فمن زاوية النقل ووفقاً لموقعه الجغرافي يمتاز هذا الحوض بما يأتي:

أ- تقطع سلاسله الجبلية الضخمة بعدد من الممرات الجبلية التي ربطت هذا الحوض بالأراضى المجاورة ومن أهم هذه الممرات تلك المجموعة الى تمتد في الجنوب الأوروبى، ومن أهمها ممر سمبلون وممر برنر وممر سان برنارد وممر سان جوثارد وممر، زمرنج، وكلها تربط الشمال الإيطالي والجنوب الفرنسى والشمال اليوغسلافي بوسط أوروبا. هذا فضلاً، عن مجموعة الممرات التي تربط المغرب الأطلس بالهضاب الداخلية ومن أهمها ممر تازا الذي يشكل حلقة الوصل بين مدن الهضبة المراكشية مثل فاس ومكناس ومراكش ومدن السهل الساحلي المطل على البحر المتوسط. وكذلك ممرات جبال لبنان التي تربط الهضبة السورية والعراقية بالساحل الشرقي للبحر المتوسط.

ب- يعبر هذا الحوض عدد كبير من الأنهار الصالحة للنقل المائي الداخلي ومن أهمها: نهر النيل بين الإسكندرية على الساحل الشمالي وأسوان قرب الحدود مع السودان وأنهار المغرب العربي ممثلة في نهر ملوية ونهر شليف ونهر ما جردة وأنهار شرق البحر المتوسط مثل نهر دجلة ونهر الفرات في العراق ونهر العاصى السورى ونهر الليطاني اللبناني. وأما في الجنوب الأوروبي فتشير إلى أنهار الجنوب الروسي التي تصب في البحر الأسود ومن أهمها نهر دن ونهر دونتز، وأنهار الشمال التركي ومنها نهر كزل ارمك ونهر سكاريا ويصبان في البحر الأسود، وكذلك نهر الدانوب الذي يربط وسط أوروبا بالبحر الأسود والبحر المتوسط وكذلك نهر الرون الذي يربط السهل الأوروبي بالجنوب الفرنسي. ويمتاز الجنوب الأوروبي بأن معظم أنهاره قد ربطت بقنوات ملاحية صناعية.

ج- يحاط البحر المتوسط بشريط عظيم الامتداد من السهول الساحلية التي مهدت لمد شبكات الطرق من فجر التاريخ حتى الوقت الحاضر وقد امتدت شبكات من الطرق تربط السهول بالأراضي الداخلية.

د - للبحر المتوسط مدخلان رئيسيان أحدهما مضيق جبل طارق الذي يربطه بالمحيط الأطلسي ونصف الكرة الغربي، والثاني قناة السويس بالبحر الأحمر الذي يربطه بالمحيط الهندي. هذا فضلاً عن عدد من المضايق الداخلية ممثلة في مضيق الدردنيل ومضيق البوسفور اللذين يقعان على جانبي بحر مرمرة وهو حلقة الوصل بين البحر المتوسط والبحر الأسود، وذلك مضيق مسينا بين البحر المتوسط والبحر التيراني وهو لسان من البحر المتوسط وقد أحبط بجزيرة صقلية جنوباً وجزيرتي سردينيا وكورسيكا غرباً وشبه جزيرة إيطاليا شرقاً. ونشير أيضاً إلى قناة كورثينا التي ربطت بحر إيجه بالبحر الأدرياتيكي، وقناة ميدي التي ربطت غرب البحر المتوسط قرب مارسيليا في الجنوب الفرنسي بخليج بسكاي المطل على المحيط الأطلسي عبر نهر الجارون وبفضل هذه الظاهرات الجغرافية الأربعة امتاز النقل في حوض البحر.

المتوسط بالتكامل بين أنواعه المختلفة وفقاً لما يأتي:

أ- تمتاز شبكات الطرق عبر السهول الساحلية متجهة عبر الممرات الجبلية العديدة، وتسير السكك الحديدية موازية لها إلا عند الممرات الجبلية فتمر السكك الحديدية في أنفاق ضخمة أسفل الطرق البرية وتلتقي بعد ذلك عند المدن الرئيسية. وتظهر هذه الظاهرة واضحة في الجنوب الأوروبي والمغرب الأطلسي.

ب ـ تشكل المجاري النهرية طرقاً ملاحية في معظم أجزائها وفي هذا المجال تقدم أرخص الوسائل في النقل التجاري. وقد ربطت معظم المجاري النهرية فى حوض البحر المتوسط بشبكات كبيرة من القنوات المائية الصناعية لتيسير سبل النقل التجارى ولا سيما للبضائع الكبيرة الحجم والرخيصة الثمن مثل نقل الأخشاب والحبوب والفحم. ومن أشهر الأمثلة على ذلك شبكات النقل المائي في دلتا النيل والشمال الإيطالي والجنوب الإيطالي والجنوب الفرنسى وبين أنهار السهل الأكراني في الجنوب الروسي المطل على البحر الأسود.

ج ـ بفضل المضايق والقنوات البحرية في حوض البحر التوسط، قد أصبح هذا البحر أهم ممر تجارى فى العالم ويخص بالذكر الطريق الملاحي العالمي الذي يمتد من شرق آسيا في المحيط الهادي عابراً المحيط الهندي عند ميناء سنغافورة ثم يمر بمدخل البحر الأحمر عند مضيق باب المندب ويعبر البحر الأحمر ماراً بقناة السويس ثم يخترق مضيق جبل طارق متشعباً إلى ثلاث شعب رئيسية تتمثل في شعبة تتجه نحو الشمال الأوروبي والثانية عبر المحيط الأطلسي إلى أمريكا الشمالية والثالثة تخترق قناة بنما إلى المحيط الهادى وغرب الأمريكتين. وهنابيننشير بنوع خاص إلى حركة نقل النفط عبر قناة السويس. فالمسافة بين لندن والكويت عبر طريق جنوب أفريقيا تبلغ 13437 ميلا تنقص إلى7488 ميلا إذا استعمل طريق فاه السويس فلا مجال للمنافسة بين الطريقتين.

د ـ ونشير أخيراً إلى أن الموقع الجغرافى لحوض البحر المتوسط في قلب العالم القديم وما يمتاز به من مناخ معتدل طول العام ورياح هادئة وندرة الأعاصير الشديدة، أدى إلى جعل هذا الحوض من أهم مراكز الطيران في العالم وتعبره شبكات عديدة من النقل الجوى متجهة إلى كل أنحاء الكرة الأرضية. وهكذا تتكامل وسائل النقل المختلفة في حوض البحر المتوسط لخدمة السكان وتحركات النقل التجارى داخلياً بين موانيه ومدنه المتناثرة وخارجياً إلى كل أنحاء العالم.