التكون البكري 

إن  التكون البكري Parthenogenesis  هو شكل خاص من أشكال التكاثر الجنسي, ويتشكل الجنين هنا من بيضة غير مخصبة , وقد اكتشف Bonnet  عام 1745 التكون البكري الطبيعي Natural P .  ويعرف الآن ايضا التكون البكري الاصطناعي Artificial P .  .

يلاحظ التكون البكري الطبيعي في الديدان والحشرات والقشريات والدواريات Rotifers  وفي بعض الحيوانات يمكن أن يحدث التكون الجنيني في حالة إخصاب البيضة , كما يحدث في حالة عدم إخصابها وهذا ما يسمى بالتشكل البكري  الاختياري Facultative P . , ويشاهد هذا النوع من التكون عند النمل والنحل , إذ تتشكل أنثى من البيضة الملقحة وذكر من البيضة غير الملقحة , وعلى ما يبدو فإن التكون البكري الاختياري قد ظهر كتكيف , من اجل تنظيم نسبة الذكور الى الإناث, وقد يكون التكون البكري الطبيعي هو الوسيلة الوحيدة للتكاثر , وهذا ما يسمى التكون البكري الحتمي Obligatory P.  وتلاحظ هذه الحالة في العظاءة الصخرية القفقاسية , ويأخذ التكون البكري في بعض الأنواع صفة الدورية , فالقمل والدافنيا تتكاثر بكريا في الصيف , وعبر الإلقاح في الخريف , ويمكن القول إن التكون البكري الحتمي والدوري قد وجدا تطوريا في الأنواع الحيوانية التي تعرضت للهلاك بكثرة (النمل , الدافنيا) او في الأنواع التي كان يصعب فيها التقاء الذكر بالأنثى (العظاءة الصخرية القفقاسية) إن نوع العظاءة الصخرية القفقاسية حفظ بفضل التكون البكري , وحاليا كل أفراد هذا النوع هي من الإناث , ويتم تكاثرها بالتكون البكري .

وفي عام 1876 اكتشف Hertwig  أن بيوض قنفذ البحر الناضجة تستطيع أن تبدأ حادثات التشكل بعد معالجتها إما بمادة الستريكنين Strychnine  , ولقد تبين فيما بعد أنه يمكن التوصل الى نفس النتائج باستخدام مواد مختلفة مثل الحموض العضوية الضعيفة , والسوائل عوامل فيزيائية مختلفة مثل تحريك البيوض العنيف أو الأشعة فوق البنفسجية او الصدمات الكهربائية والحرارية .

ولقد امكن  إجراء العديد من التجارب الناجحة في مجال التكون البكري الصنعي على شوكيات الجلد والديدان والرخويات , كما أمكن إحداث التكون البكري في بعض زمر الفقاريات , ففي الضفادع المذنبة استخدمت لهذا الغرض المحاليل مرتفعة التركيز أو منخفضة التركيز وبعض المواد السامة , كما وخزت البيضة بغبرة زجاجية رقيقة , لقد تبين أنه يمكن الحصول على نتائج أفضل , بتلويث الإبرة المستعلمة بالدم أو خلايا أو بنى نسيجية مختلفة , كما أجريت تجارب ناجحة في مجال التكون البكري الصنعي على الثدييات باستعمال الصدمة الحرارية والحموضة العضوية وغيرها , ففي بعض التجارب تم تفعيل البيوض في القناة الناقلة للأنثى عن طريق تعريضها الى حرارة منخفضة و ثم نقلت الى القناة الناقلة لأنثى أرنب حملت حملا كاذبا , إم عن طريق تزاوجها مع ذكر عقيم , وإما بحقنا ببعض الهرمونات الجنسية و ولقد وصلت إعداد من البيوض الى مرحلة الكيسة الأريمية , ولقد استطاع بعضها ان ينهي حادثات التشكل كاملة , وهناك تجارب على التكون البكري الصنعي للبيوض في الإنسان تم فيها الحصول على مراحل التشكل الجنينية الأولى , والتكون البكري الصنعي غير مستبعد في الإنسان على الرغم من أنه نادر الحدوث جدا , وقد وصفت حالتان تم في إحداهما العثور في مبيض امرأة على بيضة قطعت شوطا في التشطر , وفي الحالة الثانية , عثر على بيضة في مرحلة الخلايا الثمانية في مبيض فتاة عمرها 23 سنة , وفي كلتا الحالتين الموصفتين كانت إمكانية حدوث الإخصاب أمرا مستبعدا . إن فهم آلية التكون البكري الصنعي يمكن أن يلقى ضوءا على الدور الذي تقوم به النطفة في حادثة الإخصاب , وباستعراض قائمة التي نجحت بتفعيل البيضة لتبدأ حادثات التكون , يلاحظ أنها عوامل ضارة , وتسبب تخريبا في سيتوبلازما البيضة , ولا يتميز أي منها بصفة النوعية والخصوصية في تأثيره , من ذلك نستنتج من شأنه أن يوفر الظروف لحدوث تفاعل نوعي في البضة يؤدي الى حدوث سلسلة تفاعلات تؤدي الى التغيرات التي لاحظناها في عملية الإخصاب , وهذا الأمر يصبح مقبولا إذا تذكرنا أن عملية النطفة الى البيضة تتضمن تخريبا في غشاء الخلية وفي الطبقة القشرية لسيتوبلازما البيضة .

وفيا يتعلق بالصيغة الصبغية لنوى الأفراد الناتجة عن التكون البكري , نشير الى أنها قد تكون في بعض الحالات أحادية الصيغة الصبغية (إناث الدواريات) و وفي معظم الأحيان تكون مضاعفة الصيغة (القمل – الدافنيا) , فقد لا يتم طرح الكرية القطبية الثانية وتتحد نواتها مع نواة البيضة , وهذا ما يتم في بعض سرطانات المياه العذبة , وأحيانا لا يتم الانقسام المنصف الثاني أساسا , كما هو الحال في القمل والدافنيا , بالتالي تظل الصيغة الصبغية مضاعفة .

المصدر

الدين ، حسن ناصر . مقدمة في علم الجنين .جامعة ناصر – كلية العلوم – قسم علوم الحياة.