أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-26
1401
التاريخ: 5-2-2016
2093
التاريخ: 14-6-2021
6683
التاريخ: 5-2-2016
2195
|
1 ـ وبالإسناد المتقدم عن وهب بن منبّه أنّه قال : كان من أمر عاد أنّ كل رمل على ظهر الأرض وضعه الله لشيء من البلاد كان مساكن في زمانها ، وقد كان الرّمل قبل ذلك في البلاد ، ولكن لم يكن كثيراً حتّى كان زمان عاد ، وأنّ ذلك الرّمل كان قصوراً مشيّدة وحصوناً ومدائن ومصانع ومنازل وبساتين.
وكانت بلاد عاد أخصب [ من ] بلاد العرب ، وأكثرها أنهاراً وجنانا ، فلمّا غضب الله عليهم وعتوا على الله ، وكانوا أصحاب الأوثان يعبدونها من دون الله ، فارسل الله عليهم الريّح العقيم وانّما سميت « العقيم » لأنّها تلقحت بالعذاب ، وعقمت عن الرّحمة ، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتّى عاد ذلك كلّه رملاً دقيقاً تسفيه الرّيح ، وكان تلك الرّيح ترفع الرّجال والنّساء ، فتهب بهم صعدا ، ثم ترمي بهم من الجوّ فيقعون على رؤوسهم منكّسين.
وكانت عاد ثلاثة عشر قبيلة وكان هود عليه السلام في حسب عاد وثروتها وكان أشبه ولد آدم بآدم صلوات الله عليهما ، وكان رجلاً أدم ، كثير الشّعر ، حسن الوجه ، ولم يكن أحد من النّاس أشبه بآدم منه إلاّ ما كان من يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما ، فلبث هود عليه السلام فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى الله ، وينهاهم عن الشّرك بالله تعالى وظلم النّاس ، ويخوّفهم بالعذاب فلجّوا ، وكانوا يسكنون أحقاف الزّمان ، وأنّه لم يكن اُمّة أكثر من عاد ولا أشد منهم بطشاً.
فلما رأوا الرّيح قد أقبلت عليهم قالوا لهود أتخوّفنا بالرّيح ، فجمعوا ذراريهم وأموالهم في شعب من تلك الشّعاب ، ثم قاموا على باب ذلك الشّعب يردّون الرّيح عن أموالهم وأهاليهم ، فدخلت الرّيح من تحت أرجلهم بينهم وبين الأرض حتّى قلعتهم ، فهبّت بهم صعدا ، ثم رمت بهم من الجوّ ثم رمت بهم الريح في البحر ، وسلّط الله عليهم الذّر فدخلت في مسامعهم ، وجاءهم من الذّر ما لا يطاق قبل أن يأخذهم الرّيح ، فسيّرهم ، من بلادهم ، وحال بينهم وبين مرادهم حتّى أتاهم الله).
وقد كان سخّر لهم من قطع الجبال والصّخور والعمد والقوّة على ذلك والعمل به شيئاً لم يسخّره لأحد كان قبلهم ولا بعدهم ، وإنّما سمّيت « ذات العماد » من أجل أنهم يسلخون العمد من الجبال ، فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الّذي يسلخونه منه من أسفله إلى أعلاه ، ثمّ ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثم يبنون فوقها القصور ، وقد كانوا ينصبون تلك العمد أعلاماً في الأرض على قوارع الطّريق ، وكان كثرتهم بالدّهما ويبرين وعالج إلى اليمن إلى حضرموت.
2 ـ وسئل وهب عن هود أكان أبا اليمن ألّذي ولّدهم؟ فقال لا ، ولكنّهم أخو اليمن الّذي في التّوراة تنسب إلى نوح عليه السلام ، فلمّا كانت العصبيّة بين العرب وفخرت مضر بأبيها اسماعيل ادّعت اليمن هوداً أباً ليكون لهم أباً ووالداً من الانبياء ، وليس بأبيهم ولكنه أخوهم.
