؛ المسعودي ، التنبيه والإشراف ، ص285 ؛ حسن إبراهيم حسن ، تاريخ الإسلام ، ج1 ، ص291 .
(12) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص39 ؛ ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج3 ، ص86 ؛ علي إبراهيم حسن ، التاريخ الإسلامي العام ، ط3 ، مطبعة السنة المحمدية ، القاهرة ، 1383هـ / 1963م ، ص279 .
(13) الطبري ، تاريخ الطبري ، ج6 ، ص551 ؛ ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج3 ، ص86 .
(14) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص81؛ رضا، تراجم الخلفاء الراشدين، ص423.
(15) ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص99؛ علي إبراهيم حسن، التاريخ الإسلامي العام ، ص279 .
(16) ابن سعد ، الطبقات الكبرى ، ج5 ، ص39 ؛ ابن قتيبة ، الإمامة والسياسة ، ج1 ، ص142-143 ؛ المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص38-39 ؛ الصلابي ، محمد علي ، معاوية ، ص333 .
(17) المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص39 ؛ الذهبي ، سيرة أعلام النبلاء ، ج2 ، ص73 ؛ الخضري ، الدولة الأموية ، ج1 ، ص361 .
(18) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج3 ، ص99 ؛ الصلابي ، معاوية ، ص333 ؛ الخضري ، الدولة الأموية ، ج1 ، ص361 .
(19) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، ج2 ، ص255-256 .
(20) روح بن زنباع الجذامي : أمير فلسطين وسيد اليمانية في الشام وقائدها وخطيبها وشجاعها ، قيل له صحبة وله أخبار مع عبد الملك بن مروان ، توفي سنة 84هـ . ابن عبد البر ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ج1 ، ص525-530 ؛ العسقلاني ، الإصابة ، ج1 ، ص521 .
(21) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، ج2 ، ص256 .
(22) ابن طباطبا ، الفخري في الآداب السلطانية ، ص119 .
(23) الخضري، الدولة الأموية، ص361.
(24) ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص260.
(25) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، ج2 ، ص257 ؛ ابن الأثير ، أسد الغابة ، ج4 ، ص352 .
(26) المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص104 .
(27) ابن حبيب ، أسماء المغتالين من الأشراف ، ص146 ؛ المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص104 .
(28) القرماني ، أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ ، ص133 ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية ، ج8 ، ص260 .
(29) اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، ج2 ، ص257 ؛ المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص104 ؛ القرماني ، أخبار الدول ، ص133 .
(30) ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص260.
(31) حسن إبراهيم حسن، تاريخ الإسلام، ج1، ص336 .
(32) ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص259.
(33) المسعودي ، مروج الذهب ، ج3 ، ص103-104 ؛ علي إبراهيم حسن ، التاريخ الإسلامي العام ، ص282 .
(34) الرطبة الأست : بمعنى الجارية الرخيصة أي الزانية . ابن منظور ، لسان العرب ، باب الراء ، ج4 ، ص161 .
(35) ابن حبيب ، أسماء المغتالين من الأشراف ، ص146 ؛ اليعقوبي ، تاريخ اليعقوبي ، ج2 ، ص257 ؛ ابن عبد ربة ، العقد الفريد ، ج4 ، ص179 ؛ المقريزي ، النزاع والتخاصم ، ص48 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|