المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مظاهر ذاتية الجهات المختصة بالتحقيق الابتدائي في القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة  
  
166   10:26 صباحاً   التاريخ: 2024-12-11
المؤلف : مرتضى عبد الرحيم حمدان الموسوي
الكتاب أو المصدر : ذاتية التنظيم الاجرائي في القوانين الجزائية الخاصة
الجزء والصفحة : ص102-109
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون اصول المحاكمات الجزائية /

برزت ذاتية القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة من ناحية الجهات التي تتولى التحقيق الابتدائي، حيث أن الأصل العام وبمقتضى المادة (51) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العام التي بينت جهات التحقيق والمتمثلة بقاضي التحقيق والمحقق تحت اشراف قاضي التحقيق والمسؤول في مركز الشرطة والادعاء العام في حالات استثنائية، الا أن الجهات التي تتولى التحقيق مع رجل الشرطة او العسكري المتهم عند ارتكاب جريمة من الجرائم التي نصت عليها قانوني قوى الامن الداخلي والعسكري والقوانين العقابية الاخرى اختلفت تماماً ثم برزت ذاتية هذه الجهات بحيث توافرت فيهم صفات اختلفت عما هو مقرر بسلطات التحقيق الابتدائي العام لذلك سنتولى الجهات المختصة بالتحقيق الابتدائي اولاً ثم نتناول انعدام الصفة القضائية ثانياً وفق الآتي:
اولاً: من حيث الجهات المختصة بالتحقيق الابتدائي.
لبيان الجهات التي تولت التحقيق الابتدائي في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري العراقيين نبينها وفق الآتي:
أ: امر الضبط او امر الوحدة العسكرية او القائم بالتحقيق المكلف من امر الضبط.
بينا مفهوم امر الضبط او امر الوحدة العسكرية، والذي عدهم القانون المرجع الأعلى على جميع افراد وحدته. الا أن القانون أضاف لهم سلطة تحقيق فلهم أن يجريا التحقيق بنفسهم عند علمهم بوقوع جريمة ضمن وحداتهم الإدارية لكون القانون اناط لهم صلاحيات سلطة جزائية وفرض العقاب على من هم تحت أمرتهم، ولأمر الضبط او امر الوحدة العسكرية متى ما أخبر بوقوع جريمة ممن هو تحت إمرته او وجد هناك اموراً تستدعي اجراء التحقيق فيها فله اجراء التحقيق في القضية بنفسه أو تعيين ضابط من وحدته للقيام بذلك (1)، ولأمر الضبط او امر الوحدة العسكرية أن يكلفا ضابطاً لأجراء التحقيق ولهم جميع السلطات والصلاحيات الممنوحة للمجلس التحقيقي فيما يتعلق بالإجراءات التحقيقية في الاستجواب وتدوين الافادات وسماع الشهود وتوقيف المتهم والتكليف بالحضور ما يقتضيه التحقيق الابتدائي، وكذلك لهم صلاحيات الأمر بتفتيش مسكن المتهم العسكري بعد صدور أمر قضائي من قاضي التحقيق المختص، ويمارس القائم بالتحقيق السلطات والصلاحيات المقررة لقاضي التحقيق المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي العام (2).
