أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2016
5932
التاريخ: 15-3-2016
2802
التاريخ: 19-01-2015
4019
التاريخ: 27-10-2015
3658
|
أطلّ على المسلمين شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن وقد كان الإمام (عليه السّلام) على يقين بانتقاله إلى حظيرة القدس في بحر هذا الشهر العظيم فكان يجهد نفسه ويرهقها على أنْ يفطر على خبز الشعير وجريش الملح وأنْ لا يزيد على ثلاث لقم ـ حسب ما يقوله المؤرّخون ـ وكان يُحيي ليالي هذا الشهر بالعبادة ؛ ولمّا أقبلت ليلة الثامن عشر أحس الإمام (عليه السّلام) بنزول الرزء القاصم ، فكان برماً تساوره الهموم والأحزان وجعل يتأمل في الكواكب وهي مرتعشة الضوء كأنّها ترسل أشعة حزنها إلى الأرض وطفق يقول : ما كذبتُ ولا كُذّبت إنّها الليلة التي وُعِدْتُ فيها ؛ وأنفق الإمام (عليه السّلام) ليله ساهراً وقد راودته ذكريات جهاده وعظيم عنائه في الإسلام وزاد وجيبه وشوقه لملاقاة ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ ليشكو إليه ما عاناه مِن أُمّته مِن الأود , وتوجّه الإمام (عليه السّلام) بمشاعره وعواطفه إلى الله يطلب منه الفوز والرضوان وقبل أنْ تشرق أنوار ذلك الفجر .
انطلق الإمام (عليه السّلام) فأسبغ الوضوء وتهيّأ إلى الخروج مِن البيت فصاحت في وجهه وزّ كأنّها صاحب ملتاعة حزينة تُنذر بالخطر العظيم الذي سيدهم أرض العرب والمسلمين , وتنبّأ الإمام مِن لوعتهن بنزول القضاء فقال : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله صوائح تتبعها نوائح , وخرج الإمام (عليه السّلام) إلى بيت الله فجعل يوقظ الناس على عادته إلى عبادة الله ثمّ شرع في صلاته وبينما هو ماثل بين يدي الله وذكره على شفتيه إذ هوى عليه المجرم الخبيث عبد الرحمن بن ملجم وهو يهتف بشعار الخوارج : الحكم لله لا لك ؛ فعلا رأس الإمام (عليه السّلام) بالسيف فقدّ جبهته الشريفة التي طالما عفّرها بالسجود لله وانتهت الضربة الغادرة إلى دماغه المقدّس الذي ما فكّر فيه إلاّ في سعادة الناس وجمعهم على صعيد الحقّ ؛ ولمّا أحسّ الإمام (عليه السّلام) بلذع السيف انفرجت شفتاه عن ابتسامة وانطلق صوته يدوّي في رحاب الجامع قائلاً : فزتُ وربِّ الكعبة.
لقد كنتَ يا أمير المؤمنين أوّل الفائزين وأعظم الرابحين بمرضاة الله فقد سايرتَ الحقّ منذ نعومة أظفارك فلمْ تداهن في دينك ولمْ تؤثر رضا أحدٍ على طاعة الله قد جاهدتَ وناضلتَ مِن أجل أنْ تعلو كلمة الله في الأرض ووقيتَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسك ومُهجتك .
لقد فزتَ وانتصرتْ مبادئك وبقيتَ أنت وحدك حديث الدهر بما تركته مِن سيرةٍ مشرقةٍ أضاءت سماء الدنيا وغذّت الأجيال بجوهر الحقّ والعدل , وخفّ الناس مسرعين إلى الجامع حينما أُذيعَ مقتل الإمام (عليه السّلام) فوجدوه طريحاً في محرابه وهو يلهج بذكر الله قد نزف دمه , ثمّ حُمل إلى داره والناس تعجّ بالبكاء وهم يهتفون ـ بذوب الروح ـ : قُتلَ إمام الحقّ والعدل! قُتِلَ أبو الضعفاء وأخو الغرباء! واستقبلته عائلته بالصراخ فأمرهنَّ (عليه السّلام) بالخلود إلى الصبر , وغرق الإمام الحسن (عليه السّلام) بالبكاء فالتفت إليه الإمام (عليه السّلام) قائلاً : يا بُني لا تبكِ فأنت تُقْتَلُ بالسمّ ويُقْتَلُ أخوك الحُسين بالسيف , وتحقّق تنبّؤ الإمام (عليه السّلام) فلمْ تمضِ حفنةٌ مِن السنين وإذا بالحسن (عليه السّلام) اغتاله معاوية بالسمّ فذابت أحشاؤه وأمّا الحُسين (عليه السّلام) فتناهبت جسمه السيوف والرماح وتقطّعت أوصاله على صعيد كربلاء.
يقول المؤرّخون : إنّ الإمام الحُسين (عليه السّلام) لمْ يكن حاضراً بالكوفة حينما اغتيل أبوه وإنّما كان في معسكر النخيلة قائداً لفرقة مِن الجيش الذي أعدّه الإمام (عليه السّلام) لمناجزة معاوية وقد أرسل إليه الإمام الحسن (عليه السّلام) رسولاً يعرّفه بما جرى على أبيه فقفل راجعاً إلى الكوفة وهو غارق بالأسى والشجون فوجد أباه على حافّة الموت فألقى بنفسه عليه يوسعه تقبيلاً ودموعه تتبلور على خديه ؛ وأخذ الإمام العظيم يوصي أولاده بالمُثل الكريمة والقيم الإنسانية وعهد إليهم أنْ لا يقتلوا غير قاتله وأنْ لا يتّخذوا مِنْ قتله سبباً لإثارة الفتنة وإراقة الدماء بين المسلمين كما فعل بنو اُميّة حينما قُتِلَ عميدهم عثمان .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|