أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-03-2015
2393
التاريخ: 16-10-2014
2898
التاريخ: 6-03-2015
1775
التاريخ: 16-10-2014
4810
|
كلاهما تعبيران عن شخصية واحدة تجمع بين صفاء الباطن وزهد في ظاهر الحال . وإنما يقال له " الصوفي " باعتبار تقشفه في الحياة والاقتصار على اقل المعيشة وفي جشوبة في المأكل والملبس ، وكان من مظاهرها ملابس الصوف الخشنة تجاه الحرير الناعمة . فكان هذا النعت كناية عن تنسكه وتزهده في المزاولة الحياة ...
أما الوصف بالعرفان فلعرفانه الباطني وخلوصه في السير والسلوك الى الى الله ومثابرته في سبيل معرفة الذات المقدسة وقربه منه تعالى .. فذاك وصف لظاهر الحال ، وهذا نعت لصفاء الباطن وعرفانه لمقام الذات.
كان التصوف في اول عهده يدور حول نقطتين : أولاهما : أن العكوف على العبادة - وهي رياضة نفسانية - تورث للنفس فوائد هي حقائق روحانية ملكوتية أعلا ...
وثانيهما : أن ترويض القلوب يفيض على النفس معرفة تنطوي على استعداد الادارة لتلقي هذه الفوائد..
ويقول المتصوفة : ان في علم القلوب قوة محركة ، وهو يبين السفر الى الله وما فيه من مقامات وأحوال عدتها اثنا عشر . كما يقولون : إن بعض الفضائل يكتسب وبعض الفوائد يتلقى .. وقد وجهوا هممهم بنوع خاص الى تحديد الغاية القصوى التي هي تحقق النفس بمعرفة الحق تعالى عندما يقطع العبد كل علائقه بالبدن .. ومن هنا جاء وصفهم بالصوفية ، كما قال صاحب اللمع : " فلما أضفتهم الى ظاهر اللبسة – وكان يكثر في الزهاد والمتقشفين اعتياد البس الصوف – فكان ذلك أسماً مجملاً مخبراً عن جميع العلوم والأعمال والأخلاق والأحوال الشريفة المحمودة . ألا ترى أن الله ذكر طائفة من خواص أصحاب عيسى (عليه السلام) فنسبهم الى ظاهر اللبسة فقال عزوجل {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} [المائدة : 112] وكانوا قوماً يلبسون البياض ، فنسبهم الله تعالى الى ذلك ، ولم ينسبهم الى نوع من العلوم والأعمال والأحوال التي كانوا بها متوسمين . فكذلك الصوفية نسبوا الى ظاهر اللباس ولم ينسبوا الى نوع من أنواع العلوم والأحوال التي هم بها متوسمون . لأن لبس الصوف كان دأب الأنبياء (عليهم السلام) والصديقين وشعار المساكين المتنسكين ... " (1).
كما وقد افترضوا " الطريقة " الى جنب " الشريعة " .. لتكون الشريعة عبارة عن الأعامل الظاهرة التي تجري على الجوارح والأعضاء الجسمية ، وهي العبادات بأنواعها ، والمعاملات بأقسامها .. وقد سمي علم الشريعة بعلم الفقه اختصاصاً بالفقهاء وأهل الفتيا ومن تبعهم من الأتباع والمقلدين .. كما هو معلوم من مذاهب معروفة ..
أما علم الطريقة فهو علم يدعو الى الأعمال الباطنة و ارتياضات نفسانية ، سميت بأعمال القلوب والجوانح . وسمى هذا العلم علم التصوف وسمى المتصوفون أنفسهم أرباب الحقائق وأهل الباطن وسموا من عداهم أهل ظواهر ورسوم ..
ويفترق أهل العرفان عن أهل الكلام ، باستنادهم في معارفهم (علم الحقائق) الى مشاهدات نفسيه هي واردات قلبية أو خواطر ملكوتية فيما حسبوا ، اقتناعاً بهذه الخواطر والسوانح ، بدلاً من الاستدلال وإقامة البرهان ، والتي اقتحمها علماء الكلام ..
قال الغزالي في الإحياء : إن للإيمان والمعرفة ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى ، إيمان العوام ، وهو إيمان التقليد المحض .
والثانية ، إيمان المتكلمين ، وهو ممزوج بنوع استدلال ، ودرجته قريبة من درجة إيمان العوام.
والثالثة ، إيمان العارفين ، وهو المشاهدة بنور اليقين .. (2) .
وقد كانت الصوفية خصوم الفقهاء في الدور الأول ، وأصبحوا خصوم المتكلمين وأهل النظر في دور متأخر .. فقد نابذوا هؤلاء وهؤلاء جميعاً ..
وكان من جراء هذه المنابذة وتلك أن أخذت الصوفية في أدوار متأخرة في الهبوط الى مرحلة الابتذال والأخذ في الشطحات – على حد تعبيرهم – أخذاً بلا هوادة ، وإن شئت قلت : تعابير هي أشبه بالخيال من مشاهدة الحال ..
نسب الى أبي يزيد البسطامي (توفي سنة 261) أنه قال : " رفعني مرة فأقامني بين يديه وقال لي : يا أبا يزيد ، إن خلقي يحبون أن يروك ! فقلت : زيني بوحدانيتك ، وألبسني أنانيتك ، وارفعني الى أحديتك ، حتى اذا رآني خلقك قالوا : رأيناك ، فتكون أنت ذاك ولا أكون أنا هناك .. " .
وحكي عنه أيضاً أنه قال : " أول ما صرت الى وحدانيته فصرت طيراً جسمه من الأحدية وجناحاه من الديمومية ، فلم أزل أطير في هواء الكيفية عشر سنين حتى صرت الى هواء مثل ذلك مائة ألف ألف مرة ، فلم أزل أطير الى أن صرت في ميدان الأزلية ، فرأيت فيها شجرة الأحدية – ثم وصف أرضها وفرعها وأغصانها وثمارها – ثم قال : فنظرت فعلمت أن هذه كله خدعة .. (3) .
ولابن عربي :
عقد الخلائق في الإله عقائداً وأنا اعتقدت جميع ما أعتقدوه
فالتصرف كان وحده من بين معترك المذاهب تسامحاً صرفاً وسلاماً في كل ما مر من الأدوار . والصوفي – كما قال أبو تراب النخشبي – لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء ..
أضف الى ذلك مسألة الولاية وصلتها بالتصوف وكرامات الأولياء .. قالوا : إذا كان العبد قريباً من حضرة الله بسبب كثرة طاعاته وكثرة إخلاصه ، وكان الرب قريباً برحمته وعنايته ، فهناك حصلت الولاية .. وربما بلغ الولي الى مرتبة رفع الحجاب بينه وبين الحقائق فيراها بعين الشهود .. والواصل الى درجة العرفان تنكشف له الحجب ويشهد من علم الله ما لا يشهده سواه ، ومن ثم فتظهر على يديه الكرامة التي هي خرق للعادة .. (4).
__________________________
1- دائرة المعارف الإسلامية ، ج5 (تصوف) ، ص277- 278 .
2- إحياء العلوم ، ج3 ، ص15 .
3- راجع : تذكرة الأولياء للنيشابوري ، ج1 ، ص160-164 ( حديث معراجه ).
4- راجع : نفحات الأنس لعبد الرحمان الجامي ، ص 5- 28 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|