ب: هيأة المجلس التحقيقي: المجلس التحقيقي هو سلطة تحقيقية من سلطات التحقيق العسكرية المنصوص عليه في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري التي تتولى التحقيق عند ارتكاب الجريمة ويستلزم اجراء التحقيق فيها (3) ، ويعد من أهم وسائل التحقيق وأفضلها لذلك يلجأ اليه امر الضبط او المرجع الأعلى او القائد العسكري (امرالوحدة) عند وقوع الجريمة أو عند علمه بوقوعها او اخباره بها حتى أنه يشكل هذا المجلس من هيأة من الضباط (4). لذلك سنتعرض لموضوع تشكيل المجلس التحقيقي أولاً، ثم نبين حالات تشكيله ثانياً وفق الآتي:
1.تشكيل المجلس التحقيقي
يتشكل المجلس التحقيقي في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري من هيأة مكونة من ثلاثة ضباط تقوم بالتحقيق عندما تقع الجريمة، وتتمتع هذه الهيأة بالصلاحيات التي يتمتع بها قاضي التحقيق المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية العام، فقد يصدر أمرتشكيل المجلس التحقيقي اما من امري الضبط الأعلى (5) المتمثلة بوزيري الداخلية والدفاع الذين عدهم القانون امري ضبط لجميع تشكيلات وزاراتهم والمسؤولين عن كافة مفاصلها وأداء اعمالها وقد خولتهم هذه القوانين صلاحية تشكيل المجلس التحقيقي في مركز الوزارة (6) ، بوصفهما المرجع لجميع افراد الشرطة والجيش في دوائر قوى الامن الداخلي والعسكري، أو يشكل المجلس التحقيقي من قبل امري الضبط المخولين قانوناً من قبل وزيري الداخلية والدفاع (7) ، فهم يتمتعون بالاختصاص في تشكيل المجالس التحقيقية فاذا أخبروا او علموا بوقوع جريمة او وجدوا أن هناك أمور تستدعي اجراء التحقيق فعليهم أن يشكلوا مجلس تحقيقي وفقاً للقانون.
حيث أن المجلس التحقيقي يشترط أن يشكل من ثلاثة ضباط يكون اقدمهم رتبة رئيساً لهيأة المجلس وعلى أن يكون أحد الأعضاء حاصل على شهادة القانون او من الضباط الحقوقيين للتحقيق في القضايا التي يحيلها لهم أمر الضبط الأعلى، وامر الضبط او امر الوحدة العسكرية للمتهم لغرض التحقيق في مسألة او جريمة وقعت في وحدته العسكرية حتى يتمكن الأمر بعد الانتهاء من التحقيق من معرفة تفاصيل الجريمة والكشف عن فاعلها شرط ذلك أن يكون أقدم الضباط رئيساً للمجلس اما عند تساوي الرتب يكون الضابط الحربي رئيساً ، فالغاية من تشكيل المجلس التحقيقي هو جمع الاستدلالات عن الجريمة والوصول الى حقيقتها وتشخيص مرتكبيها (8) ، ويتم تشكيل المجلس التحقيقي بأمر تحريري يصدر من امر الضبط او امر الوحدة العسكرية ويثبت فيه رئيس وأعضاء للمجلس مع ذكر أسباب القضية التي يتم التحقيق فيها، لذلك لا يمكن لأي ضابط أن يجري التحقيق في أي جريمة الا بناءً على امر صادر اليه من امر الضبط، ويعد وكيل الأمر كالأصيل عند غيابه، حيث أنّ السلطة التحقيقية لأعضاء المجلس التحقيقي تستمد سلطتها من امر الضبط الذي خولهم به القانون ولكن متى ما صدر أمر التشكيل من امر الضبط فلهم اتخاذ كافة إجراءات التحقيق من القاء القبض والتوقيف واستجواب المتهم وغيرها من الإجراءات المخولة لهم بموجب القانون، وهذه الصلاحيات مستمدة من القانون عن طريق أمر الضبط (9)، فواجبهم يتحتم بالتحقيق في الجريمة التي من اجلها شكل المجلس التحقيقي من دون أن تتعدى ذلك الى وقائع أخرى ما لم تكن مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة، الا انه يحق لهم التحقيق مع الأشخاص الخاضعين لولاية القضاء العسكري ممن تتوفر لديهم الدلائل على اشتراكهم أو مساهمتهم في الجريمة (10).
ويذكر بإن امر الضبط هو المختص بإصدار تشكيل المجلس التحقيقي اما في حالة تعدد المتهمين المنسوبين الى وحدات أخرى مختلفة فانه يتم تشكيل المجلس التحقيقي من قبل الامر الأعلى الذي يتبعه المتهمون جميعاً (11) اما بعد انتهاء التحقيق من قبل هيأة المجلس التحقيقي ترفع القضية الى امر الضبط ليقوم بتدقيقها ويتخذ بشأنها القرار المناسب، اما بإعادتها الى هيأة المجلس التحقيقي لاستكمال النواقص إذا وجد فيها او المصادقة على القرار او بغلق القضية او احالتها الى محكمة قوى الامن الداخلي اذا كان المتهم رجل شرطة أو إحالة الأوراق التحقيقية الى امر المنطقة او قائد الفرقة الذي ينتسب اليه المتهم إذا كان المتهم رجل عسكرياً يخضع الى احكام قانون أصول المحاكمات الجزائي العسكري الذي يقوم هذا الأخير بدوره إحالة الأوراق التحقيقية الى المحكمة العسكرية المختصة (12).
