أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
34172
التاريخ: 4-2-2016
3554
التاريخ: 21-5-2017
38401
التاريخ: 16-5-2022
2344
|
التركة لغةً من الترك وهو الطرح والتخلية(1) . وعدم الفعل(2) ، يقال تركت الشيء تركاً وتركاناً ( بالكسر ) أي خليته وطرحته ، يقال تركت المنزل أي رحلت عنه ، وتركت الرجل أي فارقته ، ثم أستعير للاسقاط في المعاني فقيل ترك حقه اذا اسقطه وترك ركعةً من الصلاة ،لم يأت بها فانه اسقاط لما ثبت شرعاً . وتركت البحر ساكناً لم اغيره عن حاله(3) ، وتراكِ بمعنى اترك وهو اسم لفعل الامر، وقد نقل اللغويون عن طفيل بن يزيد الحارثي قوله :
تَراكها من ابلٍ تَراكها اما ترى الموتَ لدى اوراكها
والترك ( عدم الفعل ) يكون كما يذكر اهل اللغة للمقدور عليه ، سواء كان هنالك قصد من التارك او لا كما في حالة النوم والغفلة . اما عدم فعل ما لا قدرة عليه فلا يسمى تركاً ،ولذلك لا يقال ترك فلان خلق الأجسام(4) . وينقل صاحب تاج العروس عن الراغب قوله :
ترك الشيء : رّوضة قصداً واختياراً ، او قهراً واضطراراً ، فمن الاول قوله تعالى :
(( وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعض ))(5). وقوله تعالى (( واترك البحر رهواً ))(6) .
ومن الثاني قوله تعالى (( كم تركوا من جناتٍ وعيون ))(7) . وقيل ان الترك متى علّق بمفعولٍ واحد يكون بمعنى الطرح والتخلية والدعة ، واذا علق بمفعولين كان متضمناً معنى التصبير فيجري مجرى افعال القلوب ،ومنه قوله عز وجل (( وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون ))(8). (9) .ويأتي الترك ايضاً بمعنى الابقاء كما في قوله عز وجل (( وتركنا عليه في الاخرين )(10). أي ابقينا له ذكراً حسناً(11)، وتتاركوا الامر بينهم ، تفاعل من الترك ، ويقال : فما أّترك : أي ما ترك شيئاً ، وهو افتعل . وقد يقال في كل فعل ينتهي الى حالةٍ ما ترِكه ، ومنه تركة الميت أي ميراثه الذي يخلفه بعد موته ،او هو ما يتركه من التراث المتروك يقال ترك الميت مالاً أي خلّفه والاسم ( الترِكة )(12). ويمكن ان تخفف فيقال (( تِرْكة ))(13). ( بكسر التاء وسكون الراء ) والتَّركة ( بالفتح ) المرأة الربعة والجمع تًركات ، وهي في الاصل بيض النعام . ومنه الحديث الذي رواه سعيد بن جبير عن الرسول ( ص ) حينما ذكر ابراهيم الخليل ( ع ) في قصته فقال (ص): ( انه جاء (( ابراهيم ( ع ) الى مكة يطالع تَرْكته )) يريد بذلك ولده اسماعيل وامه هاجر وهي في الاصل ( التَرْكة ) بيضة النعام وجمعها ( تَرْك ) ، فوردت في الحديث استعارةً لان النعامة لا تبيض في السنة الا واحدة ثم تتركها وتذهب وقال الزمخشري وابن الاثير هكذا وردت الرواية بسكون الراء ولو روي بكسرها ( الراء ) لكان وجهاً من التَّرِكة بمعنى الشيء المتروك، والتريك ( بغير هاء ) : العنقود اذا اكل ما عليه . والتريكة : المرتع الذي كان الناس رعوة ثم ترك ، وقيل ان التَّريكة من النساء : هي التي تترك فلا تتزوج . قال الكميت :
اذ لا تبض الى الترا ئكِ والضرائكِ كفُّ جازِرْ