ولحق هود ومن آمن معه بمكّة ، فلم يزالوا بها حتّى ماتوا ، وكذلك فعل صالح عليه السلام بعده ، ولقد سلك فج الرّوحا سبعون ألف نبيّ حجاجاً عليهم ثياب الصّوف مخطمين أبلهم بحبال الصّوف ، يلبّون الله بتلبية شتّى ، منهم : هود وصالح وإبراهيم وموسى ، شعيب ويونس صلوات الله عليهم وكان هود رجلاً تاجراً.
3 ـ وبالإسناد الّذي قدّمنا عن ابن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله سلام الله عليه قال : لمّا بعث الله هوداً أسلم له العقب من ولد سام ، وأمّا الآخرون فقالوا : من أشدّ منّا قوّة ، فأهلكوا بالرّيح العقيم ، ووصى وبشرهم بصالح صلوات الله عليهما.
4 ـ وعن ابن أورمة ، حدّثنا سعيد بن جناح ، عن أيّوب بت راشد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله صلوات الله عليه قال : كانت أعمار قوم هود صلوات الله عليه أربعمائة سنة وقد كانوا يعذّبون بالقحط ثلاث سنين ، فلم يرجعوا عمّا هم عليه ، فلمّا رأوا ذلك بعثوا وفداً لهم إلى جبال مكة ، وكانوا لا يعرفون موضع الكعبة ، فمضوا واستسقوا فرفعت لهم ثلاث سحبات ، فقالوا : هذه حفا يعني الّتي ليس فيها ماء وسمّوا الثّنية فاجياً و[ اختاروا ] الثالثة التي فيها العذاب.
قال : والرّيح عصفت عليهم ، وكان رئيسهم يقال له : الخلجان فقالوا : يا هود ما ترى الرّيح إذ أقبلت أقبل معها خلق [ كثير ] كأمثال الأباعر معها أعمدة هم الّذين يفعلون بنا الأفاعيل ، فقال : أولئك الملآئكة ، فقالوا : أترى ربّك إن نحن آمنّا به أن يديلنا منهم ، فقال لهم هود عليه السلام : إنّ الله تعالى لا يديل أهل المعاصي من أهل الطّاعة ، فقال له الخلجان : وكيف لي بالرّجال الّذين هلكوا؟ فقال له هود : يبدلك الله بهم من هو خير لك منهم ، فقال : لا خير في الحياة بعدهم ، فاختار اللّحاق بقومه ، فأهلكه الله تعالى (1).
5 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن عبد الملك بن طريف ، عن الأصبغ بن نباته ، قال : خرجنا مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى نخيلة فإذا أناس من اليهود معهم ميّت لهم ، فقال أمير المؤمنين للحسن صلوات الله عليهما : انظر ما يقول هؤلاء في هذا القبر؟ فقال : يقولون : هو هود عليه السلام فقال : كذبوا أنا أعلم به منهم ، هذا قبر يهود بن يعقوب ، ثم قال : من ها هنا من مهرة؟ فقال شيخ كبير : أنا منهم ، فقال له : أين منزلك؟ فقال : في مهرة على شاطىء البحر ، فقال : أين هو من الجبل الّذي عليه الصّومعة. قال : قريب منه قال : ما يقول قومك فيه؟ فقال : يقولون هو قبر ساحر ، فقال : كذبوا أنا أعلم به منهم ، ذلك قبر هود عليه السلام وهذا قبر يهودا (2).
6 ـ وبإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ذرعة بن محمد الحضرمي ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا هاجت الرّياح فجاءت بالسّافي الأبيض والأسود والأصفر ، فانّه رميم قوم عاد (3).
