هل صحيح ان عائشة لم تعلم بانعقاد البيعة الى الامام علي عليه السلام وبالتالي فهي معذورة في خروجها بحرب الجمل ؟ |
90
08:18 صباحاً
التاريخ: 2024-10-26
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-26
96
التاريخ: 2024-10-26
91
التاريخ: 2024-10-23
106
التاريخ: 2024-10-26
81
|
السؤال : يدّعي البعض بأنّ خروج عائشة في معركة الجمل عن عدم درايتها بأنّ علي بن أبي طالب عليه السلام قد تمّت له البيعة ، واستلام الخلافة له , وبالتالي هي معذورة في خروجها على الإمام في تلك الحرب ، حيث أنّها لو علمت لما خرجت على رأس الجيش؟
الجواب : المعروف أنّ واقعة الجمل كان سببها خروج عائشة مع طلحة والزبير للمطالبة بدم عثمان ، إلاّ أنّ الثابت تاريخياً أنّ عائشة هي التي حرّضت الناس على قتل عثمان بن عفّان ، وأصدرت فتوى بقتله بعد نعته بنعثل اليهودي ، وقالت : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر » (1) ، تعني عثمان ، وفي رواية أُخرى : « اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً » (2) تعني عثمان ، ونعثل هو رجل يهودي كان يعيش في المدينة طويل اللحية ، بل ورد أنّ حفصة وعائشة قالتا لعثمان : « إنّ رسول الله صلى الله عليه واله سمّاك نعثلاً تشبيها بنعثل اليهودي » (3) ، وقيل : « إنّ نعثل هو الشيخ الأحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان طويل اللحية وكان يشبه عثمان » (4).
وقال ابن أبي الحديد : « قال كُلّ من صنّف في السير والأخبار : إنّ عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان ، حتّى أنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول الله صلى الله عليه واله ، فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنّته» (5).
وقد صدّق المسلمون ـ وعلى رأسهم الصحابة ـ دعوى عائشة ، واستجابوا لتحريضها ، فشاركوا في قتله ، ودفنوه في مقبرة اليهود (6).
ولكن السؤال المثير هو : لماذا خرجت عائشة للمطالبة بدم عثمان؟ وتجييش الجيوش من أجل ذلك؟
قال الطبري عن تلك الأحداث : « أنّ عائشة لما انتهت إلى سرف ـ موضع ستة أميال من مكّة ـ راجعة في طريقها إلى مكّة ، لقيها عبد ابن أُمّ كلاب ، وهو عبد ابن أبي سلمة ينسب إلى أُمّه ، فقالت له : مهيم؟
قال : قتلوا عثمان ، فمكثوا ثمانياً ، قالت : ثمّ صنعوا ماذا؟
قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الأُمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب ، فقالت : والله ليتَ إنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ردّوني ، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبن بدمه ، فقال لها ابن أُمّ كلاب : ولم؟ فو الله أنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر.
قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل ، فقال ابن أُمّ كلاب :
منكِ البداء ومنكِ الغير
ومنكِ الرياح ومنكِ المطر
وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام
وقلتِ لنا أنّه قد كفر
فهبنا أطعناكِ في قتله
وقاتله عندنا من أمر
إلى آخر الأبيات.
فانصرفت إلى مكّة ، فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، فسترت واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيّها الناس ، إنّ عثمان قُتل مظلوماً ، ووالله لأطلبن بدمه » (7).
والحاصل : إنّ عائشة كانت تعلم بمبايعة الناس لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، ومن هنا كانت نقطة الانقلاب في موقفها ، وبمراجعة يسيرة إلى المصادر التاريخية تجد أنّ عائشة حتّى عند إخبارها بمقتل عثمان قبل علمها بمبايعة علي عليه السلام كانت تسمّيه نعثلاً وتتشفّى بمقتله ، ولكن علمها بمبايعة الإمام عليه السلام قلب موقفها تماماً ، وقادها إلى القيام بتلك الفتنة الكبيرة التي راح ضحيّتها عشرات الآلاف من المسلمين ، فكيف لا تعلم عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين علي عليه السلام ، وهي عندما قدمت إلى البصرة وجدت عليها عثمان بن حنيف عامل أمير المؤمنين عليه السلام عليها ، وقد أرسل أليها أبو الأسود الدؤلي يسألها عن خبرها ، وعن علّة مجيئها إلى البصرة ، فقالت له : أطلب بدم عثمان ، قال : إنّه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد ، قالت : صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة (8).