ومنه حديث الامام علي (ع) : (أنتم تريكة الاسلام وبقية الناس)،ومنه حديث الحسن(14). ان لله تعالى ترائك في خلقه ، أي اموراً ابقاها في العباد من الامل والغفلة حتى ينبسطوا بها الى الدنيا والتُرك : الجيل المعروف من الناس ،واحده تركي، و جمعه اتراك(15). ومن هذا العرض اللغوي يمكن القول ان لفظ ( الترِكة ) يطلق على كل ما يتركه الميت بعد موته وهذا اللفظ مأخوذ اصلاً من ( التَرْك ) وهذا الاخير قد يأتي بمعنى الطرح والتخلية تارةً ، وقد يأتي بمعنى ( عدم فعل الشيء ) تارةً ثانية ، وقد يأتي بمعنى ( الابقاء ) تارةً ثالثة . ولا ريب في ان العرب قد استعملوا كل تلك المعاني في كلامهم ، حتى جاء القرأن الكريم وعزز ذلك الاستعمال كما تقدم . وبناءاً على ذلك فأن معرفة المعنى المقصود لـ ( التَرْك ) يتوقف على توفر القرائن الدالة على ارادة هذا المعنى او ذاك ،خصوصاً واننا لاحظنا ان ( الترك ) قد يطلق على ( بيض النعام ) ويبدو ان ذلك الاطلاق هو من باب المصداق لا المفهوم هذا مع التنويه الى المعنى الدارج للفظ ( الترك ) في الوقت الحاضر يُقصر على الطرح وعدم الفعل ، الا ان ذلك لا يعني البته سلب المعاني الاخرى لهذا اللفظ . وبالنظر لكل ما تقدم فانه يمكن القول ان ( التركة ) هي كل ما يتركه الميت أي ما يخلفه بعد موته .
___________________
1- ينظر : ابن منظور، جمال الدين بن مكرم الأنصاري(ت711هـ)، لسان العرب ، دار احياء التراث العربي ، المجلد العاشر ، حرف الكاف ، فصل التاء ،ط1،1405ه،ص405 ،بيروت، الجوهري ،اسماعيل بن حماد ، (ت393هـ) ،الصحاح – تاج اللغة وصحاح العربية- ، تحقيق احمد عبد الغفور عطار ، دار العلم للملايين،ط4،1407ه،بيروت، ج4 ، باب الكاف ، فصل التاء ، ص1577.
2- البستاني ، محيط المحيط ، نسخة طبق الاصل عن طبعة 1870 م ، مكتبة لبنان ، 1316 هـ ، بيروت ، ج1 ، ص163 .
3- الفيومي ، أحمد المقري( ت 770 هـ ) ، المصباح المنير ، المطبعة الاميرية ، ط4 ، القاهرة ، 1921 ،ص102.
4- البستاني ، محيط المحيط ، ج1 ، ص163 ،محمد شفيق غربال،الموسوعة العربية الميسرة ،دار نهضة لبنان ،م2،1980،ص1768،بيروت.
5- سورة الكهف /الآية 99 .
6- سورة الدخان /الآية 24 ، ونستطيع القول ان حديث الرسول ( ص ) : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) يدخل في هذا المعنى .
7- سورة الدخان /الآية 25 .
8- سورة البقرة /الآية 17 .
9- ينظر: الزبيدي ،محمد مرتضى الحسيني (ت 1205 هـ)، تاج العروس ، م7،مكتبة الحياة ، 1966 ، ص115 ،بيروت.
10- سورة الصافات /الآية 78 .
11- ينظر : ابن منظور ، مصدر سابق ، المجلد العاشر ، ص405 ، والزبيدي ، المصدر السابق ، المجلد السابع ، ص115 .
12- ينظر : ابن منظور ، مصدر سابق ، المجلد العاشر ، ص406 ، الجوهري ، مصدر سابق ، ج4 ، ص1577 ، الزبيدي ، مصدر سابق ، المجلد السابع ، ص114 .
13- الشيخ احمد رضا ، معجم متن اللغة ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، 1958 ، المجلد الاول ، ص159 .
14- ربما كان المقصود به الحسن البصري .
15- ينظر بصدد ما تقدم : ابن منظور ، مصدر سابق ، المجلد العاشر ، ص406 ، الجوهري ، مصدر سابق ، ج4 ، ص1577 ، الزبيدي ، مصدر سابق ، ص115 ، ابن الأثير،(ت606هـ) ،النهاية في غريب الحديث ،تحقيق طاهر أحمد الزاوي ،مؤسسة اسماعيليان،ط4، قم،ص184، احمد رضا ، مصدر سابق ، المجلد الاول، ص294 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|