7 ـ وعن ابن بابويه ، حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا معاذ بن المثنى العنبري ، حدثنا عبدالله بن أسماء ، حدّثنا جويرية ، عن سفيان بن منصور ، عن أبي وائل ، عن وهب قال : لمّا تمّ لهود عليه السلام أربعون سنة أوحى الله إليه أن ائت قومك ، فادعهم إلى عبادتي وتوحيدي ، فان أجابوك زدتهم قوّة وأموالاً ، فبيناهم مجتمعون إذ أتاهم هود ، فقال : يا قوم أعبدوا الله ما لكم من آله غيره ، فقالوا : يا هود لقد كنت عندنا ثقة أميناً قال : فانّي رسول الله إليكم دعوا عبادة الأصنام ، فلمّا سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميّت ، فبقى يومه وليلته مغشيّاً عليه ، فلمّا أفاق قال : ربّ إنّي قد عملت وقد ترى ما أفعل بي قومي.
فجاء جبرئيل عليه السلام فقال : يا هود إنّ الله تعالى يأمرك أن لا تفتر عن دعائهم ، وقد وعدك أن يلقي في قلوبهم الرعب ، فقال يقدرون على ضربك بعدها ، فأتاهم هود ، فقال لهم : قد تجبّرتم في الأرض وأكثرتم الفساد ، فقالوا : يا هود اترك هذا القول ، فانّا إن بطشنا بك الثّانية نسيت الاولى ، فقال : دعوا هذا وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه ، فلمّا رأى القوم ما لبسهم من الرعب علموا أنّهم لا يقدرون على ضربه الثّانية ، فاجتمعوا بقوّتهم ، فصاح بهم هود عليه السلام صيحة فسقطوا لوجوههم.
ثم قال : يا قوم قد تماديتم في الكفر ، كما تمادى قوم نوح عليه السلام وخليق أن أدعو عليكم كما دعا نوح على قومه ، فقالوا : يا هود إنّ آلهة قوم نوح كانوا ضعفاء وإنّ الهتنا أقوياء ، وقد رأيت شدّة أجسامنا وكان طول الرّجل منهم مائة وعشرين ذراعاً وعرضه ستون ذراعاً ، وكان أحدهم يضرب الجبل الصغير فيقطعه ، فمكث على هذا يدعوهم سبعمائة وستّين سنة.
فلمّا أراد الله تعالى هلاكهم حقف الاحقاف حتى صارت أعظم من الجبال ، فقال لهم هود يا قوم ألا ترون إلى هذه الرّمال كيف تحقّفت إنّي أخاف أن تكون مأمورة ، فاغتمّ هود عليه السلام لما رأى من تكذيبهم إيّاه ونادته الأحقاف قرّ يا هود عيناً ، فانّ لعاد منّا يوم سوء ، فلمّا سمع هود ذلك قال : يا قوم اتّقوا الله واعبدوه ، فان لم تؤمنوا به صارت هذه الاحقاف عليكم عذاباً ونقمة ، فلمّا سمعوا ذلك أقبلوا على نقل الأحقاف ، فلا تزداد إلاّ كثرة ، فرجعوا صاغرين ، فقال هود : يا رب قد بلغت رسالاتك فلم يزدادوا إلا كفراً.
فأوحى الله إليه يا هود : إنّي أمسك عنهم المطر ، فقال هود عليه السلام : يا قوم قد وعدني ربّي أن يهلككم ومرّ صوته في الجبال وسمع الوحش صوته والسّباع والطير ، فاجتمع كلّ جنس منها يبكي ويقول : يا هود أتهلكنا مع الهالكين ، فدعا هود ربّه تعالى في أمرها ، فأوحى الله تعالى إليه : أنّي لا أهلك من لم يعصني بذنب من عصاني تعالى الله علوّاً كبيراً.
__________________
(1) بحار الأنوار ( 11/359 ) ، برقم : ( 17 ) .
(2) بحار الأنوار ( 11/359 ـ 360 ) ، برقم : ( 18 ) .
(3) بحار الأنوار ( 11/361 ) و( 69/11 ) ، برقم : ( 31 ) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|