أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2016
1974
التاريخ: 7-12-2015
1575
التاريخ: 29-09-2015
1679
التاريخ: 17-4-2016
2205
|
قال تعالى : {وَانْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقرِبينَ* وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} (الشعراء/ 214- 215) .
إِنَّ هذه الآيات لها قصة معروفة حيث ذكرها جميع مؤرخي الإسلام تقريبا.
وفي تفسير هذه الآية، تشاهد رواية معروفة لدى الخاص والعام كما يقول «الطبرسي» في «مجمع البيان»، وكذا قول «الحاكم الحسكاني» في «شواهد التنزيل»، يقول «البراء بن عازب» : لمّا نزلت آية {وَانْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقرِبينَ} جمع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بني عبد المطلب وهم يومئذٍ أربعون رجلًا، الرجل منهم يأكل المسنة، ويشرب العس، فأمر علياً عليه السلام برجل شاة فأدمها ثمّ قال : ادنوا بسم اللَّه فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن فجرع، منه جرعة ثم قال لهم : اشربوا بسم اللَّه فشربوا حتى رووا، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل. فسكت صلى الله عليه و آله يومئذٍ ولم يتكلّم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال : يا بني عبد المطلب إنّي أنا النذير إليكم من اللَّه عزّ وجلّ والبشير فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ثم قال : من يؤاخيني (منكم) ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في اهلي ويقضي ديني. فسكت القوم.
فأعادها ثلاثاً، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي عليه السلام : أنا، فقال في المرة الثالثة : أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أُمِّرَ عليك (1)، نقل هذا الحديث في هوامش شواهد التنزيل عن «عبد اللَّه بن عباس» وكذلك عن «أبي رافع».
وينقل عن «خصائص النسائي» أنّ «ربيعة بن ناجذ» يقول : إنّ رجلًا قال لعلي عليه السلام :
ياأمير المؤمنين بم ورثت ابنَ عمك دون أعمامك؟ قال : جمع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بني عبدالمطلب فصنع لهم مداً من الطعام فأكلوا حتى شبعوا، وبقي الطعام كما هو كأنّه لم يُمس، ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا، وبقي الشراب كأنّه لم يُمس، أو لم يُشرب، فقال : «يا بني عبد المطلب إنّي بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة وقد رأيتم من هذه الآية ما قد رأيتم، أيّكم يبايعني على أنّ يكون أخي وصاحبي ووارثي؟» فلم يقم إليه أحد فقمت إليه وكنت أصغر القوم فقال : اجلس، حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي، ثم قال علي عليه السلام : بذلك ورثت ابن عمي دون عمي (2).
وقد نقل «الطبري» المؤرخ الشهير هذا الحديث أيضاً بالتفصيل، ويقول تعقيباً عليه : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله، أومأ إلى علي عليه السلام وقال : «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا». فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (3).
ثمّ نقل الطبري هذا المعنى بطرق اخرى.
من الامور الظريفة أنّ الطبري المؤرخ والمفسر السنّي الكبير، الذي نقل قصة يوم الانذار في «تاريخه» بهذا النحو، عندما يأتي إلى «التفسير» (التفتوا إلى أنّ للطبري تفسيراً مفصلًا في 30 جزء، عدا التاريخ) ويصل إلى هذه الآية ويروي الحادثة المذكورة، يقول : إنّ النبيّ عليه السلام قال : «أيكم يؤازرني على هذا الأمر على أنّ يكون اخي وكذا وكذا ...، قال علي عليه السلام : أنا يا نبيَّ اللَّه أكون وزيرك ... فقال النبيّ صلى الله عليه و آله : إنّ هذا أخي وكذا وكذا» (4).
فكما تلاحظون فإنّ هذا المفسّر المعروف يعبّر «بكذا وكذا» بدلًا عن وصيي وخليفتي فيكم، وكرر هذا الأمر مرّتين لئلا يقع تعبير «الوصي والخليفة» بأيدي اتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام ويقدمونه وثيقة على خلافة علي عليه السلام، ويصاب حكم الطبري وأمثاله المسبق المليء بالتعصب!.
فهل هذا هو معنى المحافظة على الأمانة في تدوين ونقل أحاديث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟ ألم يكن يفكر بأن تعبيره التاريخي سيوضع يوماً أمام تعبيره التفسيري ويقام القياس بينهما، وتجري محاكمتهما؟ ويجدر الانتباه إلى أنّ الطبري ليس فريداً في القيام بهذا الفعل، فهنالك الكثير ممن مارسوا ويمارسون هذه الأفعال.
