أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-04
1143
التاريخ: 2024-02-15
1012
التاريخ: 2023-10-22
611
التاريخ: 2024-07-12
543
|
أما نظام الحكم الذي وضع في عهد الدولة الوسطى فيعتبر بالنسبة لتاريخ مصر عهد رخاء؛ إذ به وطدت وحدة البلاد، وامتدت حدودها، وهو في الواقع يعد عصرًا ذهبيًّا، ويرجع الفضل في ذلك إلى قوة شكيمة مؤسسها العظيم وأخلافه من بعده في تنفيذ المنهاج الذي وُضع لهذا النظام بكل دقة وعناية يشد أزرهما نشاط وحزم، وإذا لم يصلنا من المعلومات عن النظم الإدارية إلا الشيء القليل نسبيًّا، فإن ما لدينا يمكننا من القول بأن ما بلغته مصر في ذلك العهد من التقدم لا يقل بكثير عما وصلت إليه حكومات عصرنا الحديث من النظام والعدالة الاجتماعية. وإذا كانت مصر في عهد الملوك الأول من الأسرة الثانية عشرة لا تزال تمثل في ظاهرها أحوال الحكومة الإقطاعية، فإن حقيقة الأمر تنبئ بأن العصر الذهبي للإقطاع قد أصبح خبر كان، حقًّا قد ظهر بلاط الأمراء بأبهة وفخامة أكثر مما كان في عهد الانتقال الذي كان عصر فقر وبؤس، ولكن ذلك في الواقع برق خلب، لا يمكن أن يعطينا صورة حقيقية عن قوتهم وعظم جاههم؛ إذ كان هؤلاء الأمراء في ذلك الوقت لا يستمدون مواردهم من قوتهم الشخصية، بل من النشاط الجديد الذي ينبعث من حكومة قوية الأركان، ومن الرخاء الذي تفيض به البلاد، فمنذ عهد «أمنمحات الأول» لم تعد المقاطعات تعتبر أنها حكومات داخل حكومة، ويتضح ذلك من مجرد كون ملوكها يقيمون من جديد المعابد للآلهة المحليين في كل المقاطعات، وهذا برهان محس على سيادتهم، وبخاصة إذا علمنا أنهم أقاموا هذه المعابد على يد مهندسيهم وموظفيهم، لا على يد أمراء المقاطعات وهم كهنتها العظام. حقًّا إن أملاك التاج الخاصة لم يعد لها وجود في المقاطعات منذ زمن بعيد، ولكن في مقابل ذلك كانت تجبى الإتاوات من المواد الطبعية في كل المقاطعات للبيت المالك، وقد كان أمير المقاطعة مكلفًا توريدها، وكانت تحضر بطاقات في مكتب الوزير ليحصي فيها كل سكان البلاد في سنين معينة. (Griffith, “Kahun Papyri”, 1892. Fiches de rensencements des Maison. Griffith, L. C., P. 19. Cf. Borchardt, “Votrag des Hamburger Orientalistischen Congresses”, P. 29). وقد كان لزامًا على كل رب أسرة أن يقيد في هذه البطاقة عدد أفراد أسرته ومواليه، ثم يقسم يمينًا أنه صادق ومخلص في كل ما دوَّنه في هذه البطاقة، وقد وصل إلينا عدد عظيم من هذه البطاقات التي عثر عليها في مدينة «كاهون» التي أسسها «سنوسرت الثاني» بالقرب من هرمه الواقع عند مدخل «الفيوم»، على أن هذه البطاقات لم تقتصر فائدتها على المساعدة في جمع الضرائب، بل كانت تساعد الإدارة على معرفة حالة سكان كل البلاد المدنية بمجرد نظرة خاطفة، وكذلك الواجبات الملقاة على عاتق كل فرد من أفراد الرعية، وإذا كنا نلاحظ أن أمير المقاطعة هو الذي كان يقود جنود الرديف المجندين من مقاطعته، فإن الملك هو الذي كان يقوم بعملية الاقتراع من بين الشباب الصالحين للخدمة العسكرية، ففي مقاطعة «طينة» مثلًا كان يجند واحد من كل مائة رجل، وكانت القضايا يُفصل فيها بمحاكم مؤلفة من موظفين حكوميين، وكذلك بوساطة محكمة الثلاثين التي كانت تحت إدارة الوزير، وكانت تتألف من ستة البيوت العظيمة (محاكم). وكان مجلس الثلاثين يُسمى كذلك مجلس الثلاثين العظام، وكان يضم في بادئ الأمر الحكام الذين كانوا يديرون دفة البلاد في عهد الحكم الإقطاعي، ومنهم كان يؤلف مجلس البلاط، وقد خلف مجلس الثلاثين هذا مجلس العشرة العظام للوجه القبلي الذين كانوا يتولون إدارة أمور البلاد في عهد الدولة القديمة، وكان في ازدياد أعضاء هذا المجلس الذي أنشئ لمساعدة الملك، وللحد من سلطان حكام المقاطعات تقوية لهم، وعون على تعزيز الأداة الحكومية، وداعية إلى القبض على ناصية الحال في طول البلاد وعرضها؛ لأن معظم الأعضاء كانوا يشتغلون في الوقت نفسه حكامًا للأقاليم. وسادت هذه الحال في العهد الإهناسي وعهد الأسرة «الحادية عشرة»، وقد كان أعضاء هذا المجلس يمثلون سلطة الملك في مختلف المقاطعات، غير أنه استبدل بهم حكامًا انتخبهم بنفسه لم يكن لهم حق الوراثة، فأصبحوا في النهاية قوة عظيمة في جانبه. وقد لاحظنا أن لهذا المجلس سلطانًا قاهرًا في أوائل عهد الدولة الوسطى، وكان أعضاؤه يقومون بأهم الأعمال في كل مرفق من مرافق الدولة، وهذا المجلس بعينه كان يُسمى «قنبت» (أي المجمع) وقد عرفنا تكوينه من نقش وجد في «حتنوب» القريبة من «ملوي» جاء فيه عن أمير مقاطعة الأرنب (المقاطعة الخامسة عشرة) المسمى «نحري الأول» ما يأتي: «وقد اجتمع للتشاور مع المجمع «قنبت»، دون أن يعرف ذلك أحد، وقد كان البلاط منشرحًا للآراء التي أدلى بها، وقد كان من الرجال المخلصين، وقد كان يأتي إليه «المجلس» الحكام (حكام المقاطعات من الوجه القبلي)، والظاهر أن اجتماع المجلس هذا كان سريًّا كما يدل على ذلك سياق الكلام، وكذلك كان اجتماعه لمحاربة أهل الجنوب المعادين (راجع: Meyer, Gesch, Par. 286; Pirenne, Histoire des Institutions et du Droit Privé de I’Ancienne Egypte, Vol. III, 73–75, 93-94). وكذلك كانت كل الأمور الخاصة بقانون الأحوال الشخصية مثل الوصايا تحرَّر أمام شهود وبحضور الموظفين (الكُتاب) الذين كانوا يشرفون على هذه الإدارة لا أمام إدارات المقاطعة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|