أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2015
4974
التاريخ: 18-10-2015
4843
التاريخ: 11-8-2022
1191
التاريخ: 8-10-2014
10010
|
تكررت كلمة الروح - و المتبادر منه ما هو مبدأ الحياة - في كلامه تعالى و لم يقصرها في الإنسان أو في الإنسان و الحيوان فحسب بل أثبتها في غيرهما كما في قوله: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] ، و قوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] إلى غير ذلك فللروح مصداق في الإنسان و مصداق في غيره.
و الذي يصلح أن يكون معرفا لها في كلامه تعالى ما في قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] حيث أطلقها إطلاقا و ذكر معرفا لها أنها من أمره و قد عرف أمره بقوله: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: 82، 83] فبين أنه كلمة الإيجاد التي هي الوجود من حيث انتسابه إليه تعالى و قيامه به لا من حيث انتسابه إلى العلل و الأسباب الظاهرية.
و بهذه العناية عد المسيح (عليه السلام) كلمة له و روحا منه إذ قال: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ } [النساء: 171] لما وهبه لمريم (عليها السلام) من غير الطرق العادية و يقرب منه في العناية قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [آل عمران: 59].
و هو تعالى و إن ذكرها في أغلب كلامه بالإضافة و التقيد كقوله: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي } [الحجر: 29] ، و قوله: {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} [السجدة: 9] ، و قوله: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] ، و قوله: {وَرُوحٌ مِنْهُ } [النساء: 171] و قوله: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } [البقرة: 87] إلى غير ذلك إلا أنه أوردها في بعض كلامه مطلقة من غير تقييد كقوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] و ظاهر الآية أنها موجود مستقل و خلق سماوي غير الملائكة، و نظير الآية بوجه قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: 4].
و أما الروح المتعلقة بالإنسان فقد عبر عنها بمثل قوله: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي } {وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} و أتي بكلمة "من" الدالة على المبدئية و سماه نفخا و عبر عن الروح التي خصها بالمؤمنين بمثل قوله: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] فأتى بالباء الدالة على السببية و سماه تأييدا و تقوية، و عبر عن الروح التي خصها بالأنبياء بمثل قوله: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } [البقرة: 87] فأضاف الروح إلى القدس و هو النزاهة و الطهارة و سماه أيضا تأييدا.
و بانضمام هذه الآيات إلى مثل آية سورة القدر يظهر أن نسبة الروح المضافة التي في هذه الآيات إلى الروح المطلقة المذكورة في سورة القدر نسبة الإفاضة إلى المفيض و الظل إلى ذي الظل بإذن الله.
و كذلك الروح المتعلقة بالملائكة من إفاضات الروح بإذن الله، و إنما لم يعبر في روح الملك بالنفخ و التأييد كالإنسان بل سماه روحا كما في قوله تعالى: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} ، و قوله: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} [النحل: 102] ، و قوله: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: 193] لأن الملائكة أرواح محضة على اختلاف مراتبهم في القرب و البعد من ربهم، و ما يتراءى من الأجسام لهم تمثلات كما يشير إليه قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا } [مريم: 17] و قد تقدم الكلام في معنى التمثل في ذيل الآية بخلاف الإنسان المخلوق مؤلفا من جسم ميت و روح حية فيناسبه التعبير بالنفخ كما في قوله {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29].
و كما أوجب اختلاف الروح في خلق الملك و الإنسان اختلاف التعبير بالنفخ و عدمه كذلك اختلاف الروح من حيث أثرها و هو الحياة شرفا و خسة أوجب اختلاف التعبير بالنفخ و التأييد و عد الروح ذات مراتب مختلفة باختلاف أثر الحياة.
فمن الروح الروح المنفوخة في الإنسان قال: " وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ".
و من الروح الروح المؤيد بها المؤمن قال: { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] و هي أشرف وجودا و أعلى مرتبة و أقوى أثرا من الروح الإنسانية العامة كما يفيده قوله تعالى و هو في معنى هذه الآية: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122] فقد عد المؤمن حيا ذا نور يمشي به و هو أثر الروح و الكافر ميتا و هو ذو روح منفوخة فللمؤمن روح ليست للكافر ذات أثر ليس فيه.
و من ذلك يظهر أن من مراتب الروح ما هو في النبات لما فيه من أثر الحياة يدل على ذلك الآيات المتضمنة لإحياء الأرض بعد موتها.
و من الروح الروح المؤيد بها الأنبياء قال: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ } [البقرة: 87]و سياق الآيات يدل على كون هذه الروح أشرف و أعلى مرتبة من غيرها مما في الإنسان.
و أما قوله: { يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15] ، و قوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] فيقبل الانطباق على روح الإيمان و على روح القدس و الله أعلم.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|