أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-11
384
التاريخ: 8-10-2014
1259
التاريخ: 8-10-2014
1469
التاريخ: 28-01-2015
1866
|
قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 76-77]
في الآيات السابقة دار الحديث عن قسوة قلوب بني إسرائيل وتحريفهم لآيات الله وأنه لا ينبغي توقع الإيمان من نسل وأتباع أناس عنودين كهؤلاء مع وجود التشابه القلبي فيما بينهم.
الآيتان الحاليتان تشيران إلى صفة أخرى من صفاتهم الرذيلة، ألا وهي نفاق جماعة منهم وتعاملهم بوجهين، ومكر جماعة أخرى وكتمانهم المذموم كي يتم ـ من جهة - الكشف عن صفحة جديدة من سجل سيئات هؤلاء القوم اللجوجين الباحثين عن الذرائع، وتثبت بقوة ـ من جهة أخرى ـ حقيقة عدم صواب الطمع بإيمان أمثال هؤلاء وتوقعه منهم. فيقول عز من قائل: ما من أمل في إيمان يهود المدينة؛ فلا يتوقع من السذج والمتوسطين من جماعتهم ممن ينصاعون كل يوم لتوجيه باطل من أحبارهم ورهبانهم، ولا يطمع في إيمان نفس الأحبار والرهبان؛ ذلك أنهم يقولون عند لقائهم بالمؤمنين بالقرآن الكريم: إننا آمنا.
وفي الوقت ذاته فعندما يخلون بأتباعهم ـ الذين كانوا يفضون، عن صفاء وصدق أو عن نفاق، لأصحاب النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) بحقائق التوراة وبشاراتها حول رسول الإسلام (صلى الله عليه واله وسلم) فيعترفون بذلك بحقانية هذا الدين ـ كانوا ينكرون عليهم ذلك قائلين: لماذا تبينون التوراة للمسلمين؟
فعملكم هذا سيجعلهم يحتجون عليكم عند ربكم يوم القيامة فيقولون: إذا كنتم قد شاهدتم بشارات التوراة بخصوص النبي الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) ووقفتم على تطابق ما جاء في التوراة الأصيلة مع القرآن، فلماذا لم تؤمنوا برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟ ألا تعلمون أن اعترافكم هذا ليس في صالحكم؟!
ويقول في الآية الثانية: هؤلاء القوم يحسبون أنه لو لم يكن أتباعهم قد اعترفوا بذلك، ولو أنهم أقاموا على كتمان حقائق التوراة لكان الاحتجاج ضدهم غير ممكن. غافلين عن حقيقة أن الله سبحانه وتعالى مطلع على سرهم وعلانيتهم وأنه سيحتج عليهم، سواء اعترفوا أو لم يعترفوا؛ حتى وإن لم يستطع الآخرون إقامة الحجة عليهم.
إن مرجع الضمير في الفعل «قالوا» الأول يختلف عن مرجعه في الفعل «قالوا» الثاني؛ فهو في الأول يرجع إلى المتوسطين والمنافقين من يهود المدينة الذين كانوا يقولون للمؤمنين عند لقائهم: «آمنا» وهو في الثاني يعود إلى زعمائهم في الفكر، وهم أحبارهم، ورهبانهم حيث كانوا يعترضون على الأوسطين أو المنافقين من اليهود في خلواتهم بأنه: لماذا تتحدثون أمام المسلمين بما علمكم الله من حقائق التوراة، فيحتجون عليكم بما يكون فيه ضرركم؟
من هنا يتبين أن المراد من «بعضهم» الجماعات المتوسطة أو المنافقة من اليهود وأن المقصود من «بعض» هم أحبار اليهود ورهبانهم أو من سواهم من زعماء الفكر والاجتماع عندهم.
وتوضيح ذلك هو أولاً: إن المحور الأساسي للآية هو ذم اليهود وقطع أي شكل من أشكال الطمع بدخولهم في الإيمان.
ثانياً: يكتفي المنافق بإظهار أصل الإيمان حيناً، ويعمد إلى إفشاء بعض أسرار دينه حيناً آخر. فإذا اكتفى بإظهار مجرد الإيمان وتعرض للتقريع من أبناء دينه، فإنه إما أن يقول للتخلص من التقريع: كنت أقصد الاستهزاء من إظهاري للإيمان وليس الإيمان الحقيقي، كما جاء في الآية: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14] ، أما إذا كان قد أفشى بعض أسرار دينه مضافاً إلى إظهار أصل الإيمان فإن المحور الأساسي للاعتراض عليه يكون نفس إفشاء الأسرار؛ على غرار ما جاء في الآية مدار البحث.
ثالثاً: ظاهر الآية يوحي بأن اعتراض البعض على البعض قد حصل ويحصل في حال خلوتهم، ولما كانت الخلوة مسبوقة بالجلوة والاشتغال إذن فإن الطرفين كانا مسبوقين بالاشتغال، والمراد من الاشتغال هنا هو ذات لقاء المؤمنين.
رابعاً: لدى لقاء المؤمنين كان البعض يظهر إيمانه ويفضي إليهم بأسراره، والبعض الآخر ساكت وهذا السكوت إما أن يكون عن أصل الإيمان أو عن إفشاء بعض أسرار اليهودية وإن ما كان يعترض عليه في حال الخلوة لم يكن إظهار أصل الإيمان؛ إذ كان لديهم بخصوصه تبرير ينم عن نفاق، بل كان البوح ببعض مسائل التوراة مما لم يعثروا له على تبرير مقنع؛ لأنهم كانوا يعتبرون أنه ليس في صالحهم.
قد يكون منشأ إفشاء بعض المسائل هو وجود أشخاص بسطاء وسذج بين جماعة المظهرين لأصل الإيمان عن نفاق وقد أزالوا الستار عن بعض الأسرار وقد وبخوا على خلفية فضحهم للسر، لا بسبب إظهار أصل الإيمان.
خامساً: يعود الضمير في: «لقوا» إلى اليهود، وفي الفعل «قالوا» الأول إلى المفشين للسر، وفي الفعل «قالوا» الثاني إلى المعترضين على الإفشاء للسر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|