أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-1-2016
4228
التاريخ: 14-12-2015
6641
التاريخ: 10-1-2016
10522
التاريخ: 22-10-2014
2585
|
مصبا- سجد سجودا : تطامن ، وكلّ شيء ذلّ : فقد سجد. وسجد : انتصب في لغة طيّئ . وسجد البعير : خفض رأسه عند ركوبه. وسجد الرجل : وضع جبهته بالأرض. والمسجد : بيت الصلاة ، والمسجد أيضا : موضع السجود ، والجمع مساجد. وقرأت آية سجدة وسورة السجدة. وسجدت سجدة بالفتح لأنّها عدد.
وسجدة طويلة بالكسر ، لأنها نوع.
مقا- سجد : أصل واحد مطّرد يدلّ على تطامن وذلّ. يقال : سجد إذا تطامن. وكلّ ما ذلّ فقد سجد. قال أبو عمرو : أسجد الرجل ، إذا طأطأ رأسه وانحنى. وأمّا قولهم : أسجد إسجادا ، إذا أدام النظر ، فهذا صحيح ، إلّا أنّ القياس يقتضي ذلك في خفض.
أسا- رجال ونساء سجّد ، وباتوا ركوعا سجودا ، ورجل سجّاد ، وعلى وجهه سجّادة وهي أثر السجود ، وبسط سجّادته ومسجدته ، ويجعل الكافور على مساجد الميّت ، جمع مسجد بفتح الجيم. ومن المجاز : شجر ساجد وسواجد ، وشجرة ساجدة : مائلة. والسفينة تسجد للرياح : تطيعها وتميل بميلها. وفلان ساجد المنخر : إذا كان ذليلا خاضعا ، وعين ساجدة : فاترة. وسجد البعير وأسجد : طأمن رأسه لراكبه.
مفر- السجود : أصله التطامن والتذلّل ، وجعل ذلك عبارة عن التذلّل للّه وعبادته ، وهو عامّ في الإنسان والحيوانات والجمادات ، وذلك ضربان : سجود باختيار وليس ذلك إلّا للإنسان وبه يستحقّ الثواب ، نحو قوله تعالى : {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم : 62] - أي تذلّلوا له. وسجود تسخير وهو للإنسان والحيوانات والنبات ، وعلى ذلك-. { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد : 15] - وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبّهة على كونها مخلوقة وأنّها خلق فاعل حكيم ، وقوله. اسْجُدُوا لِآدَمَ*- قيل أمروا بأن يتّخذوه قبلة ، وقيل أمروا بالتذلّل والقيام بمصالحه ومصالح أولاده فأتمروا إلّا إبليس. وقوله-. {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [النساء : 154] *- أي متذلّلين منقادين.
والتحقيق
أنّ الأصل الواحد في هذه المادّة : هو كمال الخضوع بحيث لا يبقى أثر من الأنانيّة.
والفرق بين المادّة وبين موادّ- الركوع والخضوع والخشوع والتواضع والذلّ والصغار والهوان والخزي.
أنّ الخضوع : تواضع مقارنا بالتسليم وله مراتب :
فالركوع : حالة متوسّطة من الخضوع وهو ظاهريّ أو معنويّ أو هما معا.
والسجود : حالة كاملة تامّة منه ، وهذا النحو من الخضوع لا يجوز لغير اللّه العزيز المتعال.
والتواضع : مرتبة دانية من الخضوع.
وكلّ من هذه المراتب لا يتحقّق إلّا بفعل العبد واختياره لنفسه هذه الحالة.
وأمّا الذلّ : فهو حالة متحصّلة من غلبة من هو أعلى منه ...
ولمّا كان حقّ السجود ، هو منتهى الخضوع : يناسب ذكره بعد التسبيح والركوع والخرّ :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج : 77].
{وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج : 26].
{إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا} [السجدة : 15].
{إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء : 107].
{وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } [الأعراف : 206].
ويذكر بعده القرب والعبوديّة :
{كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق : 19].
{ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج : 77].
ثمّ إنّ السجود إمّا من الملائكة :
{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [الأعراف : 206].... {وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } [الأعراف : 206].
وإمّا من الإنسان : . {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح : 29].
وإمّا من جميع أفراد الإنسان :
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد : 15].
وإمّا من الظلال : .... {طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد : 15].
وفي خصوص النجم والشجر : {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن : 6].
وإمّا من جميع الأنواع : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج : 18].
والسجود إمّا بالطَوْع والاختيار : كما في سجود أهل الايمان والاطمينان فانّهم يسجدون للّه تعالى بالرغبة والاختيار وقصد الاطاعة.
وإمّا بالكره والاضطرار ومن دون قصد طاعة : كما في خضوع الكفّار وسجودهم في موارد الاضطرار والابتلاء وبالفطرة.
وإمّا بالطبيعة التكوينيّة الذاتيّة ومن دون إرادة : كما في سجود الجماد والنبات والحيوان ، فانّهم يسجدون للّه تعالى من حيث لا يشعرون.
ثمّ إنّ حقيقة السجود كما قلنا عبارة عن الخضوع التامّ مع التسليم الكامل ، و أمارة هذا المفهوم قد تكون بالإظهار القوليّ ، أو بالإظهار العملي كالسجدة الشرعيّة وغيرها ، أو بخضوع القلب وتسليمه بحيث تظهر آثاره في الجوارح ، أو بالانقياد والطاعة عن جريان الطبيعة والتكوين.