كما وأن المشرع العراقي في قانون أصول قوى الامن الداخلي لم ينص صراحة في المادة (5/ثالثا) على عدد أعضاء هيأة المجلس التحقيقي عند تشكيله للمجلس وخير ما فعل عندما نص في المادة (6) على تشكيل مجلس تحقيقي في مركز الوزارة من ثلاثة ضباط يكون أحدهم حاصل على شهادة القانون وذلك لتلافي النقص الحاصل في المادة (5/ثالثاً) من القانون التي ورد فيها تشكيل مجلس تحقيقي فقط دون التطرق الى عدد أعضاء هيأة المجلس التحقيقي كما هو الحال في قانون الأصول العسكري في المادة (9) لتلافي النقص الحاصل في المادة (8/ ثالثاً) .
وكذلك نلاحظ في الواقع العملي أنّ اغلب المجالس التحقيقية المشكلة من قبل امري الضبط قد تكون من دون عضوية الضابط الحقوقي لأن نص المواد (5/ ثالثاً) من قانون أصول قوى الامن الداخلي والمادة (8/ ثالثاً) من قانون أصول المحاكمات العسكري، والتي بموجبها يشكل امري الضبط المجلس التحقيقي جاءت خالية من شرط عضوية الضابط الحقوقي، ومن ثم يجب ان تتلافى هذا النقص الوارد في هذه المواد. لذلك نقترح تعديل هذه النصوص على أن تنص وفق الشروط المختصة بتشكيل المجالس التحقيقية وتضاف لها عضوية الضابط الحقوقي ومن ثم ان صلاحيات أعضاء المجلس التحقيقي في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري تتشابه تماماً فيما بينهما من ناحية تشكيل المجلس التحقيقي.
2-حالات تشكيل المجلس التحقيقي
ففي قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري العراقيين هناك حالات تلزم امر الضبط الأعلى او امر الوحدة العسكرية وجوبياً تشكيل مجلس تحقيقي عند تحقق احداهما، على الرغم من أنّ الأصل أجاز اليه عند ارتكاب جريمة اما يحقق بنفسه او يكلف ضابطاً أو يشكل مجلس تحقيقي (13)، والحالات التي يجب على أمر الضبط في قوى الأمن الداخلي او العسكري أن يشكل مجلس تحقيقي وفق الآتي:
1_ عند فقدان او تلف أو حصول ضرر في مادة من المواد الخاصة بكافة تشكيلات دوائر قوى الامن الداخلي او الدوائر العسكرية وإذا كانت قيمة الضرر لهذه المواد خارج صلاحية امر الضبط او امر الوحدة في التضمين، وإذا كانت الجريمة المرتكبة ناتجة عن اهمال جسيم، أو إذا كانت الجريمة قد وقعت على أحد أنواع الأسلحة او العتاد أو العجلات الخاصة بدوائر قوى الامن الداخلي او الدوائر العسكرية وكذلك على أجزاء أي منها، أو إذا كان الفعل قد ارتكب بإهمال جسيم او متعمد.
2_ إذا حصل نقص في حساب الصندوق، أو فقدان او نفق حيوان .
3- إذا حصل اختلاس او سرقة أي مادة من المواد الخاصة بالخدمة، أو عند بيع او شراء او رهن او ارتهان او إخفاء هذه المادة أو حيازتها بسوء نية او التصرف بها بصورة غير مشروعة.
4- إصابة او ضرر يحدث في جسم أحد افراد الشرطة او العسكريين، أو عند وفاته.
5- إذا حدثت جريمة قتل او وفاة مشتبه بها او جرح بالغ .