وعندما لم تجد عائشة آذاناً صاغية من عثمان بن حنيف وأصحابه في البصرة في مطالبها ، اشتد النزاع بين الفريقين حتّى حصلت تلك الواقعة المسمّاة بـ « واقعة الجمل الأصغر » ، والتي كان من آثارها أن قتل أربعون رجلاً من شيعة علي عليه السلام في المسجد ، وسبعون آخرون في مكان آخر ، وأسروا عثمان بن حنيف ، وكان من فضلاء الصحابة ، فأرادوا قتله ، ثمّ خافوا أن يثأر له أخوه سهل والأنصار ، فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه وضربوه وحبسوه ، ثمّ طردوه من البصرة (9).
وكان النبيّ صلى الله عليه واله قد أخبر عائشة عن خروجها هذا وحذّرها منه ، وقال لها : « لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب » ، والحوأب هو وادي كثير الماء نبحت كلابه عند مسير عائشة إلى البصرة ، وعندما سألت عنه أخبروها أنّ هذا المكان يسمّى بماء الحوأب.
فقالت : ردّوني ، ردّوني ، وذكرت التحذير الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه واله ، ولكن وبمحضر من طلحة والزبير أحسّ بجسامة الموقف ، فاحضر خمسين رجلاً ، وشهدوا بأنّ هذا المكان لا يسمّى بماء الحوأب ، وكانت تلك أوّل شهادة زور في الإسلام كما يذكره المؤرّخون (10).
وخلاصة القول في مسير عائشة هو قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له : « أيّها الناس ، إنّ عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير ، وكُلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أمّا طلحة فابن عمّها ، وأما الزبير فختنها ، والله لو ظفروا بما أرادوا ـ ولن ينالوا ذلك أبداً ـ ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع منهما شديد ، والله إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ، ولا تحل عقدة إلاّ في معصية الله وسخطه ، حتّى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة » (11).
وقد حذّر الله سبحانه قبل هذا نساء النبيّ صلى الله عليه واله من الخروج من بيوتهنّ وأمرهنّ بالقرار فيها بقوله : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] ، ولذا نقول : ما حكم من خرجت من بيتها ومدينتها بل وكُلّ بلادها ، وذهبت إلى بلاد أُخرى تبعد عنها آلاف الأميال ، وأشعلت كُلّ هذه الفتنة التي يراها البعض بداية لفتن صفّين والنهروان ، وثمّ تولّي معاوية على رقاب المسلمين ، ثمّ واقعة كربلاء ، وما جرى على المسلمين إلى يومنا هذا؟ التي يعدّها البعض نتيجة حتمية لضعف العرب والمسلمين بسبب الفتن التي أشعلها الأوائل بوجه الخلافة العلوية.
ولا نريد أن نشير هنا إلى قول النبيّ الأعظم صلى الله عليه واله الذي رواه مسلم عن ابن عمر قال : خرج رسول الله من بيت عائشة فقال : « رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان » (12) ، بل جاء في صحيح البخاري عن عبد الله قال : قام النبيّ صلى الله عليه واله خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال : « هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان » (13).
____________
1 ـ تاريخ الأُمم والملوك 3 / 477 ، شيخ المضيرة أبو هريرة : 171.
2 ـ تاج العروس 8 / 141 ، لسان العرب 11 / 670 ، شرح نهج البلاغة 6 / 215 و 20 / 22.
3 ـ كشف الغمّة 2 / 108.
4 ـ لسان العرب 11 / 699.
5 ـ شرح نهج البلاغة 6 / 215.
6 ـ أُنظر : الطبقات الكبرى 3 / 78.
7 ـ تاريخ الأُمم والملوك 3 / 476.
8 ـ شرح نهج البلاغة 6 / 226.
9 ـ تاريخ الأُمم والملوك 3 / 485 ، انساب الأشراف : 225 ، أُسد الغابة 2 / 40 ، شرح نهج البلاغة 6 / 226.
10 ـ أُنظر : مسند أبي يعلى 8 / 282 ، شرح نهج البلاغة 6 / 225 و 9 / 310 ، انساب الأشراف : 224 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 181 ، البداية والنهاية 7 / 258 ، المناقب : 181.
11 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 233.
12 ـ صحيح مسلم 8 / 181.
13 ـ صحيح البخاري 4 / 46.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|