أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2015
1689
التاريخ: 27-11-2015
1344
التاريخ: 25-11-2014
1166
التاريخ: 27-11-2015
1723
|
1- يُلاحَظُ وجود آيات قرآنية كثيرة توضح بصراحة علاقة قسم عظيم من المصائب بأعمال الإنسان السيئة ، إلى الحدّ الذي يُلاحظ فيه أنّ تعبير بعض الآيات جاء بصيغةٍ عموميّة تشمل جميع المصائب : قال تعالى : {مَّا أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِئَةٍ فَمِن نَّفسِكَ}. (النساء/ 79) .
والظريف هو أنّ المخاطب في هذه الآية هو شخص الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله ، لتأكيد وبيان أهميّة الموضوع ، فعندما يكون الرسول صلى الله عليه و آله مُخاطباً بهكذا أسلوب يتضّح أنّ التكليف واقعٌ على الأخرين حتماً ، وإلّا فمن المعلوم أن الرسول الأكرم محمّد صلى الله عليه و آله لا يفعل فعلًا يُوْدي إلى ابتلائه بمصيبةٍ من نفسه.
ونَسْب (الحسنات) إلى اللَّه إنّما هو لأنّ اللَّه قد وضع جميع إمكاناتها تحت تصرُّف الإنسان ، ونَسْب (السيئات) إلى الإنسان إنّما هو لأنّها تحرف هذه الإمكانات عن الأهداف التي خلقها اللَّه لأجلها ، وإلّا فمن حيث كونه مسبّب الأسباب يُمكن نَسْبُها إليه جميعاً.
ولعل هذا هو السبب في نَسْب بعض الآيات القرآنية جميع الأعمال إلى اللَّه ، لذا فإنّ التفاوت الموجود انّما هو بسبب تفاوت جهات البحث وزوايا النظر ، (تأمل جيداً).
ولا يُمكن إنكار كون الكثير من الحوادث الأليمة الموجودة في حياة الإنسان من صنع نفس الإنسان ، فمثلًا إنَّ سبب الكثير من الأمراض هو عدم الاهتمام بأصول الصحّة وقواعدها ، أو الإفراط في تناول الغذاء إلى حد التخمة ، أو عدم التدقيق في النظافة ، أو الإنزواء وعدم التحُّرك ، أو عدم الإحتراز من المناطق الملوثة أو الأفراد الملوثين. ولو راعى الإنسان الأسُس والقوانين التي وضعها اللَّه في عالم الخلق والتكوين لما أُصيب بها.
ولكن مع هذا لايُمكن انكار كون قسم من الأمراض التي تُصيب الناس ذات عوامل خارجة عن قدرتهم ، كالتغيُّر المفاجيء في حالات الطقس التي تحصل خلافاً لمقتضى طبيعة الفصل ، فيُصابُ البعض بمختلف الأمراض.
ويُمكن ملاحظة نفس هذا التقسيم بخصوص بقيّة المصائب والحوادث الاخرى ، لذا فإنّنا نقول : بالرغم من كون صيغة الآية الآنفة الذكر عامّة لكن مقصودها الأصلي أغلب الموارد.
ولأنّ (الفخر الرازي) لم يستطع حل هذه المعضلة ، فقد فسّر (السيئة) الواردة في الآية بمعنى (المعصية) في الوقت الذي نجد بأنه معنىً غير متزّن جدّاً ، لأنّ مفهوم الآية سيصير كالتالي (ما أصابك من معصيةٍ فمن نفسك) ، وهذا الشيء من قبيل توضيح الواضحات ، وعليه فإنّ تعبير (سيئة) له مفهوم عام.
2- وفي موضعٍ آخر اعتبر الفساد الذي يظهر في البر والبحر كنتيجة لأعمال الناس ، حيث قال : {ظَهَرَ الفَسَادُ فِى البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيدِى النَّاسِ}. (الروم/ 41) .
ونظراً لكون الفساد المذكور في الآية معرّف بألف لام التعريف ويفيد العموم ، فإنّه يدل على كون الفساد الذي يظهر في البر والبحر من صُنع الإنسان ، وتشير إلى المفاسد الاجتماعية.
ويُضيف قائلًا في تكملة الآية : {لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ}.
اعتقد بعض المفسرين بأنّ هذه الآية تُشير إلى العقوبات والمجازاة الإلهيّة التي تصيب الناس بسبب (أعمالهم السيئة) ، ولكن يبدو أن صدر الآية يُشير إلى وجود نوع من الرابطة التكوينيّة فيما بين (الفساد)و (الذنب) ، وذيل الآية يُصدّق هذا المعنى أيضاً ، لأنّه لم تُذكر كلمة (عقوبة) فيها ، بل : {لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِى عَمِلُوا} لا (جزاء الذي عملوا) ، ويُمكن أن يكون سبب استعمال كلمة «بعض» هو إبطال اللَّه مفعول بعض هذه النتائج الطبيعيّة بلطفه ورحمته.
وعلى أيّة حال فإنّ الآية أعلاه تدلّ على أنّ المفاسد الاجتماعية : كانعدام الأمن ، الحروب ، تسلُّط الظالمين ، ابتلاء المظلومين ، وأمثال ذلك وليدة عمل الإنسان نفسه ، ويجب أن لا تُحتَسب أبداً على الخالق ويُشكّك بالعدل الإلهي بسببها. (تأمل جيّداً).
3- يُفهم من آيات أُخرى أن سبب تغيّر النعم الإلهيّة هو تغيُّر أحوال الناس ، حيث قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم}. (الرعد/ 11) .
وقد بين نفس هذا المطلب في موضعٍ آخر مستعملًا كلمة (النعمة) بصريح العبارة ، حيث قال تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يكُ مُغيِّراً نِّعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم}. (الأنفال/ 53) .
وبتعبيرٍ آخر أوضح : إنّ الفيض والرحمة الإلهيّة عامّة وواسعة ، لكنها تُقسَّمُ بين الناس وفق الإستعدادت والاستحقاقات ، فإن استفادوا من النعم بصورة صحيحة كانت دائمية أبديّة ، وإن صارت وسيلةً للطغيان والظلم والجور والغرور والكفر ، فلا ريب في أنّها تكون بلاءً ، وهذا تأكيدٌ على أنَّ الكثير من المصائب التي تصيب الإنسان هي مِمّا كسبت يداه.
4- وفي موردٍ آخر ، وضمن الإشارة إلى ضيق صدور الناس ، أشارت الآية التالية إشارةً لطيفة إلى العلاقة بين (المصائب)و (أعمال الناس).
قال تعالى : {وَإِذَا أَذقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيدِيهِمْ إِذَا هُم يَقنَطُونَ}. (الروم/ 36) .
إنّ أكثر المفسّرين اعتقدوا بأنّ مثل هذه الآيات تُشير إلى العذاب الإلهيّ ، ولكن يبدو من ظاهر الآيات أنّ المصائب ناتجة عن أعمال الإنسان نفسه ، وبتعبيرٍ آخر ذُكرت الأعمال بعنوان (سبب) ، والمصائب بعنوان (مُسبّب).
وإن حصلت هنا عقوبة معينة فهي كأثر طبيعي للعمل ، وانعكاس عن أفعال وتصرُّفات الناس ، ولا يوجد دليل واضح على تأويل كلمة العقوبة والعذاب في جميع هذه الموارد ، كما ورد ذلك في كلام أغلب المفسّرين.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|