أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2016
2572
التاريخ: 14-8-2021
2576
التاريخ: 2024-06-04
961
التاريخ: 25-7-2016
1991
|
القاعدة تسهل لنا حفظ ما نريد، ونصل بها لأهدافنا بانسيابية فتحفظ لنا الطريق الذي نسلكه، وكلما استندنا على القواعد في مختلف شؤون حياتنا استطعنا ان نكون على درجة عالية من الالتزام والنجاح والرقي، تنفعنا القاعدة في الاستناد والثبات، فتكون مرجعاً ومستنداً نتكئ عليه، وكلما كانت القواعد صحيحة ورصينة كان البناء الذي يبنى عليها أكثر تماسكاً، اما اذا كانت قاعدتك بالوناً مملوءاً بالهواء فانه لا يحمل اي ثقل وسرعان ما ينفجر، فالحياة التي نعيشها تتطلب منا ان نجد القواعد التي إذا سرنا وفقها نجحنا في كل ما نريد، هذا اذا كان احدنا يفكر في النجاح، والا لم تنفعه اي قاعدة، حتى تلك القواعد التي تكون امام ناظره، فغاية وجودنا النجاح وليس الفشل، وهذا سجل الحكماء والعظماء لا يوجد فيه الفشل؛ لأن همهم كان النجاح.
وقد يسأل أحدنا: هل هنالك قواعد للنجاح تشترك في مجالات مختلفة في الحياة؟ ونستطيع ان نقول له: نعم، خذ التفكير السليم او التفكير الايجابي، فهو أحد أهم القواعد التي تكون منطلقاً إلى النجاح، وخذ الحذر واليقظة والانتباه، وغيرها الكثير، اطلب منك ان تقرأ هذه القاعدة بدقة.
ـ الانتباه والحذر
نحن نعيش على الأرض مع ابناء جنسنا، ولديهم اطباع مختلفة تجد الكاذب والصادق والمؤمن والخائن يلزم منا ان نراعي هذه الحالات، فلا يمكن لنا ان نعمل مع الخائن او نرافق الكذوب ردحاً من الزمن فانه سيكذب علينا يوماً، أو يفتري علينا حتى وان كنا اقرب الناس اليه، الا ان الكذب يطغى عليه فلا تبقى لنا قدسية في داخله، فالحذر واجب هنا ولا يمكن ان نغفل او نتغافل او نغض الطرف عن ذلك، هذا جزء مهم في الحياة، ولا نحصر كل الانتباه بهذه النقطة فقط، بل ان الحذر والانتباه مطلوب في الكثير من الاجزاء الضرورية في هذه الحياة، بل الدنيا كلها تدعونا ان نحذر منها وفي نفس الوقت ان نكون على قدر كاف من اليقظة والانتباه فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تيأس من الزمان إذا منع و لا تثق به إذا أعطى وكن منه على أعظم الحذر الزهد في الدنيا) (1)، فالحذر لا يعني ان نوقف حياتنا ونجعل انفسنا في زاوية ضيقة نصل الى حد الوسواس القهري، فإن هذا الشيء غير مطلوب قطعاً، لذا لو تأملنا النص أمامنا نجده يحذر من جهة ويرغب من جهة أخرى فالقضية نسبية واضحة، فلا نركن الى الدنيا فننسى ان الدنيا مغرية جداً، تأخذنا من حيث لا نشعر إلى حياضها وكأن احدنا أسير لا يقدر ان يفك نفسه منها، لان طبع الدنيا غدارة طرية جميلة حسب الظاهر، يتضح ذلك جلياً من خلال كتاب الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) للصحابي الجليل سلمان المحمدي (رضي الله عنه)، قبل أيام خلافته، جاء فيه: (أما بعد فإنما مثل الدنيا مثل الحية لين مسها، قاتل سمها، فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما أيقنت من فراقها. وكن آنس ما تكون بها أحذر ما تكون منها) (2)، فان هذه الوصية الذهبية تحمل بين طياتها برنامجاً شاملاً في التعامل مع الواقع ومع الحياة، ننظر الى الدنيا بعين الاستخفاف حتى إذا ما اصابتنا مصائبها كانت هينة بسيطة على قلوبنا، واما من تعلق قلبه في