لقد كان لتكنولوجيا النانو أبلغ الأثر في ريادة قطاع الطب الوقائي نحو استنباط طرق تشخيصية عالية الدقة تستخدم فيها أجهزة الفحوص عالية الحساسية. وقد أتاحت تكنولوجيا النانو للمرضى غير المتخصصين إجراء بعض من التحاليل الطبية الدقيقة، مثل متابعة نسبة التغير في مستوى تركيز الغلوكوز في الدم الذي يتم من خلال فحص قطرة واحدة لعينة من الدم يتم إسقاطها على شريحة إلكترونية متصلة بجهاز صغير لا يتعدى حجمه حجم الهاتف النقال. ومن المنتظر أن يؤدي التقدم في تصنيع مثل هذه الأجهزة إلى زيادة رقعة استخداماتها لتشمل التحاليل المتعلقة بإجراء صورة كاملة للدم ونسب وجود الكوليسترول بأنواعه فيه، ومتابعة مدى التقدم في العلاج الدوائي من فيروس ما، وذلك من خلال إجراء تحليل دوري للدم طوال فترة العلاج. وسوف يتاح كل هذا خلال السنوات الخمس القادمة على الأكثر، وذلك من خلال أجهزة تحليل صغيرة يُطلق عليها اسم «المختبر المحمول على شريحة Lab–on–a–Chip»، نظرا إلى صغره الذي لا يتعدى حجم شريحة من شرائح أجهزة الحاسوب، كما هو موضح في (الشكل9 – 2 «أ»). وتعتمد فكرة تحليل الدم من خلال هذا الجهاز على أخذ عينة صغيرة جدا من دم الإنسان تحقن داخل خزان مثبت بالجهاز ومتصل بشبكة من الأنابيب مايكرومترية حيث تمزج بداخلها العينة بمحلول الفحص المنظم، كما هو مبين بالشكل (9 – 2 «ب»).

وقد أدى التقدم في تقنيات صناعة خراطيش نفاثات الأحبار المستخدمة في الطابعات القائمة على علم الموائع المايكرومتري Microfluids، والتي يتم فيها ضخ سوائل الأحبار إلى قنوات مايكرومترية ضيقة حيث تتم عملية المزج – أدى إلى إحراز تقدم كبير في صناعة المختبرات المحمولة التي تعتمد حركة السوائل ومزجها بعضها ببعض على نفس الأسس التقنية الخاصة بنفاثات الأحبار ومن دون استخدام أي مضخات تتحكم في توجيه العينة أو محلول الفحص أو دفعها إلى مكان المزج في الأنابيب. ومن المرجح أن يؤدي التقدم المتلاحق في أبحاث علم الموائع المايكرومتري، إلى مزيد من التطوير المتعلق بتصنيع تلك المختبرات المحمولة وتصغير أحجامها.

الشكل (9–2): الشكل في (أ) يبين صورة لنموذج حقيقي لجهاز المختبر المحمول تم إنتاجه واختباره في العام 2006 (المصدر المرجع الرقم 2). ويوضح الشكل التخطيطي في (ب) شرحا تفصيليا خاصا بمكونات الجهاز، (صممه مؤلف هذا الكتاب)

________________________________________________

هوامش

(2) Emma Marris. Nature, Vol. 444 (2006) 985–991.