المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ولاية مالك الأشتر على مصر  
  
3375   02:14 مساءاً   التاريخ: 1-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج10,ص58-63.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2016 3282
التاريخ: 5-5-2016 3116
التاريخ: 13-4-2022 2284
التاريخ: 5-01-2015 42205

مالك فهو سيف من سيوف الله تعالى وعلم من أعلام الجهاد في الإسلام قد وهب حياته لله تعالى وأخلص لدينه كأعظم ما يكون الإخلاص ؛ وقد وقف بحزم وإخلاص إلى جانب إمام المتّقين وسيّد الموحّدين الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يحميه ويذبّ عنه في أحلك الظروف وأشدّها محنة وبلاء وقد أدلى الإمام (عليه السلام) بعظيم منزلته وجهاده تجاهه قائلا : لقد كان لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه واله) ؛ وقد انتخبه الإمام لولاية مصر بعد عزل قيس عنها وذلك لسموّ شخصيّته وحزمه الجبّار وقدرته الفائقة وإحاطته التامّة بالشؤون السياسية والإدارية وقد زوّده برسالة تضمّنت الإشادة بمكانة مالك وحكت كريم صفاته وقد جاء فيها : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى القوم الّذين غضبوا لله حين عصي في أرضه وذهب بحقّه فضرب الجور سرادقه على البرّ والفاجر والمقيم والظّاعن فلا معروف يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه.

أشاد الإمام (عليه السلام) بهذه الكلمات بالجهود الجبّارة التي بذلها الجيش المصري لحماية الإسلام في أيام محنته حينما توالت عليه الأحداث الرهيبة أيام حكومة عثمان فهبّ الجيش المصري للاطاحة بحكومته ؛ ثمّ أخذ الإمام في الثناء على مالك : أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيّام الخوف ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرّوع أشدّ على الفجّار من حريق النّار وهو مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ فإنّه سيف من سيوف الله لا كليل الظّبة ولا نابى الضّريبة , فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا فإنّه لا يقدم ولا يحجم ولا يؤخّر ولا يقدّم إلاّ عن أمري ؛ وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدّة شكيمته على عدوّكم .

وهذه الكلمات وسام شرف لمالك فقد حكت بعض قيمه ومثله والتي منها :

1 ـ ألمّت بشجاعة مالك وقوّة بأسه وصلابة عزيمته وأنّه لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عند الروع.

2 ـ إنّ مالك أشدّ من النار على المارقين والمنحرفين عن الحقّ الذين لا يرجون لله وقارا.

3 ـ إنّ مالك من سيوف الله الواقعيّين الذين لم يلوّثوا بجريمة ولا باقتراف منكر.

4 ـ أمر الإمام بهذه الرسالة الشعب المصري بإطاعة مالك والانصياع لأوامره فإنّه لا يقدم على شيء ولا يعمل عملا إلاّ بعد أخذ رأي الإمام (عليه السلام) .

وزوده (عليه السلام) برسالة ثانية عرضت إلى الأحداث المؤسفة التي عاناها الإمام (عليه السلام) بعد وفاة أخيه وابن عمّه الرسول (صلى الله عليه واله) : قال : أمّا بعد فإنّ الله سبحانه بعث محمّدا (صلى الله عليه واله) نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين.

فلمّا مضى (عليه السلام) تنازع المسلمون الأمر من بعده , فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه واله) عن أهل بيته ولا أنّهم منحّوه عنّي من بعده! فما راعني إلاّ انثيال النّاس على فلان يبايعونه فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد (صلى الله عليه واله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السّراب أو كما يتقشّع السّحاب ؛ فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق واطمأنّ الدّين وتنهنه.

عرض الإمام في هذا المقطع إلى الخلافة التي هي من حقّه وهو أولى بها من غيره وما كان يدور في خلده أنّها تنصرف عنه إلى غيره ولم يدخل مع القوم الذين انتزعوه تراثه وحقّه في ميدان الصراع المسلّح وذلك خشية على الإسلام من أن تشيع فيه الردّة وينقلب المسلمون على أعقابهم فصبر على ضياع حقّه وفي العين قذى وفي الحلق شجى كما يقول في خطبته الشقشقية ومن بنود هذه الرسالة قوله :

إنّي والله! لو لقيتهم واحدا وهم طلاع الأرض كلّها ما باليت ولا استوحشت وإنّي من ضلالهم الّذي هم فيه والهدى الّذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربّي وإنّي إلى لقاء الله لمشتاق وحسن ثوابه لمنتظر راج ؛ ولكنّني آسى أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها فيتّخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصّالحين حربا والفاسقين حزبا فإنّ منهم الّذي قد شرب فيكم الحرام وجلد حدّا في الإسلام وإنّ منهم من لم يسلم حتّى رضخت له على الإسلام الرّضائخ فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم وجمعكم وتحريضكم ولتركتكم إذ أبيتم وونيتم .

ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت وإلى أمصاركم قد افتتحت وإلى ممالككم تزوى وإلى بلادكم تغزى! انفروا رحمكم الله إلى قتال عدوّكم ولا تثّاقلوا إلى الأرض فتقرّوا بالخسف وتبوؤوا بالذّلّ ويكون نصيبكم الأخسّ وإنّ أخا الحرب الأرق ومن نام لم ينم عنه والسّلام .

حكت هذه الكلمات عن يقين الإمام (عليه السلام) بأنّه على ثقة وبصيرة من أمره وأنّه على اتّصال وثيق بالله تعالى لا يستوحش من الذين فارقوه وحاربوه ونابذوه فإنّهم على ضلال يا له من ضلال كما أعرب (عليه السلام) عن زهده في السلطة وأنّه لو لا يخاف من أن يحكم المسلمين من لا دين له فيتّخذ مال الله دولا وعباده خولا لما تصدّى إلى الحكم ولم يقم له أي وزن لأنّ السلطة عنده ليست مغنما وإنّما هي من سبل الاصلاح الاجتماعي فليس فيها إلاّ التعب والجهد والعناء , ثمّ دعا الإمام الشعب المصري إلى جهاد المارقين عن الإسلام وهم الحزب الأموي وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي أفنى حياته في محاربة الله ورسوله.

العهد الذهبي وهو أروع عهد حافل بحقوق الإنسان وقضاياه المصيرية لم يقنّن مثله ولم يوضع في جميع المحافل الدولية نظيره قد صاغه رائد العدالة الاجتماعية في الإسلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) , قد ختم الإمام (عليه السلام) هذا العهد الشريف بهذه الكلمات القيّمة بقوله : والواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة أو سنّة فاضلة أو أثر عن نبيّنا (صلى الله عليه واله) أو فريضة في كتاب الله فتقتدي بما شاهدته ممّا عملنا به فيها وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها , وأنا أسأل الله بسعة رحمته وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة أن يوفّقني وإيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه مع حسن الثّناء في العباد وجميل الأثر في البلاد وتمام النّعمة وتضعيف الكرامة وأن يختم لي ولك بالسّعادة والشّهادة وإنّا إلى الله راغبون , والسّلام على رسول الله (صلى الله عليه واله) الطّيّبين الطّاهرين وسلّم تسليما كثيرا والسّلام.

أرأيتم هذه الآداب العلوية الحافلة بجميع مقوّمات السموّ والكرامة وما تعتزّ به الإنسانية في جميع أدوارها .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.