فهذه الحقيقة إنّما يتحقّق مفهومها أوّلا وبالذات في الطبيعة والتكوين والفطرة ، سواء كانت عن علم أو عن إرادة أو إختيار أم لا ، فالاختيار والعلم والتوجّه إنّما هي خارجة عن الحقيقة من حيث هي ، فانّ الإرادة والاختيار من المقدّمات ، والعلم والتوجّه من الملحقات المؤخّرات.
فحقيقة مفهوم السجود من حيث هو هو : إنّما يتحقّق وجوده من دون أن يتوقّف الى أمر آخر ، وهذا المعنى في جميع المراتب واحد وثابت.
نعم تختلف مراتبه بالشدّة والكمال والضعف : من جهة انضمام المعرفة والتوجّه والعلم والارادة والاختيار والحبّ والشوق ودرجات الخضوع.
كما أنّ التسبيح الذاتيّ والنظم العامّ في ذوات الموجودات وأثر الحكمة والرحمة في جميع مراتب الوجود متحقّقة ثابتة ، من غير حاجة الى اظهار بقول أو عمل.
فظهر أنّ خضوع الموجودات في مقابل التقدير الإلهيّ وتسليمها في قبال قانون التكوين والخلق وإطاعتها ذاتاً عن الحكمة : هو حقّ السجود.
فإظهار الخضوع بالقول أو بالعمل من دون تحقّق مفهومه في القلب : خارج عن حقيقة السجود-. {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف : 206].
فالسجود يلازم التسبيح والتنزيه عن جهات النقص والحدّ والضعف ، ويتحقّق بعد نفي الاستكبار والأنانيّة ، وظهور حقيقته في مرحلة العبوديّة.
نعم بحقيقة السجود يرتفع الاستكبار والحجب النفسانيّة بين العبد والربّ تعالى ، ويتحصّل كمال الخضوع والعبوديّة والفناء - {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق : 19].
وفي هذه المرحلة : يتحقّق الخضوع التامّ للنفس وقواه والجوارح والبدن وجميع متعلّقاته الّتي تظهر من وراء النفس ، وهذا هو المراد من الظلال في الآية الكريمة : {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ} [الرعد : 15] ، كما ورد في الدعاء- سجد لك عظمي ولحمي وشعري ... راجع الظلّ.
وكما أنّ الظِلّ من الساجد يسجد : الظِلّ من المسجود أيضا يسجد بالتبع ، لكونه وجها ومظهرا ومجلى ، فالوجه من حيث إنّه وجه : ليس فيه أنانيّة :
{ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ} [الأعراف : 11].
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر : 29].
{قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر : 33].
فجهل إبليس حقيقة الحال وغفل عن وجه الربّ ولم يتوجّه الى الروح الّذي ينفخ من روحه ، بل توجّه الى جهة الظاهر الجسمانيّ المادّيّ.
نعم هذا المقام من مزالّ أقدام العارفين : فانّ المعرفة بالمظهريّة وكونه وجها ، إنّما يتوقّف على معرفة المبدأ عزّ وجلّ ، حتّى يصحّ مشاهدة وجهه وجماله ونور كبريائه ، ولا سيّما إذا كان الوجه مظهرا تامّا.
وقد زلّت أفكار الملائكة أيضا في هذا المقام-. {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة : 31].... {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة : 33].... {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة : 33].
فلمّا عرّفّهم مقام آدم وشاهدوا مظهريّته التامّة للأسماء : سجدوا له في المرحلة الثانية : {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر : 30].
ولا يخفى أنّ الملائكة لمّا كانوا متنوّعين من جهة الذوات والمظهريّة ، ولكلّ نوع منهم وجهة خاصّة به واستعداد مخصوص وليس فيهم ما للإنسان من الجامعيّة والتماميّة : فلم يكونوا مستغنين عن تعريف مقام آدم ، بعد معرفة اللّه تعالى على مقدار استعدادهم ووسعهم- منهم سُجود لا يَركعون ورُكوع لا يَنتصِبون وصافّون لا يَتزايَلون ومسبّحون لا يسأمون.
وأمّا الإنسان : فله استعداد ومظهريّة جامعة تامّة ، وقابل لأن تتجلّى فيه الصفات الإلهيّة ، وأن يكون وجها كاملا للحقّ تعالى ، فمعرفة اللّه عزّ وجلّ كاف في معرفة الإنسان الكامل- اللّهمّ عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف رسولك.
وأمّا المساجد : فوجه التسمية لزوم الخضوع وحصول حالة حقيقة السجود والتذلّل للعبد في تلك الأمكنة ، فالمسجد محلّ حصول القرب ومكان رفع الحجب الظلمانيّة والأنانيّة ، فللعبد أن يتوجّه الى المسجد لتحصيل القرب والانقطاع الى اللّه وتنزيه النفس عن العيوب : {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن : 18].
_______________________
- مصبا = مصباح المنير للفيومي ، طبع مصر 1313 هـ .
- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ هـ .
- أسا = أساس البلاغة للزمخشري ، طبع مصر، . ١٩٦ م .
- مفر = المفردات في غريب القرآن للراغب ، طبع ١٣٣٤ هـ .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|