فقد نقل الآلوسي هذه الرواية أيضاً في روح البيان بشكل ناقص ومعيب، ثمّ يضيف :
«ومن الروايات ما يتمسك به الشيعة فيما يدعونه من أمر الخلافة وهو مؤول أو ضعيف أو موضوع» (5).
إنّ الأحكام المسبقة لهذا المفسر المعروف عجيبة حقاً، فهو يقول : بما إنّ هذه الرواية تصب في صالح الشيعة فأمّا يجب أن توجه، أو تضعف، أو تعتبر مزورة، أي أنّ أساس الحكم لا يستند إلى الحقائق التاريخية والقرآن والسنّة، بل إلى الأحكام المسبقة وكل ما يخالفها يجب غض الطرف عنه وتبريره وتضعيفه.
ومن البديهي أنّه لو اجتمع جميع الأنبياء والكتب السماوية لعجزوا عن النفوذ إلى عقلية من يمتلك مثل هذا النمط من التفكير، وتغييره.
لقد ذكر «أحمد بن حنيل» أحد أئمّة مذاهب السنّة في كتابه المعروف ب «مسند أحمد» قصة يوم الانذار إلى أن يقول : قال علي عليه السلام قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : لما نزلت هذه الآية {وانذر عشيرتك الاقربين ...} قال : جمع النبي صلى الله عليه و آله من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا فقال صلى الله عليه و آله : من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنّة ويكون خليفتي في أهلي ... فقلت : أنا (6).
يقول ابن أبي الحديد المعتزلي : أمّا خبر الوزارة (إشارة إلى الحديث الذي يثبت وزارة علي عليه السلام) فقد نقله الطبري في تاريخه عن عبد اللَّه بن عباس عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال :
لما انزلت هذه الآية {وانذر عشيرتك الاقربين ...} على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله دعاني ... ثمّ نقل القصة إلى أن ذكر قول الرسول صلى الله عليه و آله «وقد أمرني اللَّه أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أنّ يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فقال علي عليه السلام : أنا يا رسول اللَّه أكون وزيرك عليه، فقال الرسول صلى الله عليه و آله : هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم» (7).
انتبهوا إلى أنّه قد جاء في هذه الرواية وبعض الروايات المتقدمة التعبير بخليفتي فيكم، ويتضح من ذلك أنّ التعبير بالأهل في الروايات الاخرى يفيد هذا المعنى أيضاً (تأملوا جيداً).
ذكر «ابن الاثير» (8) هذه الحادثة أيضاً بالتفصيل في كتابه «الكامل»- بل وأكثر تفصيلًا من أغلب المحدثين والمؤرخين إلى أن يقول : قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله : «أيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أنّ يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعاً»، فقال علي عليه السلام : «أنا يا رسول اللَّه أكون وزيرك عليه ... فقال الرسول صلى الله عليه و آله : إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا» (9).
واللطيف أنّه قد عبر ب «خليفتي فيكم» في هذا الحديث أيضاً، وفي الحقيقة أنّها احدى معجزات النبي صلى الله عليه و آله إذ أنّه قال هذه العبارة بحزم لعلي عليه السلام في ذلك الحين، ولم يكن له من العمر سوى ثلاثة عشرة سنة، فمن يستطيع التنبؤ بأنّ هذا الصبي ذا الثلاث عشر عاماً سيصبح من أعظم رجال البشرية في المستقبل، ويستحق خلافة النبي صلى الله عليه و آله، والكل يسمعون له ويطيعونه؟
واللطيف أيضاً : إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال هذا في الأيّام الاولى لدعوته، يوم الانذار، وكذلك في الأشهر الأخيرة من حياته المباركة، أليس هذا الكلام أفضل دليل على إمامة علي عليه السلام؟
_______________________
(1) شواهد التنزيل، ج 1، ص 420 (مع الاختصار)؛ وتفسير مجمع البيان، ج 7 و 8، ص 206.
(2) تعليقات شواهد التنزيل، ج 1، ص 423.
(3) تاريخ الطبري، ج 2، ص 63.
(4) تفسير جامع البيان، ج 19، ص 75، ذيل الآية 214 من سورة الشعراء.
(5) تفسير روح المعاني، ج 19، ص 135 ذيل آية البحث.
(6) مسند أحمد، ج 1، ص 111 (مع شيء من الاختصار).
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج 13، ص 210.
(8) «ابن الاثير» من أشهر المؤرخين حيث عاش في القرن السابع، و تاريخه يقع في 13 جزء.
(9) الكامل، ج 2، ص 63.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|