بدأت الكشوف الجغرافية في فرنسا منذ عهد فرنسوا الأول الذي أعلن ازاء احتكار الاسبانيين والبرتغاليين لثروات العالم (ان الشمس تشرق للجميع). فعهد الى الملاح الفرنسي جاك كارتييه سنة 1524 بالقيام برحلات بحرية عبر الاطلسي. ووصل كارتييه الى شواطئ كندا ودخل مصـب احـد الانهار الكبيرة الذي أطلق عليه اسم سان لوران وقام كارتييه بعدة رحلات بعدها كشف خلالها مناطق الصيد التي أطلق عليها اسم مونتريال (1). واهتم الفرنسيون بعد كارتييه بكشف العالم الجديد. فأسس شامبلان (Champlain) سنة 1604 أول مستعمرة في كندا اطلق عليها نوڤاسكوتيا. وفي سنة 1608 اسس مدينة كيبك على ضفاف نهر سان لوران كما انه اكتشف بحيرة تقع بين كندا والولايات المتحدة حالياً أطلق عليها فيما بعد اسم بحيرة شامبلان. كما ان لاسال أحد المكتشفين الفرنسيين استطاع سنة 1682 ان يكشف نهر المسيسبي حيث نشأت مستعمرة لويزيانا وانتهى الأمر بالفرنسيين اخيراً الى السيطرة على كندا وحوض المسيسي مما ادى الى اصطدامهم بالمواطنين الانكليز سنة 1754 حيث اشتعلت الحرب المعروفة بحرب السبع سنوات. وفيها اثبت الانكليز ملكيتهم لأكثر المستعمرات الفرنسية. لقد اصابت فرنسا في حركة الكشوف في العالم الجديد فائدة تجارية عظيمة اذ أدت الى احتكارهم لتجارة الصيد والفراء في جهات كندا. كما ادت الى اكتشافهم لكميات كبيرة جداً من النحاس بدلاً من الذهب والفضة. وهكذا دخل الفرنسيون عالم التجارة الواسعة عبر خطوط الاطلسي البحرية. فساهموا مع غيرهم في تنشيط الحركة الاقتصادية التي بلغت أوجها في القرن السابع عشر. لقد كانت حركة الكشوف الهولندية والسويدية والالمانية ضعيفة جداً في القرن السابع عشر. فلم يستطع الهولنديون امام المنافسة الانكليزية الاحتفاظ بمدينتهم التي اقاموها حالياً تسمى منهاتن لتكون مركزاً لتجارة الفراء. كما ان الهولنديين بدورهم نافسوا السويديين الذين اسسوا سنة 1632 شركة الهند الغربية وطردوهم من مستعمرتهم التي تقع عند مصب نهر ديلاوير. اما الالمان الذين استثناهم شارل الخامس من المرسوم الذي جعل فيه التجارة مع العالم الجديد حكراً على الاسبانيين فقط، فانهم انشأوا مركزاً تجارياً لهم في هايتي كما اشتروا مقاطعة بالقرب من باناما. الا ان دوافع الالمان كانت محض تجارية وليست استعمارية الامر الذي أضعف من اهتمامهم للسير في عملية الكشوف الى حد الصدام المسلح مع سكان البلاد الاصليين أو مع الدول التي وضعت اعلامها فوق كل القارة الاميركية تقريباً.

...................................

1- Ch. A. Jullen: Op. Clt. P 118