ومن ثم فأن امر الضبط في الحالات التي ذكرناها انفاً ليست له سلطة جوازية بتشكيل المجلس وانما تتحول الى وجوبية، لذلك فأن المشرع لم يكن موفقاً في هذا النص عندما ورد تلك الحالات على سبيل الحصر فكثير من الجرائم وردت يجب النص بها على تشكيل المجلس التحقيقي كما في الجرائم المخلة بشرف الوظيفة (14)، حتى وأن كانت على سبيل المثال فهناك جرائم متنوعة وكثيرة تقع داخل المؤسسة الأمنية، ويشكل فيها مجلس تحقيقي كجريمة الهروب وجرائم عدم الاحترام والطاعة وجرائم إهانة الامر (15) وغيرها من الجرائم والتي يمكن وضعها كمثال على تشكيل المجلس التحقيقي، وكان الاجدر النص على أن تشكيل المجلس التحقيقي يكون في الجنح والجنايات الخطورة تلك الجرائم.
ت- اللجنة التحقيقية العسكرية المشتركة: تتشكل هذه اللجنة من قبل وزير الدفاع برئاسة ضابط حقوقي لا نقل رتبته عن عقيد في الجيش وعضوية ممثلين عن كل من وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى مهمتها التحقيق في القضايا التي تحدث بين منتسبي هذه الجهات المحالين عليها من وزير الدفاع أو من يخوله، وتتمتع هذه اللجنة بصلاحيات واختصاصات المجلس التحقيقي المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري ولها أن تقرر إحالة أي قضية الى قاضي التحقيق المختص اذا وجدت انها لا تتعلق بالوظيفة، وبعد اكمال التحقيق في القضية التي يجري التحقيق فيها ترسل اللجنة قراراتها الى الدائرة القانونية للوزارة التي ينتسب اليها المتهم لتقوم بدورها بأحالة القضية الى المحكمة المختصة، وكذلك ترسل اللجنة التحقيقية المشتركة قراراتها الى محكمة التمييز العسكرية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها (16).
ث: المدعي العام العسكري: أن دور المدعي العام العسكري في التحقيق يبرز فقط في القانون العسكري دون نظيره في قانون أصول قوى الامن الداخلي، لأن المشرع في هذا الأخير لم يعطيه الدور المرجو في مرحلة التحقيق كونها مرحلة مهمة من مراحل الدعوى الجزائية، وبروز دور الادعاء العام في القانون العسكري جاء من خلال المادة (7) التي نصت على أن ( للمدعي العام العسكري حق طلب اتخاذ الإجراءات القانونية في كل جريمة لحق علمه بها وله أن يتولى بنفسه التحقيق بناء على امر صادر اليه من مرجعه الأعلى وعندئذ يكتسب صفة المجلس التحقيقي ويمارس الصلاحيات المنصوص عليها في هذا القانون)، وبموجب هذه المادة فأن المدعي العام العسكري يمارس صلاحيات المجلس التحقيقي ويقوم بأجراءات التحقيق ويخول صلاحيات التحقيق بشرط أن يكون بأمر صادر اليه من دائرة الادعاء العام في وزارة الدفاع، وبدورنا نقترح بأعطاء دور وتفعيل المدعي العام في قانون أصول قوى الامن الداخلي بأجراء التحقيق بنفسه إذا تطلب الأمر منه شأنه شأن المدعي العام العسكري.
