أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2016
886
التاريخ: 2023-07-28
2687
التاريخ: 2023-10-28
1001
التاريخ: 2023-06-11
1254
|
إذا اراد الانسان أن يصيب دعاؤه الاستجابة فلابدّ له أن يطلب رقة القلب ، ويسعى الىٰ ترقيق قلبه. فإن القلب إذا رق شفّ وزالت الحجب بينه وبين الله تعالىٰ ، وكان قريباً من الله.
ولاُسلوب السؤال والدعاء تأثير في ترقيق القلب. وما ورد من النصوص في التذلل عند الطلب والدعاء ، ورد لتحقيق هذه الغاية.
روى احمد بن فهد الحلّي في عدة الداعي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ابتهل ودعا كان كما يستطعم المسكين ([1]).
وروي أنه كان فيما أوحىٰ الله عزّ وجلّ الىٰ موسىٰ (عليه السلام) : « ألق كفيك ذُلاً بين يديّ كفعل العُبيد المستصرخ الىٰ سيّده ، فإذا فعلت ذلك رحمت ، وأنا أكرم الاكرمين القادرين » ([2]).
وعن محمّد بن مسلم قال : « سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ : ( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) ([3]) ، فقال (عليه السلام): الاستكانة هي الخضوع ، والتضرع هو رفع اليدين والتضرع بهما » ([4]).
ولأنّ الغاية من هذا الاسلوب في الدعاء لم يكن واضحاً للناس ، كان المشككون يشككون الناس في (اسلوب الدعاء). تریٰ لماذا نرفع اليدين إلیٰ
السماء ؟ وهل يكون الله في جهة السماء حتىٰ نرفع يدينا الىٰ السماء ؟ فكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يوضحون لهم أن الله تعالىٰ في كل مكان ، ولكننا بهذ الاسلوب في الدعاء نتخذ شعار الاستكانة والحاجة بين يدي الله ، فإن رفع اليدين علامة الاستكانة والحاجة. وهذا الشعار له تأثير ايحائي في ترقيق القلب وازالة القسوة عنه ، وتخليصه وتحضيره بين يديه تبارك وتعالىٰ.
روى الطبرسي في (الاحتجاج) أن ابا قرة قال للرضا (عليه السلام) :
« ما بالكم إذا دعوتم رفعتم أيديكم الىٰ السماء ؟ قال أبو الحسن (عليه السلام) : إن الله استعبد خلقه بضروب من العبادة ... واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ببسط الأيدي ورفعها الىٰ السماء لحال الاستكانة علامة العبودية والتذلل له » ([5]).
ولحظات (الرقة) هي لحظات نزول الرحمة ، وعلىٰ الانسان أن يغتنم هذه اللحظات بالتوجه الىٰ الله للدعاء ، فإن الرحمة نازلة من دون حساب في هذه اللحظات. لا لأن لنزول رحمة الله تعالىٰ وقتاً خاصاً ومحدوداً ، بل لأن لاستقبال الرحمة وقتاً محدوداً وحالة خاصة وهي حالة الرقة ، فإذا رق قلب الانسان امكنه ان يستقبل هذه الرحمة.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « اغتنموا الدعاء عند الرقة فانها رحمة » ([6]).
عن أبي بصير عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : « إذا رقّ أحدكم فليدع ؛ فإنّ القلب لا يرقّ حتىٰ يخلص » ([7]).
وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « إذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك ، فدونك دونك فقد قصد قصدك » ([8]).
وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : « إذا اقشعر جلدك ودمعت عيناك ، ووجل قلبك ، فدونك دونك وقد قصد قصدك » ([9]).
والحديث دقيق ، فإن الاستجابة لها علاقة مباشرة بحالة الداعي ، وإن القلب كلما رقّ ، واستكان ، كان الداعي اقرب الیٰ الاستجابة ، وبعكس ذلك كلّما تمنع القلب وقسیٰ كان ابعد عن الاستجابة.
وقد ورد في النصوص الاسلامية الاستفادة من لحظات انكسار النفس ورقة القلب ، لما يلم بالانسان من المصائب والهموم في هذه الدنيا للتوجه إلىٰ الله بالدعاء والسؤال.
فإن هذه اللحظات تهيئ الانسان للاقبال علىٰ الله ولاستقبال رحمة الله ؛ والسر في ذلك كلّه أن القلب لا يتمكّن من هذا (الاقبال) و (الاستقبال) إلّا في حالات الرقة. وعلىٰ الانسان الذي يريد وجه الله والاقبال عليه تعالىٰ في الدعاء ان يكتسب هذه الرقة.
روي عن اسحاق بن عمّار قال : « قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : ادعو فأشتهي البكاء ، ولا يجيئني ، وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرقّ وأبكي ، فهل يجوز ذلك ؟ فقال : نعم ، فتذكر فإذا رققت فابك ، وادع ربك تبارك وتعالىٰ » ([10]).
وإذا لم يتسنّ له البكاء ليرق قلبه فليتباك ، فإن التباكي يؤدي إلىٰ البكاء ، والبكاء ، يؤدي إلىٰ ترقيق القلب ، ورقة القلب تفتح القلب علىٰ الله تعالىٰ.
عن سعد بن يسار قال : « قلت لأبي عبدالله (الصادق) (عليه السلام) : إني اتباكى في الدعاء ، وليس لي بكاء. قال : نعم » ([11]).
وعن أبي حمزة قال : « قال أبو عبدالله (عليه السلام) لأبي بصير : إن خفت امراً يكون أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله فمجّده ، واثن عليه كما هو أهله ، وصلّ علىٰ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسل حاجتك ، وتباك ... إن أبي كان يقول : إن اقرب ما يكون العبد من الربّ عزّ وجلّ وهو ساجد باكٍ » ([12]).
[1] عدة الداعي : 139 ، والمجالس للمفيد : 22.
[2] عدة الداعي : 139.
[3] المؤمن : 76.
[4] أصول الكافي 2 : 348.
[5] أصول الكافي : 522 ، وسائل الشيعة 4 : 1101 ، ح : 8687.
[6] بحار الأنوار 93 : 313.
[7] وسائل الشيعة 4 : 1120 ، ح : 8761 ، أصول الكافي : 521.
[8] وسائل الشيعة 4 : 1141 ، ح : 8763.
[9] وسائل الشيعة 4 : 1141 ، ح : 8766.
[10] أصول الكافي : 523 ، وسائل الشيعة 4 : 1121 ، ح : 8767.
[11] وسائل الشيعة 4 : 1122 ، ح : 8769 ، أصول الكافي : 523.
[12] أصول الكافي : 524 ، وسائل الشيعة 4 : 1122 ، ح : 8770.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|