الدنيا فانه ينهار بمصائبها ونوائبها، وهي لا تنتهي أبداً حتى يخرج الانسان منها محمولاً على الاكتاف الى مثواه الاخير، وما أجمله من تشبيه عندما شبهها بالحية، فإنها طرية سهلة في شكلها الخارجي، لكنها تحمل السم في داخلها، كالذي يعطيك العسل وفيه السم فانه حلو المذاق الا انه حامل للقاتل خبيث باطنه، والدنيا كالمنافق ظاهره الايمان والصلاح والتقوى وباطنه الخبث والكفر والفسوق والحيلة والنصب والغدر، والدنيا هي الوجه الرسمي للشيطان الرجيم، فاذا غفل الانسان عنها أخذته بين امواجها ورمته خارج الحياة الحقيقية، ويبقى يعاني لا يقدر على الرجوع، واذا انتهى الوقت فلا مجال للعودة ولا مكان له في الحياة ثانية، فان الانسان له فرصة واحدة للعيش فاذا انتهى اجله انتهى عمله، وانقطع عن هذا العالم وهو دار التكليف والعمل، وذهب الى دار جديدة وهي دار الانتظار والحساب، وعندما يقال الحذر من الدنيا لا يعني هذا المفهوم المغلق عند بعض الناس، بل بالمفهوم العام الشاسع الكبير، بما للدنيا من معنى ضخم، فان الدنيا يقصد منها حب الباطل والجشع والظلم والركون إلى الظالم ومساعدة أهل العصيان والطغيان في اعمالهم وترك الحق والتهجم على أهله، والعناد والتكبر والنميمة والتجاوز على الناس والسخرية منهم والاستخفاف بهم، وعدم الرضا بما قسم الله والاعتراض على حكمه وعدم القبول بالقضاء والقدر والتسليم لأمره، تلك الدنيا التي قتل فيها اطهر الناس واوثقهم وافضلهم، تلك الدنيا التي ذهبت فيها أنفس طاهرة، وتعبت فيها انفس نبيلة كريمة، الدنيا التي رفعت الوضيع ووضعت الرفيع، الدنيا التي تسلق كراسيها قرود البشر، واخذ ملذاتها حقراؤهم، الدنيا التي حاربت علياً سنوات طوالاً واخفت فضائله حقداً وكراهية ونصباً، هذه الدنيا التي تتكلم عنها ليلاً ونهاراً وليست الاشجار والثمار والنوم والعيش والابتسامة والجلوس مع أهل الايمان وعمارة الأرض وبناء الدور للأيتام والفقراء ورعايتهم وبناء المصانع والمستشفيات واظهار عزة المؤمنين وقوتهم، علينا ان نرسخ هذه المفاهيم في اذهاننا واذهان اولادنا واخوتنا واهلنا وكل من يهمنا، فاذا انتبهنا لهذه الدنيا فإننا سنكون على حذر من كل المخاطر التي تحيط بنا لكي ننجح في مشاريعنا الانسانية والدينية والاخلاقية، وكل ما يمت للحياة الكريمة بصلة، ونحذر من الغرور الذي يطالنا، فان الانسان كلما تقدم في العمل والمشاريع والانجازات يدخله الغرور والكبر، فيبدأ يضرب كل وسوسة تأتيه من الشيطان والنفس الامارة بالسوء، فيحب للناس ما يحبه لنفسه ويكره فهم ما يكرهه لها، فحياتنا مليئة بالمخاطر ومهددة كل يوم بالتوقف، فلا يلهو الانسان كثيراً وينخدع ببريق الاشياء التي حوله، او تلك الاشياء التي تلمع في خياله، فهنالك الكثير من الاشياء التي تدور في عالمنا الذهني والفكري لا واقع لها في هذه الحياة ابداً، سوى اننا اعتدنا على وجدوها في ذهننا وافكارنا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ص 80.
2ـ نهج البلاغة: ج 3، ص 97.
|
|
علاج جفاف وتشقق القدمين.. مستحضرات لها نتائج فعالة
|
|
|
|
|
الإمارات.. تقنية رائدة لتحويل الميثان إلى غرافين وهيدروجين
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد دعم العتبة العباسية المقدسة للباحثين والحراك العلمي الذي يسهم في خدمة المجتمع
|
|
|