اما في القانون المقارن فقد بينت المادة (35) من لائحة الانضباط العسكري (المصري) رقم (1849) لعام 1971، أنّ للقائد العسكري أن يأمر بتشكيل مجلس تحقيقي من أكثر من ضابط للتحقيق في الجرائم العسكرية عدا ما ارتبط منها بجرائم القانون العام التي تختص بها النيابة العامة العسكرية (17). لذلك فالمشرع المصري سار بذات الاتجاه الذي سار عليه المشرع العراقي من حيث التشكيل والتسمية للمجلس التحقيقي كما منح القانون الصلاحية في التشكيل من قبل القائد العسكري، والذي يقابله امر الضبط في قانون الأصول لقوى الأمن الداخلي وامر الوحدة في القانون العسكري العراقي. الا أن المشرع المصري لم يحدد الاعضاء التي اشترطت في المجالس التحقيقية العراقية ولم يشترط ايضاً أن يكون احدهم حقوقي وجعل المجلس التحقيقي يشكل في جرائم معينة، وليس في جميع الجرائم كما ذهب اليه المشرع العراقي الذي اعطى صلاحية تشكيل المجالس التحقيقية في جميع الجرائم التي ترتكب في الوحدات العسكرية او من قبل المتهمين العسكريين سواء في القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة او في القوانين العقابية الأخرى . ولكون الاختصاص في التحقيق الابتدائي يكون من اختصاص النيابة العسكرية، فأن المشرع المصري حدد تشكيل المجالس التحقيقية بجرائم معينة (18)، بينما المشرع العراقي كان موفقاً عندما جعل للمجلس التحقيقي اختصاص التحقيق الابتدائي، حيث أنّ المشرع العراقي كان الأكثر اهتماماً بتنظيم المجالس التحقيقية عن غيره من القوانين المقارنة.
ثانياً: انعدام الصفة القضائية للسلطات المختصة بالتحقيق.
لابد من توافر الصفة القضائية للأشخاص الذين يتولون مهمة التحقيق حيث أن اغلب القوانين العسكرية تأثرت في العائلة الأنجلو أمريكية منها القوانين العراقية والمصرية والاماراتية، فالمشرع في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري العراقيين اناط مهمة التحقيق الابتدائي الى هيئات او اشخاص ليس لهم اية صفة قضائية فهذه الهيئات ليست الاجهة رئاسية للشخص الذي يخضع للتحقيق. ولا شك أن الصفة القضائية هي أول ما يجب ان تتوافر في المحقق والتي تفترض التأهيل القانوني والحياد التام وكلاهما مفتقد في القوانين محل البحث، فأمر الضبط او القائد العسكري او القائم بالتحقيق او هيأة المجلس التحقيقي او أي جهة مخولة قانوناً بأجراء التحقيق ليس لديها أي مؤهل قانوني فهو ضابط من ضباط القوات المسلحة والقائد ايضاً يخضع عند مباشرته لمهام التحقيق خضوعاً تاماً للسلطة التدريجية ومن ثم يكون فاقداً لحياده تجاه المتهم كونه رئيساً له وفي نفس الوقت فاقداً لاستقلاله نظراً لخضوعه للسلطات الرئاسية الأعلى منه (19)، فضلاً عن ذلك تعد مرحلة التحقيق الابتدائي بحد ذاتها مرحلة إجرائية تمر بها الدعوى الجزائية ضماناً للمتهم اذ تكفل له الا يحال الى المحاكمة ما لم يساند اتهامه دلائل كافية وقوية ومما لاريب فيه أن عدم التأهيل القانوني لسلطة التحقيق واعتباره جزءاً من النظام التدريجي الشرطوي والعسكري الامر الذي يترتب عليه فقدان حياده واستقلاله وكذلك جواز التغاضي عن مرحلة التحقيق الابتدائي كل ذلك يشكل اخلالاً خطيراً بحقوق المتهم (20).
كما وأن تولي صفة التحقيق للمحقق في قانون أصول المحاكمات الجزائية العام تنشأ بأمر من رئيس مجلس القضاء الأعلى على أن يكون المحقق حاصلاً على شهادة في القانون معترف بها او حاصلاً على شهادة دبلوم الإدارة القانونية من هيأة المعاهد الفنية، ويكون بمثابة محقق دائمي يختص بالتحقيق بوظيفة دائمية ويمارس وظيفة التحقيق تحت اشراف قاضي التحقيق ولا تتجرد صفة المحقق منه الا إذا فقد أحد شروطها كأن يقوم بارتكاب جريمة من الجرائم المخلة بالشرف أو لسبب آخر تقتضيه المصلحة العامة (21). اما في قانوني أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي والعسكري العراقيين فيتم إعطاء صفة التحقيق للسلطة المختصة بالتحقيق المتمثلة (بهيأة المجلس التحقيقي او القائم بالتحقيق او اللجنة التحقيقية العسكرية المشتركة) من قبل امر الضبط الأعلى متمثلاً بوزيري الداخلية او الدفاع او امري الضبط المخولين قانوناً الى ضباط من المؤسسة العسكرية ذاتها التي ينتسب اليها المتهم وتكون صفة التحقيق لهم صفة مؤقتة، حيث بعد الانتهاء من التحقيق تتجرد هذه الصفة منهم ويمارسون وظيفتهم وواجباتهم اعتيادياً أي أن الذاتية اختلفت فيما بين تولي سلطة التحقيق في قانون أصول المحاكمات الجزائية العام وبين القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة.
______________
1- تنظر : كل من المادة (8/ أولاً، ثانياً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي، والمادة (5/ اولاً، ثانياً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي العراقي.
2- ينظر : سلام عبد شعيبث، الذاتية الإجرائية للجريمة العسكرية، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق / جامعة النهرين، 2022 ، ص 119.
3- ينظر: عباس فاضل سعيد، المجلس التحقيقي في التشريع العسكري العراقي رسالة ماجستير، كلية القانون/ جامعة الموصل 1998، ص11.
4- ينظر : كاظم شهد حمزة، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي (العراقي) رقم (17) لسنة 2008، ص 81
5- لقد نصت المادة (5/ رابعاً) من قانون عقوبات قوى الامن الداخلي العراقي على ان (يقصد بأمر الضبط الأعلى الأغراض هذا القانون وزير الداخلية او من يخوله).
6- تنظر : كل من المادة (6) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي العراقي، والمادة (9/ اولاً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي.
7- تنظر كل من : المادة (5/ثالثاً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي العراقي، والمادة (8/ثالثاً) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي.
8- ينظر : راغب فخري وطارق قاسم حرب شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكرية، مرجع سابق، ص 44. احمد سلامة بدر، التحقيق الإداري والمحاكمة التأديبية دار النهضة العربية القاهرة، 2004، ص 33 وما بعدها.
9- ينظر: سلام عبد شعيبث الذاتية الإجرائية للجريمة العسكرية في القانون العراقي، مرجع سابق، ص 120 وما بعدها.
10- ينظر: عباس فاضل سعيد، المجلس التحقيقي في التشريع العسكري العراقي رسالة ماجستير، كلية القانون/ جامعة الموصل 1998 ، ص 15.
11- ينظر : كارزان صبحي نوري شرح التشريع العسكري العراقي، 1، مطبعة مكتبة يادكار، السليمانية، 2019 ، ص 168.
12- ينظر: سلام عبد شعيبث الذاتية الإجرائية للجريمة العسكرية، مرجع سابق، ص 122 د. هلالي عبد اللاه احمد، الاتهام المتسرع في مرحلة التحقيق الابتدائي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2002، ص 51.
13- تنظر : كل من المادة (7) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لقوى الامن الداخلي العراقي، والمادة (13) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي.
14- تنظر : كل من المواد (13-14) من قانون عقوبات قوى الامن الداخلي العراقي، والمواد (75_77) في الفصل ( الثاني عشر) من قانون العقوبات العسكري العراقي.
15- تنظر : المواد (5/14) من قانون عقوبات قوى الامن الداخلي العراقي، والمواد (37-33) من قانون العقوبات العسكري العراقي.
16- تنظر : المادة (37) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري العراقي.
17- ينظر : د. أشرف مصطفى توفيق، شرح قانون الاحكام العسكرية، ط1، ايتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2005، ص 67.
18- ينظر : د. عاطف فؤاد صحصاح التعليق على قانون الاحكام العسكرية، دار الكتب القانونية، مصر، 2004، ص 84.
19- ينظر: عبد القادر محمد الشيخ، ذاتية القانون الجنائي العسكري، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة القاهرة، 1999 ، ص299
20- ينظر: د. محمود نجيب حسني شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط3 دار النهضة العربية القاهرة 1995، ص 315.
21- تنظر المادة (50 / هـ / و) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، وللتفصيل ينظر : د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ص 202 وما بعدها.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .